أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - المومياء














المزيد.....

المومياء


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


غالبا ما يجد خفافيش نافقة على مكتبه الصغير بعيون بلورية ناصعة وأنوف صغيرة حمراء وأجنحة مفرودة كما لو أن لها رغبة جامحة في الطيران وشن غارات شرسة.
يفرك أصابعه محدقا إلى أعلى.
النوافذ عادة موصدة في الليل.
والباب مستيظ مثل حارس فرعوني طوال الليل.
إذن ما سر هذه الخفافيش الميتة؟.
سأل( ن ) (ك) وهي ممددة على سرير خشبي مثل أفعى المامبا.
من أتى بهذه الخفافيش القذرة؟.
من وضعها على مكتبي الصغير؟.
ليلة أمس نمت متأخرا جدا.
قالت( ك): لعل لقراءتك المكثفة لكتاب الأموات أثرا في سقوط هذه الخفافيش النافقة.
- بينما كنت منهمكا تقرأ هذا الكتاب الملعون مبتوت السبب بأحياز العالم الخارجي رأيت ناسا صغارا جدا يحملون جرارا مليئة بالنبيذ يقفزون مثل مثل مراكب ضائعة في المحيط.
وآخرين يقرعون صناجات بخفة ورشاقة.
رأيت مومياء متجهمة تقلم أظافرها
وتنعم النظر في لوحة الخشخاش لفان غوغ فاغرة الفم
مترامية الدهشة.
رأيت أغصانا ملتوية تزرب من كتفيك. شحذت بصري جيدا لاستغوار الحقيقة.
تحولت إلى شجرة مترامية الأغصان ثم انفرط سرب من الخفافيش النافقة من ذؤابة هذه الشجرة المدهشة.
حاولت الوقوف على قدمي لألقي كتاب الأموات من النافذة لتفترسه الأشباح الجائعة لكن خانتني ساقاي اللتان تحولتا إلى قطعتين من الرخام الخالص.
رأسي مدقوقة بمسامير إلى السرير.
عيناي فقط تلتهمان محتويات هذا المشهد المزعج الذي لا يتكرر أبدا.
حاولت الصراخ ولكن عبثا لم أفلح . لساني معقود. قلبي يغمغم مثل هر مهدد بالزوال.
كنت أشاهد جسدك يرفع بكل سلاسة إلى أعلى وتمحي معالم الشجرة التي تلبستك منذ حين.
حملوك في صحن طائر إلى عوالم ألف ليلة وليلة لتسرد قصتك العجيبة على شهرزاد.
ثم صكت أذني المتعبتين قرقعة
غريبة. إنه جسدك الذي سقط مثل جذع شجرة مسحورة.
قال (ن) لماذا كلما أقرأ كتاب الأموات تتلبسني حالات شتى؟
قالت: (ك)إنه كتاب ملعون.
منذ إبتياعه وتصفحه تغيرت أشياء كثيرة في حياتنا.
إحترق بيتنا مرتين. فرت قطتنا الجميلة المدللة إلى أمكنة غير معلومة .
ضرب المدينة زلزال مروع.
وغار الجراد على البساتين والسهول والمرتفعات..
قالت (ك) إن مومياء قذرة متجمدة حاولت خنقي بمخالبها الطويلة والإستفراد بك كما لو أنك كنز ثمين من كنوز توت عنخ أمون.
- أرجوك يا (ن) تخلص من كتاب الأموات ودع حياتنا تجري مثل الينابيع الصافية بمنأى عن كل المنغصات الفرعونية القديمة.
- لا يهم إن كان موتنا عبثيا معلولا بنهايات درامية موجعة للغاية
أو موت هادىء على سرير متواضع.
- نحن سنموت أي سنختفي في مكان ما من هذا العالم.
لذلك لا يزعجني جدا هذا الغول الذي يسمونه موتا بقدر ما يزعجني كتاب الأموات الملعون الذى منذ إقتحامه بيتنا قلب الأشياء وعمق كوابيسنا وقلقنا وجنونا.
دعنا نمت ببساطة الرعاة دون تعقيد وإشكال فلسفي ملغز.



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جثة دون مأوى
- بيضة الحصان
- القردة
- ينابيع تموت ببطء في صدري
- أنا إبنك المطار يا سبارتكوس
- حكاية الرأس المقطوعة
- متتاليات
- الميت
- قصة لم يكتبها فرانز كافكا
- مزامير
- بيت تنظفه الملائكة بالموسيقى
- متواليات
- سارق شواهد القبور
- دعاء الهدهد
- إعترافات بوهيمي
- نهار قصير القامة
- حليب المسدسات
- الأفق في متناول الجميع
- دموع الله
- أركل الوراء بأظافر صوتي


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - المومياء