أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف الدرابسة - شيطانُ الخيالِ ..














المزيد.....

شيطانُ الخيالِ ..


عاطف الدرابسة

الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 01:49
المحور: الادب والفن
    


قلتُ لها :

هذا الصَّباحُ يتألَّمُ كثيراً ، فقد تغيَّرَ قلبكِ عليه ، وتغيَّرت نظرتكِ إليه ، كأنَّه يحاولُ أن يموتَ ليُولدَ من جديدٍ ، لعلَّه يعثرُ على امرأةٍ ، وُلِدت من امرأةٍ كانت يوماً آلهةً للأساطيرِ .

يبدو لي أنَّ هذا الصَّباحَ ، قد خلعَ فجرَه عند سواحلِ أقصى البحارِ ، لعلَّه ينتظرُ هناك آلافَ الغرقى .

بيني وبينَ هذا الصَّباحِ ، حنينٌ لا ينضبُ ، وشكوى تتجدَّدُ مع الوجعِ ، ومع السُّؤالِ ، كان يقولُ لي دائماً : هذا البلدُ لا يتغيَّرُ ، هذا البلدُ لا يشتري ثوباً جديداً للعيدِ ، ولا يسمعُ أغاني الفرحِ ، ولا ينثرُ ضحكاتِه بين الدُّروبِ الضَّيقةِ ، كأنَّه امرأةٌ تُشبهُ تفاحةً ناقصةً ، أو رغيفَ خبزٍ غيرَ مُكتمِلٍ .

كنتُ أقولُ لنفسي : النَّباتُ الذي لا يُزهِرُ ، لا عطرَ فيه ، ولا جمالَ ، والألمُ الذي لا يصرخُ ، ولا يُسمَعُ ، لا ألمَ فيه .

حاولتُ أن أستدرِجَ القمرَ إلى ليلي ، لكنَّ ليلي لم يكن مُستعدَّاً لاستقبالِه ، حاولتُ أن أستدعي الفرحَ إلى صدري ، لكنَّ صدري لم يكن مُهيَّئاً لاستقباله ، حاولتُ أن أُعذِّبَ الألمَ الذي يستوطنُ هذا البلدَ ، لكنَّ هذا البلدَ ما زالَ يرتاحُ لهذا الألمِ ، ولا يصرخُ .

كم حاولتُ أن أخترعَ لكم الأملَ ، كم حاولتُ أن أكونَ شفيقاً بكم ، كم فتحتُ لكم أبوابَ النَّهارِ المُوصدةِ ، غيرَ أنَّكم مُصرِّونَ أن تدخلوا من النَّوافذِ المُعتمةِ ، لتكونوا فريسةً سهلةً للظَّلامِ .

ما أشدَّ سوادَ هذا الزَّمنِ ، كلَّما أعدمنَا شيطاناً ، خرجَ إلينا من أثناءِ الشَّيطانِ ، ألفُ شيطانٍ ، حتى صرتُ أعتقدُ بأنَّ الشَّيطانَ من ضروراتِ هذه الحياةِ .

هذا الخيالُ الذي أملِكُه باتَ عاجزاً ، عن إخراجِي من واقعي الأليمِ ، لقد فشِلَ غيرَ مرَّةٍ أن يُعيدَ إنتاجَ الصُّورِ الجميلةِ ، وعاندني كثيراً ، في بناءِ وطنٍ يعشقُه الأطفالُ ، وخذلني ألفَ مرَّةٍ ، في محاربةِ التَّطرفِ أو الإرهابِ ، وأبى أن يمدَّ إليَّ يدَه لأُعلنَ ثورةَ الفقراءِ والجياعِ ، وأخجلني أمام حبيبتي حين لم يُسعِفني في كتابةِ قصيدةِ غزلٍ في زمنِ الموتِ .

لم يعُد يصهلُ في رأسي وروحي ، كالخيولِ العربيَّةِ ، التي باتت تستجدي العلَفَ ، أو الموتَ ، كأنَّها لاجئةٌ في أوطانِها .

يا حبيبةُ :
آخرُ حديقةٍ رسمَها الخيالُ لكِ ، باتت مُعطَّلةً ، كسيَّارةٍ قديمةٍ ، لا زهرُ تهزُّه ريحٌ ، فيضوعُ عطرُه ، ولا شجرةُ رُمَّانٍ ، بلونِ شفتيكِ ، كلُّ الأشجارِ جفَّ ماؤها ، وضمُرَ جذرُها ، كأنَّها بقايا فقيرٍ ، في بلدٍ مقهورٍ ؛ يبحثُ عن بقايا رغيفِ خبزٍ كالهلالِ .

أيُّها الشَّيطانُ الذي تتناسلُ فينا كالجرادِ ، هب لي ساعةَ خيالٍ واحدةٍ ، لأُغيِّرَ وجهَ البلدِ ، وضميرَ الفقراءِ .



#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهرةُ روحي
- اجلسي أمامي
- كأنَّكِ السؤال
- رسالةٌ من شابٍّ تخرّجَ حديثاً إلى والده :
- الولادة الثالثة
- رسالةٌ إلى جلالةِ الملكِ عبداللهِ الثَّاني ، من مُعلِّمٍ جاء ...
- شمعة واحدة لا تكفي !
- أنتِ .. والبلد !
- العمر المجنون
- نصٌّ للكهولِ فقط !
- للعاشقينَ فقط !
- شعبٌ مُصابٌ بارتفاعِ الضغط
- سلالةُ البحار
- سجونٌ .. لا تنتهي !
- صدى الظمأ
- عقولٌ .. حديثةُ الولادة
- حين يعانقُ الشَّوكُ الياسمينَ !
- زمنُ الكلاب
- الصَّوتُ المُسافرُ في الرُّوح ..
- الفسادُ في أوطاننا .. مشروعٌ نهضوِّي


المزيد.....




- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب يكشف عن حالة نجله ب ...
- تابع الحلقة الجديدة 28 .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 ...
- تابع عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة عبر ترددات القن ...
- عقب فيديو الصفعة المثير للجدل..عمرو دياب يعرّض ليلى علوي لمو ...
- مترجمة وكاملة.. المؤسس عثمان الحلقة 164 بجودة HD على قناة ال ...
- -موسم طانطان- في المغرب يحتفي بتقاليد الرُّحل وثقافة الصحراء ...
- “احداث قوية” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 عبر قناة Atv الترك ...
- ناقد مغربي يدعو إلى تفعيل -سينما المقاومة- ويتوقع تغييرا في ...
- بعد جدل الصفعة.. هكذا تفاعل مشاهير مع معجبين اقتحموا المسرح ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف الدرابسة - شيطانُ الخيالِ ..