أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رسالتي للرب... عبر صندوق بريد السفارة















المزيد.....

رسالتي للرب... عبر صندوق بريد السفارة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6613 - 2020 / 7 / 8 - 09:03
المحور: الادب والفن
    


في البدء السلام منكم وإليكم .... لا يمكنني ان أعرف نفسي وأنت صاحب كل تعريف .. سيدي
منذ اكثر من خمسين عاما وأنا أناشدك أن تسمعني مرة واحدة فقط ... لقد أتعبني عقلي ولا أريد أيضا أن أفرط به، فقط أريد منك أن تبرر لي لماذا جعلت البحر والمحيط بهذا الأتساع وقدرتي على السباحة للضفة الأخرى بهذه الهزالة ... حلمت دوما أن أعبر إذا أمكن حاولت وعملت وتعلمت وفكرت ودبرت أكثر من أمر لكني لم أفلح أبدا ... أريد الهرب ... لم يعد لي مكان هنا وأنت أعرف ببقية التفاصيل ... ما يحيرني أيضا أنك لم تترك عنوان بريد حقيقي ولا وسيلة أتصال ممكنة ... لذا فأحد أسباب خيبتي تلك... فما العمل سيدي؟ ... أنتظر منك جوابا ولا تقل لي بعد حين .. تعرف أني مؤمن جدا بك ومصدق كل ما قيل عنك ولا شك لكن أملي هو الذي لا يمكنني أن أثق به ...لا أعرف ماذا يقال لك بالختام ...ولكن ممكن أن أقول دمت لي ربا حنون .
في عام 1988 نصحني أحد الأصدقاء وبالمناسبة كان أسمه قدسيا "الياس" الدرويش أن أكتب يوم الأربعاء الأولى من الشهر رسالة ومعها شمعة بيضاء وأخرى خضراء وأضعها على خشبة لتطفوا في النهر، فعلتها ومن جرف الياس تابعتها وهي تتلألأ مسافة صغيرة كنت فرحا ومسرورا بالمشهد، لم تدوم الفرحة أكثر من دقيقتين انقلبت الخشبة وغطست الشموع ورسالتي في الماء .... ندمت كثيرا لا أعرف على ماذا ولكن كنت منفعلا جدا ..في تلك الليلة بكيت من جد كأنني أفقد حلم حقيقي.
في قصة قصيرة كتبها أديب مصري عن محاولة مجنون خاطب رب العالمين ليسترد عقله كان الرجل بحاجة إلى عقله ليتمكن من الحصول على حكم محكمة بحضانة أبنته ... أخير قرر أن يذهب لمقام السيدة نفيسة كتب رسالته ووضعها في مكان ما لم يفصح القاص عنه كي لا تكون سابقة ... المهم شعرت بالغيرة من هذا الرجل العاقل الذي نجح فيما أراد وذهبت مشيا إلى مقام سيدنا (....) حاولت أن أرم الرسالة، لا مجال ممكن أن تصل إلى المكان المقصود الممتلئ بأكداس النقود الملونة، سألت أحد القائمين على المكان جرني إلى زاوية وسألني عما أريد قلت له عندي ورقة أريدها أن تصل ... قال دسها في جيبي وأنا كفيل بإيصالها مثلما تريد ... فرحت بحدود لا توصف وأنا أدس ورقتي في جيب الرجل ... شكرته وقبلت يده وانصرفت، في الباب الخارجي مسكني وكانت عيناه محمرتان ووضع رسالتي بيدي وقال "خبل أنت".
أول مرة فكرت أن أرسل رسالتي كنت غضا لم أزل حرا لم أرتبط ولم يكن حملي ثقيلا جارنا الشيخ عبد (البصير) من رجال الله يقصده الناس من جميع أنحاء البلد جمعتني به لحظة صفاء، صارحته برغبتي أكد لي أن الطريق مفتوح جدا وما عليك إلا أن تكتب الرسالة وتعلقها في أعلى البيت بمجرى الريح وتصوم ثلاثة أيام، لم يمضي يوم واحد حتى تفاجأت بمفوض فالح يقودني لأمن المنطقة ثم لمديرية الأمن لأقضي سبعة عشر يوما أنتهت بالتوقيع على تعهد مني أن أخبر المديرية عن تحركات مشبوهة في المنطقة أول بأول .
بعد ستة عشر سنة قررت أن أعمل بالمنطق وأترك الآمال العراض على القوى الخارجية والغيب، جمعت ما أمكنني تدبيره بعد أن بعت كل شيء في حينها المبلغ لم يكن هينا بالنسبة لي رغم أن من أستلمه مني في دمشق كاد أن ينفجر ضحكا من حصيلتي بعد هذا العمر، المهم كان صديقي عباس هو من عرفني وأرشدني لهم رافقني بكل خطوة وتعهد أن يتابع بدلا عني كي أتفرغ لعملي بعد أن لم يبقى معي حتى إيجار الشقة لمدة شهر .... في الموعد المحدد ذهبت لصديقي حتى نتابع التحضيرات السفر، من المفترض أن يكون قد تم حسب الموعد وما من أتصال ... لم أعثر على عباس وهاتفه مغلق ذهبت وحيدا للمكتب، سألت قبل لي مبروك لقد سافر صديقك ووصل الدنمارك الآن .
ظل الحلم بعبور البحر والمحيط رفيق وجودي لم أترك نفسي عرضة للألم لمجرد أني قبلت أن أكون من هذا المكان العالم يدور يمينا ونحن نرجع لليسار، في الوقت الذي تشرق الشمس في الضفة الأخرى من الأرض يحل علينا الظلام لنعاني من كل شيء من أسوء أختبارات الحياة، أحينا تكون بحاجة إلى من يسمعك كي يفهمك يأتيك من يذيب شحمة أذنك من كلام قيمته أقل من حرف زائد لا محل له من الإعراب ويطلب منك أن تؤمن به، حتى تكون مواطنا وطنيا مخلصا عليك أن تسمع فقط، كتبت كثيرا وكثيرا تمنيت أن يقرأ من هو بحاجة، النتيجة أن سلة المحذوفات بجهازي الرقمي تلقف كل ما كتبت دون أن تترك أمل صغير أن يعود ما كتبت ليجد من يبصر بين السطور نور.
أطلقت لحيتي حزنا على عقلي الذي يتوسل أن يفارقني ولو لفترة فقد ضاق هو الأخر ذرعا بي لولا حياءه وحسن رفقتي له لتركني وهو ممتن جدا أن يريح لي أعصابي، هذه الفترة تصادفت مع أنتقال مكان عملي إلى مدينة بعيدة أحاول أن أمرر خيبتي فيها ولا من يسأل لماذا وكيف، في الحافلة التي تقلني إليها وفي مرة من غير موعد صادف المشيئة أن ألتقي رجلا أمتلك من العلم الروحي بحارا وبحار، عرفني من هيئتي إني مهاجر وقد سماني باسمي ليبهرني، الحديث شرق وغرب وأنتهى بنصيحة بخصوص هذه الرسالة أن أصلي لله أربعين يوما متتالية على نية السماع، أخبرته كنت مصليا لأربعين عاما مضت تركته وأمنياته لي أن أفعل .
قبل شهر تقريبا حاولت أن أطرق الأبواب من حيث يجب، ذهبت للسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وبرغم مرور أكثر من ساعة حتى أقتنع البعض بحكايتي، وصلت الموظف الذي يستلم طلبات المراجعين وقبل أن ينادي علي بخصوص الطلب، سمعت صوتا أكاد أتذكر ملامحه ونبرته لكن أجهل تماما الصورة الواقفة أمامي، قال ألا تعرفني كان أمريكيا بكل معنى الكلمة لولا لهجته الفراتية، قلت لا يا صديق لكن الصوت ممكن أتذكر أنه مر بمسامعي كثيرا، قال أنا الكابتن مايكل سي سو، أتشرف صديقي أنا قال لا داع أعرفك جيدا حتى الجد السابع، ما الأمر شرحت له الأمر كما شرحت له رغبتي بإرسال رسالتي للرب، أما الأولى فمن الصعب أن تحصل على فرصة هنا، أما الثانية فيمكن أن ترسل رسالتك عن طريق صندوق بريد السفارة، تعجبت.... قال لا تتعجب الرب يزور كل يوم صندوق سفارتنا ويقرأ كل الرسائل، أتظن هذا واقعيا ومعقولا، قال ثق بي.... هذا هو الحل... ففعلت وأنزلت رسالتي من الفتحة الصغيرة في الصندوق وسألته، صديق كيف تعرفني للجد السابع، ضحك قال أنا عبد الزهرة أبن .... وقد هاجرت منذ اكثر من عشرين عاما كما تعلم .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط وكورونا والنصف الثاني من عام 2020.
- في فهم المعنى أولا
- أين يبدأ الوعي الإيماني وأين ينتهي؟.
- كونية المستقبل من خلال الأجتماعية التاريخية الجدلية
- فرض السلام بداية تأسيس عالم كوني جديد
- حكاية مع جدتي
- حين أمسكت شيئا على قارعة الطريق.... قصة تشبه حدوته
- دين الفقراء
- في معنى العلم وماهيته كنطاق معرفي؟ ح1
- في معنى العلم وماهيته كنطاق معرفي؟ ح2
- الخلود وسقوط فكرة الزمن
- محاولات فهم الخلود بين الفلسفة والدين
- حتمية الموت وعلاقته بالاستحقاق الحتمي
- نظرية الأنا والأخر _ بحث في معنى التفريق والتميز
- المدنية وضمان الممارسة الديمقراطية
- المدنية والإسلام السياسي
- يوم كنا واحد.....
- العقل في الإنساني بين التعرية أو السؤال
- مفهوم التداولية الفكرية
- موقفنا من الفلسفة بعين الزمن


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رسالتي للرب... عبر صندوق بريد السفارة