أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد














المزيد.....

تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1506 - 2006 / 3 / 31 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"تونس الخضراء" .. اسم على مسمى فهى "تؤنس" فعلا كل زائر لها ولا تجعله يشعر بالغربة أو الوحشة، وهى خضراء حقاً .. حيث يشكل اللون الأخضر الخلفية الرئيسية لبانوراما ساحرة تخلب الألباب طيلة ترحالك من مدينة إلى أخرى.
والمدن التونسية لا تقل جمالاً عن بهاء الطبيعة، وهى ليست جميلة فحسب، وإنما هى أيضاً فريدة فى روعتها. فالمدينة التونسية – فى الأغلب الأعم – تنقسم إلى قسمين يفصلهما سور شامخ ومهيب.
داخل السور توجد المدينة العريقة، وخارجه يوجد عالم آخر.
ويبدو أن هذا الانقسام المعمارى ليس مقتصراً على التركيبة البنيوية للمدينة التونسية، وإنما تمتد تداعياته وتأثيراته إلى العلاقات الانسانية أيضاً.
فكثيراً ما تصادفنا هذه "الثنائية" التونسية فى أكثر من مجال، حيث الاقتصاد يسير وفق آليات معينة، بينما السياسة تحكمها نواميس مغايرة إلى حد بعيد.
وحتى فى المجال الواحد نجد تلك "الثنائية" حاضرة، وفاعلة، ومثيرة للجدل.
وكما رأينا فى المقال السابق فان الذكرى الخمسين لاستقلال تونس تشهد على إحراز مكاسب حقيقية فيما يتعلق بالتعليم وحقوق المرأة والتطور الاجتماعي والاقتصادي. وهى مكاسب يشهد عليها نمط الحياة ووجوه التونسيين ونظافة الشوارع وارتفاع مستوى المعيشة.
تلك كلها مظاهر إيجابية لا تخطئها العين.
لكن واقع الحياة السياسية حافل بمظاهر معاكسة بصورة تبعث على الحيرة. حيث الحرص على "ليبرالية" الاقتصاد قولاً وعملاً لا يوازيه حرص مماثل على "ليبرالية السياسة"، وهى مسألة ليست حكراً على تونس بل إنها شائعة فى معظم البلدان العربية!
وقد كان مؤسس تونس الحديثة الحبيب بورقيبة أول المعترفين بذلك.. فحين ذهب إليه أحد أنصاره وأخذ فى كيل المديح لانجازاته فى كافة المجالات، قاطعة قائلاً: دعك من هذا الكلام .. إن التاريخ لن يتذكر لى سوى ما فعلته فيما يخص المرأة والتعليم.
هذا الانجاز الاجتماعى – وربما الاقتصادى أيضا – لم يتوازى معه انجاز سياسى مماثل. فقد كانت البداية السياسية بإقصاء اليوسفيين الخصم السياسى الجدى لبورقيبة بطريقة قمعية. حيث ما ان تحقق الاستقلال حتى أنشأ الحكم "الوطنى" مراكز تعذيب عرفت باسم "صباط الظلام" أشرف عليها عدد من الموالين لـ "بطل الاستقلال" كافأهم على "خدماتهم" بأعلى مناصب الدولة.
ومنذ ذلك التاريخ حافظت الدولة التونسية على أسلوب "غير ودى" فى التعامل مع المختلفين معها سياسيا، وشمل هذا الاسلوب غير الودى جميع الخصوم على اختلاف مدارسهم ابتداء من أقصى اليسار حتى "الاسلاميين" حيث تعرض الجميع لأشكال شتى من التنكيل والاحكام القاسية والاعتقال بالآلاف وموت العشرات فى السجون نتيجة التعذيب وسوء المعاملة.
ويقول الكاتب التونسى لطفى حجى "ان المرور على تلك الأحداث ضرورة لابراز أن قمع الدولة المنظم على امتداد خمسين سنة كان وصمة العار الكبرى فى تاريخ دولة الاستقلال والذى حرم أجيالاً عديدة من خيرة الشعب التونسى من التلذذ بنعمة الاستقلال لأنهم جوبهوا بالقمع والتعذيب لمجرد انهم أرادوا طرح رؤية مغايرة لتسيير الدولة أو لكونهم ارادوا المطالبة بحقهم القانونى والدستورى فى المشاركة فى تسيير الدولة حتى لا تبقى حكراً على شخص او حزب واحد".
هذا الكلام الذى قاله الكاتب التونسى يكاد ينطبق على معظم البلاد العربية فيما بعد الاستقلال وليس على تونس الخضراء فقط، وتلك مفارقة مثيرة للأسى.
أما عشية الاحتفال التونسى بالذكرى الخمسين للاستقلال فان المفارقة الثانية أنك لو أغمضت عينيك وأنت تتابع من تونس الملاسنات مع المعارضة لتصورت أنك فى مصر.
فالكلام هو نفس الكلام .. هيئة 18 أكتوبر للحقوق والواجبات – التى تشبه حركة كفاية لدينا – لا تترك نقيصة إلا ألصقتها بالنظام وتقول أن "خمسين عاما من حكم النظام القائم أكدت عجزه عن تحقيق تنمية وطنية شاملة تستجيب لمقتضيات النهوض بالبلاد وتضمن مقومات العيش الكريم للشعب، فتفاقمت التبعية وهدرت الثروات العمومية وتفشى الفساد وتفاقمت الاختلالات الاجتماعية .. وانتشرت البطالة .. وتلاشت تدريجيا المكاسب المحققة فى مجانية التعليم والصحة وتفاقمت الجريمة وحدث بالمجتمع أزمة قيمية غير مسبوقة وشهدت البلاد تصحرا ثقافيا خطيرا بفعل القيود المضروبة على حرية البحث والابداع والنشر .. كما شهدت أوضاع البلاد فى الآونة الأخيرة تدهورا خطيرا للحقوق والحريات .."
وبالمقابل فان الحكومة – بل وأحزاب معارضة – اتهمت هؤلاء "بالاستقواء بالأجنبى" – بالضبط مثلما يحدث عندنا – وهو ما عبر عنه عبدالرحيم الزواوى وزير النقل التونسى بقوله "إن التعويل على أطراف ومنظمات خارجية يتنافى مع أبسط مقومات المواطنة التى تعنى الولاء للوطن والذود عنه والتضحية فى سبيله" مؤكداً ان من الواجب "فضخ وإدانة كل متواطئ مهما كانت التعلات والمبررات التى يدعيها".
كما بين أن "التحالف الذى يلجأ إليه مثل هذه العناصر من اليساريين مع رموز التطرف من المتسترين بالدين هو تحالف مشبوه فاشل ومرفوض لأنه تحالف للأضداد مبنى على الانتهازية وسوء النوايا".
فهل نحن فى تونس أم فى مصر؟!
أم أننا كلنا فى الهم عرب؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف قمة
- عفواً يا فضيلة المفتي: أرفض تطليق ابنتي
- »عمر أفندي« يستنشق أولي نسائم الشفافية
- استقلال تونس .. بدون عدسات الحكومة اللاصقة .. والملونة
- ! أرباب الصناعة.. وأرباب السوابق
- يا عم حمزة .. رجعوا الأساتذة .. للجد تانى
- طرق أبواب مغلقة بالضبة والمفتاح!
- البراءة ل»عمر أفندي«.. و»العبّارة«!
- ليس من حق -بلير- التأكيد على أن الله معه
- -ترماى- الكويز .. وقطار منطقة التجارة الحرة
- حرمان زويل من الدكتوراه .. ومنع أبو الغار من الكلام!
- السجن .. للصحفيين!
- وزارة الثقافة تلبس العمامة .. وعمرو خالد يرتدى البدلة الإفرن ...
- بنك الطعام .. الأمريكى
- حرمان زويل من الدكتوراه .. ومنع أبو الغار من الكلام
- إنهم يستقيلون .. بسبب النجاح!
- البعض يفضل الكلابشات على الأقلام .. فى أيدى الصحفيين
- نتيجة لعبة شد الحبل بين أمريكا وطهران .. تقرر مستقبل العرب!
- هل استرحت الآن يا سيادة الوزير؟!
- قانون -عشش الفراخ-!


المزيد.....




- إيران تستهدف مستشفى سوروكا في تل أبيب.. وإسرائيل ترد بتصعيد ...
- قبل إعلان ترامب عن مهلة لإيران.. مصادر تكشف لـCNN عن تحركات ...
- تحليل لـCNN: هل يستطيع الكونغرس منع ترامب من ضرب إيران؟
- -كتائب حزب الله- العراقية تتوعد ترامب إذا ضرب إيران: ستخسر ك ...
- صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل للتحذير من هجوم صاروخي إيراني ...
- غروسي: إيران لم تكن تصنع قنبلة نووية عند بدء الهجوم.. لا تنس ...
- 34 شهيدا في غزة منذ فجر اليوم أغلبهم من المجوعين
- الرئيس الأوكراني يعيّن قائدا جديدا للقوات البرية
- شي وبوتين يتفقان على أولوية وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائ ...
- وول ستريت جورنال: تكلفة خيالية تتكبدها إسرائيل لاعتراض صاروخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد