أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق الهوا - احترام معتقدات الآخرين















المزيد.....

احترام معتقدات الآخرين


طارق الهوا

الحوار المتمدن-العدد: 6709 - 2020 / 10 / 20 - 09:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دعا شيخ الأزهر عدة مرات هذه السنة، كانت أحدثها بعد قطع رأس مدرس فرنسي جعل تلامذته يرون كاريكاتير رسول المسلمين كبرهان على حرية التعبير في فرنسا، إلى ضرورة تبني تشريع عالمي يجرّم الإساءة للأديان ورموزها المقدسة، كما يدعو الجميع إلى التحلي بأخلاق وتعاليم الأديان التي تؤكد على احترام معتقدات الاخرين.
مجرد دعوة روتينية لم يسأل شيخ الأزهر نفسه وبحيادية قبل أن يرددها للمرة العاشرة: لماذا يسخر من الإسلام بعض صفوة المثقفين في الغرب، علاوة على بعض العلمانيين المسلمين الذين تخطوا فكرة فرض الخضوع للثقافة الإسلامية على أكثر من سبعة مليارات بشري على الارض؟
شيخ الأزهر لا يستطيع أن يسأل نفسه هذا السؤال، أو تجريم أي مسلم قال الشهادتين ويقطع رقاب الناس أو يحاول تقويض الدول، فالحديث واضح وصريح : "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
لم يقل الحديث "فليذهب إلي أولي الأمر ويخبرهم". جعل محمد كل شخص قاض وجلاّد، وهذا لم ينسجم حتى مع أعراف الرجوع إلى شيخ القبيلة الذي كان يعقد مجلساً لعقاب أي مارق عن أحكامها، ولو طُبق هذا الحديث اليوم ستحدث فوضى في العالم حيث لا شرطة أو قضاء أو جيش.
الفوضى واضحة تماما في آخر جريمة: شخص لا يجيد العربية ولم يدرس الاسلام أصدر فتوى بذبح أستاذ، ونفذها شخص لا يعرف الاستاذ وسأل التلاميذ عنه، والمصيبة لو لم يفهم قاطع الرقبة الشيشاني ما قاله التلاميذ بالفرنسية وقطع رأس أستاذ آخر.
هذا الحديث وغيره لا يعتبرها كهنة الاسلام ومعظم المسلمين من تاريخهم ويستحيل تطبيقها في عصرنا، لأن المُنكر اليوم مسؤولية ضميرية اخلاقية تخص المواطن وليس الدولة. أي دولة لا تستطيع جلد شارب الويسكي أو رجم زانية أو تجريم فتاة وضعت صورها عارية أو شبه عارية على "فيس بوك"، أو ترحيلها كما فعلت الكويت مع مذيعة لبنانية اعتبر بعض كهنة الاسلام أن ملابسها غير لائقة، ربما بعد فشلهم في الوصول لفراشها، أو تنفيذ حد قطع رأس راسم كاريكاتير ساخر أو أغنية ساخرة عن المسيح أو موسى. حتى أتباع كونفوشيوس وبودّا وراما كريشنا لا تجرمهم دول شرقي آسيا إذا سخروا منهم في كاريكاتير أو مقال.
من جهة أخرى، كيف سيحترم المسلم أي دين سماوي آخر وكتابه ذكر ما ذكره عن اليهودية والمسيحية، والاحاديث التي تنهى المسلم حتى من مبادلتهم التحية أو مشاركتهم أعيادهم. وماذا عن احترام أتباع الديانات غير السماوية وهم أكثر عددا وأقوى من المسلمين؟
هل سمعنا نفس دعوة احترام المعتقدات من شيخ الأزهر نفسه عندما احجمت إحدى بلديات ستوكهولم في كريسماس الماضي عن وضع الزينة لأن هذا "الغيتو" يسكنه أغلبية مسلمة ترى في الاحتفال بالكريسماس بدعة تؤذي مشاعرهم، رغم أن رسولهم ذكر في كتابه ما ذكره عن ولادة المسيح الإعجازية.
هل سمعنا دعوة شيخ الأزهر لتجريم من ترجم القرآن إلى الألمانية بعدما حُرفت بعض آياته أو حُذفت لعلم الممولين أنها لا تتفق مع القرن الذي نعيش فيه ولن يهضمها العقل الألماني؟ ومن الآيات المحرفات على سبيل المثال فقط أن الشمس لا تغرب في عين حمئة كما نص القرآن العربي بل في المحيط حسب القرآن الألماني وحتى الأنجليزي.
لماذا حورب علي عبد الرازق وأُعدم محمود محمد طه ويُحارب المتنورين المسلمين، مازلت بعض آيات القرآن وأحكام الاسلام لا تمت لعصورنا؟
الاسلام في أزمة منذ ظهوره، وليس كما قال ماكرون. جهّل وحط من شأن كل ما عداه بعدما اقتبس من جميع ثقافات وأساطير المنطقة. وشيخ الأزهر يتجاهل أنه لولا الاسلام لأصبح الشرق الاوسط أهم بكثير جدا من الحضارة الغربية؟ ولو لم يطرد الأوروبين العثمانيين ودولة بني الأحمر من أوروبا، لكان مصير القارة اليوم، وربما العالم بكامله، لا يختلف كثيرا عن ماضي الخلافة العثمانية التي أفاقتها مدافع بونابرت، أو حاضر الأراضي التي استولى عليها الخليفة أبو بكر البغدادي، جعل الله مثواه الجنة.
عمق المشكلة الذي لا يبوح به شيخ الأزهر أن 99% من المهاجرين المسلمين الحديثين سعر الواحد منهم أقل من نص فرنك في بلاده، فهم عاطلين عن العمل في أوطانهم ولا مهنة أو حرفة أو لغة لديهم. نظرة متأملة إلى نوعيات البشر في مراكب الموت التي تحملهم في البحر المتوسط وإلى سلوكياتهم في أوروبا تؤكد ذلك. هؤلاء تحركهم كتائب الجماعات الاسلامية التي تريد السيطرة بهم على العالم بالقنبلة السكانية التي يفجرها أتباعهم في أي دولة حلوا فيها، ولا يهم إذا كانت هذه المشكلة ستدمر اقتصادات الدول.
هل فكّر شيخ الأزهر في عاقبة وراثة هؤلاء لدول نووية أو دول متقدمة؟ هل فكّر الأحمقان جورج دبليو بوش وتوني بلير قبل غزوهما للعراق ثم فيلسوف الربيع العربي حسين أوباما بالنتائج الوخيمة لزلزلة مجتمعات تغط في تخلف مقدس من 14 قرن وردة فعل هذه الزلازل على دول العالم الأكثر رُقيا؟
كيف يمكننا أن نلوم أي دولة تعتبر المهاجرين انفصاليين أو عدوانيين أو غير مستطيعي التأقلم؟ المسلمون أنفسهم يقولون ذلك، بل ويفسر بعض الدكاترة على "يوتيوب" هذا الامر بسطحية تحاول استغفال العقول: المسيحي الشرقي يمكنه التأقلم مع الغربي فكلاهما يشربان الخمرة. أصبح التأقلم مرتبط بالخمرة!
المشكلة أكبر بكثير من الدعوة المملة المتكررة التي يكررها شيخ الأزهر.
إنتهى زمن سقوط حامية بيزنطية وأسلمة الناس الذين يعيشون تحت حمايتها. إنتهى زمن غزو قبيلة وقتل شيخها ثم أسلمة أهلها واستباحة نساءها وأملاكها.
هل يمكن اليوم تصور رسالة تصل من عبد الرازق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين إلى ترامب أو بوتين أو شي جين بينغ تقول له نفس ما قاله محمد لهرقل ملك الروم؟ أسلم تسلم! رغم فولكلورية الرسالة وتأليفها في عصر لاحق كما تقول الدراسات التاريخية.
القوة التي يواجهها المتهورون الذين يريدون فرض ثقافة الاسلام بعقلية اسقاط الحاميات والحصون وقتل شيوخ القبائل وقطع طريق القوافل بين مكة ويثرب بمجتمعها الإنفصالي آنذاك عن شبه جزيرة العرب، ستواجه بقوة دول هذه المرة، فمن يتحمل مسؤولية سونامي الدماء التي ستُراق؟
الدول غير الاسلامية تأخرت كثيراً جدا جدا في الرد على ظاهرة محاولة استعمار بلادها من حاقدين عاطلين عن العمل يحلبون مواردها بالاعاشات الشهرية، أو هوس إخوان مسلمين يريدون أستاذية العالم بتخريب الدول وزرع بقع انفصالية فيها تطالب حكما ذاتيا بعد سنوات لتتمكن من بسط نفوذها لاحقا، تماما كما حدث في يثرب.
المرجح أن دساتير وقوانين الهجرة بحاجة إلى تغيرات عميقة، فيكفي هذه البلاد الذين حصلوا على جنسياتها وتحولوا بالتلقين في المساجد السياسية إلى أعمدة ملح لا تفكر سوى في التنغيص على المواطنين الأصليين وتكفيرهم، بينما هم لم يخترعوا شيئاً يفيد الإنسانية.
دول العالم العلمانية وغير الاسلامية بحاجة إلى التخلي عن عقدة الماضي الاستعماري، فكل شعوب العالم مارست الاستعمار عندما كانت قادرة، بل أن المسيحيين قبل عصر النهضة والأمة الإسلامية وقبلهم اليهودية مارسوه بأمر من الله، ثم أن ماضي الغرب الاستعماري نشر التنوير أينما حل، وهم يواجهون الآن استعماراً عاطلا عن التفكير ولن ينتهي مثل استعمارهم، بل سيفني قومياتهم وحضاراتهم، وستحل محلها عقيدة التخلف المقدس التي ترى في أيام السلف الصالح أعظم أيام.



#طارق_الهوا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيزوفرانيا التمسك بالشرع والتمحك بالديمقراطية
- عصر الربوتات الإنسانية
- لو ربح أوباما ولاية ثالثة
- ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟ (2)
- ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟
- الغرب يحتضر على مشنقة الحرية
- أين لجنة حوار الاديان؟
- تجارة الكبتاغون حلال والخمور حرام
- القيادة من الخلف تحاول اسقاط ترامب (2)
- القيادة من الخلف تحاول إسقاط ترامب
- محاميو الشيطان يقاضون الحضارة الغربية
- حقوق الانسان وعقوبات الله
- محاكمة الأسد وبراءة داعش
- حصان حسين أوباما الطروادي
- سياسيون وعلماء وفتاوى
- فشل أيديولوجية القرآن المدني
- ماكرون أبصر وميركل تفضّل التعامي
- مجدي يعقوب ليس بحاجة لجنّةٍ عنصرية
- نانسي بيلوسي وأخوتها ينعون سليماني
- تعقيب على المرأة في التراث الاسلامي لمجدي خليل


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق الهوا - احترام معتقدات الآخرين