أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم سواري - عند فضاءات الغربة والوداع














المزيد.....

عند فضاءات الغربة والوداع


محمد سليم سواري

الحوار المتمدن-العدد: 6224 - 2019 / 5 / 9 - 22:19
المحور: الادب والفن
    


عند فضاءات الغربة والوداع !
في رثاء أحد أصدقاء الغربة والكفاءة الهندسية الوطنية الأُستاذ يوسف كَلو


قد يتصور البعض بأن الكتابة عملية سهلة وممتعة وكأنها نزهة سياحة للترفيه عن النفس ..لا أبداً لا .. فالكاتب يعاني معاناة حقيقية في الكتابة والتعبير عن الذات بكلمات قد لا تستوعب كل آلامه وآهاته وكأنها عنده عملية مخاض عسيرة غير معروفة النتائج والعواقب.
وقد يتبادر إلى ذهن الكثيرين أكثر من سؤال : متى نكتب ؟ ولماذا نكتب ؟
بصراحة أنا بخيل في الكتابة وكريم وسخي في وصف مشاعري والتعبير عن ذاتٍ يَكل مَتنه وينصهر فكره عند الكتابة ! وخاصة عندما تواجهني مواقف أليمة وتهزني صدمات غير متوقعة .. وهنا وعند هذا الموقف أشعر بأنني بحاجة إلى الكتابة لكي أُعبر عن مكامن نفسي وخلجات قلبي ولكن هل تأتيني تلك الكلمات والجمل بالسهولة التي تكون بمستوى هذا المشهد وإن لم يكن فهو إنتحار بل وأد لهذا الذات .
الكتابة في موضوع شخصي ليست مثلباً ولا إمتحاناً سهلاً في مسيرة تكون صولاتها مع المعاناة وفرسانها الكلمات وساحتها أنا وأنا ودموعي الصامتة والآهات .. ولكن عندما يكون هذا الطرح الشخصي يشمل أشخاصاَ آخرين ومن نعرفعهم عديدين لتصبح ظاهرة واضحة للعيان ومشهداَ درامياً يومياً على مر الأيام والأعوام وفي وطن ليس له حول ولا قوة بين مخالب سياسية لعينة وأنيابِ مقيتة لحكام نرجسين في الصميم ومختلي الضمائر والعقول ودون كل الاصول حيث جًيروا الوطن بما به ومَن فيه أنا وأنت وهم من أجل الذات والعوائل وأحزابهم وعشائرهم أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً !
خلال إسبوعين فُجعت كما فُجع الكثيرون من أبناء الجالية في ديترويت بشخصين هم بحق كانوا الأصدقاء في الغربة والعماد في بعدنا عن الجذور والموطن حيث عشنا معاً الكثير من الأيام لها عبقها وعطرها خلال الست سنوات الماضية من مسيرة غربتنا الشائكة وقطوفها النائية.
الأول كان المرحوم نافع عبدالنور الذي كان خبرة وعلامة مميزة في عالم العوينات في مدينة الموصل وبغداد ولأكثر من ستين عاماً في عوينات عبدالنور والمعروف بتعامله الحسن واللطيف مع زبائنه وشعاره مساعدة الآخرين ونيل رضاهم وثقتهم.
واليوم الراحل الثاني الأستاذ " يوسف كَلو " وهو الخبير والكفاءة الهندسية المميزة على مستوى الوطن وأحد أعمدة المركز الوطني للمختبرات الإنشائية في وزارة الإسكان والتعمير والمعروف أكثر من نار على علم في هذا المجال ونجم بازغ في الليالي الحالكات ولا يمكن أن تتكرر مثل هذه الكفاءات التي قدمت عصارة حياتها ومعدن شبايها في الوطن وللوطن لتهاجر في ظل أيام عصيبة وتناحرات بغيضة أكلت وأحرقت الأخضر واليابس من الوطن حيث المنافي وأيام الغربة والوداع وإحتضان تراب وطن غريب لِجَثامينهم وهيهات هيهات .
هنا في مشيغن يعيش الآلاف من الكفاءات العراقية وفي مختلف العلوم والمهن والإختصاصات لتحتضنهم رحمة الغربة وسخائها بعد أن غدرت بهم أيام المحن خارجين من رحم الوطن في عملية قيصرية وكما هو حال في معظم قارات المعمورة .. ومنهم على سبيل المثال لا الحصر .. هنا الدكتور أزهر كساب الإخصائي المشهور في عمليات الجراحة وفتح القلب .. هنا الدكتور أثير كساب العالم البيطري والخبير في إدارة وتنمة الثروة الحيوانية .. هنا الدكتور رياض قس ميخا اليد الحنونة مع الإنسان في صحته .. هنا حسو إخوان الماركة التجارية المعروفة في عالم الموديلات والملابس في الموصل وبغداد وهنا ساده الريكاني الذي لم ولن يدانيه أحد في حبه للوطن وما قدمه من تضحيات سخية من أجل الوطن وفي أحلك الظروف هنا وهناك على مدى البلدان والقارات والأمصار والآفاق الآلاف من الكفاءات الوطنية المغِيبة والمغَيبة عن الوطن وهي تطوي الثرى بكل آلامها وآمالها في منافي الغربة وأديمها.
أيا وطني .. أنا أعشقك مع كل شروق وغروب ولا أعاتبك ولن ألومك بل أرثي لحالك لٍما أنت عليه.
أيا وطني .. أنت قطعة من كياني بل قطعة من الأرض حيث يزرعها الفلاح الماهر بالكروم والأشجار لتتحول إلى الجنائن .
أيا وطني .. في غياب الأيدي الأمينة تحولتَ إلى أحراش الشوك ليعيش فيها الذئاب وبنات آوى ليكون عصرك أسوء كل العصور والدهور.
وأنت يا صديق غربتي يوسف كَلو وأنت في رحلتك الأبدية نم قرير العين فوالله في دنياك لم ينافسك الكثيرون ممن نعرفهم في طيبة خلقك ولطفك وهدوئك .
وأنت يا أبا سامر الطيب فقدناك في وقت كان ينتظرك أقربائك لتزورهم حيث كريمتك سوسن في كندا وولدك سامر في بريطانيا ولن تَكل أُم سامر الغالية إبتسام عفاص من الإنتظار.
وعذراً يا سيدي في رحيلكم كل القلوب فجعت وسفن لمتنا الأخوية تاهت بعد رحيلكم وكنتم البوصلة .
وعذراً يا سيدي أبا سامر وكنتم الشخصية المحورية والبطل في روايتي الأخيرة " الدولة والقلب " وها كل شخصيات الرواية في كل صفحاتها وأسطرها وكلماتها قد نصبوا خيامَ التعزية والرثاء في رحيلكم .. فكل الكلمات في مقامكم ليست لها وجع الآهات ولا صدى الأمنيات .
الوداع أيها الإنسان الإنسان ورحلة موفقة إلى عالم الآخرة ورحمة رب العباد .



#محمد_سليم_سواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيات في الذاكرة .. - ساده آدم الريكاني -
- شخصيات في الذاكرة ..الدكتور صباح عقراوي
- نادية مراد.. وهذا النبع من الدموع والآهات !
- في عصر اللاحب دعوة للحب !!
- بين أمواج البحر والتتر !!
- هل مضى عصر الرثاء ؟؟
- الكاتب والإعلامي الدكتور شعبان المزيري في ذمة الخلود
- بغداد بين ( منعطف الصابونجية ) ومنعطفات الغربة !!
- أبطال الحب في وطني
- ليس بالقتل وحده يُرضى الرب !!
- عشقي لهذا العالم
- الوطن بين السياسة والحب ؟
- الوعي العاطفي والوجداني
- كوردستان والكابينات الحكومية ؟
- المعادلة بين هي وهو !!
- الذكرى السادس عشرة بعد المائة لصحيفة كوردستان
- حوار الحب
- معادلة حب المرأة والرجل !
- نسمات الحب
- القوافي والكلمات تليق بكَ أيها العم نوري سواري


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم سواري - عند فضاءات الغربة والوداع