|
الشيوعيّ الأخير يذهب إلى السينما
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1565 - 2006 / 5 / 29 - 09:25
المحور:
الادب والفن
ملحوظة هامّـةٌ جداً :
يقال في الصحافةِ الـمحترفةِ إن الخبر الجيد يجب أن يتضمّن أربعة أجوبة عن أربعة أسئلة : متى ؟ أين ؟ ماذا ؟ مَن ؟ وبما أن الشيوعي الأخير لم يحترف الصحافة المتاحة لأسباب ليست خاصّـةً به ، كــما يقول ، فقد تصرَّفَ كما يحلو له ، مكتـــفياً بـ " أين ؟ " و " ماذا ؟ " و " مَن ؟ " . أي أنه قفزَ على " متى؟ " قفزاً . أمّـا " مَن ؟ " فقد اكتفــى فيها بذِكْرِ الحرفِ الأولِ من اســمهِ ، وقد يكونُ تصرُّفُـه هذا نـتيجـةَ تربيةٍ قديمةٍ في العمل الســرِّيّ . الخطّـة واضحةٌ ، لديه ، في الأقلّ . وهي تشملُ الــــنقاطَ الأربعَ المدْرَجة في أدناه :
1- موقع السينما . 2- موقع الشيوعي الأخير في قاعـة السينما . 3- الفيلم المعروض . 4- تأمُّلاتُ الشيوعيّ الأخير بعد انتهاء العَرض .
مــوقعُ السينما لا تمتلكُ الدارُ اسماً حتى الآنَ ولا تمتلكُ الدارُ لموقعِها رسماً حتى الآنَ ولكنّ الناسَ يحبّــونَ الذكرى . يُحْــيُونَ الذكرى . يَـحْـيَـونَ مع الذكرى . ولهذا منحوا تلكَ الدارَ اسماً : دارَ الذكرى … * كنا نتســاءلُ ، كلَّ مساءٍ : أين الدارْ ؟ فيقالُ لنا : دارُ العَرْضِ تغورُ عميقاً في الأرضِ … نقولُ : إذاً … مَنْ يدخلُــها ؟ * بعدَ طوافٍ ، وبحارٍ ، وضفافٍ أبصرْنا الـمبنى … كان جداراً منخفضاً من طينٍ معجونٍ بالـتّـبْنِ … المبنى كان بلا بابٍ كان بلا مـحرابٍ ؛ كان وطيئةَ أَنعامٍ بين جذوعٍ خاويةٍ. ها نحنُ أولاءِ هناكَ … بلَـغْـنا دارَ الذكرى !
مـوقع الشيوعي الأخير في قاعة السينما " دارُ الذكرى " ، دارٌ للعَرضِ الصيفيّ والناسُ بها يقتعدون الأرضَ إلاّ أصحابَ الدارِ … فقد كانت لهمو بضعُ أرائكَ مستوردةٍ في الصفّ الأوّلِ . كان الناسُ طويلاً ينتظرون أماكنَهم … أمّـا أصحابُ الدارِ فقد جلسوا منذ الآن ، وجاؤوا بكؤوسٍ وقناني ماءٍ . والناسُ يلوبونَ عطاشَــى أنهكَــهم قيظُ الصيفِ وبُعْـدُ الدارِ … ويسألُ " س " : أليس لنا ، أعني ، نحن الناسَ ، مكانٌ ؟ قيلَ : اجلسْ أنَّى شئتَ ! وفكَّــرَ " س " : الأفضلُ لي أن أقـتعدَ الأرضَ بآخرِ صفٍّ … سوف أرى الناسَ جميعاً وأرى الفيلم …
الفيــلمُ الـمعروض عن أيّ مزرعةٍ هنا ، يتحدّثُ الفيلمُ ؟ الخرافُ تدورُ والغزلانَ ، ثَـمَّ زريبةٌ يُقعي بها بشــرٌ عراةٌ . والذئابُ تنامُ نصفَ منامِها المألوفِ . تهبطُ بالمظلاّتِ النساءُ وقد لبسنَ ملابسَ العَــومِ . الزريبةُ أشــرعتْ أبوابَها للقادماتٍ من الفضاءِ يهللّ البشرُ الـعُراةُ : الـمنقذاتُ أتينَ ! كانت في السماءِ سفينةٌ بحريةٌ ميناؤها " جَـنَـوا " . النساءُ يطِرْنَ نحو سفينــةِ الخشبِ الجميلةِ تاركاتٍ في الزريبةِ ما خلَـعنَ . ويهتفُ البشرُ العراةُ وقد تقدّمت الذئابُ إلى الزريبةِ : يا إله النارِ ! أشعِلْ عودَ كبريتٍ لتنقذنا … ستأكلُـنا الذئابُ الليلةَ . الغربانُ في الثُّكُنات .
تأمُّلاتُ الشيوعيّ الأخيرِ بعدَ انتهاءِ العَرض
سوف يستغرقُ الحديثُ طويلاً لو أردْنا ، لكننا رِفقةٌ لا نُتقِنُ اللفَّ والمـلفَّ … انتهى "س" من العَرضِ ، ساهماً … كان مشدوداً إلى فكرةٍ : هل يكونُ الفيلمُ وهماً ؟ والقصدُ : هل كانَ الحقيقةَ الـمُرّةَ ، العلقَمَ ما شاهدَ ؟ السفينةَ في الجوِّ . انتبِـهْ يا أيها العاملُ الشيوعيُّ … إن العالَمَ اليومَ يظهرُ بالمقلوبِ … ماذا عليكَ أن تفعلَ ؟ الشيوعيّ كارل ماركس قد قالًها : سنقلبُها حتى نرى السفينةَ في البحرِ … الشيوعيُّ " س " يســري وحيدا .
لندن 23/5/2006
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السادس والثلاثون
-
البصرةُ ليستْ لأهلِها !
-
مُقَفّاةٌ
-
خديعةٌ ؟
-
في تلك الأيام
-
مدينةٌ طليقةُ الأنفاس : مكناس
-
حوار مع الشاعر الكبير سعدي يوسف
-
مجلسُ قيادةِ ثورةٍ للجواسيس
-
مُرّاكش ورياضُ ليوناردو دافنشي
-
يا لَهذا العُمْرِ الذي طالَ !
-
لا تيأسوا … وأنتم الأدنَون !
-
المتاهة
-
قولي لهم إنهم أحَطُّ من الكلاب !
-
إعدامُ السجناء السياسيين
-
مؤبَّدُ خيانةٍ
-
العودةُ
-
سامرّاء
-
عِنادُ الأوغادِ
-
القرصان والسلطان
-
الحرب القادمة : إيران
المزيد.....
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|