أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - جدلية العائق و القطيعة في علم الفيزياء















المزيد.....

جدلية العائق و القطيعة في علم الفيزياء


سلام المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 6551 - 2020 / 5 / 1 - 10:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سيطرت مقولة الإتصال و الإستمرار في الفكر الفلسفي الكلاسيكي عامة و الفكر العلمي الكلاسيكي خاصة , فقانون الأطوار الثلاث لعالم الاجتماع الفرنسي اوغست كونت يؤسس اللبنة الأولى لبناء مقولة الإستمرار في الفكر الإنساني , حيث هذا الأخير في حالة صيرورة التي مرت من الميثولوجيا إلى الميتافيزيقا لتدخل نحو معبد الوضعية , و هكذا نجد أن فيلسوف العلم اوغست كونت وضع الفكر في امتداد لثلاث مراحل وصفت تطور العقل الإنساني .

لكن نتيجة للثورات العلمية الذي عرفها العلم المعاصر خصوصا في نظرية النسبية و ميكانيكا الكم و نظرية الفوضى و نظرية المعلومات , تم إعادة النظر في مقولة الإستمرار حيث تم نحت مفاهيم جديدة في مجال فلسفة العلوم لتتوافق و العلوم المعاصرة , و من أبرز هذه المفاهيم نجد مفهوم القطيعة الذي يعبر عن معنى الإنفصال , و عندما يذكر هذا المفهوم فإننا نتحدث بالضرورة عن إبستيمولوجي العلوم الطبيعية غاستون باشلار , مؤسس الإبستيمولوجيا المعاصرة أو كما يسميها "العقلانية التطبيقية" , و من خلال هذا المفهوم أعاد باشلار قراءة تاريخ العلوم عامة و علوم الفيزياء خاصة .

و قد شكل مفهوم القطيعة نقطة إنطلاق للعديد من المفكرين من أبرزهم ميشيل فوكو و لوي ألتوسير حيث الأول طبقه في تاريخ الأنساق المعرفية و الثاني استخدمه في تجديد الخطاب الماركسي و إنقاذه من القراءات الأيديولوجية , و لا ننسى أن مفهوم القطيعة دخل إلى الفكر العربي المعاصر من خلال كتابات المفكر المغربي محمد عابد الجابري في قراءته النقدية و المعاصرة للتراث الفلسفي العربي الإسلامي .

قبل أن نتطرق إلى جدلية العائق و القطيعة في تشكيل الفكر العلمي المعاصر خاصة علم الفيزياء , دعونا نتعرف عن مفهوم العائق و القطيعة في الخطاب الإبستيمولوجي الباشلاري , حيث تشكل ابستيمولوجيا باشلار منعرجا جديدا و فريدا و نقطة التحول في مسارات تحليل القول العلمي المعاصر , و جاءت فلسفته العلمية لتصحيح أخطاء سابقيه في مجال المعرفة العلمية أمثال "غوبلو" و "برونشفيك" و "إميل مايرسون" و من خلال ما استحدثه من مفاهيم و مصطلحات لتفسير حركية العلم و من أبرز هذه المفاهيم نجد مفهوم العائق الذي يسميه باشلار "المكبوت العقلي" , و هو بوجه عام كل ما من شأنه أن يعوق الفكر أو الإرادة من شواغل داخلية و خارجية , و منه ما هو طبيعي و ما هو اجتماعي و ما هو نفسي و ما هو سياسي و اقتصادي فمفهوم العائق مصطلح باشلاري بامتياز , و يقصد به ما يعترض سبيل العلم فيعرقل تقدمه و يعطل سيره , و لقد حدد باشلار للعائق الإبستيمولوجي عدة صور و أنواع من أبرزها عائق التجربة الأولى و الذي يتجلى في الخبرة الأولية أو الموقف الطبيعي و كذلك عائق المعرفة العامة الذي يتجلى في الإبستيمية التي سيطرت على الفكر الإنساني من أرسطو إلى بيكون , كما هناك أيضا العائق اللغوي و اللفظي و كذلك العائق الجوهري و الذي يتجلى في التخلص من معرفة باطن الأشياء أو ماهيات الأشياء , و العائق يشترك في علاقة جدلية مع مفهوم القطيعة الإبستيمولوجية حيث هذه الأخيرة تعد من المحاور الأساسية في البناء المنهجي الباشلاري , فهي فكرة جوهرية في فلسفته و هي مفهوم باشلاري بامتياز , و لقد نحت باشلار هذا المصطلح ليشير من خلاله إلى نقطة التحول التاريخية في حياة نظرية علمية ما , بحيث هذه النظرية تصبح باطلة و غير قادرة على تفسير وقائع جديدة في العلم المعاصر , و يصبح من الضروري إنتاج نظرية جديدة بمفاهيم مختلفة تماما عن النظرية السابقة , و لأجل ذلك يقرر باشلار أن تاريخ العلم هو تاريخ للقطائع الإبستيمولوجية , حيث لا يعدو أن يكون العلم سوى سلسلة من الأخطاء المتعاقبة , فتاريخ العلم هو " تاريخ أخطاء العلم " أو بعبارة أخرى إن تاريخ العلم هو جدلية العائق و القطيعة .

و الآن بعد أن أشرنا إلى مفهوم العائق و القطيعة و العلاقة الجدلية بينهما سنسعى إلى تطبيق هذه المفاهيم في ديناميكية علم الفيزياء , حيث هذا الأخير مر بثلاث قطائع في تاريخه , الأولى في الخطاب الأرسطي و الثانية في الخطاب الغاليلي و النيوتوني و الثالثة في الخطاب الآينشتايني و ديراكي , فالخطاب الأول طبق مفاهيمه لفهم حركة الكون و تحولات المادة , فمثلا يرجع سقوط الأجسام إلى كنهها و الذي يكمن في الحنين إلى الرجوع لمواضعها الأصلية , و كذلك تحول المادة راجع إلى الحب باعتباره يساهم في تماسك المواد و الكراهية باعتبارها تساهم في إنفصال المواد , كما شكل هذا الخطاب بمفاهيمه مجموعة من العوائق الذي عرقل تطور الفكر العلمي , حتى آتى العالم و الفيلسوف الإيطالي غاليليو غاليلي الذي يعتبر أول من قام بالقطيعة الإبستيمولوجية بين العلم القديم و العلم الجديد , حيث استبدل جميع المفاهيم الأرسطية لتعويضها بمفاهيم أخرى جديدة انفصالية عن الخطاب السابق , كما تم استكمال هذا الخطاب عن طريق سير إسحاق نيوتن باعتباره أن كل ما هو موجود في هذا الكون يخضع لقوانين حتمية قابلة للدراسة و التقنين المنطقي , فأصبح خطاب غاليلي و نيوتن يشكل الحجر الأساس في بناء العلوم الطبيعية , لكن تعرض هذا الخطاب إلى مجموعة من الإنتقادات خصوصا في مسألة إطلاقية الزمان و المكان بالإضافة إلى عدم تفسيره للعديد من الوقائع الجديدة , فاستبدل هذا الخطاب بمفاهيم مغايرة و كذلك ثورية عن طريق عالم الفيزياء ألبرت آينشتاين بنظريته النسبية التي غيرت نظرتنا حول الكون خصوصا في مسألة امتزاج الزمان و المكان في تشكيل نسيج هندسي كوني مرن قابل للتشويه بواسطة تنسور الطاقة-العزوم الحركية , و لا ننسى كذلك نظرية الكم التي تأسست عن طريق العلماء الألمان و الإنجليز من أبرزهم ماكس بلانك و فيرنر هايزنبرج و ماكس بورن مع ارفين شرودينغر و العملاق بول ديراك , حيث هذه النظرية غيرت المنطق الأرسطي و أسس الفيزياء الكلاسيكية , فالعالم الميكروسكوبي يتجلى في البعد اللاحتمي و اللاقانوني لسلوك الجسيمات دون الذرية , و بهذا يكون الخطاب الآينشتايني و ديراكي يشكل الإبستيمية الحالية في الفيزياء المعاصرة .
_____________
المراجع :
تكوين مفهوم الممارسة الإبستيمولوجية عند باشلار : محمد هشام .
فلسفة العلم في القرن العشرين : يمنى طريف خولي , مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة , القاهرة-مصر .
فلسفة المعرفة عند باشلار : محمد وقيدي دار الطليعة , بيروت-لبنان .



#سلام_المصطفى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الإله في وجودية سارتر
- النظرية العلمية عند كارل بوبر
- العقل الجمعي عند إميل دوركايم
- إشكالية الحداثة العربية بين عبد الله العروي و طه عبد الرحمن
- أزمة المثقف العربي
- الفينومينولوجيا و مبادئها عند ادموند هوسرل
- الإبستمولوجيا_القطيعة الإبستمولوجية_العائق الإبستمولوجي
- المنهج البنيوي و فلسفة موت الإنسان
- النسوية بين ثلاث مقاربات .
- الفلسفة المادية
- اينشتاين و نظرته الفلسفية للعالم
- - الوضعية - بين عالم الاجتماع أوغست كونت و عالم الفيزياء إرن ...
- - غربة المثقف ... نيتشه كمثال -
- - موسيقار العدم يحن إلى ما قبل النشأة -
- سارتر و الوجودية


المزيد.....




- رئيس الأركان الإيراني يتصل بوزير الدفاع السعودي.. ما السبب؟ ...
- ترامب: نتنياهو-بطل- ومحاكمته -مهزلة- قد تؤثر على المفاوضات م ...
- جندي إسرائيلي رفض الخدمة بغزة: يريدون تدمير حماس لكنها لا تز ...
- محارب ذكي وواقعي… أول مسلم يقترب من قيادة نيويورك
- جيش الاحتلال يعلن اغتيال حكم العيسى
- صحف عالمية: إسرائيل انقسمت مجددا بشأن غزة وترامب خلق وضعا هش ...
- حكم العيسى.. من هو القيادي البارز في -حماس- الذي أعلنت إسرائ ...
- نهائي درامي - إنجلترا تهزم ألمانيا وتتوج بأمم أوروبا تحت 21 ...
- هل تنجح مساع واشنطن لوقف الحرب في السودان ؟
- اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تطال الجنود الإسرائيليي ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - جدلية العائق و القطيعة في علم الفيزياء