أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق الهوا - الديمقراطية بعين واحدة















المزيد.....

الديمقراطية بعين واحدة


طارق الهوا

الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 02:00
المحور: كتابات ساخرة
    


يجمع كل المزايدين على الرئيس الفرنسي ماكرون خيط واحد هو الكذب الفاضح لتجييش المسلمين عاطفياً. حدث الأمر وهاجت بعض الجموع التي لا تقرأ في الشوارع.
لم أقرأ في كل ما قاله المزايدون حقيقة واحدة. زيفوا تماما ما قاله الرئيس الفرنسي. لا رجل دولة مسؤولا فيهم، بدءاً من رئيس الوزراء الباكستاني حتى أردوغان، ولن أعلق على ما قاله المشايخ المتشددون فوظيفتهم كما يبدو من انتاجهم نشر الجهل والتزمت وتكفير الآخر، وبعض الدول الاسلامية ترفضهم وتعمل على إصلاح خطابهم، ويسمونه دينيا وهو ليس كذلك.
اليافطة الكبيرة التي رفعها المزايدون هي "هجوم ماكرون على الاسلام". تجاهلوا أن أصغر طفل في العالم اليوم يمكنه بكبسة زر قراءة أي خبر من عدة مصادر. المزايدون يعرفون تماما ميل الناس إلى قراءة العناوين لا التفاصيل، والقراءة بعواطفهم وليس بعقولهم، وأن نسبة القراءة في بلادهم لا تتعدى 1% على أقصى تقدير، لذلك زيفوا ما قاله ماكرون، واستغلوا تماما وسائل التواصل الاجتماعي في نشر مزايداتهم، لدرجة أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، بعث رسالة إلى مؤسس "فيسبوك" مارك زوكربرغ وطالبه بحظر المحتوى المعادي للإسلام، وقال خان في رسالته إن "تزايد معاداة الإسلام" يشجع "الكراهية، والتطرف، والعنف...وخصوصا من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
قلب عمران خان وأردوغان وغيرهم تماما ما قاله ماكرون ليجيشوا به الشارع الاسلامي، لأن ماكرون قال ما معناه أن الكراهية والتطرف والعنف والدعوة إلى الانفصال عن الجمهورية الفرنسية، هي ما تميز الخطاب الديني في مساجد فرنسا، وهو لن يسمح باستمرارية هذا الاتجاه وسيحاربه.
يُنتخب أي رئيس دولة لحمايتها وحماية المواطن وصون القانون، ولأنه رئيس "دولة" لا يجب أن يستمد شرعيته من انجيل أو توراة أو قرآن أو حتى تعاليم دينية أخرى، وإلا أصبح رئيس أي شيء غير "دولة"، وما قاله الرئيس ماكرون لم يتعد أبداً صلاحيات رئيس "دولة".
لم يهاجم ماكرون الاسلام عقائدياً ولم يشكك في أي حديث، ولم يقل كما قال الدكتور محمد عمارة أن "جزءا كبيرا من التراث الاسلامي يجب أن يُلقى في الزبالة"، وكل المتنورين في العالم، حتى المسلمين منهم، يحذرون أوروبا منذ سنوات من الدعوات الانفصالية والغيتوهات المغلقة التي تنتشر فيها. فهل يُعقل أن كل هؤلاء يتوهمون خطراً غير موجود ويهاجمون الاسلام؟ هل الصين أيضا تتوهم وتهاجم الاسلام؟
لم يقل أي رئيس غير مسلم في العالم ولا حتى البابا أن أردوغان يهاجم المسيحية، بعد تحويل عدة كنائس في تركيا إلى مساجد، ودخول أردوغان إلي آية صوفيا وأحد حراسه يحمل سيف محمد الفاتح. اختصر الرئيس بوتين ما حدث بأنه شأن تركي داخلي بحت.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى أكثر من أربعين سنة عندما فقد الرئيس السادات صوابه بعد تصديقه لوشاية "إخوانية" تقول أن مسيحيي مصر يريدون دولة مستقلة لهم جنوبي البلاد، وبدأ حملة شخصية ضدهم، لم يلم أي رئيس غير مسلم أنور السادات على الوهم غير المبرر الذي أصابه تجاه مسيحيي مصر، وأفاق منه تماماً بعد فوات الاوان، عندما رأى أربع عسكريين متشددين مسلمين يطلقون الرصاص عليه في عرض عسكري. على أي حال، كانت وشاية رخيصة جدا ووهم غير مبرر، لأن شنوده بابا مسيحيي مصر قال علانية وأمام السادات نفسه في مجلس الشعب: "مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا"، بل وصل إيمان مسيحيي مصر بوطنهم إلى قول "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".
كما لم يتهم أحد الرئيس السيسي بأنه ضد الاسلام عندما فض اعتصام "منطقة محظورة" يدعون فيها إلى أخذ "البيعة" في الميدان واعلان من أخذها رئيس البلاد. قالوا جميعاً بمن فيهم أردوغان أن العمل موجه ضد الإخوان المسلمين. مع ملاحظة رمزية حي رابعة العدوية لخلق "منطقة محظورة" لأن المنطقة نفسها تم فيها اغتيال الرئيس السادات.
لماذا يُقال من ثمة أن الرئيس ماكرون ضد الاسلام عندما يريد فض مناطق محظورة سلمياً بوقف دعوات كانتونية انفصالية، وتوعية الناس بخطورة التشدد ودعوات الانفصال عن الجمهورية الفرنسية؟ أليس للرئيس ماكرون حق الدفاع عن وطنه؟ لماذا يصفقون لجهوده ضد التشدد اليميني المسيحي؟ ولماذا لم يقل رئيس مسيحي واحد أن هذا ضد المسيحية؟
دعوى الانفصال وخلق "مناطق محظورة" خطيرة، لأنه يستحيل أن تحكم أقلية أغلبية. لا أوهام أو هلاوس هنا، فكل الدول العلمانية وغيرها بدأت تدرك أبعاد الخطاب الاسلامي الذي يُقال في مساجد سياسية، وأصبح طبيعياً جدا أن تسمع من جارك المسلم: "أوروبا لنا، فما الذي سيفعله ماكرون أو غيره؟".
يبدو أن غباء المتشددين متأصل ويستحيل علاجه.
غباؤهم كان واضحا عندما وصلوا للسلطة في أي بلد اسلامي. قارن بين ايران اليوم وايران قبل الخميني. قارن بين أفغانسان اليوم والبلد نفسه قبل طالبان. أما عن غبائهم في أوروبا فقد كان عليهم التزام الصمت حيال خططهم. لكنهم فضحوا أطماعهم وحقدهم، ولو صمتوا وجعلوا الأوروبيين يدركون بعد ثلاثين سنة أنهم قلة بالنسبة للمسلمين، و"مع السلامة" يا أوروبا ذات الجنس الأبيض بالديمقراطية، لكان الأمر سار بهدوء.
يبدو أن الغباء والتنمّر وتزوير التاريخ والنجاح في الفشل سمات المتشددين، ولا بأس إذا حارب الرئيس ماكرون الظلامية لأنها ستهدم دولة أضاءت أوروبا والعالم بالأنوار والمعرفة. تلك الظلامية التي تريد حتى استغلال الديمقراطية لما يناسبها فقط وليحترق العالم، وتريد محاكمة مجلة "شارل إيبدو" لأنها نشرت كاريكاتير عن محمد، وتنسى أن الديمقراطية تسمح بنشر كاريكاتير عن الله والمسيح وموسى أيضا. يريدون ديمقراطية بعين واحدة ترعى مصالحهم.
المحاكم الفرنسية لن تقبل هذه الدعوى. لا استثناء في الديمقراطية. إما أن تقبلها كما هي أو تجد حلا لأزمة هويتك.
تداول العرب قبل مدّ التزمت نكتة انطلقت من مصر، ولم يطالب أحد بإقامة دعوى على مؤلفها. النكتة تقول:
- لماذا ماتت أم كلثوم؟
- لأن الله عرف أن صوتها جميل وأحب أن يستمع إليها.
كما ضحك العرب كثيرا من أربعين سنة عندما خرج عادل إمام عن النص في مسرحية "الواد سيد الشغّال"، في مشهد قصه الرقيب في أواخر القرن العشرين.
- أمال حتشتغل أيه يعني؟ سأل عمر الحريري وهو يقهقه عادل إمام بعدما قال له ساخرا أنه رآه يمثل في مسلسل "بكيزة وزغلول".
- إشتغل في مسلسل محمد رسول الله. رد عادل إمام.
اليوم، تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن الفضيلة ومكارم الاخلاق وقيم الاسلام لأن راقصة رقصت بزي اعتبروه غير محتشم، أو مطربة غنت أغنية فيها ايحاء جنسي.
لماذا لا تشتعل المواقع نفسها دفاعا عن الفضيلة ومكارم الاخلاق وقيم الاسلام ضد الداعية الاسلامي طارق رمضان الذي تلاحقه دعاوى اغتصاب من نساء مسلمات في فرنسا أيضا؟



#طارق_الهوا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احترام معتقدات الآخرين
- شيزوفرانيا التمسك بالشرع والتمحك بالديمقراطية
- عصر الربوتات الإنسانية
- لو ربح أوباما ولاية ثالثة
- ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟ (2)
- ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟
- الغرب يحتضر على مشنقة الحرية
- أين لجنة حوار الاديان؟
- تجارة الكبتاغون حلال والخمور حرام
- القيادة من الخلف تحاول اسقاط ترامب (2)
- القيادة من الخلف تحاول إسقاط ترامب
- محاميو الشيطان يقاضون الحضارة الغربية
- حقوق الانسان وعقوبات الله
- محاكمة الأسد وبراءة داعش
- حصان حسين أوباما الطروادي
- سياسيون وعلماء وفتاوى
- فشل أيديولوجية القرآن المدني
- ماكرون أبصر وميركل تفضّل التعامي
- مجدي يعقوب ليس بحاجة لجنّةٍ عنصرية
- نانسي بيلوسي وأخوتها ينعون سليماني


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق الهوا - الديمقراطية بعين واحدة