أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 3














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6650 - 2020 / 8 / 18 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


وإنما أثناء تواجد الأسرة الضيفة في الدار ( وقبل مرضها بطبيعة الحال )، أمكن لبيان التعرّف على زقاق الحاج حسين؛ وهو الزقاق، المقدّر لها بعد نحو عقد من الأعوام أن تتنقل إليه، كامرأة متزوجة، لتقضي فيه معظم سني عُمرها. " ورد "، ابنة العمّة المماثلة لها في السن، تعهّدت مهمّة التعريف حينَ علمت بسهولة التنقل بين الزقاقين: دهليز طويل، تغشاه العتمة حتى في النهار، كان ينفتح عليه بابُ بيتِ الرجل المدعو، جروس، وكان يقابل باب بيت أسرة بيان. ابنة الرجل، " أمية "، كانت الصديقة المقرّبة لبطلة سيرتنا؛ وربما بالنظر للعلاقة الوثيقة بين والدتيهما. عبرَ الدهليز، كان في الوسع الانتقال إلى الزقاق المجاور من خلال الباب الخلفيّ لبيت عم تلك الصديقة.
ذلك الزقاق، الذي يقيم فيه معظم أفراد عشيرتها، وجدته بيان مختلفاً في تكوينه عن شكل زقاقها، المتسم بانحناءاته ووعورته وتعدد مسالكه الجانبية. كان زقاق العشيرة أيضاً أقصر طولاً، وفي التالي، بيوته أقل عدداً. بمجرد اجتيازها لعقبة دار الجيران، بمساعدة صديقتها أمية، سلّمت بيان أمرها لابنة عمتها. بيت أبي هذه الأخيرة، وكان يقيم فيه أولاده من امرأته الأولى، كان يقع في أعلى الزقاق. وإليه قادت وردُ ابنةَ خالها، لكن ليسَ بقليل من التردد. فكما سلفَ لنا ذكره، أنّ أولئك الأولاد محضوا زوجة أبيهم البغضَ منذ الصغر. وعلمنا كذلك، كيفَ غادر الكبيران منهما المنزلَ على أثر زواجهما وبقيَ الآخران. من خلال ممر سماويّ، كان يُمكن الوصول لأرض ديار المنزل، أين ينفتح بابا حجرتين متلاصقتين. " فوزو "، الأخت غير الشقيقة لورد، فوجئت ولا غرو باقتحامها للمكان مع قريبتها. هذه الفتاة، كانت في نحو السابعة عشر من عُمرها، سمراء ذات ملامح متناسقة جعلتها على شيء من الجاذبية. في تلك الآونة، كان ثمة حديث في العائلة عن رغبة آكو بخطبة فوزو لابنه الوحيد. ولعل هذا الأخير، بحَسَب مجرى الأمور لاحقاً، مَن أبدى تلك الرغبة.

***
فوزو، سرعان ما أبدت حرارةً في الترحّيب بإحدى البنتين: " آه، كم صرتِ جميلة "، قالتها لبيان فيما لم تُعر الأخرى اهتماماً. ثم ما لبثت أن أشارت لهما إلى الحديقة، الكائنة على الطرف الأيسر من أرض الديار: " يمكنكما اللعب هناك، ولكن بدون أن تغوصا بأقدامكما في الأحواض ". مقارنة بحديقة دارها، المنظمّة الأبعاد والمتسقة الأحواض، وجدت بيان هذا المكان يفتقدُ للانسجام علاوة على أنه غاية في الاهمال. الأشجار، وكانت تعد على أصابع اليد الواحدة، تهدلت ثمارها وتغضنت كما بشرة العجوز. لما دعت قريبتها للعب، ما كان من هذه إلا الرفض في نزق بحجة أنها متعبة. قالت ذلك، بينما كانت تحدج بيان بنظرة استياء وكأنما هيَ ملومةٌ لامتداح جمالها. ثم ما عتمت ورد أن انزلقت بقدميها إلى الحوض الأقرب لموقفها، وذلك عقبَ إلقائها نظرةً على أرض الديار.
" لا، لا.. لقد سمحت لكما باللعب في الحديقة، وليسَ بالدوس على أزهارها "، هتفت فوزو وهيَ تقترب من مكان الطفلتين. ردت بيان في براءة: " إيه أنا شممتُ الأزهار، حَسْب ". أما الأخرى، وكانت قد أخذت تمسح فردتيّ قبقابها بطرف الحوض لتزيل الطين العالق بهما، فإنها رفعت رأسها مرةً لتلقي نظرة تحدٍّ على أختها الكبيرة. هذه الأخيرة، ردت على بيان: " لم أقصدك أنت، يا حبيبتي، لأنك عاقلة وخلوقة ". ثم أتبعت ذلك، بالقاء نظرة صارمة على أختها.

***
" هذا بيت أبي، أفعل فيه ما يحلو لي! "، صاحت ورد على حين فجأة. ودون أن تنتظرَ رداً، هرولت باتجاه باب البيت. ظلت بيان متسمرة في مكانها، لا تدري ما تفعله. لكن فوزو ربتت على رأس الصغيرة، المكلل بشعر غزير أشقر، وقالت لها بنبرة ودودة: " لا عليك، يا حلوتي. تستطيعين المجيء في أي وقت، لأنه بيت عمك ". حالما خرجت بيان من المنزل، وجدت قريبتها تنتظرها. فعلت ورد ذلك، على الأرجح، كونها تهيّبت من العودة لوحدها عبرَ بيت أولئك الغرباء. هكذا سارت لوحدها، متقدمةً رفيقتها ببضع خطوات. أمية، كانت تنتظر صديقتها بيان عند باب دار عمها، المفضي لزقاق الحاج حسين. لقد كانت سعيدةً، على ما يلوح، بدَور الدليل والمساعد. الصديقتان، هُرعتا للعب معاً حال اجتيازهما الدهليز العتم.
" فوزو عنّفتني، وادّعت أيضاً أنني لستُ جميلة مثل بيان "، صاحت ورد مجهشةً بالبكاء حينَ التقت أمها في أرض الديار. الأم، ودونما أن تجد حاجة لشهادة أخرى، راحت تصب لعناتها على مَن دعتها ب " سليلة الجنون ". ثمة في مكان ظليل تحت دقران الكرمة، كانت الجدّة تجلس على فروة خروف وقد اتكأت على وسادة سميكة. قالت هذه لابنتها، الثائرة: " الأفضل أن تعودي للمطبخ لتحضير وجبة مناسبة للأولاد، بدلاً عن مصرانك الذي عافته نفوسهم "
" سيأكلون المصران، مع ذلك! أما أنتِ، فما عليكِ سوى انتظار كنّتكِ البطرانة كي تطعمك لحمَ الضأن "، أجابت سلطانة وقد استعر غضبها.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 1
- بضعة أعوام ريما: الخاتمة
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الرابع عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الرابع عشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث عشر/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل الثاني عشر
- ثمنُ المكالمة
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الثاني عشر
- بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 5
- بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الحادي عشر/ 3
- بضعة أعوام ريما: مستهل الفصل الحادي عشر


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 3