أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر النواب - رحيل














المزيد.....

رحيل


مظفر النواب

الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 00:38
المحور: الادب والفن
    


رحيل ..
--------------------------- مظفر النواب











يا وَحشةَ الطُرقات
لاخبرٌ يجيءُ
مِن العراق
ولا نديمٌ يُسكِر
الليل الطويل
مَضَت السنون
بدون معنى
تَعصِف الصحراء
وقد تاهَ الدليل
لم يبقَ لي
مِن صَحبِ قافلتي
سوى ظِلّي
وأخشى أن يُفارقني
وإن بقي القليل
هل كان عدلٌ
أن يطول بي السُرى؟
وأراك تنأى
أيها الوطن الرحيل
كأن قصدي المستحيل
جرّبت فيك مسكناتٍ
هُنَّ أحوَج للمُسَكِّن
خمرة صرفاً وصمتاً
أين مِن صَمتي الصهيل
مَن كان خمرته
الوجود بأسرِهِ
ما سُكرهُ من جرعةٍ
إلّا يُلمّح أنه دنيا و آخرة
على ظمأٍ لساقيها الجميل
لي حانةٌ
ذَهَبَت بِلُبِّ الخمر
لا يرتادُها
إلّا المُقَطَّر
مِن رِفاق الليل
موصول الصلاة وجاهِدٌ
إلّا برشفات صغيرات
فَهَمُّ الليل هَمٌّ
دونما خمرٍ ثقيل
ويثيرني أن الكوى فيها
شذى شمس العراق
وإن بنى فيها
الدُجى أعشاشه
وتهبّ أنسام
تعيد طفولتي
أعدو لأسبِقَها
ولو شبراً
وأسقط لاهِثاً فرحاً
بأحضان النخيل
يا أيها الساقي
أدِرها عَشرَ مراتٍ
على مَن يعرِفون مقامَها
بزجاجةٍ نَشوى
كقلبكَ سيدي
وأراك تغفو
لا عليك
أغلِق عليَّ الباب
واتركني وقنيناتك الصهباء
أفتَضّ المعاني البِكر
في خُلُقٍ
فإن العمر يمضي
والذي يأتي من الأيام
يا ساقي قليل
أهَب القبيحة سُكَّرا
من ناظري... تحلو
وتملأ راحتي
عسلاً عراقيا
وإن كانت
شآمياً تميل
مستأنِسَ الروح
أشُقّ الليل
أحداق الذئاب
تُجيلُ فيَّ رِغابها
وأنا أجيل
ويكاد عطش
لُهاث عيونها
يُذكي المدى
فيفيح بُخور السنابل
بالشريف من الشذى
وإلى العراق
يُغرد الظل الظليل
ما وَحشة تُدمي
كوحشة بُعدِه
وأظن داءً لا يُداوى
ماءُ دجلة في الصباح
به كفيل
أرشُف فديتك
ماؤنا قد ذوّبت فيه
السماء نجومها
سُكرا بلا إثمٍ
سوى إن كنت تصحو
من محبَّتِكَ العراق
ولا أظن مُحِبهُ
يوماً يميلُ لغيره
وكذاك هيهات
العراق
لغيرِ عاشِقهِ يميل
هذا ابن هاني (أبو نواس)
يعبر الجسر العتيق
كنورسٍ تَعِبَت به الأيام
مِمّا في
سماوات الكؤوس
مُحَلِّقاً
أو مايُمَزمِزُ
مِن شِفاهٍ
تُنعش القلب العليل
أيُعاقَبُ السَكران
مُرتَجِفاً بباب حَبيبِه
يغفو ولا يغفو
ورغم البُخل يَهتفُ
يا كريم الحُسنِ
يا جودٌ وجودك
إنما الزمن البخيل
كأس ابن هاني
لم يُهادن وقته
ورأى بكأس الخمر
كيف يُؤَدب السلطان
يا سِكّير يا أحلى الصفات
لنا سلاطينٌ
إذا شاهدتهم
في الخمر
يُمسي الخمر
سماً قاتلاً
والصمت سيّافٌ طويل
آه ابن هاني
عشت في زمنٍ
له سَفَّاحه
إنّا بسَفّاحِينَ
من كل الجهات
سيوفهم فوق الرِّقاب
وهم مطايا أجنبي
كلما زَمَّ اللجام ترافسوا
حتى لتَحسَبهم
حوافِر كلهم
والبعض زرزور
صغيرٌ مُخّه
والعجز فيل
أين العراق أبثّه
قبل الجميع غيابه
ويُزَوِّرون حضوره
ولهم خرائط
غير ما رُسِمَت بقلبي
كل شيءٍ قد تَغيّر
إنما يبقى
الذي في مهجتي
أصل الخرائط كلها
ويظل مهما حاولوا التشويه
يستعصي على سرج المروءة
شامخاً جيلاً فجيل
أواه إن طال الفراق
وعاش موتي
غربةً أخرى
بِغَيرِ تُرابه
سأصيح في الليل البهيم
أنا العراق
متى أعود إلى العراق
ليغسل النهران
وعثاء الزمان ووحشَتي
وأعود أمي نخلةٌ
وأنا بجانبها فَسيل
اللُّب أبيض ناصع
ويَبثّ سعفي الخصب
في النسمات
ما من نسمة
إلّا ومِنّي أكأَمت
بدل الربيع اثنين
يا مولاي
لو زرت العراق
قِف لي
بمِحراب الوجود
وقَبِّل العتبات
شَمِّر عن هديل الروح
يعرفك العراق
من الهديل
ستُضاف رغم الجوع
في بلدٍ يُغذي الأرض
بَسِمَت معالمه
ومات الناس
من مرضٍ سياسي وَبِيل
ولقد يكون الحزن
مخلوقاً بنا
مُتوحشاً
لكنه وحش خرافي نبيل
إشرب فَديتُك
أسكِت الأوجاع والمذياع
باعونا خِرافاً
جملةً أو مُفرداً
بل أنزلوا ما لايقال
إلى الحذاء
وأجهشوا :
هذا اضطرار
والظروف عصيبة
ولنا سلاح آخر
-النفط
قالوا معاذَ الله
بل نبكي بباب
الدولة الكبرى
فقد يُجدي العويل
إشرب فديتك
واسقِ الكرامَة حَظَّها
واخرج إلى الطرقات
هَرِّج
بالدموع وبالصياح
وإصبعي الوسطى
كفرنا
كفرنا يا دكاكين ابن آوى
يا حِلاقات الجيوب
بمشطكم والماء والصابون
والكرسي طبعاً
والمرايا
إنما أين العراق؟
أغيبةٌ أخرى
إلى زمنٍ طويل؟.



#مظفر_النواب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قافية الأقحوان ..
- المهر الذي قطع المفازة
- أصرخ ..
- الرحلات القصية
- دوامة النورس الحزين
- حالة عشق لاوجاع آدم حاتم
- مواء تأخر لكنه مواء ..
- جزر الملح ..
- في انتظار يوم حزين ..
- العودة إلى الرحم المكتظ بالنفسج ...
- المعلم ذو المحضر السمكي ..
- لماذا العراق ؟! ..
- ليل أم موكب موتى ؟!..
- نهر النفايات
- تقرير لمن يهمه الأمر
- من نافذتي ..
- رباعيات الصمت الجميل ومايليه ..
- لم يات ..
- موجز العاشرة ..
- تعرت سريرا


المزيد.....




- كوينتن تارانتينو يعود إلى التمثيل بدور رئيسي
- لونُ اللّونِ الأبيض
- أيقونة صوفية
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- إطلاق ملتقى تورنتو الدولي لفن اليوميات وفلسطين ضيفة الشرف
- افتتاح المتحف المصري الكبير بعد عقدين من الزمن في أرضٍ لا يُ ...
- ماذا حدث عندما ظهر هذا النجم الهوليوودي فجأة بحفل زفاف مستوح ...
- (غموض الأبواب والإشارات السوداء)
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- المتحف المصري الكبير.. هل يعيد كتابة علاقة المصريين بتاريخهم ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر النواب - رحيل