أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6384 - 2019 / 10 / 19 - 18:12
المحور: الادب والفن
    


برغم أنّ ليلو تصغر خطيبها بخمسة أعوام على الأقل، فإنها كانت قد بدت مكتملة كامرأة تضج بالأنوثة، وذلك قبيل رحلته المُحبطة. كما أنها هيَ مَن بادرت بدءاً بنسج العلاقة العاطفية بينهما، بما عُرف عنها من جرأة واندفاع وثقة بالنفس. لم يخفَ على أحد من العائلة أنهما سيرسيان يوماً في مرفأ الأمان، وقد تم فعلاً دفعُ مركبيهما في هذا الاتجاه. بيدَ أنّ الزواجَ، مثلما علمنا قبلاً، ما كان الهدف الأسمى للفتاة ذات الشخصية القوية والآمال الكبيرة: الرغبة بالدراسة، تأججت في داخلها وكانت ما تفتأ بعدُ في عُمرٍ مبكر. استحالة تحقيق رغبتها، فتحَ وعيها بالمقابل على وضع المرأة في هذا المجتمع، المنذور للذكورة. وإنه حبيبها، ولا شك، مَن دعمَ معنوياتها بوعيه الخاص في أمورٍ كانت غريبة على بيئتهما الاجتماعية.. ونعني، الأمور السياسية بالدرجة الأولى.
كانت فتاتنا، من ناحية أخرى، محظوظة بأبٍ على قدرٍ جمّ من التسامح فضلاً عن إيثاره لها بالمحبة كونها ابنته الوحيدة. هذا الحظ، تواصل بعد رحيل الوالد وكانت ما زالت آنذاك طفلة. العم أوسمان، ملأ ذلك الفراغ في سهولة ويُسر بالنظر لطيبته وبساطته وسخائه. فلم تشعر ربيبته بمرارة اليتم المزدوج، بالأخص لأن امرأة العم كانت تملك ذات الخصال. وهيَ ذي ليلو، وقد بلغت سنّ النضوج، تملأ فراغَ يومها بالتطريز والحياكة حتى أنها أضحت تفوق معلّمتها في مهارة الصنعة وباتَ لها زبائنٌ من نسوة الحارة. المعلّمة، شملكان، غذّت أيضاً في تلميذتها مشاعرَ الأمومة حينَ كانت تعهد الابنَ الوحيد لرعايتها. لما ظهرَ الخطيبُ فجأةً في حياة الفتاة، بعد غيابه لثلاثة أعوام كاملة، قالت لها امرأة العم مُشجعةً: " إنه رسا في سلّةٍ من الثمار، وكل واحدة أشهى من أختها! ".

***
بغيَة مساعدة الخطيب في تدبير أمر المهر، صارت ليلو تصل الليل بالنهار في جهدٍ استثنائيّ وهيَ تخيّط لهذه الزبون ثوباً أو تطرز لتلك ستارة. كي تُسرّع العمل، ضمّت لورشتها الصغيرة إحدى الجارات من الزقاق المجاور، أين يقطن معظم أبناء العشيرة. هذه المتدربة، كانت من فتيات العائلة الآله رشية ( جدّة البروفيسور عصمت شريف وانلي لأمه ) وتماثل معلمتها في العُمر. مهنة الخياطة، ستتأصّل في ذلك الفرع من العائلة الآله رشية، رجالاً ونساءً، وكان الفضل يرجع لجدّة والدتنا: زوجة أحد أولئك الأحفاد، وكانت جارتنا، ستفتتح على زمن طفولتنا ورشة لتعليم الفتيات فنّ الخياطة وكان بينهن شقيقتنا الكبيرة، التي حالفها الحظ لتكون تلميذة نجيبة.
بينما كانت خطيبته تعمل بصمت ومثابرة، جاءت لعليكي الصغير هبةٌ من السماء ما كان يتوقعها قط. استُهل الأمرُ ذات يوم، بانفجار الصراخ والعويل صباحاً بعدما اكتشفوا وفاة امرأة أبيه في خلال نومها؛ وعلى الأرجح بسكتة قلبية. كانت الراحلة في الآونة الأخيرة قد أضحت ثقيلة الوزن للغاية، وكانوا يتندرون في الأسرة بأن أساورها الذهبية لم تعُد تناسب معصميها. بلى، لقد جنت الذهبَ حقاً من امتهانها السّحر وكتابة الأحجبة وقراءة التمائم. أرملها، وعلى أثر دفنها مباشرةً، جمع مصوغاتها ومالها في قطعة قماش ثم ما لبث أن فردها أمام ابنه البكر: " الآن، بمقدورك أن تستدعي عمك أوسمان كي تتفقا على مسألة القران "، قالها ببعض الألم الناتج عن جرحٍ في الكرامة.. وهو الجرح، الذي يحس به كل رجل شرقيّ فقير يضطر لطلب مساعدة من امرأته الغنية.
بعد نحو أسبوع، زفت ليلو إلى عليكي الصغير في عرسٍ حافل لن تنساه الحارة. علاوة على أنّ العريسين هما من أقارب زعيم الحي، يجب التنويه بمقام السيّد أوسمان؛ وكان قد صار من المحسوبين على الأثرياء. وفيما أركبُ الرجلُ ربيبَتَهُ في الكرّوسة، التي كانت مصدر غناه، فإن السيّد نيّو قدم مع ابنه العريس محاطاً بثلة من رفاق السلاح ممن أشعلوا الليل بطلقات بنادقهم. ولو عُدنا إلى موضوع التأريخ، الكامن خلف كواليس سيرتنا، لتوجب علينا ذكرُ هذه الحقيقة: تلك، كما يُعتقد، كانت أولى زيجات عائلتنا بعد حلولها في الشام الشريف.. هذا لو صرفنا النظر عن زواج المسكينة فاتي، شبه الصوريّ!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الخامس/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل الثالث
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الأول/ 2


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2