أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - فرض السلام بداية تأسيس عالم كوني جديد














المزيد.....

فرض السلام بداية تأسيس عالم كوني جديد


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 21:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السلام ليس فقط مطلب إنساني تفرضه الظروف التي عصفت بالوجود الإنساني وما جرت عليه من ويلات ومأسي ولكن لأن السلام هي القاعدة التي يجب أن تكون المنطق المباشر والطبيعي للفكر الإنساني المجرد ,فليس من مصلحة الإنسان في هذا الكون أن يتعرض بين الفترة والفترة لتجربة قاسية تحطم أماله وأمانيه وتسرق منه أحلامه بالحرية والتطور وتنمية الحاجات الإنسانية ووسائل تحصيلها ومن ثم تعميق العلاقات البينية التي تحافظ على نمط عيش مختار وناجح ومجرب .
لذا فيكون السلام من ناحية التقديم والتأخير هو أول الحلول الإفتراضية والعقلية لمواجهة أي إشكالية تتعرض البشر في حياتهم الطويلة على هذا الكوكب , ثم التساؤل كم يكلف الإنسان من ثمن لو قدم الحلول السلمية على غيرها من الحلول , فالأزمات لا يمكن أن تحل بالأزمات ولا يمكن للنار أن تطفئها النار ,الإنحياز للسلام هو التفكير الطبيعي والخيار الأول والجاد والحقيقي لمعالجة التأزم والتوتر ,ويبقى السلام دوما بحاجة إلى نظرية عقلانية وإلى إرادة مخلصة تسعى لتحقيق هذه النظرية .
السلام إذن ليس ظاهرة طارئة كما هي الحرب وعندما تكون الصفة الغالبة لطبيعة الحياة البشرية هي الركون للسلام فهذا يعني أنها الأصل الذي تبنى عليه العلاقة الكونية وطالما أنها الأصل لا بد من إخضاعه لقانون هذا القانون هو الذي ينشئ مفهوم ومنطق النظرية ويمكن من خلاله أن تمتحن كتجربة ولو أنها من المسلمات التي لا تحتاج لبرهان , لكن المهم في هذا المنطق هو كيف نصوغ نظرية السلام ومن أين ننطلق في تحديد مساراتها .
النقطة المحورية التي تبنى عليها نظرية السلام هي أن الحرب لم تحسم في يوم من الأيام أي مشكلة تأريخية ,قد تنجح في أن تقمع المقاومة الطبيعية لمصادر التوتر وتفريخ المشكلات إلى حين أو إلى أجل وأحيانا تقمع الإنسان أن يقول رأيه بحرية في الحرب وأسبابها ونتائجها لكنها لا يمكن أن تقمع التاريخ أن يقول بفشل تجربة الحرب في أن تكون العلاج الناجح لتصفية والقضاء على الأزمات الإنسانية , لذا علينا كبشر أن نبحث عن طريق أخر وبالتجربة والبرهان بديلا عن الحرب وأخطارها ومضارها على الوجود , هنا سيكون السلام هو الخيار الأقدر في تصدر المشهد الإنساني , الفشل المتكرر في نيل النتيجة لا بد أن يؤشر لحالة من عدم التطابق بين الحل والمشكلة .
من هذه النقطة تنطلق النظرية لتواصل سرد الفكرة ما يعجز عنه العقل تسارع الحواس الفاعلة لتشغل وتستغل هذا العجز وبالتالي يتحول الإنسان من كائن عقلاني إلى كائن غرائزي وبالتالي يفقد مع الاستمرار قدرته العقلية لصالح القوة الحسية المجردة وبذا يفقد إنسانيته وتكوينه الجوهري , هذا يقودنا إلى أن خيارات الحرب تشكل فشلا عقليا بإمتياز وتكرر هذا الخيار في كل مرة مؤشر على فقدان الإنسان لطبيعته التكوينية كونه كائن متعقل , فيكون السلام صنع العقل وتدبيره وخياره في المعالجة أما الحرب فهي دوما خيار الغرائز وطبع الحيوانية السادية الكامنة في عمق الذات الإنسانية , ومع التطور الثقافي والمعرفي لا بد أن ينحاز الإنسان لعقله ولخياره الطبيعي وهو خيار السلام حتى يقمع الحس الحيواني التدميري المكنون بالا وعي .
من هنا يمكننا أن نصيغ خطوط عامة للنظرية قبل أن نقننها ونجعلها ضابط عام ,من الواجب العقلي بعد التجربة المرة مع الحرب وفشلها في إرساء عالم خالي من المشكلات والتناقضات لا يمكن الركون لها كحل لأنها أساسا تناقض بين متضاد ومتعارض وأحيانا تكون مجرد إنحراف سلوكي عليه ولكون الإنسان كائن يعيش بعقله ويحتكم له في جميع الأحوال عليه سيكون الرجوع لقانون العقل في نزع فتيل التناقضات الطبيعية الناشئة من تجربة والحياة والعيش المشترك هو القرار الأهم والوحيد والحاسم الذي لا ينافسه قرار أخر , وحيث أن العقل يختار دائما ما هو ملائم وموافق لطبع الطبيعة ونظامها السيال دوما نحو السلام والجمال عليه سيكون السلام هو القاعدة التي لا تشذ عنها الحلول حتى يتخلى الإنسان عن عقله وبالتالي يذهب إلى فصيلة كونية تتميز بطابعها الحسي السادي .
يمكننا من هذا الحال أن ننتقل وبوضوح نحو صياغة نظرية السلام التي ننشدها قانون كوني ويكون من قواعد العيش الإنساني التي تعد من الخطوط الحمر غير قابلة للإنتهاك فنقول في خلاصة قانونية (( السلام خيار الإنسان العاقل وطريقه للحياة الدائمة والخروج عن خيارات السلام يعني خروج عن الطبع الإنساني وتخلي عن الهوية الطبيعية له ,وعلى المجتمع الكوني الحفاظ على السلام الذي يعني الحفاظ على وجود الطبيعي وأي دعوى للخروج عن هذا القانون تعد نوعا بشعا من أنتهاك الحق الإنساني الطبيعي)) إن التمسك بهذا القانون وبروحه وجوهره يمكن أن يشكل أول مبادرة إنسانية حقيقية لتعرية بشاعة الحرب وتجذير مفهوم العقل المسالم وثقافة الطبيعة في مجتمعات تتعرض يوميا لهزات وجودية تحطم فيها كل الأحلام ببناء غد أكثر أمنا وأقل خطرا مع تزايد رهيب في أنتاج وسائل الشر وثقافة الكراهية .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية مع جدتي
- حين أمسكت شيئا على قارعة الطريق.... قصة تشبه حدوته
- دين الفقراء
- في معنى العلم وماهيته كنطاق معرفي؟ ح1
- في معنى العلم وماهيته كنطاق معرفي؟ ح2
- الخلود وسقوط فكرة الزمن
- محاولات فهم الخلود بين الفلسفة والدين
- حتمية الموت وعلاقته بالاستحقاق الحتمي
- نظرية الأنا والأخر _ بحث في معنى التفريق والتميز
- المدنية وضمان الممارسة الديمقراطية
- المدنية والإسلام السياسي
- يوم كنا واحد.....
- العقل في الإنساني بين التعرية أو السؤال
- مفهوم التداولية الفكرية
- موقفنا من الفلسفة بعين الزمن
- كنت أخدع القدر
- في فهم الخطاب الغربي وخلفياته العقيدية ح7
- في فهم الخطاب الغربي وخلفياته العقيدية ح5
- في فهم الخطاب الغربي وخلفياته العقيدية ح6
- في فهم الخطاب الغربي وخلفياته العقيدية ح4


المزيد.....




- أضاءت عتمة الليل.. لحظة تفجير جسر لاستبداله بآخر في أمريكا
- إطلاق سراح محسن مهداوي.. كل ما قد تود معرفته عن قضية الناشط ...
- بسبب جملة -دمروا أرض المسلمين- والدعوة لـ-جحيم مستعر-.. القب ...
- من النكبة ثم الولاء للدولة إلى الاختبار -الأكبر-... ماذا نعر ...
- كلمة محمد نبيل بنعبد الله خلال اللقاء الوطني تحت عنوان: “ال ...
- سلطات تركيا تنفى صحة التقارير عن عمليات تنصت على أعضاء البرل ...
- بلدان الشرق الأوسط بحاجة إلى حلول
- تزايد معاناة عمال فلسطين بعد 7 أكتوبر
- إسرائيل تطلب مساعدة دولية جراء حرائق ضخمة قرب القدس وبن غفير ...
- المرصد السوري: 73 قتيلا غالبيتهم دروز في اشتباكات طائفية وار ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - فرض السلام بداية تأسيس عالم كوني جديد