أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - إشكالية الإله في وجودية سارتر














المزيد.....

إشكالية الإله في وجودية سارتر


سلام المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 23:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يأتي الإنسان أولا ثم بعد ذلك يشرع في تحقيق ماهيته , فالإنسان في بداية حياته لا يعرف عنه شيئا سوى أنه موجود لا أكثر , لكن بعد دخوله صيرورة الزمن نجده قد تحول إلى وجود متجوهر ماهوي ظهرت له خلاصته و أصبحت له ماهية و دلالة , و الذي يحول وجوده إلى ماهية هو ذاته , فحياة الإنسان مشروع لابد من إنجازه و الإنسان محكوم عليه بالحرية و الإختيار لمجموعة من الممكنات التي تعرض عليه في هذا الوجود , تلك هي فلسفة سارتر للوجود الإنساني , فنحن أحرار و مسؤولون عن حريتنا , لكن حينما نكون أحرار فنحن في قلق مستمر حول مجموعة من الأسئلة الأنطولوجية , إن الوجودية تعلن صراحة أن الإنسان كائن قلق , فهو يوجد ليقلق و يقلق ليوجد , فهو قلق حول نفسه و ماهيته , حول اختياره و تخطيطه لحياته و إنجازه لمشروعه , لذلك لا يستطيع الهروب من مسؤوليته المطلقة و العميقة , فهو محكوم عنه بالحرية و الإختيار , فقيمة الإنسان في فلسفة سارتر تعلو فوق كل الوجود , بيد وجب هنا طرح السؤال : ما قيمة الإله في وجودية سارتر ؟ .
في كتابه العمدة "الوجود والعدم" يقول سارتر : " في وجود بدون إله توجب على الإنسان أن يصير إلها " , و يستشهد سارتر بعبارة دوستويفسكي : " إذا لم يكن الإله موجودا فكل شيء سيكون مباحا " , إذن هذه العبارة هي نقطة البدء التي تنطلق منها وجودية سارتر , فإذا لم يكن الإله موجودا فليس معناه أن كل شيء سيصبح مباحا وحسب , بل إن الإنسان سيكون وحيدا دون سند أو دعامة في هذا الوجود , أخلاقه , مصيره , و الغاية من وجوده , لقد قذف بنا في هذا الوجود دون سند , تلك القفزة الأنطولوجية التي وراء بابها ينتظرنا ذلك العدم اللانهائي , فلا حل لنا سوى أن نصير إلها في هذا الوجود الغامض و المظلم , و ذلك بواسطة الحرية , لأن الإنسان هو الحرية في نظر سارتر .
لكن حينما يقول سارتر بأن الأخلاق تنعدم بعدم وجود الإله , و حينما يقول بأن الإنسان حر لأنه مسؤول فهذا ليس معناه أن الشهوات هي التي تقود الإنسان , فحينما يعلن دوستويفسكي : " إذا لم يكن الإله موجودا فكل شيء ثمة مباح أي يصبح الإنسان مجرما يرتكب ما يشاء من الجرائم كما تمليها عليه شهواته " , يعترض عليه سارتر ويقول : " لا إنما الإنسان حر لأنه مسؤول و هذه الشهوات لا تقود الإنسان بل الإنسان هو الذي يقودها و هو مسؤول عن طريقة التصرف بها " , و هذا يقودنا إلى مقولة السقوط كما فهمها سارتر , لكن ما هو السقوط عند سارتر ؟ يقول سارتر : " إن المستقبل شيء لم يصنع بعد , لا من قبل إله ولا من قبل سلطة عليا , بل الإنسان هو صانع المستقبل و مبدعه " , فالسقوط معناه أنني موجود و أختار في وجودي هذا جملة من الممكنات , و أكون حرا في اختياري لها ولكني مسؤول , فالسقوط مقرون إذن بالإختيار الحر و بالمسؤولية , لكن مازلنا لم نجب عن السؤال بعد , ما قيمة الإله في وجودية سارتر ؟ .
الوجود أسبق على الماهية هذه هي القاعدة الأساسية في كل تفكير الوجودية , و بالتالي قلب الكوجيتو الديكارتي و تخليصه من معناه الصوري الذي ظل يسيطر على الفلاسفة الديكارتيين إلى معناه الأنطولوجي , أنا موجود إذن أنا أفكر , هذه هي الصيغة الجديدة للكوجيتو , و الآن لنتناول مفهوم الإله من خلال وضعه داخل الكوجيتو الصوري و الكوجيتو الأنطولوجي , فإذا وضعنا مفهوم الإله في المقولة الأولى ( الكوجيتو الصوري ) سنجد أن ماهيته سابقة على وجوده و هذا يناقض مفهومه , أما إذا وضعنا الإله في المقولة الثانية ( الكوجيتو الأنطولوجي) سنجد أن وجوده سابق على ماهيته و بالتالي ستنطبق عليه مبادئ الوجودية و يصير مثل الواقع الإنساني , أي أن مفهوم الإله في هذه الحالة يساوي مفهوم الإنسان , يقول سارتر : " الوجودية الملحدة التي أمثلها, تعلن بأنه إذا لم يكن الإله موجودا فإنه يوجد على الأقل موجود وجوده اسبق على ماهيته , كائن يوجد قبل أن يتحدد بأي فكرة أو نموذج , و هذا الكائن هو الإنسان , أو كما يقول هايدغر الواقع الإنساني " و يتابع بقوله : " الوجودية ليست فلسفة إلحادية , فهي لا تكرس نفسها لتثبت عدم وجود الإله , لكنها تؤكد أن وجود الإله من عدمه لا يغير شيئا في هذا الوجود " , بهذا يكون سارتر أسقط الإله من الأعلى إلى الأسفل و جعل له رتبة إنسانية , حيث يكون الإنسان هو معيار الوجود .
_________________________
المراجع :
الوجود و العدم : جان بول سارتر .
رواية الغثيان : جان بول سارتر .



#سلام_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرية العلمية عند كارل بوبر
- العقل الجمعي عند إميل دوركايم
- إشكالية الحداثة العربية بين عبد الله العروي و طه عبد الرحمن
- أزمة المثقف العربي
- الفينومينولوجيا و مبادئها عند ادموند هوسرل
- الإبستمولوجيا_القطيعة الإبستمولوجية_العائق الإبستمولوجي
- المنهج البنيوي و فلسفة موت الإنسان
- النسوية بين ثلاث مقاربات .
- الفلسفة المادية
- اينشتاين و نظرته الفلسفية للعالم
- - الوضعية - بين عالم الاجتماع أوغست كونت و عالم الفيزياء إرن ...
- - غربة المثقف ... نيتشه كمثال -
- - موسيقار العدم يحن إلى ما قبل النشأة -
- سارتر و الوجودية


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - إشكالية الإله في وجودية سارتر