أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يزيد عاشور - ليل الحسكة














المزيد.....

ليل الحسكة


يزيد عاشور
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6692 - 2020 / 10 / 1 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


تخفت الأصوات عادة ما بعد الحادية عشرة ليلاً الا من بعض سيارات الأجرة الصفراء وسيارات الأمن وبعض المارة على عجل بعض المطاعم الصغيرة المُلقاة على أرصفة الشوارع والتي تبيع الصندويشات السريعة والتي ما تلبث أن تختفي بعيد منتصف الليل فقط الأصوات العالية المنبعثة مع رائحة الخمرة من بعض الحانات تلوث صمت المدينة وغالباً ما تكون ضحكات تشعر أنها صادرة من رؤوس متعبة أنهكتها أقداح العرق البلدي
عادة ماكنت في أحد تلك الأماكن التي يكثر فيها العرق والثرثرة وتزدحم فيها الأصوات بدخان السجائر حيث يختلط سماء الحانة بشتيمة مخنوقة هنا أو مصطلحات كونكريتية مُسبقة الصنع مثل البروليتارية الأيديولوجية رأس المال الصراع الطبقي ألخ
عادة ما أودع أصدقائي عند الثانية صباحاً وأختار أن أمشي وحيداً في طرقات الحسكة .. أعرف الأبواب الميتة وأعرف أسماء من هم خلف الأبواب المحال التجارية أعرف أصحابها وأعرف من هو الطيب فيهم ومن هو النصّاب
أعرف كل حفرة في الطريق حتى أني قد منحت بعض تلك الحفر أسماء و بعد أن تعثرت مراراً بها صارت كذلك تعرفني وأعرفها ولم تعد مجرد أشياء
كان مشواري وحدي جزء مهم وأساسي من السكرة أحساس أمتلكته فقط وحدي
حين أتجول في المدينة النائمة أشعر بأن المدينة ملكي أنا سيدها أمضي وحيداً في شوارعها أتوقف انّى شئت و أبول على أي جدار ( مرة تبولت على قفل أحد أبواب المحلات لأنني كنت لا أحب صاحبه ) لم يُعكر صفو نشوتي تلك الا بعض سيارات البيجو البيضاء الطويلة والمدينة كلها تعرف أنها سيارات الأمن التي غالباً ما تتوقف ليمتد رأس قبيح من أحدى نوافذها ويسألني بصوت لا يخلو من ريبة ... شو .... لوين يا حبيب ؟ أحياناً أضطر للوقوف والشرح وأظهار هويتي وأحياناً أكون أوفر حظاً فأكتفي بأجابات مقتضبة وأتابع سيري
لم أكن أتذّمر من تلك السيارات ولا من الأسئلة السخيفة لقد تعودت عليها بفعل التكرار والعادة حتى أن الليل بات يبدو دونها غير كامل
عادة ما أختار الخابور كمحطة أخيرة لي أجلس قرب الناعورة أسمع نواحها الذي لم ينقطع منذ ولدت وهي تحمل بين صفائحها ماء الخابور لتودعه في ممر ضيق يقوم بلملمة الماء الهارب الى ساقية تنتهي في الحقل المجاور ثم لا شيء غير صمت الخابوروانكسار بعض أضواء المدينة القريبة على سطح الماء فتبدو كأنما تعلن عن افتتاح حفل صغير لكرنفال اللون المضطرب على سطح الماء
أنا والخابور والمدينة النائمة أنها حسكتي وهذا خابوري يعرفني وهو مستلق كحيوان مفترس يعرف صاحبه ويكتفي بتحريك ذيله حين يلتقيان
الحسكة كانت لأهلها في النهار وفي الليل لي
سمعت أن الناعورة قد ماتت و الخابور بات هزيل أول الأمرحين لم يحتمل فراق الناعورة فمات هو الآخر
أغمض عيني هذه الأيام وأحاول أن أصطحبني الى شوارع الحسكة مثل ليالي زمان لكنني أفشل في أستحضار الشوارع ولا أتذكر أين تنتهي
نسيت أسماء الحفر لم أعد أشعر بفحولة الخابوروالناعورة بالكاد أتذكر كيف هو شكل قبرها المتروك بأهمال دون شاهدة هناك
الموت بدأ يعرف طريقه الى ذاكرتي
كثيرة هي الخلايا التي ماتت في جسدي
في انتظار أن يموت ما تبقى منّي سيستمر الحلم بليل الحسكة بالناعورة والخابور



#يزيد_عاشور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح العيد
- غوايات الخريف
- مدينة
- ملامح الوجه
- لقطة سينمائية
- صباح حسكاوي
- حب مجاني
- فنجان قهوة
- الفي
- صديقي الشيوعي
- لاشيء
- سيرونيكس
- سمت اليوم
- حورية
- بيوت
- بيضاء
- سلاماً أيها الحسكة
- بين المقالة و القصيدة
- الدروز
- السريان


المزيد.....




- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي
- مهرجان الفيلم العربي في برلين: ماض استعماري يشغل بال صناع ال ...
- شاركت في -باب الحارة- و-ليالي روكسي-.. وفاة الفنانة السورية ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يزيد عاشور - ليل الحسكة