أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - قف ايها الزمن ، ما اتعسك … !! ( قصة قصيرة )














المزيد.....

قف ايها الزمن ، ما اتعسك … !! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6704 - 2020 / 10 / 15 - 15:15
المحور: الادب والفن
    


فكرتان ، او حقيقتان ، او جدليتان … سمهما ما شئت لم افهمهما قبلا ، ولا ازال : الموت ، والانتحار ، وهما من اكثر التجريدات غموضا ، والما بالنسبة لي ! خاصة الانتحار … فليس من يموت كمن ينتحر … فرق ، وياله من فرق ؟! حتى عندما كبرت ، وتضخم خزين حياتي بالمعلومات ، والتجارب … لا ازال اقف مذهولا امامهما ، وسحابة من الحيرة تملأني ، وتشير الى عجزي ، وضعفي … !
اليوم حدثت اول عملية انتحار في الحي الذي كنا نعيش فيه … هزت كيان كل من كان فيه ، وتجهم وجه الحياة … ووجوه كل اهل الحي … ودخل الزمن كعادته دوما في المأساة كما يدخل في كل شئ ! وكنا فتية ًصغارا لم نستوعب من الحياة شيئاً … فكيف بنا بالموت ، او فلسفة الانتحار ؟!
لكننا مع ذلك استغرقنا في التفكير كعادتنا عندما نريد اكتشاف اي جديد في فيافي هذه الحياة التي نُرمى في احضانها دونما راي منا ، او استشارة ! ولم نستطع بعقلنا الصغير البكر ان نفهم شيئاً … فالموضوع اكبر من تصوراتنا ، وحتى من مخيلتنا الخصبة ، والتي لا نملك غيرها لمواجهة الحياة ، وجنونها ، وتعقيداتها ، وكنا كالمتفرج الابله في مسرح تعرض فيه حكاية اعلى من مداركه … ثم اخذنا ننسج اوهاما ، واحلاما ، ونضرب اخماسا باسداسٍ … حائرين !
ومع ذلك انشب الالم فينا مخالبه على هذا الشاب الذي انهى حياته بنفسه … وتسائلنا ببراءة اليس الله هو من يهب الحياة ، وهو من ينتزعها رغما عنا … ؟ فهي كما يقولون تعود له ، وهو وحده من يملك الحق في استردادها … فكيف بمجيد ان يكون الاه نفسه ، ويغتصب حقا هو للله وحده ، ويقتل نفسه ، او يقبض روحه … ينهيها … ثم يتلاشى كرماد في مهب الريح ! … كيف ؟
هل يحق للانسان وحده ان يكون سيد قدره … ؟ الا يشاركه الحياة هذه اناس اخرون … يحبهم ، ويحبونه … اليس لامه مثلا ، وابوه ، واخوته الحق في مشاركته تقرير هذا المصير … ؟ ام نصيبهم الالم ، والحسرة فقط ؟! كيف يخون هذا العهد ، وهذه الشراكة ، وينفرد بالقرار لوحده ، وينزوي في الغرفة كلص … يستغفل سكان الدار لتنفيذ جريمته ؟
اليس من يقتل يسمى قاتلا … لماذا لا نعتبر مجيد قاتلا … ؟ لقد قتل نفسا سواء اكانت له ، او لغيره … انها نفس ، وخلاص … ! الا يحق لنا ان نقول عنه مجرما كما نقول على من يقتل نفسا كذلك ؟ اي لخبطة هذه ، واي خبل … كيف السبيل الى الفهم … ؟ ومع ذلك :
لقد بكيناه كلنا … لقد كان شابا لطيفا طيبا ، وهادئا … كيف هانت عليه نفسه العزيزة ، وكيف كان يفكر في تلك اللحظة الرهيبة من عمر الزمن ، ومن غذى هذه الفكرة الجهنمية في راسه الصغير … وكيف عقد الحبل بالمروحة ، وكيف تجرأ ، وربطه حول عنقه ، وكيف وضع الكرسي الذي لم يكن بالارتفاع المطلوب … فوضع كتبا ثم وقف عليها … اي عزم ، واي تصميم على الموت هذا … ! وبعد ذلك يدفع بجسده الضئيل ليتدلى في العدم … كخرقة بالية … ؟
لم يجد لا اهله ، ولا اصدقائه ، ولا حتى الجيران ، وعموم اهل الحي اي سبب منطقي يدعوه للانتحار … كان كل شئ متوفر له … حتى انه في تلك الليلة الرهيبة كان مع أصدقائه في المتنزه يمرحون ، ويتحدثون عن كل شئ ، ولم يكن هناك ما يكدر الاجواء … !
وعندما عاد مساءً … تعشى … وقاسم اخوته الجلسة ، والسمر ، والضحكات … ضحكوا ، وتسامروا وكان الحب ، والانسجام يرفرفان حول الجلسة الجميلة … ثم ودعهم بخير ، وذهب الى غرفته كعادته كل ليلة … يقرء ساعة ، او اثنين ثم ينام .
وعندما تمطى الصباح مستيقظاً ، لم يخرج مجيد من غرفته … تدخل عليه اخته لتوقظه خوفا عليه من ان يكون النوم قد سرقه … فتجده معلقا ككيس من الرمل … قد طواه الموت بظله ، وسره الى الابد … اي جنون هذا ؟ واي عبث ؟ واي فلسفة هذه ؟!
كانت اخبار التحقيقات شحيحة كقطرات الدواء … والكل اطلقوا العنان لتصوراتهم ، وبما املت عليهم شكوكهم … فمنهم من يقول ان الفتى كان انطوائيا انعزاليا ، ومعقدا … مدمنا على قراءة الكتب ، والروايات … وربما تكون قد لحست عقله ، وهو في كل الاحوال لا يزال مراهقا مندفعا … ومنهم من يقول بان الجو الاسري لم يكن بخير كما نتصور … فامه ، وابوه على نقار ، وخلاف ، وشجار دائم … والانسان ضعيف وروحه هشة … سريعة الكسر ! واخرين قالوا انه كان يعاني من الاكتئاب ، ولكنه كان يداري ذلك امام الناس فيبدو بصورة اخرى … وهكذا كنا نبدء من نقطة ، ونعود اليها ، ولم يصل احد الى الحقيقة التي ماتت بموت مجيد !
ثم اخذ الناس ، وخاصة الامهات يراقبون اولادهم ، وبناتهم خوفا من هذه اللعنة ، وتكرارها … فترى امك ، وقد اقتحمت عليك خلوتك بدون احم ، ولا دستور ، وهي تتحجج بمختلف الحجج ، ولكنها في قلبها الطيب الحنون تريد ان تطمئن عليك … ولكن هل توقفت عمليات الانتحار … ؟! ابدا … تكررت ، وتكررت حتى صرنا لا نكترث كثيرا على وقعها … نتبادل الاراء … نعم ، ونعبر عن الحزن ، والاسى ، والشجب ، والاستنكار نعم … ولكننا نواصل الحياة … ملزمون ، ومطالبون باحترامها ، وتقديسها … وبان من يريد البقاء عليها فهي له ، ومن يريد توديعها فهو حر ، وهذا خياره المجنون … علينا ان … لا نحترمه !



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن ان يدخل حصان طروادة الاخواني الى مصر عن طريق المصالح ...
- حسن الختام … !! ( قصة قصيرة )
- الحاجة سندس … ! ( قصة قصيرة )
- ومن الجمال ما قتل … ! ( قصة قصيرة )
- الاخوان … وبداية الانهيار !
- حسون … ! ( قصة قصيرة )
- غدر الصديق … ! ( قصة قصيرة )
- قرينة الشيطان … ! ( قصة قصيرة )
- اسماء تستحق التبديل … ! ( حكاية … من الواقع العراقي المعاصر ...
- وجهة نظر حول التطبيع … !
- الاخوان … وتوالي الاحباطات !
- موهوب ، ولكن بطريقته الخاصة … ! ( قصة قصيرة )
- المصيدة جاهزة تنتظر فأرا … !!
- هل للسعادة من باب … ؟! ( قصة قصيرة )
- سعيد ، ولكن … ! ( قصة قصيرة )
- ابن زنا … ! ( قصة قصيرة )
- ما موقف الاخوان في حال وقوع صدام بين مصر وتركيا ؟!
- ماذا بعد الضم ان حصل … ؟!
- الاخوان … والنفخ في صورة مرسي !
- هل العقوبات الاقتصادية تُسقط نظاما … ؟!


المزيد.....




- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - قف ايها الزمن ، ما اتعسك … !! ( قصة قصيرة )