أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - حارس حطام















المزيد.....

حارس حطام


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 6286 - 2019 / 7 / 10 - 23:29
المحور: الادب والفن
    




جلست فتاتا بجانب الرجل وهي خجلة من المكان الذي كان يعج بالمرضى تبدو الخامسة والعشرون من عمرها وان لم تكن اصغر وشعرها القصير المصفف اي قصة (كاريه) و وجهها مدورا كالبدر وعيناها واسعتان وبريقهما يسلب القلب وبشرتها بيضياء ناصعة كقيمر بلدي كانت ترتدي تنورة سوداء طويلة وقميص مربعات ممزوج بعدة الوان وتلتمع قلادة ذهبية بين ياقة القميص تارة تختفي وتارة تظهر وفي السلسلة معلقة دائرة ذهبية مكتوب عليها اسم (الله) كانت تراقب المكان كمن يبحث عن احدا وبعد ان فقدت الامل في قدوم المجهول عادت وبدأت تتفحص اوراق فحوصاتها في حجرها الى حين قدوم الدكتور جاء وجلس رجل في نهاية العقد السادس من عمره
بجانبها وغير مبال من احدا وفي حوزته هو الاخر حزمة من الاوراق وفحوصات وصور للاشعة كان ضخم الجثة وشعره ابيض كثيف وجهه سمح وعينان ثاقبتان وذا نظرات حادة وموجعة بآن واحد وعلى جانب الشفة السفلى هناك ندبة واضحة وندبة اخرى فوق حاجبه الايسر كمن تعرض في يوم ما الى طعن عشوائي من قبل مهاجمون غرباء او لصوص قطعوا عليه الطريق ام تراه شارك في عراك عبثي المهم سبب الطعن غير معروف بالنسبة لها وهو غير مبال بها. انه مشغول بتفحص المكان والمحطين به بدقة كأنه رجل أمن كلف بمهمة شاقة وعليه انجازها مما اثار فضول الفتاة التي بجانبه وقررت ان تفتح باب الحوار معه الى حين حضور الدكتور متجاهلة الرجل الاخر الذي جالسا بجانبها الاخر كان شابا بعمرها ولكن نظراته الوقحة جعلتها تتجاهله تماما ..
قالت له برقة هه يا عم مما تشكو انت
اجابها انا حالتي غريبة ( يا بنت الناس) ومرضي مستعصي لا احد شخصه ما هو بالضبط حتى الان حصلت على ثلاثة استنتاجات الاولى تقول انني مصاب بمرض القلب والثانية تقول انها المرارة والثالث اعطاني استنتاج مؤلم كما يعتقد انه سرطان المعدة وانا لم اعد ابالي بأي شيء في النهاية انها الشيخوخة وملحقاتها يا عزيزتي.. ضحكت الفتاة من من كلمة ملحقتات العمر. وقالت له انه تعبير جميل وسكتت وسكت هو الاخر بدوره..
عادت تتحدث معه ذلك لقتل الوقت لحين مجيئ الدكتور الذي في العادة لا يحضر الا اذا تجمع كما هائلا عند باب غرفته وبعدها يهل بسرعة فائقة يفحص كل مرضاه بحجة انه مشغول ولديه عمليات. لذلك اكثر التشخيصات عادة تكون غير صحيحة
رغم إن المكان يعج بالمرضى والاصحاء لم تهتم الا بهذا الرجل الطيب شييء ما شدها اليه. هذا الوقور بملابسه الرثة وتذمره من الاطباء
قالت له والم تأتي هذه الاستنتاجا ت بنتيجة يا عم
اجاب ساخرا كلا ولكن بيني وبينك من يدري لعل اعاني من كلها
ثم بدأت الفتاة تتململ وتحوص لان الالم عاودها من جديد وتريد الهاء نفسها بأي وسيلة كي لا تلفت النظر الى ما تحسه وهذا الالم احالها الى فضولية مزعجة لجوجة تزعج كل من تقع عينيها عليه الا هذا الجالس بجانب الاخر منها لانه سفيه وهذا الطيب يحاول اظهار ضجره منها للتوخي منها او ربما هو الاخر لا طاقة لديه ليتحمل عبء الحوار الاخر أو فتح الحوار معها بغية الحرشة والتمادي لذا تصده بأدب. متجاهلةً إياه مقتربةً من ذلك الطيب ربما شعورها بالامان اجبرها على ذلك والصالة مزدحمة وتعج بالفوضى والضجيج وكل يتحدث عن آلمه ومرضه بطريقة لجلب الانتباه اليه ربما تراهم بحاجة الى مواسات من اي احدا لا يهم الا هذا الرجل فهو مدركا تماما انه في مكان غلط وقد يغادره باي لحظة ربما حتى قبل حضور الدكتور
سالته ماذا تعمل يا عم ؟
اجاب ساخرا
انا اعمل حارس ليلي يا آنستي
وماذا تحرس ؟
رد بنفس النبرة الساخرة
انا حارس حطام
قوست حاجيبها وقالت اعد لو سمحت
قال انا حارس حطام اي احرس مستودع قديم يحوي كل مخلفات وبقايا للأسلحة القديمة التي استهلكت اثناء الحروب وبعد ان استهلكتنا وقضت على الكثير. وبما انها لم تعد صالحة للاستعمال خزنت ولا اعرف لماذا ربما هناك خطة ونحن لا نعرفها آه اود ان ابين لك بأن المستودع يحوي على اسلحة لعدة حروب
قالت اي حروب تعني يا عم .
اجاب بضيق الحديث طويل والمكان غير مناسب ولكن سأسليك الى ان يحين دورك هذا اذا طل الدكتور علينا
انها قصة طويلة وعريضة ولكن اليك بعضا منها يا ايتها الفضولية انا يا سيدتي كنت نائب ضابط في الجيش وقبل ان احال الى التقاعد خدمت الوطن ستة وثلاثون عام بالتمام والكمال وبلا ملل ولا كلل وكنت جنديا صنديدا كما كانوا يخدعوننا بألقاب مضحكة ويومها لا اخفي عليك كنت غبيا جدا ان صح القول وعندما انتهت صلا حيتي ومن باب التخلص مني احالوني الى التقاعد وحتى لا يجرحوا مشاعري كلفت بمهمة هذا المستودع لان الجندي حين يسرح او يتقاعد لا يجد عملا يضاهي ما كان يقوم به ثم توقف برهة وهو يتأمل المكان المليئ بالمرضى الاصحاء كما يعتقد هو وعاد يحصو لها عدد الحروب التي خاضها طيلة خدمته في الجيش بصوت مسموع
حرب تشرين (73) وحرب الشمال كما كانوا يطلقون عليها تصوري كنا نحارب اهلنا في الشمال ولا اعرف لماذا بصراحة لاننا عبد مأمور لا اكثر وحرب
ايران
و حرب ام المعارك والتي على يدها كانت نهايتي ونهاية خدمتي واكتشفت في وقت متأخر بعد كل تلك السنين بأنني رجل ابله وبما اننا شعب أمي وطيب يسهل خداعه وتسويقه شعب علموه فقط ما هي الواجبات التي عليه ودون ان يعلموه ماهي حقوقه عليهم التي عليه ان يطالب بها وحتى المثقف عندنا تعليمه محرف وصحيح اننا نلنا قسطا من التعليم اقصد من التقليم هنا يقلمونا حسب ما يريدون هم واكثر ما يعموه هو لغة التعظيم وكيف نعظمهم ونعظم كل شيء يصدر من فمهم الوسخ ونعظم الاعيبهم وعلمونا ان لا نسألوان كل ماتعلمناه في الصغر كانا تعليما في كيفية هدم اساس المستقبل ودون ان ندرك ذلك .وانا كجندي صنديد كان كل همي ينصب على ارضاء الناس عني ونيل اعجاب الحكومة والاهم ارضاء الآمر ونيل محبة الناس ومحبة اهلي ثم هز رأسه نادما وكل همي وقتها كان ان اثبت للشعب المعني بأني احبه وانني وطني غيور. انه طيش شباب ضاع واضاعني آه لكم كنت بارعا في تسديد الضربات للخصم وايا كان الخصم لم يكن يهمني ما دمت انا مقاتل بارع وحين كنت اصوب سلاحي نحو العدو ارديه قتيلا في الحال ونادرا ما كنت اخطأ وقتلت كثير من الاعداء اقصد من التعساء يومها اعتقدت انهم الاعداء واليوم كم اتمنى لو اعتذر منهم وخصوصا الذين اكتشفت انهم ليسوا اعداءاً كما حشو ادمغتنا وقتها بل هم ابناء الوطن
واليوم اكتشفت انني لم اقتل سوى حزمة من الاغبياء لان هم ايضا مثلي خدعوا ولعل هم ايضا ارادوا مثلي ان يعبروا عن محبتهم للوطن وبانهم وطنيون وطيبون وهم ايضا مثلي ممن ينفذون دون نقاش ويسقطون شهداء تاركين النقاش لحكوماتهم الفاشلة ثم صمت لوهلة
ثم عاود الحديث اسمعي لست وحدك من يريد قتل الوقت انا ايضا اريد لذلك سأكمل لك البقية واتمنى لا توجعك حكياتي
اتعرفين لو كنت املك عقل اليوم لما خضت كل تلك المعارك ابدا وهذا ما اوصلتني الحروب اليه اي حارس لاسلحة مدمرة تذكرني بخيبات هذه البلاد
انظري فانا مجرد حارس حطام وليتني كنت احد صانعيها بدلا ان اكون حارسها
لان من يقوم بصناعتها لا وقت لديه لخوض حروب غير مجدية ولا وقت لديه حتى لاستعمالها فهو مشغول بها ونحن مشغولون بدسها كل في صدر الاخر
ولاننا شعب عاطل ننشغل بتحطيمها وتصويبها الى من هم من امثالنا هم لا وقت لديهم للثرثرة وللمجادلة التي نهايتها دائما من صالح الاوغاد وليسا نحن
وان تحدثوا تجدينهم يتحدثون بوقار عن السلام وكل امنيتهم ان يحل السلام بيننا ويعم الوئام فما بيننا ويتركون افكارهم ترفرف فوق رؤسنا الفارغة كأعلام النصر ويسعدنا مديحهم لنا وننشغل بتعظيم ممن يسوق لنا معداتهم المتقدمة واحدا لم يكلف نفسه ويسأل لماذا ؟
مهتمون بنا الى هذه الدرجة.. ويرددون قائلين وراء كل صفقة سلاح رابحة صفقة معونة و الفائدة توضع في صندوق لاغاثة المنكوبين وبعدها يبنون المدارس التي هدمت بأسلحهم لا يهم طالما البناء جار وبيوتا للاجئين الذين يفرون تاركين اوطانهم من الجوع والذليل ويتحول هارب الى لاجئ سياسي بين يوم وليلة ويوصف بالبطل ولا اعرف ما هي نوعية البطولة وم مقياسها عندهم وان تفر جائعا وتتحول الى ابطل فهذه نكتة ..ويكرسون كل وقتهم في تعليمه وكيفية استعمال الاسلحة المتطورة وبعدها يقومون بأرسالها
الينا لقلب النظام الذي لم يعد يعجبهم وانه مستبد وكي يحل محله من سيكون تحت امرتهم ويسير على مخطط هم وضعه وعلى هذه المنوال هي حياتنا نحن هذه الامة الغبية .ولكن لا انكر انهم يصنعون السلام والسلاح معا في آن واحدويرسلونها مرفقة بعبارات واضحة اي انتم تريدون هذا ونحن نلبي
وكل صفقة سلاح لنا هي بمثابة صفعة لنا آه لو كنت صانعا وليس مستخدما لكان الوضع الان اختلف يا عزيزتي ..
هم علمتهم الحروب العالمية درسا ثقيلا بحيث يصعب عليهم اعادة الكرة لذا قاموا بتوكيلنا ونحن لم نقل باطل لو كنت احمل عقل هذا اليوم لكنت الان لا ازال املك صحتي واملك احساسا مرهفا مثلهم ثم صمت وهو يحك ندبته كأنه يتهرب من شيء يلاحقه .
ولا يريد الاعتراف بذلك ثم بدأ يتفحص اوراقه وتحاليه ثم نظر الى سائلته حائرا كيف هذه الصبية استطاعت ان تجرجره بهذ السهولة ولماذا انفجر بهذه اللحظة
قاطعت حبل تفكيره مجددا قائلة..
من يراك بملابسك الرثة لا يصدق ان خلفها رجل حكيم يا ترى لماذا يا عم لم تكون مثلهم وانت تملك عقلا يزن عقولهم ترى ماذا اعاقك من كان خلف عدم تحقيق احلامك هه؟
اجابها بمرارة
الحروب فمنذ وعيت اننني كائن حي وانا غارقا بدماء الابرياء الذين نصبوا لنا كأعداء دون سبب مقنع لقد اتعبتنا الحروب الداخلية والخارجية
والتي لم تكن تعنينا يوما لقد اتعبتنا المشاحنات والمشادات والمجادلات والنقاشات الفارغة التي دائما توصلنا الى طريق مسدود ناهيك عن الاغتيالات والقمع الذي يلبسه ثوب الحق ولكن لا اخفي عليك وكما انني لا انكر احيانا كنا نستمتع بهدنة مؤقتة وكل هدنة كنا نعرف خلفها حرب اخرى اي مجرد ما كانت تضع الحرب اوزارها ونتباهى بنصر مزيف كالعادة لنبدأبخوض حرب اسوءمن سابقتها نحن لسنا سوى اجيال ضائعة والويل للقادمين والذين لم يكتشفوا الحقيقة وان الحروب القادمة لم ترحم احدا ولا تستثني احدا وان لم يرحموا حالهم لا احد يرحمهم وسكت مجددا
وبدأ يحك ندبته وهو يتأمل الذين حوله بحذر وخوف وعاود الحديث من جديد.
انا استمع الى كل الاذاعات ليلا حتى لا يستغفلني النوم وكلام الاعلام مضر ومفيد بآن واحد لكنه غير مجدي يا عزيزتي الفضولية فكل ما تقوم به هي اننا تبث اخطاءنا وحماقاتنا ولكنها لا تعلمنا كيف نتفاداها وفي النهاية انا مجرد حارس ليلي لا اكثر اقصد حارس حطام والسلام .
و زاغت عيناه وذهب بعيدا ثم عاود الحديث قائلا
اتعرفين انا حاربت مجبرا ولم يكون لي هدفا معينا لانني اصلا لم اكن اعلم لما نحن نخوض هذه الويلات وهذا ما يؤلمني حقا والادهى انني تحولت بين ليلة وضحاها من صنديدا الى حارس للاسلحة استوللينا عليها من عدوناا للدود. من رجل ماكر الى رجل ودود واليوم انظر الى عدوي كأنه اخي في النضال لانه هو الاخر قاتل ببسالة مثلي واننا لا نختلف بتاتا كل ما في الامر اننا غبيان التقينا صدفة في ساحة الوغى واحيانا ونحن بقمة محاربتنا كل للاخر كنا نتحول الى الاصدقاء ولا اعرف كيف وهذه حقيقة يعرفها كل محارب شريف وهذا حدث معي اكثر من مرة .. ثم سكت من جديد و رمق الفتاة بنظرة ود وقال لها اعتذر يبدو انني نسيت نفسي معك وانت قمت بفك رأس خيط المعقود بعشرات العقد في رأسي في البدأ تضايقت من فضولك والان انا التي اضايقك بثرثرتي
انت طيبة هذا ما اراه فيك وتعبة .
هه الان حان دورك كي تحدثيني عن نفسك ام انت فقط تجيدين فن الاصغاء لهموم غيرك وفتح ملف المتعبين من امثالي
ارتسمت على وجهها ابتسامة شاحبة قائلة لقد ابهرني كلامك واخرستني افكارك انت بارعا في صياغة الكلام وحكمك على الامور موجع ومقنع هلا تخبرني من اين تعلمت كل هذا
اجابها بأسى انه الجيش الجيش عالم قائم بذاته ويعلمك كل شيء ويعطيك كل شيء قبالة ان يأخذ منك اجمل ايام عمرك بجرة واحدة .الجيش مدرسة رائعة تبينك وتدمرك بآن واحد قالت مازحة اذن سأنتهز فرصة لقائي بك كي تعلمني ما تعلمته اي سأستغلك انظر الي انا في مقتبل العمر واليوم الحياة باتت خلفي ليس امامي كباقي الذين هم من عمري مع ذلك لا يهم ما دمنا نتسلى معا لحين ظهور السيد المبجل )واحد وانت في
اجابها ساخرا
لا اظن ينفعك هذا العلم لان ما تعلمته لم يعد يصلح في الوقت الحالي فانت كل ما تحتاجين اليه الان هو قوة السمع حادة و رؤية مستقبلية واضحة و ارى انك تملكين كل هذه الامور ان لم يخب ظني بك هه
الخلاصة ما تعلمته هو قوة تحكم في الامور السرية التامة في حياتي والمجازفة وانت ترتدين الزي الخاكي هو بحد ذاته مجازفة عزيزتي وكل ما تحتاجين اليه هو قليل من الحظ وكثير من المفاجآت ويعلمك الخاكي قوة تحمل اي مصيبة تصادفك ومواجهة اي كارثة مهما كانت تمر امامك كما تمر نملة وهي حاملة مؤونة الشتاء هذا هو الجيش
تنهدت الفتاة ونظرت اليه بحيرة واحترام فائق وهي قائلة ليتني لم اتعرف عليك او بالاحرى ليتك كنت ابي
قال لها هل ابيك على قيد الحياة
لا اعرف انه مفقود يعني قد يعود او لا يعود و الاغلب المفقودين لا يعودون كل ما يفعلوه هو زرع امل كاذب على حافة صدور المنتظرين لهم
تنهد الرجل وقال لها بألم نحن جميعا هنا مثل ابيك
واخيرا هل الدكتور وبدا المضمد بتهيئة الاصحاء كي يدخلهم حسب مزاجه لا حسب كما قائلين للاسبقية هذا يعني الدخول قد يطول ..
واخرج الحارس تبغة واشعل سجارته وشرع يدخن بهدوء متجاهلا لوحة يرجى عدم التدخين
اعتذر من اللوحة بسخرية وعاد يدخن ثم سمع صوت فتاته وهي تسأله
هل لديك اصدقاء وليتك تضمني الى قائمة اصدقائك اي الى عصمتهم واصبح واحدة منهم هذا يشرفني
اجاب لا بأس كما تريدين.
اناا لي صديقا واحدا وسأحدثك عنه قليلا قبل ان تنضمي الينا حتى يحين دورك للدخول عند (د)انه صنديد صدأ مثلي وعنيد
وهو ايضا دخل في سلك الحراسة بعد ان تقاعد انه حارسا للقبور التي هي قبالة مستودعي العظيم واحيانا نتزاور ونتسامر معا ونتشاور في امور اكل الدهر عليها وشرب وحين نناقشها نبدأ كل يضحك على الاخر ونشرب الشاي المهيل معا و هو يلعن من اولاه هذه المهمة ويقول ساخرا
هل الموتى بحاجة الى الحراسة ام انها خدعة اقصد الوجه الاخر للبطالة المتفشية في البلد فمن الهراء ان نحرس نحن الاصحاء الموتى انها مضيعة للوقت ربما من باب مراعات لمشاعرنا التي لم نعد نملكها اصلا . ولما لا السنا مقاتلون قدامى ويبقى يثرثر طيلة الوقت ولكن لديه قلبا من الذهب وامين فهو لا يسرق الموتى وضحك ملطفا الجو
ثم قال ها جاء دورك هيا حدثيني قليلا عنك فانا تعبت
اخبريني عن اسمك اين تسكنين ام انك فقط تأخذين ولا تعطين اريد انصافا
اجابت ولما لا فانت اصبحت بمثابة ابي
وانت بهذه اللحظة علمتني شروط الاستمرار في الحياة واحدها هي السرية التامة فكيف تريد مني ان احدثك عني. لا عليك انا فقط امزح معك سأحاول اكون منصفة كي لا أخيبُ ضنك بي. تبدل ملامح وجهها الجميل بعدما كان مشرقا بات شاحبا وتقلصت كل عضلاته نتيجة الالم الذي عاودها من جديد وقالت بصوت مكسور هل لك ان تعفيني !
اجاب لا لن اعفيك
فانت مدينة لي فردي على قليلاً منها لي لا اريد هروبا فأنا لست ممن يطلقون الاحكام بسرعة على من يتعامل معي. وحتى لا اندم على ثقتي بكِ.انكِ لم تسيئ الظن بي فهذا اشد ما سيؤلمني اريد ان اعرف باطنك هل هو مثل ما اراه. ام انني على خطأ هيا اخبريني عن نفسك
اجابته بود
انا اعرف انني امام رجل من الصعب الهروب منه لكن لا بأس ترددت قليلا ثم اردفت قائلة..
انا يا سيدي لست سوى امرأة محطمة اقصد انا (فتاة حطام) انا مصابة بمرض السرطان في المبيض علما لا زلت عذراء وكل تقاريري تشير بأنني من مخلفات الحرب اي ركام لا اكثر يقولون ان سببه هو الاشعاع ا لذري والذي منه.. وهذا حسب ادعاء الاطباء واكيد لا احتاج الى حارس برغم من انني عبارة عن حطام ومن مخلفات الحرب ايضا لان الانسان كما تعلم لا يملك مستودعا مثل مستودعك ..
ضحكت بمرارة واضافت قائلة انه القدر ياعم او بالاحرى انها الحروب لعل كل هؤلاء المرضى هم ضحايا الحروب مثلي ومثلك
خرج المضمد ونادا بأسمها مرتين
بقاء ظافر بقاء ظافر
لملمت اورقها وهي قائلة اظن حان دوري اراك فيما بعد
لعن الحارس نفسه لانه جرحها وتألم في صميمه ان يكون اسمها بقاء وهي على حافة الخروج من هذه الدنيا التي لم تدخلها حتى والادهى اسم ابيها الذي لم يظفر حتى بملازمتها وهي بهذا الوضع وتساءل اين امها لما هي وحدها. وشغلته هذه الفتاة الطيبة وكم تمنى لو يعرف عنها الكثير
لوحت له قبل ان تختفي في ذلك الزحام وهي داخلة الى الدكتور وقالت له من بعيد نسيت ان اخبرك ستجرى لي عملية بعد ثلاثة ايام وامي ذهبت الى مصرف الدم لكي تتبرع لي وغابت بقاء عن عينيه واخذ يزمجر ويلعن هذه الترهات ثم ردد بأ لم لترافقك السلامة يا عزيزتي والشفاء العاجل. ونهض وغادر المكان دون ان يدخل حتى الى ذلك الدكتور الذي سيخبره ان الوقت حان ليغادر هذه الحياة التي اخذت منه دون ان تعطيه مخاطبا نفسه انا لست افضل منها هذه التي خدشت واجهة ذاكرتي الى الابد هذه التي تدعى بقاء وكم اتمنى لها البقاء تحيا وتنجب لنا اولادا طيبين مثل قلبها واختفى هو الاخر مع الخارجين...! !
2007-8-1-
كركوك جريدة النبأ



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجال نوعان
- أنا شماعة وأنت فزاعة
- حبيبي الوطن
- لحظات مكسورة الجزء 13
- لانزر ولا هذر 8
- في هذا المساء المتأخر
- بائعة الخردوات2
- لا تندهش
- رجل من التراث
- بائعة الخردوات
- لا نزر ولا هذر7
- لحظات مكسورة جزء 14
- لحظات مكسورة جزء 13
- كل رجل بعد
- الغريب لا يكسرك
- اكيتو
- ألم السن ولا ألم الغربة
- لا نزر ولا هذر 6
- لا نزر ولا هذر 5ل
- بفضل الأنكسارات


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - حارس حطام