أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سجى مشعل - إيجار القلق














المزيد.....

إيجار القلق


سجى مشعل

الحوار المتمدن-العدد: 6682 - 2020 / 9 / 20 - 22:54
المحور: الادب والفن
    


هذا المساء ضَجِر مثلي في هذه الآونة، صفّطت قلبي على الرّفّ وبنّدته تحت بَند "خارج نطاق الخدمة"، ثمّ استرسلت في التّفكير فماذا سيحصل في كلّ المهمّات اللّاتي زرعتها على حائط الآمال والتّخطيط، ومتى سيتمّ تنفيذها، تريّثت قليلًا فحلمٌ واحد كان يحتاج منّي قلبًا كاملًا فما بالُكم بأربعة أحلام، أُعلّق الحنين وذكاء الفؤاد على حبل غسيل يمتدّ من بداية الغرفة حتّى نهايتها، الصّدوع ترابَت وتَنامت، فكم قلبًا أحتاج اللّيلة؟
إنّي أُحضّر للأيّام القادمة، ومن ثمّ أعود خطوتين أو ثلاث خطوات للوراء، أفكّ عن شَعري رباطه ليعانق الهواء ليتنفّس، مرّت تسع ساعات وأنا مكاني أفكّر في ماهيّة وجودي، وكيف سأرتّب الأمور بعيدًا عن قلبي، فهو في كلّ مرّة يُفسد الأمر برقّته، حتّى الكلام لم يعد يُسعفني يا الله، إنّي في كلّ مرّة أُشكّك في قدرتي على الكتابة وأتراجع عن النّشر، تجيئني الفرص وأضيّعها والأمر مردّه إلى القلق، فالقلق زائري هذه المدّة.
تريّثت مرّة ثانية، وصنعت من قلبي تمثالًا، بقيت أنحت فيه ليلتين مُتتاليَتين، حتّى صار خفيفًا، هذه آخر طبقة للحفر أو النّخر، أعتقد بأنّ هذا القَدر كافٍ، كم كان القلق محاصرًا إيّاي في كلّ لحظة ودَدت فيها أن أقترب من كلّ ما هو بعيد عن عيني، قريب من خطرة بالي، وَبَالُ أمري عظيم، والفرص تنساب مثل ماء الوضوء قبل الصّلاة، تروح هناك عند مصارف المياه بلا عودة، بدأ كلّ شيء يحاول الهروب، دَبيب الحرف، وحفيف الشّعور، وجَلجَلة أروقة الفؤاد المُكتظّة بالزّائرين بَغتةً، فمَتى ستنتهي المخاوف؟
إنّ التّعبير عمّا يجول في هذا العقل غير الهادئ أمر صعب للغاية، فلا خطوة تدفعني للأمام، كلّ شيء يسحبني للوارء، وأنا الوحيدة مع أفكاري نحاول التّقدّم، تشبّثت ببقايا الأسئلة، وتُخمة اللّيالي الماضية، فلِكلّ ما كان حاصلًا في الأمس نصيبٌ ممّا نحن فيه الآن، فَأفكاري، واللّيل، ونهايات النّهار، وبزوغ القمر، وانحلال دِثار ضياء القمر وسط السّماء وتعرّيه أمام الجميع، كلّها حالات قلق وتبدّل، ريثما ينحلّ ثوب السّماء، ويتكشّف ضياء النّهار بشروق شمسه لا شيء يبقى كما هو، فاللّيل يعود على الرّفّ يصير خارج الخدمة، فقد خلع إزاره، وراحت هيبتُه، وقلّت حُلّة وجوده هاهنا.
لا أريد أن يفهمني أحد بأنّني متشائمة أو رديئة الأمل، فأنا على العكس تمامًا، وفي هذه الآونة بطولها وعرضها كنت أمارس صناعة الأمل والسّعادة، وأتمرّس في إيهاب الأنام دهشة ممّا تبقّى لي منّي بعد كلّ ما مضى من أيّام، لكنّ الفكرة الحقيقيّة بأنّي مُكتظّة بالكلام، وبقليل من القلق في هذين اليومين، وكلامي أصبح ركيكًا نوعًا ما، ودهشته قد انتقصت قليلًا، فأنا ضعيفة في الكتابة، لكنّي قويّة في الشّعور، وهذا ما يدفع الكلام لينطلق بشراهة طفل يلحق أمّه الضّائعة وسط الحشود.
ثمّ إنّي لست باحثة عمّن أبوح له، غير الله، وغير كلماتي، ولهذا السّبب فالكلام يتدّفق بغزارة لا سابق لها، وإنّني أشعر بهذه الطّاقات في حروفي تتخلّل إلى حيث بقع السّواد وتُنيرها في كلّ مرّة أمّا هذه المرّة فقد فشلَتْ في فِعلها لأنّها قَلقةٌ أو متوجّسة من عدم الوصول إلى نهاية النّفق، فَحتّى الفراشات الّتي لا تجد ضوءًا تظلّ تحوم وتحوم حتّى تصل للنّور أو تسقط شهيدة السّعي خلف الضّياء، فإمّا تجد النّور أو تموت وهي تلاحق بدايات الوَهَج.
كنت أتمنّى في كلّ مرّة أن أعود من نهايات التّعب، وأستريح على شفا الحُفر، فاليوم مليء بالملل، والحياة تُغلق ذراعيها مرّة أخرى، الأماكن كلّها مُغلقة، ونحن خاضعون لفايروس حقير، لا يُرى بالعين المُجرّدة، أتمنّى أن تعود الأيّام لطبيعيّتها وتُثلج فينا تحقيق الأحلام، وانبلاج فجر الأمل.
لا تكترثوا كثيرًا بما أقوله فما أكتبه ليس إلّا تعبيرًا عمّا يجري في هذه الآونة، والشّرح يطول، فأنا أدري بأنّني لا أكتب مثل ذي سَبْق، وبأنّ شغفي في الكتابة قد قلّ، لكنّ ما يدفع هذه الكلمات للخروج، هو انحباسها في زجاجة الذّكريات لمدّة جيّدة ربّما طالت بسبب توالي الأيّام، ولم تخرج الكلمات وحدها هكذا دون عون أو حتّى دفع، إنّما بسبب تكدّس بقيّة رتوش الذّاكرة، والقلق من الأحلام الماضية وهذه الآنيّة، أو ربّما بسبب الشّعور المُتخم، مع أنّي أضع قلبي قَيد خارج نطاق الخدمة، لكنْ على ما يبدو بأنّ خدمة إيقاف القلب ورَكنه جانبًا غير مُتوفّرة في هذا الجسم الّذي يرفض الكتمان أو الإحجام عن التّكشّف أمام حرارة الشّعور وَخَوَر قلب صاحبته.
ربّما أو ليس ربّما، فلا بُدّ أنّني أَطَلتُ البوح عليكم، فأنا أكتب على راحتي، وبملء الفيه بما يُمليه عقلي عليّ، فقد فتحت له الأبواب والنّوافذ، والطّرقات، وأضأت له عواميد الإنارة وجُلّ الأضواء والشّموع، فلا أعتقد بأنّ أحدًا يُفضّل أن يقرأ هذا كلّه، ليس لشيء إنّما لأنّ النّاس غير قادرين على العَبث داخل أدمغتهم فكَيف سيفعلون ذلك في دماغي، ومَن يا تُرى يُؤجّر دماغَه صفحةً بيضاء يقرأها العامّة دون تعقيد؟، هذا جزيء ممّا أشعر به، ألَا تظنّون بأنّ الأرق فعلٌ غيرُ مُستغرَب على عقل يُفكّر بهذا كلّه؟



#سجى_مشعل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسيت
- الثغر الباسم-اقصوصة
- اللهم قوة
- بائع بضاعته تالفة
- الحبكة في نهاية القصّة
- صوتي يتّجه صوبك
- خفة دافئة
- كاملو النقص
- حنين
- كي نحافظ على إنسانيتنا
- نحو الشمس
- عهد جديد
- قَرصَةٌ في الشُّعور
- صورة تكشّفت
- بيروت
- المسامح كريم
- لم أعد أحتمل
- فقط لأنها امرأة
- ذات لحظة
- لا أحد يدري


المزيد.....




- “مبروك النجاح” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- رابط رسمي وشغال. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس الي ...
- بعمر الـ80.. يحيى الفخراني يقف على المسرح مجسدًا -الملك لير- ...
- نجيب الحصادي… أفَلَ العقل المُنيف ومضى مَن أوقد البصيرة في ل ...
- مبروك للجميع.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس ...
- الفنان يحيى الفخراني يعود لـ -الملك لير- في عامه الثمانين
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. رابط النتيجة على م ...
- وفاة الممثلة العراقية إقبال نعيم.. وداع لصوت مسرحي نادر
- ألبوم -صنع في أفريقيا- لزياد الزواري: موسيقى عالمية بطابع تو ...
- -حول تعريف البطل الحقيقي-.. إليكم ما نعرفه عن فيلم -درويش- و ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سجى مشعل - إيجار القلق