أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6397 - 2019 / 11 / 2 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


والدة عليكي آغا الصغير، لم تعُد تستظرف سلمى؛ وكانت هذه تعدّها دوماً بمثابة الحماة. هكذا تحوّل، مبعثه على الأغلب مشاغلُ البيت. إنّ أي ملاحظة، من هنا أو هناك، كانت تكفي لتعكير الود والصفاء أياماً عدة. برغم أنّ الوالدة، مثلما أكّدنا مرةً، كانت إنسانة طيبة على وجه الإجمال. شخصيتها، وكانت مسحوقة في ظلّ رجلها الدركيّ الصارم، جعلت منها ما يُشبه مدبّرة منزل أكثر منها زوجة. وكانت إلى ذلك شخصية متناقضة، مزاجية، كما لدى المنحدرين من منبتٍ ريفيّ. إنها من أسرة كردية، أقام كبيرها في بلدة المليحة على طرف الشام بسبب خدمته فيها كدركيّ. ومن باب هذه الخدمة، على الأرجح، دخل السيّد نيّو إلى حياة الأسرة كي يتخذ ابنتهم زوجةً. ضعف شخصية امرأته، استغله الرجلُ في الإتيان بضرّةٍ لها. وكنا قد علمنا، قبلاً، ما جرته الأخيرةُ من مشاكل مع الزوجة الأولى في خلال حياتها.
عليكي آغا الصغير، ما كان يدع فرصةً تفوته لتنبيه الوالدة إلى ضرورة معاملة زوجة أخيه بالحُسنى. إنّ ليلو، صديقة سلمى الأقرب، كانت ولا شك تنقل له ما يجري في منزل أبيه. وكان للابن تأثيره الكبير على الأم، بما أنه وحيدها. للحق، أنها كانت تعتبر عليكي الكبير بمقام ولدها وكان وجوده في المنزل، الخفيف المحمل، يُهوّن كثيراً من وطأة الظل الثقيل للأب القاسي. الغريب، أنّ هذا الأخير لم يكن كذلك مع سلمى، بل واعتاد غضّ الطرف حتى عن صعودها الدائب إلى السطح لإطلاق سرب الحمام وإعادته مع ما يتخلل العملية من صفير وتلويح بالراية البيضاء. ربما كان يتفهم وضع امرأة ابنه، المحرومة من طفل يملأ عليها الفراغ، ولعله كان أيضاً يُشاركها في الألم والحسرة.

***
خمسة أعوام، كانت قد مرّت على زواج سلمى لما ولجَ المنزل في حالة الحِداد للمرة الثانية. والدة عليكي آغا الصغير، وكانت امرأة بدينة تعاني من عدة أمراض كالسكّري وارتفاع الضغط، فقدت بصرها على حين فجأة ثم ما لبثت أن أضحت مقعدة في الفراش. هذه الحالة، المتعددة العلل، كانت غريبة بالنسبة لامرأة لم تختتم بعدُ الحلقة الرابعة من عمرها. ولكن ملاك الموت كان أكثر شفقة، حينَ لم يدعها تعاني في رقادها ما يزيد عن بضعة أشهر. عادت المقبرة الصغيرة، الأقرب إلى الزقاق، لتضم جدث إحدى نساء آلنا من ناحية فرع الأم. لغرابة قدر المرأة المسكينة، التي لم تحفظ الأجيال التالية اسمها، أن تدفن إلى جانب قبر ضرّتها.
مساءً، في مضافة زعيم الحي حيث أقيم العزاءُ، طالعت أبناءَ الحارة مجدداً الأشكالُ غير المألوفة للغرباء ممن يكسون رؤوسهم بالمحرمة والعقال. هؤلاء، كانوا أهل وأقارب المرأة الراحلة، القادمين من مسقط رأسها القرويّ، وكان البعض منهم قد حظيَ بزيارة الحارة للمرة الأولى. في عام أسبق، حضر أكثرهم لتقديم العزاء بزوج ابنة عم المرحومة، وكان من عشيرة الكيكان، التي يعيش الكثير من أفرادها في الزقاق المجاور والمعرَّف باسمهم: هذه المرأة، لغرابة الأقدار أيضاً، ستُصبح في العام التالي شريكة حياة عليكي آغا الكبير؛ وهيَ مَن ستنجب له ابناً، لطالما تمناه أن يكون من رحم حبيبته سلمى.

***
تدهورت صحة امرأة عليكي آغا الكبير، وذلك بعد فترة قصيرة من مواراة والدته التراب. مثل حال ابنة محمد آغا الراحلة، ألقى الناسُ باللوم على الأعشاب المعالجة؛ وإن لم يذهبوا إلى حد اتهام شخصٍ معيّن. في حقيقة الحال، أن سلمى وقد صارت أكثر تلهفاً على الإنجاب، وصل الأمرُ بها إلى تجربة أي وصفة تزعم القدرة على احتفاظها بالجنين. ولكن زوجها ما كان بريئاً تماماً، في آخر المطاف. إذ فاتحته امرأته بموضوع الطبيب، الذي جرى على لسان سارة. فما كان منه إلا التوجّه إلى رجل هذه الأخيرة، أملاً في الاستئناس برأيه ـ كونه عالم دين بالأساس. جلسا في حجرة الضيوف، وكان الجو خريفاً يتخلله هواء بارد. الحجرة، كانت متصلة مع الإيوان بباب داخليّ. ثمة وراء الباب، وقفت سارة وقد غلبها الفضول في أمر هذه الزيارة. كان الضيف يعرض للزعيم فقدانه الأمل بالعطارة، فيما يتعلق بحالة امرأته، ثم أنتقل إلى موضوع الطبيب. حل الصمت بعدئذٍ، وكان المضيفُ يرمق قريبه بنظرة مستخفة نوعاً ما. قال له على الأثر: " الشيطان من السهل عليه التحكّم بالمرأة، لأنها ذات عقل قاصر وقلّة دين. وإلا، فكيفَ بالوسع أن يتقبّل المسلم علاجاً على يد كافرٍ لا يتمنى له ولدينه سوى الهلاك؟ ".
في اليوم التالي، وعقبَ نقل سارة ما سمعته لصديقتها ليلو، قررت هذه أن تتكلم مع رجلها علّه يُقنع أخاه بعكس توصية الزعيم. بدَوره، حدَجَ عليكي آغا الصغير زوجته بنظرةٍ مستغربة: " ولكنه عالم دين، بينما لا أملك من ناحيتي فكرةً عن فتاوى أهل الشريعة؟ ". مع ذلك، وتحت إلحاح ليلو، وعد بمفاتحة أخيه بالأمر. غير أنه كان يؤجل الموضوع في كل مرة، أملاً بأن الآخر سيفتح له قلبه على مألوف العادة. فيما بعد، غبَّ حلول الفاجعة، لامت ليلو نفسها بسبب اعتمادها على رجلها: " كان عليّ العهد بالأمر إلى العم أوسمان، لأنه منفتح التفكير وفوق ذلك صار إنساناً ورعاً لا يتخلّف عن فريضة "، كذلك أسرّت لامرأة الزعيم وكانتا كلاهما بغاية القهر.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5