أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6393 - 2019 / 10 / 29 - 18:00
المحور: الادب والفن
    


ساقَ حمّاد العربة طوال الليل. وكان قد بقيَ متوجّساً لحين ابتعاده عن بساتين الحارة ومن ثم دخوله في ممرٍ عبرَ الكرم الشاسع، المعرّف ب " البدوي "؛ على اسم صاحب مقامٍ هنالك. على الأثر، صار يفكّرُ مشفقاً بالحبيبة، التي تم إخفاؤها بعناية في هذه العربة، المستعملة أصلاً لنقل الماشية. إلى جانبه على الدرب، بدا فرسُ حاميه وكأنه زوج فرس العربة. حمّوكي، الأقل قلقاً ولا غرو، كان يرسل بصره في وداعة بين أشباح الأشجار والدور الريفية، غابطاً الفتى على حظوته بفتاةٍ على قدر وافر من الجمال حال أغلب بنات العائلات الراقية. ولكنه كان قد كفّ عن النظر باحتقار إلى هذا البدويّ، بعدما اكتشف فيه خلال هذه العشرة السريعة، الطارئة، إنساناً طيب القلب ودمث الخلق: " أما العلاقة الجسدية المحرّمة، فمن منا معشر الرجال لا يرغب فيها! "، كذلك انتهى تفكيره راضياً.
ما أن بلغوا قرية النشابية، وكانت السماء المحمرّة بالشفق تُبشّر بحلول الفجر، حتى استدار الحامي بفرسه فجأة كي يعود على أدراجه: " رافقتكم السلامة "، قالها باقتضاب قبل أن تبتلعه المسافة. في الساعات التالية من الصباح، بلغت العربةُ الحدَّ الوهميّ، الفاصل بين الريف والبادية. وكان من الممكن رؤية سبخة الهيجانة، لو أن الطريق على قدر كاف من الارتفاع. على أن منظر أشجار النخيل الباسقة، الظاهر من تلك الناحية، كان كفيلاً بتحريك قلب الغائب الملول. وإنه ما ينفكّ يحفظ عن ظهر قلب هذه المنطقة، ما دعاه إلى أن يحث الفرس على السرعة بضربات متتالية من السوط. راحت العربة بعدئذٍ تنهب الطريق الوعرة، المحاطة بالقفر، وقد ثار العجاج من بين عجلاتها وقوائم خيلها ـ كما لو أنها مركبةُ حربٍ رومانية، ماضية في شق صفوف العدو.

***
بضعة أيام مضت على اختفاء حمّاد، وكان معلّماه ما زالا مصدومين، غير مستوعبين سبب هروبه بالعربة مع أنهما أكّدا له مُسبقاً أنه حرّ في الذهاب إلى ربعه متى أراد. في أثناء ذلك، كان حمّوكي يُحاول استقاء معلوماتٍ تخصّ أسرة البنت الهاربة، متسائلاً باستغراب كيفَ لم تنفجر الفضيحة برغم مضيّ وقتٍ كاف نسبياً. هذا الوقت، في المقابل، كان الرجلُ قد شغله بالتفكير في أمر المغامرة، التي انساق إليها سعياً للانتقام من أبي الفتاة. انتهى أخيراً إلى قناعة، بارتكابه حماقة كبيرة قد تؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه: " ولعل تحريات ذلك الآغا المغرور قد أوصلته إلى حقيقة تورطي، وهوَ متكتمٌ إلى الآن بغيَة توجيه ضربة غادرة؟ "، تمتم في شيء من الإشفاق على نفسه.
على ذلك، أخذ حذره ذات ساعةٍ مبكرة من الصباح حين طرقَ أحدهم بابَ البيت، بأن استل الخنجر من غمده وكان راقداً تحت الوسادة. مضى حذراً باتجاه الباب، وكان قد جعل له قفلاً في الآونة الأخيرة ولم يعُد يُترك مفتوحاً. من مكانه هنالك، سأل الطارق عمن يكون. أجاب رجلٌ بلهجة بدوية واضحة: " أنا من طرف حمّاد، وأحمل رسالته إليك ". أخفى حمّوكي الخنجر في جيب منامته، ثم استقبل الرجل الغريب. الرسالة، كانت بالطبع شفهية، ومفادها أنّ الفتى يرغب بشدة التفاهم مع أبي مَن أضحت زوجته على سنّة الله ونبيّه. هذا، كان آخر ما ينتظره المضيفُ: " ستكون وساطتي أبلغ دليل على تورطي باختطاف الفتاة، فضلاً عن أنّ والدها لا يُطيق أصلاً رؤيتي "، أسرّ حمّوكي لنفسه وقد اشتعلت هواجسه مجدداً.

***
ما أن غادر البدويّ بيته، مُحمَّلاً منه بوعد غامض أن يُحاول السعيَ خيراً، إلا وقرر حمّوكي أن يقابل من فوره عليكي آغا الصغير. حين انفردَ بصديقه في حجرة الأعمال، لم يجد بأساً في قص ما يعرفه عن اختفاء المستخدم؛ دونَ أن يُحاول سترَ مشاركته بتدبير خطف الفتاة. سحنة عليكي آغا الصغير، كانت تتقلّب ألوانها بحَسَب سير القصة. ما أن انتهى الآخرُ من الكلام، إلا وهبّ هذا من مكانه وكان بغاية الغضب: " لا تنسَ، أنها المرة الثانية توجّه ضربتك إلى مَن يعدّك صديقاً وأخاً. إنني مدينٌ لك بحريّتي، وأنا لا يمكنني نسيان ذلك. ولكن لكل شيءٍ حدود، يا صاحبي "
" لولا أنني نادمٌ على فعلتي، أيمكن أن أفشي لك بالسر؟ "، ردّ رئيسُ النواطير بشيءٍ من القنوط. ثم تابع القول، " أما بخصوص المرة الأولى، المتعلقة بصفقة المواشي.. ". لم يستطع إكمال جملته، لأن صديقه أوقفه نافخاً بضجر وهوَ يؤوب إلى مكانه وراء الطاولة: " دعنا مما كان، وقل كيفَ بالوسع الآن التخلّص من آثار هذه القضية؟ فإنّ حمّاد كان مستخدماً لديّ، ما يعني أنني سأكون ملاماً من لدُن أهل الفتاة "
" لقد فكّرتُ بالأمر، وعندي أنّ أفضل حلّ هوَ أن تفاتح والدها بشأن العرض المقدّم من ذلك البدويّ اللعين! "، أجابَ حمّوكي بنبرة رصينة وكما لو أنه أضحى خارجَ الموضوع. كان حرياً بعليكي آغا الصغير أن تُضحكه الفكرة، لو كان مزاجه يسمح بذلك. ولكنه ذهبَ بذهنه إلى تصوّر والد الفتاة، المتصف بالغرور والعجرفة: " إنه بالكاد يرفع يده لي بالتحية حينَ يلقاني، ولا شك أنه يفكّر عندئذٍ ببائع الماشية، الذي أضفى الناسُ عليه لقبَ الآغا ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2