|
مَنْ كانَ يُصّدِق ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6404 - 2019 / 11 / 10 - 17:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لله درّكُم ياشباب الحِراك الثوري في بغداد والناصرية والبصرة وكربلاء والنجف والحلة والديوانية والعمارة والسماوة ... طوبى لكم يا مِئات شُهداء الحُريةِ والكرامة ... الشفاء لكم ياآلاف جرحى الثورة البواسل . لقد أخرَسْتُم ببطولاتكم ، الألسُن القذِرة التي كانتْ تُرّوِج لليأس والخنوع ... أثبَّتُم بصمودكُم أن جذوة الثورة والمُقاومة فيكُم ، حَيّة وفي أوجِها . قَد تستطيع السُلطة الغاشمة قهركُم غداً أو بعد غد أو بعد شهر ، من خلال إستنادها على الموقف المُهادن والمتواطؤ ، للمرجعية في النجف .. قد تتمكَن الحكومة والميليشيات ، من قتل المزيد منكم وحرق خيمكُم ، وسط الصمت الدولي المُريب والسكوت المُخجِل للأمم المتحدة .. نعم قد يحدث ذلك ، وينجحوا في وأد هذه الثورة المُبارَكة .. لكنكم مُنتصِرون في كُل الأحوال ، للأسباب التالية : * مَنْ كانَ يُصّدِق ان عشرات الآلاف من الشابات والشباب ، سيُقررون في لحظة تَجّليٍ ثورية ، البقاء في ساحة التحرير وعدم تركها ، ثُم نصب الخِيَم ، وفي اللحظة التالية ، يُقررون الإستيلاء على هيكل البناية العالية المُطلة على الساحة " جبل الثورة " والتي كان القناصون يقتلون الشباب من على سطحها في المظاهرات السابقة ... وفي زمنٍ قصير يُنّظمون الأمور اللوجستية الضرورية بإمكانيات ذاتية بسيطة .. مَنْ كان يُصّدِق ؟ * مَنْ كانَ يُصّدِق أن هذا الجيل الذي طالما قيل عنهُ زوراً وبُهتاناً [ مائِع / جبان / مُستهتر / لا أُبالي / غَبي / تافِه .. إلخ ] يمتلك كُل هذه الطاقة الإيجابية ؟ كُل هذه الروح الوّثابة والإستعداد للتضحية والنَفَس الطويل ؟ * من كان يُصّدِق أن إختلاط الآلاف المؤلَفة من النساء والفتيات الشابات ، مع الشباب ، في تلك الساحات ، ليلَ نهار .. من دون حدوث حالة تحّرُش واحدة ؟ أيةُ أخلاقٍ عالية .. أيةُ قِيَمٍ راقية ياشباب بلادي ؟ لقد جّن جنون السلطة حين رأوا هذا التهذيب والرُقي ، فبادروا كشأنهم دائِماً إلى أخّس الطُرُق وأحقر الأساليب : جمعوا فتيات المواخير التي يديرونها ، بملابسهم الفاضحة ، وأفرغوهم قرب ساحة التحرير وكلفوا بعض مرتزقتهم بتصوير الأمر وإلصاق التُهَم بالمنتفضين ... لكن الشباب الثائر الواعي ، إنتبهَ فوراً ، وطرَدَ وا هذه الشراذِم . * مَنْ كان يُصّدِق أن مئات الأطباء من الجنسَين والممرضات والممرضين ، بادروا الى التطوع وإقامة خِيَم طبية ثابتة ومتنقلة ، وتوفير الآلات والأدوية والمستلزمات على حسابهم الخاص ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان مئات عربات التُك تُك من الفقراء والكادحين ، تطوعوا للعمل ليل نهار مجاناً لخدمة الثورة ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان آلاف النساء والرجال كانوا يجلبون يومياً الماء والطعام لكل هذه الجموع الغفيرة ؟ * مَنْ كان يُصّدِق ان الشباب العراقي المنتفِض الثائِر [ الذي كان يُقال عنهُ أنه جيل البوبجي والكسالى الذين ينامون إلى العَصِر ] سيحّول ساحات التحرير والإعتصام ، إلى ورَش عملٍ جبارة ، في رسم لوحاتٍ مُعّبرة على طول نفق التحرير في بغداد وكذلك في الناصرية والحلة وكربلاء وغيرها ، في طمس السَواد الذي فَرَضتْه الأحزاب المنافقة الحاكمة ، وتلوين المساحات بألوان الفرح الزاهية .. كل ذلك على حسابهم الخاص . من كان يُصّدِق أنهم سيرممون بناية " جبل الثورة " ويجهزونها بالماء والكهرباء ؟ وينظفون الشوارع والساحات ويجمعون القمامة ويُحَملونها يومياً ؟ باللهِ عليكُم .. مَنْ كانَ يُصّدِق ان المعلمين والمُدرسين ، فتحوا صفوفاً لتدريس الطلاب في الساحات والشوارع المنتفضة ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان المحامين ألقوا محاضرات في خِيَمٍ لتكريس وعي الشباب بحقوقهم ؟ مَنْ كان يُصّدِق ان سقوط شهداء شباب يومياً وجرحى ، لم يُثنِ الآخرين ولم يدفعهم إلى الهروب أو الإنكفاء أو النكوص ، بل ان الأعداد كانت تتزايد يومياً ؟ .......................... إزدادتْ وتيرة عُنف السلطة وأجهزتها القمعية ، في اليومَين الأخيرَين ، وإزدادتْ عمليات القتل بالرصاص الحَي والقنابل المسيلة للدموع المباشرة .. وفوق ذلك إتسعتْ عمليات الخطف والتغييب للناشطات والناشطين ، وإلقاء القبض على المتظاهرين وتعذيبهم وإهانتهم . كُل هذهِ الممارسات المجرمة ، لم تستطِع لحِد الآن ، كسر الحراك الثوري في بغداد والمحافظات .. لكن وسط تعامي المجتمع الدولي والأمم المتحدة ، وقطع السلطات لوسائل الإتصال وقطع الإمدادات عن المعتصمين ، وإرتفاع أعداد الشهداء في كل ساعة ... فأن الأُفق مفتوحٌ على كُل الإحتمالات . مَهما سيحدث ... فأن ماقامَ به الشباب العراقي في بغداد والمحافظات ، هي ثورة تسامَتْ فوقَ الطائفية والأحزاب الفاسدة والعنصرية ، الإسلامية منها والقومية . ان العراق بعد ثورة تشرين الأول 2019 ، لن يَعُد ذاك العراق المُشّوَه الضعيف المُضطَرِب . ففي أسوأ السيناريوهات أن يُجْبَر الشباب الثائِر على التوقُف والذهاب الى بيوتهم .. لكن هذا التمرين الثوري الرهيب الذي لم يُرعِب السُلطة الفاسدة فقط ، بل أرعب دُول الجوار كلها المتدخلة في الشؤون العراقية والتي لا تُريد الإستقرار والديمقراطية الحقيقية للعراق . الشباب الذي إستطاع تفجير ثورة تشرين الأول / أكتوبر ... يستطيع أن يفعلها متى ماشاء .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بُوق علّاوي
-
غُصن الزيتون ونبع السلام
-
عِمَتْ عِين اِلوچاغ اِلماتِشِبْ ناره
-
مُواصَفات القادة
-
حمكو يتحدثُ عن بغداد
-
بينَ العاطِفةِ والعَقل
-
إضطرابٌ مُزمِن في العراق وسوريا
-
في مقر الحزب الشيوعي في بحزاني
-
مُدير ناحية هندي
-
حمكو عراقِيٌ أيضاً
-
حمكو ... وموازنة 2020
-
علاج المَلَلْ
-
زيارة ال - پاپا - فرنسيس إلى العراق
-
عسى
-
حمكو والبيئة
-
وَعيٌ وإرادة
-
أحلام اليقظة
-
حين يغضبُ حمكو
-
ضوءٌ على جَلسة القَسَمْ
-
حِجارة شابلن ومسامير عبدو
المزيد.....
-
شاهد كيف علق رئيس بلدية حيفا على مهلة ترامب التي منحها لإيرا
...
-
الرئاسة الإيرانية: ترامب يمكنه إنهاء الصراع بمكالمة واحدة وا
...
-
شح السيولة في سوريا.. طوابير لا نهاية لها لاستلام رواتب زهيد
...
-
الموساد يكشف ليورونيوز تفاصيل عملياته داخل العمق الإيراني
-
حيفا وتل أبيب تحت القصف: طهران تعلن عن الموجة الـ17 من ضربات
...
-
اتهام ثلاثة شبان في ألمانيا بالتخطيط لهجوم بدوافع إسلاموية
-
غروسي يحذر من -عواقب وخيمة- إذا قصفت إسرائيل مفاعل بوشهر
-
تحقيق بريطاني بعد إلحاق ناشطين مناصرين لفلسطين أضرارا بطائرت
...
-
أردوغان: نتنياهو وحكومته كتبوا أسماءهم بجانب طغاة مثل هتلر
-
المركز القطري للصحافة يندد بتحريض بن غفير على الجزيرة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|