أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 1














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6663 - 2020 / 8 / 31 - 02:18
المحور: الادب والفن
    


في نفس السنة، الشاهدة على مولد بيان، حلّت في الحارة أسرةٌ قادمة رأساً من مدينة ماردين. وليّ أمر الأسرة، كان الابنُ الكبير ويُدعى " حسني "، وكانت والدته قد ترملت منذ أعوام قليلة. كحال المهاجرين من قبل، كان على هؤلاء أن يسألوا المارة عن عنوان أقارب سبقوهم في الحلول في الشام الشريف. صفة القداسة الأخيرة، كانت قد اضمحلّت في جمهورية أتاتورك، الساعية حثيثاً إلى مجاراة الأمم الأوروبية المتقدمة، وفي مقابل ذلك، الابتعاد عن كل ما يُذكّر بالشرق وأهله وأساطيره.
الأسرة الغريبة، سرعان ما وجدت نفسها أمام باب بيت السيّد صالح. فإن ربيبته، بيروزا، ذكرَ اسمَها أولئك الغرباءُ للمارة بصفة ابنة العم. في ذلك الوقت، كانت قريبتهم تقيم مع رجلها الدركيّ في إحدى بلدات وادي بردى، أين مقر خدمته. والد بيان استقبل أقاربَ أختها بحفاوة، ثم أفرد لهم البيت التحتاني ببابه المستقل كي يحلوا فيه لحين أن يدبروا مسكناً ثابتاً. لكنهم لم يمكثوا أكثر من أسبوع، توثقت في خلاله علاقتهم مع مضيفهم الكريم. فإن زوج بيروزا، وحالما أخذ علماً بوساطة الهاتف عن وجود أسرة عمها في منزل حميه، بادرَ إلى الحضور معها في اليوم التالي. عقبَ تبادل العناق والكلمات الجميلة، اقترحَ ديبو أن ينتقل الضيوف إلى منزل أبيه في الزقاق المجاور. القسم الأعلى من ذلك المنزل، امتلك أيضاً باباً مستقلاً وكان ينفتح على مدخل الزقاق من جهة الجبل.

***
حقّ لحسني أن يتشاءم، لما قاده زوجُ ابنة عمه إلى قطعة أرض تقع في ظلال صخور الجبل، يمر من جانبها دربَ السيل، المؤدي إلى حارة الدروز. إذ سوّرت الأرضُ بصفّ من الأحجار، وذلك بغيَة تحديد ملكيتها، بحَسَب العادة المتبعة زمنئذٍ. لقد تذكّرَ سببَ هروبه مع عائلته من موطن الأسلاف، وكان على خلفية نزاع دمويّ حول الأرض. لكنه طرد هذه الفكرة من ذهنه، وعبّرَ من ثم لديبو عن شكره. ثم أضاف: " سأدفع ثمن الأرض، بعدما أبدل الليرات التركية بالسورية "
" الشكر لحَميّ، السيد صالح، لكنه يعتبر الأرضَ هدية بسيطة نظراً لزهد ثمنها "، رد ديبو مبتسماً. عبثاً كان اعتراض الرجل، فلم ير مندوحة عن قبول الهدية مع تكرار كلمات الشكر. بيد أن المال صُرف في تالي الأيام، لتسديد أجر الفاعل ومساعدَيْه، الذين عمّروا حجرتين مع المطبخ والمرافق الأخرى، مستعملين مواداً بدائية كالدك والدف والصفيح وجذوع أشجار الحور. كان المكان موحشاً، يطرق سمع ساكنيه ليلاً زمجرة الضباع وعواء الذئاب ما يجعل القشعريرة تسري في أوصال النساء والأولاد: فضلاً عن الأم، وكانت عجوزاً لكنها شديدة المراس، كان هناك امرأة حسني الفتيّة وولداها الصغيران، اضافة لشقيقه الأصغر، " علي "، وكان في الخامسة عشر من عُمره.

***
إلى الجنوب من ذلك المنزل، المبنيّ بطريقة ارتجالية، كان أقرب مكان مأهول عبارة عن مسكن بسيط مع محل سمانة ملحق به. آكو، شقيق ريما، كان يعيش هناك مع ابنه الوحيد، اليتيم، المتجاوز سنّ العاشرة. وكان هذا يعاونه في الدكان، لكنه كان يجد صعوبة في نقل الحمولات الصغيرة من الخضار والفواكه وغيرها. على ذلك، رحّب بابن الجيران الجدد، علي، عندما عرضَ أن يعمل لديه. وكانت علاقة آكو بأقارب بيروزا قد توثقت مع مرور الأيام، فتبادل الزيارات مع كبيرها. إذ سبقَ أن تعرّف على هذا الأخير قبل نحو عقدين من الأعوام، أثناء تواجده مع أسرته في موطن الأسلاف، وذلك في منزل ريما بمدينة ماردين.
وهوَ ذا ديبو، يحضر لزيارة ابن عم امرأته وكان يحمل له خبراً سعيداً. لقد تواسط له عند ضابط مرموق، من سكان القسم الغربيّ للحي، بهدف ضمه إلى سلاح الدرك. ما سهّل الوساطة، أن حسني كان يجيد اللغة العربية شأن العديد من مواطنيه أهالي ماردين. هكذا حصل على راتب ثابت، وكان حتى ذلك الحين يعيش مع العائلة من مدخراتها. علاوة على أن خدمته كانت في حامية قلعة دمشق، أينَ السجن المركزيّ. هيئة حسني، كانت ملائمة لمهنته، المتطلّبة شيئاً من الصرامة والهيبة: كان فارع الطول، متين البنية كجذع شجرة. إلى ذلك كان جدّياً، لا ميل لديه للقصف والشراب، كريماً وعطوفاً على أفراد أسرته وأقاربه.
كان من الممكن أن يلمع في عمله، وأن تمضي حياته رخية هادئة في دمشق. لولا أن أعترض ذلك أمرٌ طارئ، فقلب كل شيء رأساً على عقب.

* الرواية الأخيرة من خماسية " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثاني
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 1
- بضعة أعوام ريما: الخاتمة
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الرابع عشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 5


المزيد.....




- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
- الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
- وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو ...
- فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن ...
- مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 1