أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - حكاية الرأس المقطوعة














المزيد.....

حكاية الرأس المقطوعة


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 18 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


الجبل مكتظة شرايينه المتشعبة بالقتلة السريين. الشمس تتدلى مثل ثدي ملطخ بالدم والمساء ينظف ريشه على حافة الأرض.
رائحة الجريمة تنبعث من كل مكان. برزت كوكبة من الشياطين.
مسلحة بالفؤوس والأسلحة الخفيفة. تقدم ذئب ملتح يتطاير شرر الكراهية والسخيمة من عينيه الضيقتين
وبحركة بهلوانية خاطفة قطع رأس الراعي وأسلمها إلى أخيه واتجهوا إلى مكان غير معلوم حاملين عددا من الشياه الهزيلة كما لو أنهم أنجزوا ملحمة تاريخية مهمة.
تبخروا في أصقاع العتمة الكثيفة مثل قطيع من الذئاب الماكرة المتوحشة في انتظار فريسة أخرى .
الجثة تحولت إلى طائر ليلي لا يني يغرد بإيقاع شجي . تبدو أشجار الصنوبر مثل نساء متسربلات بالأسود يطلقن الزغاريد المبحوحة المتقطعة مرفودات بسر جواني غامض محتفيات بهذا الطائر الذي تتساقط شآبيب الضوء من قوادمه.
الجبل يمشي على عكاز من الخشب الأحمر محدودبا بينما ساقاه المعقوفتان ملطختان بدم الراعي.
حمل رأس أخيه بيدين متعثرتين
قاصدا بيته الذي يخفي بين حيطانه المتهالكة عجوزا شبه كفيفة تسامر أشباحا تتدافع في حجرتها المنذورة للسقوط.
- سأكون شهريارك الوفي الذي لا يمل من سرد القصص الغريبة لئلا يطال القلق قلعتك الخفية .
- حاول أن تضع عيني مثل لوحة تشكيلية على حائط غرفتك لأظل مستيقظا طوال الليل.أعدك لن أدع بنات آوى تقتحم غرفتك الصغيرة.
- لن أدفن رأسك إطلاقا.
- سأغسلك بدموع أمنا القديسة التي فرت عصافير عمودها الفقري من الجهد اليومي المكرور . سأحنطه وأطرد كل معز أو قبار يرتاد بيتنا. لن تذهب إلى المقبرة إطلاقا. سأخبئك في خزانتي نهارا وأخرجك ليلا لأحيطك علما بكل قاذورات هذا الوطن المليء بالمسوخ والزعانف والقتلة واللصوص.
- شكرا أخي الجميل.
كان الأخ الأصغر يلتفت يمنة ويسرة راشقا بصره في تقاطيع هذا الرأس المفصولة مشفقا من ملاحقة الذئاب القروسطية.
إصطدم بحجارة ناتئة سقط الرأس من بين يديه منزلقا نحو أسفل الوادي كما لو أنه مسكون بطاقة ميتافيزيقة ضاغطة.
أمسكه بعد لأي.
أطلق زخات من الدموع العميقة.
حمل رأس أخيه الممهورة بكدمات زرقاء.
قطع مسافة طويلة كما لو أنه متجه إلى يوم الآخرة على قدمين من الجبس.
فتح الباب على مصراعيه وصاح بملء روحه الممزقة.
أماه أسرعي لقد قطعوا رأس أخي.
نظرت بعينين شبه مغمضتين.
وانفجرت مثل نيزك إبني إبني.
زربت غمامة دموع من عيني هذا الرأس المقطوعة .
مزقت الأم ريش روحها المهوش. - - من فعل بإبني هذا؟
- ذئاب القرون الوسطى.
نظرت إلى الأعلى كما لو أنها تبحث عن جثة إبنها التي تحولت إلى طائر ليلي لا يني يغرد طل الليل فوق شجر الصفصاف .
أخذ الأخ رأس أخيه ووضعه في ثلاجة صغيرة متداعية.
إختفت الأم داخل غيمة كثيفة من الحداد الأبدي.
- سنقتص منك أيتها الذئاب القذرة .
ستبتلعك الأنفاق المعتمة.
ثم تهالك على نفسه لم يطق صبرا على فراق أخيه. فتح الثلاجة وعلى غرة سقط الرأس أرضا ثم إندفع مثل كرة من النار باتجاه الجبل باحثا عن جثته التي تصله بها ألفة أثيرة وحميمة جدا.



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متتاليات
- الميت
- قصة لم يكتبها فرانز كافكا
- مزامير
- بيت تنظفه الملائكة بالموسيقى
- متواليات
- سارق شواهد القبور
- دعاء الهدهد
- إعترافات بوهيمي
- نهار قصير القامة
- حليب المسدسات
- الأفق في متناول الجميع
- دموع الله
- أركل الوراء بأظافر صوتي
- السائر في نومه باتجاه حركات النجوم
- اليربوع الذي إبتلع عينا آدمية.
- لا يهمني العالم في شيء
- البيت الملعون
- شذرات
- النهار حبل طويل بيد الرب


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - حكاية الرأس المقطوعة