أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - خلف الناصر - يا ساعات النوم العشرة!














المزيد.....

يا ساعات النوم العشرة!


خلف الناصر
(Khalaf Anasser)


الحوار المتمدن-العدد: 6621 - 2020 / 7 / 17 - 15:35
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


في العام ثمان وسبعون وتسعمائة وألف ، وفي مثل هذا اليوم القائض 17 تموز ـ أي قبل 42 عاماً من الآن ـ كنا في سجن "أبو غريب" الشهير / الشعبة الخاصة . وفي السجن كما يعرف كل من مر بمثل هذه التجربة الخصبة ، تجري شائعات كثيرة تتناول في الغالب لدى كل فئة من السجناء ما يخص القضية (الجنائية) التي دخل هئولاء السجن من أجلها!

أما بالنسبة لنا نحن سجناء الرأي والسياسة ، فكانت تصلنا أخبار كثيرة مصدرها الدائم اخواننا الشيوعيون ، لأنهم كانوا أنذك مشاركين فيما يسمى بــ ((الجبهة الوطنية والقومية التقدمية!!)) ولهم وزراء في حكومة في حكومة البعث العراقية ، وممثلين فيما يسمى بــ ((المجلس الوطني العراقي!!)) . وبين كل (مواجهة / أي زيارة) أو مواجهتين كان يأتي إلى هئولاء الشيوعين ، أحد أعضاء ذلك المجلس الوطني من الشيوعيين لزيارة رفاقه المسجونين معنا ويزودهم بالأخبار الطازجة ، والتي كانت توعدهم دائماً بقرب خروجهم من السجن نتيجة للجهود الجبارة التي كان يبذلها حزبهم العتيد!
لكن مع الأسف الشديد والألم الأشد ، في النهاية تم اعدام العشرات منهم ، وكان جميع الذين اعدموا منهم من الشباب في عمر الزهور ، وكانت لنا معهم جميعهم علاقات إنسانية رائعة ، ومع البعض منهم علاقات خاصة جداً لا زالت حلاوتها ومرارتها في افواهنا وقلوبنا ، وأظن أنها سترافقنا إلى آخر العمر!
*****
في ذلك العام ـ أي عام 1978 ـ جرت في السجن شائعة قوية ـ لم يكن الشيوعين مصدرها هذه المرة ـ تقول أن (صدام حسين) سيطيح بالرئيس أحمد حسن البكر ، رغم أن صدام كان الحاكم الفعلي للعراق والبكر مجرد صورة وواجهة أمامية لا غير ، ويتولى بنفسه رئاسة العراق كرئيس حقيقي وليس حاكماً قابعاً في الخلف فقط !
وقد قامت تلك الشائعة بناءً على ما قرره ((المؤتمر القومي الأخير لحزب البعث)) (ببعث قائد كبير قومي للأمة العربية) جميعها ، فكان صدام حسين ذلك القائد المختار ، والذي وصفة من يسمونه (القائد المؤسس ميشيل عفلق) بــ [هدية العراق إلى البعث .. وهدية البعث إلى الأمة العربية كلها] !!
ومنذ ذلك التاريخ منح صدام حسين عدة ألقاب : "القائد الرمز" و "القائد الضرورة" و "مهندس التأميم" و "باني مجد العراق" ......الخ إلى آخره من ألقاب تستعصي على الحصر!!

وكان الكثيرون من سجناء الرأي والسياسة معنا في الشعبة الخاصة ، قد رأوا في هذه الأخبار "نذير شؤم" لأن صدام حسين كان معروفاً للبعض منهم ـ نتيجة لعلاقات شخصية مع صدام نفسه ـ بدمويته وبدكتاتوريته التي ستخيم حتماً على عموم العراق ، وأنه سيفرض على العراقيين "مرحلة ستالينية سوداء" ربما تكون أقسى من المرحلة الستالينية التي فرضها ستالين نفسه على التحاد السوفيتي السابق بعد وصوله إلى الحكم ....... وهكذا كان صدام حسين فعلاً!!

عند شيوع تلك الشائعة جلس كل منا مع أصحابه ورفاقه المماثلين له في السجن ، يتداولون فيما بينهم ماذا سيفعلون إذا ما حلت مثل هذه الساعة السوداء؟
بعضهم قال أنه سوف يهاجر إلى بلاد أخرى ، إذا ما خرج من السجن .. وقد هاجر فعلاً اثنان من رفاقنا احدهما إلى لبنان وقد استشهد ـ رحمه الله ـ هناك ، في المعارك التي كانت محتدمة في لبنان أنذك بين "القوى الوطنية" التقدمية و "القوات اللبنانية" الرجعية ، أما الآخر فقد هاجر إلى بلدان عديدة لكنه استقر في النهاية في "ألمانيا الاتحادية" كما كانت تسمى قبل توحيد الألمانيتين ، ولم يعد منها إلى العراق إلا بعد غزو العراق واحتلاله من قبل الأمريكان .
أما الاغلبية من أصحابنا ـ وأنا منهم ـ فقد قررت أن تبقى في العراق ومهما كان الثمن الذي سيدفعونه ، وفعلاً كان الثمن باهضاً ، بعضهم اعتقل وبعضهم سجن مرة أخرى ، وبعضهم الآخر فصل من وظيفته وقطع رزقه وتعرض إلى مضايقات لا تحتمل!
*****
الأغلبية من سجناء الرأي والسياسة في الذكرى العاشرة لانقلاب 17 تموز عام 1968 المشؤوم جلس إلى نفسه ، واخذ يستذكر معها ذلك الانقلاب المشؤوم وسنينه الطويلة التي انتهت بدمار العراق ، بعد غزوه واحتلاله من قبل الأمريكان وتوابعهم الغربيين ! .. كل منا جلس إلى نفسه وأخذ يكتب خواطره عن ذلك الانقلاب المشؤوم أو راجع مع نفسه ذكريات عشر سنوات من مسيرة ذلك الانقلاب الأسود!

أما أنا فقد جلست مثلهم مع نفسي وكتبت (قصيدة أو شبه قصيدة) ـ لأنني لست شاعراً ولا أعرف علم العروض ولا نظم القوافي ـ ولا أعرف ما قلته هل كان شعراً أو نثراً أو سجعاً ، إنما لاقى في حينه استحساناً عند كل الين سمعوه أو قرأوه!

وقد قلت فيما كتبت ، ومع الأسف الشديد قد ضاع البعض منه ، وما سأكتبه هو مجرد ذكريات مستلة من الذاكرة !!
قـــلــت :

يا ساعات النوم العشرة حان اليوم الأول للميلاد
وعشتار جف ثديها
بدل اماء تسقينا دم
بدل الماء تسقينا سم

يا آلهة الخصب نقول:
جف النهر بار السهل
نريد مطر .. نريد مطر

وآلهة الخصب والحب ترد :
جف النهر ، بار السهل
والجبل الشامخ يصبح صحراء شرقية
***
يا آلهة العشق نقول:
ما هكذا عهدناك
فعينييك ماء وثدييك نهر
وجدائلك الشقر سنبل أصفر
نريد مطر.. نريد مطر

وآلهة الخصب تجيبنا :
عينيي نار وثديي حجر
وجدائلي الشقر حبل اصفر
فمن منكم زائد عنقه للحبل الاصفر؟
***
عاهرة اصبحت أم الآلهات
قوادة أصبحت لكل الآلهات!



#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستشراق الإيديولوجي .. الأصل والصدى (2)!!
- الاستشراق الإيديولوجي .. وصداه العربي!! !
- عودة المسيح / هرمجدون / الإنجيليون / المحافظون الجدد / المصا ...
- أهو ربيع أمريكي؟ .. وجورج فلويد هو بوعزيزي الأميركان!؟
- سورية والسيليكون والحرب الكونية؟؟!!
- جائحات العرب كثيرة.....وجائحة كورونا أقلها فتكاً!!.
- رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!..... (الجزء الثالث والأخير)... محر ...
- كورونا العنصرية!!
- رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!... (الجزء الثاني) : مراحل التاريخ ...
- رأيٌ في ..... ماهية النهضة؟!... (الجزء الأول).. دور النهضة و ...
- تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(2)
- تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(1)
- ((صفقة القرن)): حصيلة عمل منظم لأكثر من مائة عام!!.....(2 وا ...
- ((صفقة القرن)) ليست مصادفة: إنما هي حصيلة عمل منظم ومخطط لأك ...
- ((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (2-2) والأخير .
- ((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (1-2)
- أســطـــورة أفـــريـــــقــيــة*!!
- للثورات الشعبية شروطها الموضوعية؟! .... (النسبة الاجتماعية ا ...
- الانتفاضات الشعبية دائماً: مطلبية في بدايتها ، سياسية في وسط ...
- من فرعون إلى السيسي إلى عبد المهدي إلى جميع الحكام العرب: (( ...


المزيد.....




- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - خلف الناصر - يا ساعات النوم العشرة!