أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - سقوط سامية .! الجزء الثاني .














المزيد.....

سقوط سامية .! الجزء الثاني .


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 6587 - 2020 / 6 / 8 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


قبل أن تبدأ الحركات في المنطقة ، مسحة من حالة ملائكية اجتاحت روح الاستاذ سعدو ، فراح يوزع بعض العطايا للناس ، و قد خص بيت خالته أهل ساميا بشيء منها ، إذا أرسل خالته و زوجها إلى المشفى على نفقته الخاصة. و لم يكتف بذلك و حسب ، بل عالج غيرهم أيضا على حسابه . و أصبح متواضعا جدا ، و قد ارتدى عباءة صفراء توحي بالتدين ، وغطى رأسه بمنديل مائل للصفرة يرخيه على جانبي رأسه كأذني تيس شامي . و كثرت زيارات التجار الكبار له ، و لم ينس أن يرفع بيتا من الشعر أمام بيته ، و قد بدأ بدعوة رجال الدين من كل الطوائف و الديانات إليه مقيما الولائم ، فأكثر من العطايا لهم ، مع مغلفات تحوي نقودا يضعها في جيوبهم ناشدا شهادات حسن سلوك منهم ، و لم يبخلوا عليه بذلك من خلال خطبهم بعد ولائم الغدوات الغنية بما لذ وطاب ، و راحوا ينبشون في تراثهم الديني عما يبرر سلوك الرجل : المؤمن القوي خير و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ..و إن الله خلق الناس فوق بعضهم درجات ...! و إن الحسنات تمحوا السيئات ..و لا تغضبوا أولي الأمر منكم ..! هذا ما عزز موقع الرجل ، وجعله يرفع أنفه شموخا ، و استعلاء ، و إحساسا : إنه لو اشترى رجال الدين لسجد القطيع تحت نعليه و تقبل عيوبه كلها ، لأنه أصبح قضاء و قدر هذه القطعان التي تطلب رضاه و التقرب إليه . رغم أن ثمة من يفهم توأميته من الأمير الديني ، دون أن يستطيعوا تغيير أي شيء في ذهنية الناس . ذات صباح دقت باب مكتبه ابنة خالته ساميا ، على أمل أن يستجيب لطلبها بأن يفتح مصنعا لكنزات الصوف في المدينة . فدخلت مكتبه رغم مقاومة حراسه لها و صراخهم في وجهها . فخرج ليمثل دور من يفتح بابه للناس دون حواجز ليسمح بدخول ساميا . و عندما علم منها ما تريد ، ابتسم لها ابتسامة صفراء كلون عباءته و منديله ، و وعدها بأن يقوم بإنشاء المصنع عندما تحين الظروف ، و إنه يُقدر ظرفها و ظرف خالته ، و زوجها المريض . لكن الأمر لا يتم بليلة وضحاها ، و إنه يبحث عن قطعة أرض ليقيم عليها مصنعه الذي سيجفف البطالة في المدينة . و قد قدم لها القهوة باحترام من يريد أن يخرج من موقف أحرجه . و ودعها ، و وعدها ببعض المساعدات لبيت خالته ، و أنه يتألم لأجلهم جدا . و خرجت ساميا على أمل أن يتغير الحال ، وتكون سيدة طاقتها ، و قيمها . ساميا التي أرهقها العمل في أكثر من مكان لكي تسد حاجات أمراض العائلة التي تتحملها وحيدة بلا سند أو معين بعد أن تزوج أخوها الوحيد و أنجب طفلين . هذا ما عقّد ظرف ساميا التي ليس لديها وقت فراغ لروحها ، فاعتذرت من حبيبها في لقاء أخير طلبت فيه أن يغض النظر عن علاقتهما ، لأنها لا تصلح أن تكون حبيبة لأحد ، لأن الوقت المليء بالعمل ، يلتهم جسدها و روحها ..! يوم ذاك بكى الحبيب ..و طرح المساعدة ..لكن ساميا رفضت ذلك بكبرياء شامخ . لكن الحياة لم تكتف بالضغط على ساميا و تحافظ على شموخ الفتاة عندما اشتعلت الحرب بعد الحراك المطلبي للناس و تحولت إلى صراع مدمر ..ذات يوم استيقظت الأسرة على ميكرفون المسجد ينبيء عن مقتل أخيها الوحيد ..لم يعذبها بكاء أمها و حسب ، و لا رحيل الأخ الوحيد ، و لا سقوط الأب مغشيا عليه من هول الصدمة عندما أخذوه ليتسلم جثة ابنه التي كانت مرمية في تابوت في شاحنة مع الضحايا ، كما لو أنها صندوق بندورة ..إنما شعرت أن الثقل عليها قد كان كجبل من صخر ..فمن سيتكفل بالأولاد ، و أمهم باطلة عن العمل ..؟؟ كل من راقب وجه ساميا اتهمها بأنها لم تبك الضحية ..بل كانت تعابير وجهها لا تفسر ..كان حزنها أشبه بغضب مترقب لمستقبل موحش . فكم يجب أن يكون عدد ساعات اليوم لكي تشتغل فيها كي تسد جوع أفواه جديدة انفتحت لتلتهمها .؟؟ فهل سيحولها الحدث لأنثى تركع لواقع ترفضه و ترفض الاستسلام له .؟؟



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف سقطت ساميا .! الجزء الأول .
- مصالح خانم : الجزء الأخير .!
- مصالح خانم _ الجزء الثامن قبل ألأخير .!
- مصالح خانم الجزء السابع .! ( القناع )
- مصالح خانم جزء سادس .! ( الدهشة )
- مصالح خانم جزء خامس .!
- مصالح خانم جزء رابع .!
- مصالح خانم - الجزء الثالث.
- مصالح خانم - الجزء الثاني .
- مصالح خانم ج1
- كأنه الأبدية .!
- الشخصية ، و الجماعة.!
- من جلجامش إلى جاورجيوس .!
- نص متمرد .!
- الديكتاتور العربي .!
- لمن ترقص الحروف .!
- الحبيسة .!!
- نكاح ( خليفي ) علني .!
- سادية الرحمة ، و نشوة الألم .!!
- السرانية و الرعب العقائدي .!!


المزيد.....




- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - سقوط سامية .! الجزء الثاني .