أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خلف الناصر - الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (3) ما زرع بالأمس في بلادنا يحصد اليوم؟!















المزيد.....

الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (3) ما زرع بالأمس في بلادنا يحصد اليوم؟!


خلف الناصر
(Khalaf Anasser)


الحوار المتمدن-العدد: 6624 - 2020 / 7 / 21 - 14:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد كان الاستشراق الإيديولوجي ــ وقد سمي بهذا الاسم ــ لأنه كان وليداً لعقائد عنصرية تؤمن بتفوق الانسان الأبيض على جميع الاجناس البشرية الأخرى ، ووليد لعقائد دينية (يهومسيحية) تحتكر لوحدها السماء ورسالاته ، ولا تؤمن لغيرها من الأديان أخرى بأية رسالة سماوية وللدين الاسلامي منها بالخصوص ، وهي توظف إيمانها هذا على الجبهتين:
العرقية والدينية ضد الشعوب الأخرى ، لصالح مشاريع سياسية امبراطورية استعمارية امبريالية ، تبغي السيطرة والهيمنة على أمم وشعوب الأرض وثرواتها !
وقد جاء هذا الاستشراق الإيديولوجي متأخراً عن سلفه التقليدي بقرنين من الزمان ، ليستثمر ما أنجزه سلفه (الاستشراق التقليدي) القديم من مكاسب كثيرة ببراعة مذهلة ، في تطويعه لتاريخ الشعوب وحضاراتها ـ بقرائتها قراءة توظيفية ـ وتوظيفها لخدمة مصالح القوى الاستعمارية والامبريالية الغربية على المدى الاستراتيجي الطويل في كل الأرض ، خصوصاً في أرضنا العربية!
وقد بانت معالم تلك القراءة التوظيفية لتاريخنا وحضاراتنا اليوم بكل وضوح ، على جميع الساحات العربية من المحيط إلى الخليج ، وبما ما يتوافق مع خصوصية ساحة أي قطر عربي.. وبدرجات مختلفة :
بالدمار والدماء والخراب: لــ [العراق/ سورية / اليمن] وبدرجات أقل في ساحات أقطار عربية أخرى !
بالفقر والجوع والتهميش وضياع الدور والبوصلة: لــ [مصر/ السودان/ المغرب] !
بالهيمنة الأمريكية المباشرة والتطبيع: [السعودية / وباقي دول الخليج/ والسودان / وكثير من الأقطار العربية الأخرى] !

لقد كان الاستشراق بصنفيه: التقليدي والإيديولوجي ـ إلا ما ندر منه ـ وليد حاجات استعمارية ، وليس وليداً لدراسات علمية وآثارية نزيهة ومحايدة تبحث عن الحقيقة وحدها ، وإن استخدم العلم والآثار في دراسته لكن ليس لاستخلاص نتائج علمية موثقة تبين حقائق تاريخ أمم وشعوب الأرض وحضاراتها ، وتاريخ وحضارة هذه المنطقة العربية ووحدة شعبها وأرضها بالخصوص ، على مدى تاريخها الطويل منذ الخليقة إلى اليوم ، إنما لتوظيف نتائجها لأغراض وأهداف استعمارية امبريالية واستراتيجية غربية شاملة!
*****
فلقد كان للغزو والهيمنة الغربية الاستعمارية على الشعوب بدءاً من القرن السادس عشر حتى القرن العشرين الميلادي ثلاث أدوات مترادفة مع بعضها لتحقيق أهدافها ، بصور مباشرة وغير مباشرة :
o أولها : "الجيوش الاستعمارية النظامية الغازية ": لاحتلال البلدان واخضاعها بالقوة الغاشمة ، ثم افتراسها!
o وثانيها : "الارساليات التبشيرية" : لتغير قيم الشعوب الاجتماعية وثقافتها القومية وعقائدها الدينية ، ومحاولة دمجها بالثقافة والعقائد الدينية الغربية!
o ثالثها : "البعثات الآثارية والاستشراقية" : لاكتشاف آثار الشعوب ودراسة حضاراتها وتاريخها القديم وتطويعهما ، ليؤديا للغرب معاً خدمات استراتيجية بعيدة المدى ، تديم هيمنة دول الغرب الاستعمارية على العلم إلى الأبد إن أمكن!
بصورتها المباشرة : التي مثلها الاستعمار القديم !
أو بصورته غير المباشرة : التي يمثلها الاستعمار الحديث حالياً ،أي، بالهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية والمالية واحتكار العلم والتكنلوجيا........الخ!

ولقد ترادفت تلك الأدوات الثلاثة مع بعضها لأداء مهمات تكمل احدهما الآخر داخل دول ومجتمعات الشعوب المحتلة ، فإذا كانت مهمات الجيوش الغازية معروفة ومفروغ من معرفتها ، فإن مهمات الارساليات التبشيرية والبعثات الآثارية والاستشراقية لا زالت مبهمة وغامضة وغير واضحة تماماً ولا معروفة معرفة حقيقية ، وإن عملت جميعها تحت عناوين خيرية وثقافية وغايات انسانية نبيلة في الظاهر!

ينظر كثير الكتاب وحتى الناس العاديين إلى "المبشرين المسيحيين" و "الارساليات التبشيرية" الغربية على أنهم معاً يمثلون "قوات الصدمة الأيديولوجية للغزو الاستعماري لأناس عماهم التعصب" !
فالمعروف أن "الارساليات التبشيرية" وعلى مدى تاريخها الطويل ، كانت دائماً تمثل وتشكل (كتائب استطلاع) و (موطئ قدم) للقوات الاستعمارية الغازية لدول وشعوب العالم ، حتى أن أحد قادة قوى التحرر الوطني الأفريقية ـ وأظنه جومو كينياتا ـ نقل عنه قوله :
 ((جاءنا الرجل الأبيض وعلى وجهه مسوح الدين والتقوى ومعه الكتاب المقدس وكانت الأرض معنا ، وبعد اقامته بيننا أصبحت أرضنا معه ، وكتابه المقدس وحده معنا))!!
فدور الارساليات التبشيرية كان حاسماً ومعروفاً في تمكينه للقوى الغربية الاستعمارية من غزو العالم كله ، وغزوه لأفريقيا بالذات واستيطانها وإقامته لمدن ومزارع ومصانع كبرى فيها ـ دولة جنوب أفريقيا مثلاً ـ وقد حرم دخول السود أصحاب الأرض الاصليين إليها ، وحرم دخولهم الى جميع مدن الرجل الأبيض ، وفي بعض المدن المختلطة حرم استخدام السود لباصاته وحتى لدورات المياه المخصصة للرجل الأبيض ، والأمر من كل هذا فقد تم حشر ملاين الأفارقة في (معازل خاصة بالسود وحدهم) ، بعد تمكن الرجل الأبيض من السيطرة على كامل البلاد ، واصبح هو مالك الأرض الحقيقي والوحيد في بلدان أفريقية كثيرة : كزمبابوي ـ روديسيا سابقاً ـ وزامبيا ونانيبيا وجنوب أفريقيا وبلدان أفريقية أخرى ، وحتى في الجزائر العربية!
فكل هذا الذي جرى في أفريقيا كانت بداياته "الارساليات التبشيرية " والمبشرين الذين يحملون "الكتاب المقدس" بيد وبندقية الاستعمار والاستعباد باليد الأخرى!
وما جرى في أفريقيا جرى مثله أو شبيهاً به في مناطق كثيرة من آسيا واستراليا والأمريكيتين ، حتى أن سكان استراليا وأميركا الشمالية الأصليين اختفوا ، أو كادوا أن يختفوا من على ظهر هذا الكوكب تقريباً!!

وتحت يافطة "الكتاب المقدس" أيضاً وخرافة "الأرض الموعودة" استعمر الغربيون البيض بعنوانهم: (الــيـــهــــودي) فلسطين واستوطنوها وهودوها وشردوا أهلها واصحابها الأصليين والشرعيين!
وقبل فلسطين كانت "الارساليات التبشيرية" قد نشطت ـ منذ القرن السادس أو السابع عشر الميلادي ـ في طول بلاد الشام وعرضها ، وتمكنوا ـ بصور مباشرة وغير مباشرة ـ من خلق تيارات ومدارس فكرية فيها ، تمثلها الانفصالية والانعزالية اللبنانية اليوم ودعاة "القومية السورية" واصحاب مدرسة "الأمة السورية.. سورية وليست عربية"!

واليوم أيضاً ، تنشط "بعثات تبشيرية" كثيرة في جميع أنحاء العالم وفي بلادنا العربية بالخصوص ، وتملأ فعالياتها وأنشطتها اغلب المواقع والصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي ، ومقترنة أيضاً هذه المرة ـ كما في كل مرة ـ بعودة قوى الهيمنة الغربية الاستعمارية بوجهها السافر إلى بلادنا واحتلالهم للمشرق العرب واقعياً ، بذريعة "مكافحة الارهاب" الذي زرعوا هم بأنفسهم في بلادنا!
*****
وكما كان للــ "الارساليات التبشيرية" ذلك الدور الاستعماري المشين ، فقد كان "للاستشراق التقليدي" ـ دون أن ننفي لبعض المستشرقين أيادي بيضاء ـ دور مقارب لدور "الارساليات التبشيرية" في تمكين القوى الغربية الاستعمارية من الهيمنة على الشعوب واستعمارها واستغلال ثرواتها ، لكن في الجوانب (الغير مرئية) ،أي، في الجوانب التاريخية والحضارية والثقافية بصورة عامة!

فقد قرأ ذلك الاستشراق التقليدي تاريخنا وحضاراتنا العربية المتتالية ، على طول وعرض وطننا العربي واشعاعها العالمي ، وصاغها جميعها وفق ما يتوافق مع المصالح الاستراتيجية الغربية طويلة المدى ، وأبدها في الأذهان بالشكل والصورة التالية :
 أولاً : أن الأقوام العربية : التي هاجرت من الجزيرة العربية ، ليست عربية؟ (وهذا ما يتردد اليوم بكثرة لافتة)
 ثانياً : تصوير العرب (عرب الجزيرة) : على أنهم ، مجموعة قبائل متناحرة ، لا تعرف إلا الجمل والثأر والمرعى ولا تمتلك أي تاريخ أو حضارة .. (لكن المكتشفات الآثارية الحديثة أثبت عكس هذه الآراء تماماً)
 ثالثاً : جعل كل شعب في قطر عربي غريباً عن شقيقه العربي في القطر الآخر ، وأقنعه بأن له تاريخ وحضارة ـ موغلة في القدم ـ خاصة به ولا تربطه بجاره العربي الآخر رابطة من أي نوع .. حتى أن بعض مشايخ الخليج ادعوا لقبائلهم مثل تلك الدعاوي التاريخية والحضارية الكبيرة ، بينما مساحة أرضهم الصغيرة وجميع سكانها ــ أصليين ووافدين ــ لا تساوي مساحة وعدد سكان محافظة واحدة من محفظات العراق أو مصر أو المغرب أو سورية أو الجزائر..........الخ!

في الجزء القادم من هذه الدراسة سنرى مدى صحة أو تزيف أو خطأ وخطل (النقاط الثلاثة أعلاه) في ضوء الدراسات العلمية والمكتشفات الآثارية الحديثة!!

[يــــتــــبـــع]

**************************************************************************************************



#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا ساعات النوم العشرة!
- الاستشراق الإيديولوجي .. الأصل والصدى (2)!!
- الاستشراق الإيديولوجي .. وصداه العربي!! !
- عودة المسيح / هرمجدون / الإنجيليون / المحافظون الجدد / المصا ...
- أهو ربيع أمريكي؟ .. وجورج فلويد هو بوعزيزي الأميركان!؟
- سورية والسيليكون والحرب الكونية؟؟!!
- جائحات العرب كثيرة.....وجائحة كورونا أقلها فتكاً!!.
- رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!..... (الجزء الثالث والأخير)... محر ...
- كورونا العنصرية!!
- رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!... (الجزء الثاني) : مراحل التاريخ ...
- رأيٌ في ..... ماهية النهضة؟!... (الجزء الأول).. دور النهضة و ...
- تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(2)
- تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(1)
- ((صفقة القرن)): حصيلة عمل منظم لأكثر من مائة عام!!.....(2 وا ...
- ((صفقة القرن)) ليست مصادفة: إنما هي حصيلة عمل منظم ومخطط لأك ...
- ((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (2-2) والأخير .
- ((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (1-2)
- أســطـــورة أفـــريـــــقــيــة*!!
- للثورات الشعبية شروطها الموضوعية؟! .... (النسبة الاجتماعية ا ...
- الانتفاضات الشعبية دائماً: مطلبية في بدايتها ، سياسية في وسط ...


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خلف الناصر - الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (3) ما زرع بالأمس في بلادنا يحصد اليوم؟!