أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يزيد عاشور - صباح العيد














المزيد.....

صباح العيد


يزيد عاشور
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6689 - 2020 / 9 / 27 - 11:34
المحور: الادب والفن
    


عادة ما يتم التأكد من كل شيء ليلة العيد ..البنطال الجديد والقميص يتم اعادة توضيبهما أكثر من مرة وتكون قريبة من الفراش وبجانبهما الحذاء الجديد والذي لم يكن متوفر في كل الأعياد حينها سيلجأ عبدالله لتنظيف الحذاء القديم وتلميعه فيبدوأشبه بالجديد الى حد ما وبعد الحمام الحقير والأقرب للتعذيب منه للحمام نأوي الى الأسرة مُبكراً استعداداً ليوم طويل
يعود الكبار من صلاة العيد وزيارة المقابر ..
زيارة المقابر تلك كانت لا تقل أهمية عن صلاة العيد فهي ركن أساسي من أركان العيد وليس مهم ان كان لك موتى كي تزورهم .. المهم أن تتم زيارة المقابر حيث ستُقرأ الفاتحات على قبور الأقرباء والأصدقاء والمعارف وتكون المقبرة مكان لتبادل التهاني ما بين الكبار أو تجديد العزاء لمن فقد عزيز منذ مدة وجيزة ..
في الوقت الذي نأكل فيه ما تيسر من طعام الفطور أختلس النظر الى صينية الحامض حلو المخلوط مع الملبس وهما يثرثان بهرج ومرج مع صينية الكليجة التي تتوسط الطاولة في صالون الاستقبال قبالة التلفزيون المُتربع بكامل هيبته في صدر الصالون متباهياً بالغطاء المزركش على أكتافه وهو يُكبر بوقار الله أكبر ألله أكبر لا اله الا الله والله أكبر ..
علبة الشوكولا الأكبر شأناً من الحامض حلو تأخذ مكانها بكل وقار فوق التلفزيون وترمق باستعلاء صينية الحامض حلو وهي تتبادل بعض الأحاديث العجولة مع صينية السجائر بجانبها ..حمراء طويلة .وينستون كينت . مالبورو فايسوري والبولمان ..تلك العلبة التي طالما أثارت دهشتي بأناقتها .. ثم قد يحدث أن يشاركهما ضيف غريب الأطوار ..علبة راحة ذات قطع هرمية الشكل مائلة الى اللون البني ومُطعمّة بالفستق الحلبي ..فستق حلبي حقيقي بلونه الأخضر ويبدو مع قطع الراحة تلك كما لو أنه أحجار نفيسة ...ولم يكن يُقدم لأي كان فقد تم تخصيصه فقط لكبار الزوار
لم أكن أشعر بالطعم الحقيقي للملبس والسكاكر فلم أكن أتناول منها بين الفينة والأخرى لأنني أستمتع بمذاقها قدر ما كان القصد هو القضاء عليها .. طالما هي موجودة فلابد أن تُؤكل .. حتى أني نظرت بريبة الى أخي أبو راشد وهو يضع في فمه قطعة ملبس واحدة .. وبدت علامات المُتعة على ملامح وجهه ..قطعة واحدة فقط !! لا بد أنه لم يكن جاد بالتعبير عن مشاعره ..كنت أحدث نفسي وأنا الذي ألتهم كل تلك السكاكر بهمة عالية ودون شهية بقصد القضاء عليها ليس الا ..
يول لاعاش عمركم .. يول يامال الدمية خلصّت الحامض حلو .. يول يازي ..يول اذا العلف مو الك المعلف مو الك .. يول روح انقلع روح ألعب مع ربعك .. تلك كانت تقريباً الجُمل الوحيدة التي أسمعها من أمي رحمها الله ولكنني لم أكن أكترث .. الا أن أقبض العيدية والتي كانت تتجاوز أرقاماً قياسية في بعض الأحيان قد تصل الى عشرة ليرات كاملات .. حينها سأنقلع من البيت بطيب خاطر وقد سرقت ما تيسر لي من الحامض حلو وان كنت محظوظ فقد وفقت بسرقة بضعة قطع شوكولا أيضاً .. بذات الوقت الذي كان أخي الأكبر مني يسرق علب السجائر لتبقى أخر النهار علبة الحمراء يتيمة في الصينية لا تجد من يكترث لها
الدودحانة تكون الخيار الأول ومن ثم نأكل شعر البنات والهيطيلية رديئة الصُنع والتباهي بكميات السكاكر التي حضينا بها والعيدية واظهار مفاتن الثياب الجديدة حتى يحين موعد سينما فؤاد .. وعادة ما يكون فيلم كوبوي على سبيل من أجل حفنة من الدولارات ولابد من شراء صندويشة الفلافل من ذاك البائع السافل بجوار السينما والذي يصنع كميات كبيرة من الفلافل قبل العيد بيوم ..فيُصبح خبز الصندويشة جاف والبندورة مُتعفنّة وطعم الزيت القذر يطغى على طعم أقراص الفلافل ورغم ذلك كنا نلتهم الصندويشة بشهية ونستغني عن ربع ليرة من أجلها ..فليس المهم طعمها ولا عفونة البندورة فيها ..كل ذلك غير مهم طالما انها ركن اساسي من أركان فرحة العيد
لا نعود الى البيت الا في وقت متأخر .. نتسكع في الطرقات ونبول على الجدران الجانبية وتتسخ ثيابنا الجديدة نشتم بعضنا البعض ونضحك ..
ضحكاتنا التي أودعناها شقوق الجدران العتيقة في الحسكة
أثار أقادمنا التي لم تُهاجر مثلنا وبقيت هناك في انتظار عودتنا وفي انتظار العيد



#يزيد_عاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غوايات الخريف
- مدينة
- ملامح الوجه
- لقطة سينمائية
- صباح حسكاوي
- حب مجاني
- فنجان قهوة
- الفي
- صديقي الشيوعي
- لاشيء
- سيرونيكس
- سمت اليوم
- حورية
- بيوت
- بيضاء
- سلاماً أيها الحسكة
- بين المقالة و القصيدة
- الدروز
- السريان
- حديقة السبكي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يزيد عاشور - صباح العيد