أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!















المزيد.....

عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 13:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع انني من اعضاء حزب النوم مبكرا.. فان قراءة هذا التقرير اصابتني بالارق وجعلت النوم يخاصم جفوني. وكم كنت اتمني لو استطيع ان اعيد نشر الفصل الثاني من التقرير السنوي الثاني للمجلس القومي لحقوق الانسان »2005- 2006« بالكامل.
هذا الفصل يتحدث عن اوضاع حقوق الانسان في مصر خلال عام 2005 وبالتالي فانه بمثابة »شهادة« بالغة الاهمية عن احوال المصريين بعيدا عن المناقصات والمزايدات وبعيدا عن الشعارات والشعارات المضادة.
لكن المشكلة ان هذا الفصل يقع في 91 صفحة اي انه يحتاج صفحات الجريدة بأكملها وليس فقط المساحة الصغيرة المخصصة لهذا المقال.
هذا »الفصل- الشهادة« يرصد رؤية عامة حول ما تعرضت له حقوق المواطنين من تعد وانتهاك من خلال ما تلقته لجنة الشكاوي بالمجلس القومي لحقوق الانسان من شكاوي المواطنين التي يدعون فيها انتهاكا لاي من حقوقهم والتي بلغت 6528 خلال الفترة من اول يناير 2005 حتي 28 فبراير 2006.
وتحليلا لمضمون هذه الشكاوي تبين ما يلي:
بالنسبة للحق في الحياة شهد عام 2005 العديد من الانتهاكات الجسيمة والصارخة لهذا الحق الذي هو اهم حقوق الانسان، قاطبة، وقع البعض منها لمواطنين وهم تحت يد السلطة العامة »محبوسين علي ذمة قضايا- محكوم عليهم داخل السجون- محتجزين تعسفيا« ووقع بعضها الاخر بسبب ارتكابها من قبل بعض الجماعات المتطرفة والتي وقعت في عدة مناطق سياحية مختلفة. واكد التقرير وقوع عدة انتهاكات للحق في الحياة في اماكن خاضعة لسلطة الدولة وأفضت هذه الانتهاكات الي وفاة بعض المواطنين بشبهة التعذيب اثناء احتجازهم داخل مراكز الشرطة وغيرها من اماكن الاحتجاز.
واضاف التقرير ان النيابة العامة تتولي التحقيق في هذه القضايا واحالة مرتكبي الجرائم للمحاكمات الجنائية، الا ان ذلك يستغرق وقتا طويلا، فمن بين وقائع الوفاة بشبهة التعذيب في مراكز الاحتجاز التي سبقت الاشارة الي وقوعها خلال عام 2005 لم يتم الفصل في اي منها.
واعرب المجلس عن خشيته من ان تكون جرائم التعذيب »تعبيرا عن سلوك نمطي من انماط التعامل مع المتهمين والمحتجزين، مما يؤكد ضرورة اتخاذ مزيد من الاجراءات والتدابير الصارمة، فضلا عن التوجيه والتدريب المستمر سعيا لردع من يتصور ان اختصاص الامن يمنحه حصانة في مواجهة الحق الدستوري للمواطنين«.
والاهم بهذا الصدد ان المجلس طالب باعادة النظر في بعض نصوص قانون العقوبات التي تجرم التعذيب سعيا الي زيادة فاعليتها وتوسيع نطاق تطبيقها حيث ظهر من خلال الوقائع ان معاون مباحث اوسع مواطنا بالضرب حتي الموت وكانت عقوبته السجن خمس سنوات فقط، وفي حالة ثانية اعتدي ضابط بقسم السيدة زينب علي مواطن بالضرب الذي افضي الي الموت وعاقبته المحكمة بالسجن ثلاث سنوات فقط!
كما رصد التقرير الضحايا الذين لقوا حتفهم اثناء الانتخابات البرلمانية الاخيرة.
اما بالنسبة للحق في الحرية والامان الشخصي فقد طالب المجلس القومي لحقوق الانسان بضرورة الغاء قانون الطواريء لما ترتب عليه وقوع العديد من الانتهاكات لهذا الحق وطالب ايضا بالحد من استخدام الحبس الاحتياطي كاجراء احترازي خلال التحقيقات لما يمثله من انتهاك صارخ للحق في الحرية واخلال باحد اهم المباديء القانونية.
ويمثل الاعتقال الاداري احد اخطر الانتهاكات التي تقع ضد الحق في الحرية والامان الشخصي. وقد تلقي المجلس شكاوي متعددة وصلت الي 482 شكوي من اسر معتقلين يتضررون من استمرار اعتقال ذويهم لفترات طويلة يعود بعضها الي اوائل التسعينيات، اي ان بعض هؤلاء معتقل منذ اكثر من خمسة عشر عاما دون محاكمة!
ويرتكز الاعتقال علي شكلين رئيسيين هما الاعتقال السياسي بموجب قرارات ادارية بمقتضي المادة الثالثة من قانون الطواريء، والاحتجاز غير القانوني الذي يعد بداية للعديد من الانتهاكات الاخري المرتبطة به والتي يمكن ان يتعرض لها المحتجز، وقد اتضح من خلال ما تلقاه المجلس القومي لحقوق الانسان من شكاوي المواطنين ان اغلبها يتعلق بتضررهم من قيام قوات الامن باقتحام منازلهم دون اذن من الجهة المختصة، واحتجازهم لمدد تتراوح بين يومين وعشرة ايام، وذلك لاجبارهم علي الاعتراف بجرائم لا يعلمون عنها شيئا او للابلاغ عن بعض الهاربين او مجاملة لاشخاص من ذوي النفوذ او تهديدهم للامتناع عن عمل معين!
وعلي سبيل المثال قامت نيابة المنتزة بالاسكندرية بتاريخ 29/3/2005 بالتفتيش المفاجيء علي مقار الاحتجاز لقسم ومباحث النزهة واسفر التفتيش عن ضبط خمسة وخمسين مواطنا محجوزين دون وجه حق!
ورغم ان الدستور المصري يحظر التعذيب بموجب المادة ،42 ورغم تصديق الحكومة المصرية علي الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب ،1986 الا انه لاتزال جريمة التعذيب في مصر تقع داخل بعض من اقسام ومراكز الشرطة واماكن الاحتجاز.
ويتضح مما تلقاه المجلس من شكاوي تتعلق بتعرض بعض المواطنين للمعاملة القاسية من قبل قوات الامن داخل اماكن الاحتجاز انه يجب دراسة، والاخذ بما تبناه المجلس من تعديلات تشريعية لبعض مواد قانون العقوبات والاجراءات الجنائية بشكل سريع والعمل علي اتباع اجراءات التفتيش الدوري علي اماكن الاحتجاز.
هذه العبارات القانونية رغم وضوحها لا تكفي لاظهار الثمن الفادح الذي يدفعه المواطنون الابرياء من جراء مثل هذه الانتهاكات.
يكفي ان نضرب مثالين لذلك:
بتاريخ 24 يناير 2005 اصيب المواطن محمد محمد السيد سالم الذي تم احتجازه بديوان مركز شرطة مشتول في جنحة، واثناء احتجازه تم الاعتداء عليه بالضرب بالارجل علي الظهر وهو مقيد الايدي من الخلف بقيود حديدية مما نتج عنه فقده الوعي وعدم القدرة علي الحركة، وبعرضه علي النيابة العامة قررت اخلاء سبيله بضمان محل اقامته. واثناء عودته الي القسم لانهاء اجراءات اخلاء سبيله فوجيء باحتجازه داخل ديوان المركز ثلاثة ايام فاقدا القدرة علي الحركة حتي اخلي سبيله وتحويله الي مستشفي الزقازيق الجامعي والذي افاد في تقريره الطبي ان »المذكور يعاني من كسر بالفقرات القطنية وفقدان الحركة والاحساس بالطرفين السفلي وعدم التحكم في البول والبراز ويحتاج الي اجراء جراحة لتثبيت العمود الفقري بواسطة شرائح ومسامير«!
المثال الثاني: بتاريخ 9 ابريل 2005 اثناء توجه المواطن محمد حبشي »27 عاما« الي احدي الصيدليات لاحضار دواء لوالدته المسنة فوجيء بأربعة من امناء مباحث قسم شرطة الموسكي قاموا باستيقافه وطلبوا الاطلاع علي البطاقة الشخصية وطلب احدهم احضار اربع وجبات كفتة. وعندما رفض قاموا بسبه بالفاظ نابية. وقام احدهم بضربه بجهاز اللاسلكي والارجل وقاموا بسحله ارضا بالشارع امام المارة!
يا للهول
هل هذا معقول
وهل هذه مناطق في مصر ام انه جحيم سجن ابوغريب.
لو ان جهة اخري غير المجلس القومي لحقوق الانسان هي التي اصدرت هذا التقرير الذي تضمن هذه الوقائع- وهي علي كل حال غيض من فيض- لما صدقت ان هذه الفظائع تحدث في مصر في مطلع القرن الحادي والعشرين.
هذه البشاعات جزء من مخلفات ثقافة الاستبداد، والدولة التسلطية التقليدية اي ما قبل الدولة المدنية الحديثة، وهذه الدولة التسلطية التقليدية، لم يكن فيها مكان لثقافة حقوق الانسان، لانها لم تكن تعترف »بمواطنين« لهم حقوق اصلا وانما مجرد »رعايا« عليهم السمع والطاعة والامتثال وتقديم فروض الولاء.
ومن العار.. ان تبقي هذه المخلفات البشعة وتنتقل علي ضفاف النيل عبر القرون.. وكأننا مازلنا نعيش في العصور الوسطي.
لذلك.. فان الاصلاح السياسي والدستوري ليس مجرد شعارات، فاللافتات مهما كانت براقة لم تعد تهم..
الذي يهم فعلا هو كرامة الانسان.. والمعيار البسيط الذي نستطيع ان نقرر بناء عليه ان احوالنا علي ما يرام هو كيفية معاملة ابسط مواطن في قسم البوليس والشارع والمصلحة الحكومية وشركة القطاع الخاص.
اما الصورة المروعة التي قدمها لنا التقرير السنوي الثاني للمجلس القومي لحقوق الانسان.. فهي صورة كئيبة ومحبطة، ولولا بعض الايجابيات التي رصدها، بل لولا صدور التقرير في حد ذاته وتداوله بحرية، لقلنا انها صورة تبعث علي اليأس والعدمية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير مهم لمجلس غير مشكوك في مصاهرته للحكومة
- حوار ساخن مع الجنرال جون أبى زيد
- معاقبة السعودية بسبب إسرائيل.. ومصر بسبب نور.. والسودان بسبب ...
- فضيحة خطيرة
- الوزراء .. مطالبون بصوم ربيع الأول والآخر!
- من الذى أضرم النار فى معقل الليبرالية المصرية ؟
- المهندسون يرفعون شعار: الضغوط الأجنبية هى الحل!
- تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد
- نصف قمة
- عفواً يا فضيلة المفتي: أرفض تطليق ابنتي
- »عمر أفندي« يستنشق أولي نسائم الشفافية
- استقلال تونس .. بدون عدسات الحكومة اللاصقة .. والملونة
- ! أرباب الصناعة.. وأرباب السوابق
- يا عم حمزة .. رجعوا الأساتذة .. للجد تانى
- طرق أبواب مغلقة بالضبة والمفتاح!
- البراءة ل»عمر أفندي«.. و»العبّارة«!
- ليس من حق -بلير- التأكيد على أن الله معه
- -ترماى- الكويز .. وقطار منطقة التجارة الحرة
- حرمان زويل من الدكتوراه .. ومنع أبو الغار من الكلام!
- السجن .. للصحفيين!


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!