أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - قانون -عشش الفراخ-!















المزيد.....

قانون -عشش الفراخ-!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1471 - 2006 / 2 / 24 - 11:04
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


سوء الحظ يطارد حكومة احمد نظيف، المنحوسة التى ما تكاد تخرج من "نقُرة" حتى تقع فى "دُحديرة" .. فالكوارث تتوالى عليها سواء كانت من صنع الإنسان –مثل جريمة عبّارة السلام الدامس التى راح ضحيتها ما يقرب من ألف من أهلنا الغلابة من جراء تحالف الفساد والاستهتار– أو كانت من صنع الطبيعة .. مثل بلوى إنفلونزا الطيور التى لم تكن فى الحسبان.
ويجب الاعتراف بان حكومة احمد نظيف أظهرت عدداً من الإيجابيات فى إدارتها لأزمة إنفلونزا الطيور ، فى مقدمتها إبداء قدر معقول من الشفافية ومصارحة الرأى العام بالحقائق، والتحرك السريع فى محاولة احتواء المشكلة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، والتنسيق فيما بين الجهات المعنية المتعددة.
لكن الملاحظ ان بعض الإجراءات التى اتخذتها الحكومة ، بعد اكتشاف وصول هذا الفيروس القاتل إلى أرض الكنانة، كان واجباً اتخاذها قبل هذا الاكتشاف . وأن هذا لو كان قد حدث لكان كفيلاً بتقليل حالة الهلع الناجمة عن الاندفاع فى عمل كل شئ بعد أن وقعت الفأس فى الرأس .
من ذلك مثلاً التفتيش على مزارع الدواجن، والتفتيش على المجازر، ووسائل نقل الطيور . فالمفروض ان مراقبة مثل هذه الأمور مفروغ منها ويجب القيام بها بدقة وانضباط فى كل الأوقات سواء كان فيروس إنفلونزا الطيور موجوداً او غير موجود .
والواضح أن أجهزتنا الحكومية لا تلتفت كثيراً إلى هذه الواجبات الضرورية إلا بعد ان تقع مصيبة. وهو ما رأيناه – مثلا- فى كارثة العبّارة إياها حيث اصبح واضحاً ان كل الشهادات والتصاريح التى حصلت عليها هذه العبّارة كانت كلها "مضروبة" ، وانه لو قامت الجهات المعنية بالفحص والتدقيق قبل منح هذه التصاريح الكاذبة لما وقعت الواقعة.
لكن ما لفت نظرى بشكل خاص فى تصريحات المسئولين ، فيما يتعلق بانفلونزا الطيور، كلامهم عن " عشش الفراخ" المنزلية، اى الموجودة فوق أسطح المنازل أو حتى داخل البيوت فى كثير من الأحيان، وتأكيدهم على ضرورة التخلص منها فوراً باعتبارها أحد المصادر الأساسية لهذا الفيروس القاتل .
والمدهش فى كلام المسئولين ، ومعظمهم من الوزراء وكبار القادة، انهم بعد الإسهاب فى شرح خطورة هذه "العشش" يختتمون تصريحاتهم بالتأكيد على ان هذه العشش محظورة قانوناً، وان القانون يعاقب من يربى الطيور داخلها بغرامة تتراوح بين ألف وعشرة آلاف جنيه!
حسناً.. ما دامت عشش الفراخ وشتى أنواع الحظائر المنزلية المبنية بغرض تربية الطيور على اختلاف أنواعها محظورة قانوناً، فلماذا أغمضت كل الأجهزة الحكومية أعينها عنها سنوات وعقود تستعصى على الحصر ، ولماذا لم تتذكر القانون إلا بعد ان حّلق الفيروس الملعون فى سمواتنا المفتوحة؟
وإذا كانت هذه الحظائر المنزلية أحد البؤر، أو أحد أهم نقاط الضعف التى يمكن للفيروس القاتل اختراقها، ألا يعد تقصير الأجهزة الحكومية وتقاعسها عن تنفيذ القانون بإزالة هذه العشش والحيلولة دون إقامتها أحد أسباب التمكين لهذه الأنفلونزا القاتلة ؟
وخطورة هذه الزاوية انها لا تتوقف عند "عشش الفراخ"، بل أننا نكتشف كل يوم ان كثيراً من الكوارث التى تقع لنا سببها " القوانين النائمة"، اى القوانين التى لا يتم إعمالها وتنفيذها على الكبير قبل الصغير.
خذوا مثلاً الأبراج السكنية وناطحات السحاب المخالفة للقوانين سواء من حيث ارتفاعاها وعدد طوابقها أو من حيث مواصفات بنائها .. والتى لا نكتشف مخالفتها للقوانين الا بعد أن تنهار فوق رؤوسنا ورؤوس أهلنا!
خذوا مثلاً الإشارات والشعارات الدينية التى يتبارى أصحاب السيارات الخاصة والعامة فى لصقها على مركباتهم، ولا نكتشف مخالفتها للقوانين إلا بعد ان تندلع أحداث فتنة طائفية تهدد بإضرام حريق فى جسد الوطن!
خذوا مثلاً قوانين المرور التى اصبح احترامها هو الاستثناء والسلوك غير الطبيعى!
خذوا مثلاً قوانين الانتخابات التى رأينا بالصوت والصورة كيف تم انتهاكها بتجاوز السقف المحدد لميزانية الدعاية الانتخابية ، وبيع وشراء الأصوات ، وغير ذلك من صور الغش والتدليس وتزوير إرادة الناخبين .
هذه الأمثلة – وغيرها الكثير – تجعلنا نتساءل عن الجدوى من سن القوانين إذا كنا لا نحترمها ولا نلتزم بها.
ولتقل لنا جهة واحدة من مئات الجهات الحكومية المعنية بقضية أنفلونزا الطيور : هل اتخذت قراراً واحداً بإزالة "عشة فراخ" فى الخمسين سنة الماضية إعمالاً للقانون ؟ وهل حاولت جهة واحدة من مئات الجهات الحكومية إياها ان تثير القضية فى وسائل الاعلام؟
لم يحدث بالطبع .. بل ان أحد المشاهد التقليدية المألوفة فى كثير من الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية المصرية هى لمواقف عاطفية وغرامية فى عشش الفراخ فوق أسطح المنازل!
وعلى اى حال فان عدم التنفيذ هو جانب واحد من مشاكل القانون بهذا الصدد.
أما الجانب الثانى، والذى لا يقل خطورة، فهو متعلق بالواقع الذى ينبغى ان يطبق فيه القانون .
فكل من له أصول ريفية- مثلى- يعلم ان الغالبية الساحقة من المصريين الذين يقطنون الريف يربون الدواجن داخل منازلهم، بل ينام الفقراء منهم مع المواشى والحيوانات تحت سقف واحد.. وهؤلاء يعدون بالملايين.
وهؤلاء لم يسمعوا أصلاً عن القوانين التى تحظر هذه "العشرة" مع البهائم والطيور ، وحتى إذا سمعوا بها فانهم سيضربون بها عرض الحائط ، الذى هو حائط المنزل والحظيرة فى آن واحد.
وأنا شخصياً .. لا أتصور كيف سيتم التعامل مع أهلنا الفلاحين الذين يقطنون أربعة آلاف قرية واكثر من عشرين ألف عزبة وكفر ونجع لتنفيذ التعليمات الأخيرة الخاصة بحظائر الطيور المنزلية . فالأغلبية الساحقة من البيوت تربى الدواجن مع الأطفال . وهذه الدواجن جزء لا يتجزأ من اقتصاديات الأسر الريفية التى لا يذوق معظمها اللحوم الحمراء إلا فى المواسم والأعياد. كما ان بيض الدجاج هو بمثابة " العملة" لاسر فقيرة كثيرة، تقايضه للحصول على خدمات أو سلع ضرورية أخرى .
فكيف سيتم الفصل بين الدجاج والبط والاوز وبين أطفال الفلاحين؟ وكيف سيتم تعويض الفقراء والمعدمين عن هذه "الثروة" المتجددة التى هى أبقى لهم واهم من الدعم الحكومى؟!
ناهيك عن السؤال الأكبر وهو : لماذا بقيت القرية المصرية على حالتها المتخلفة الراهنة، ولماذا لم يتم تنفيذ تأشيرة الرئيس جمال عبد الناصر بتكليف المهندس حسنى فتحى بتطوير القرية المصرية، فبقى الحال على ما هو عليه من تخلف وبؤس بينما لا يتوقف الراديو عن إذاعة أغنية محمد عبد الوهاب " محلاها عيشة الفلاح"!
وها هى المصائب تأتى لتنبهنا الى ضرورة فتح ملفات الإصلاح ، ولتؤكد لنا فى كل مرة ان هذا الإصلاح لا يمكن الا ان يكون شاملاً وجذرياً وسريعاً .. قبل ان يتسع الخرق على الراقع، وحتى لا نعطى الفرصة والذريعة لأمثال الدكتورة كوندوليزا رايس فى التنطع على شئوننا الداخلية وإعطائنا المحاضرات فيما يجب وما لا يجب ان نعمله .
فماذا ننتظر بعد مسلسل حرائق قطارات الصعيد ومحرقة قصر الثقافة بنى سويف ، وطائرة شرم الشيخ ، وعبارة السلام الدامس.. وأخيراً وليس آخراً عشش الفراخ ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتورة كوندوليزا.. وسهامها المراوغة!
- الرئيس الكذاب
- بعد رسوم الإساءة صور التعذيب!
- سولانا يذرف دموع التماسيح فى القاهرة .. لا تصدقوه
- حلف شمال الاطلنطى فى ميدان التحرير .. يا للهول
- سفينة -السلام- الدامس
- كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟
- مصر والسودان لنا.. والدنمرك إن أمكنا!
- إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2- ...
- غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
- هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
- مع الاعتذار لعادل إمام التجربة الدانماركية
- حل مشاكل النوبيين.. اليوم وليس غداً
- لماذا كل هذا الفزع من فوز »حماس«؟
- المسألة ليست مصير جمعية أهلية.. بل مصير وجه مصر الثقافى
- تشيني غادر حدود أمريكا.. إذن توقعوا مصيبة وشيكة!
- أزمة بيت الحكم الكويتي.. جرس إنذار للجميع
- النخب العربية في مواجهة تحديات تجديد الدماء!
- ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع ...
- كليمنصو!


المزيد.....




- -مبادلة- الإماراتية تستثمر في أكبر مصنع في أستراليا لإنتاج س ...
- -كالكاليست-: سيطرة إسرائيل على معبر رفح ستضر مصر اقتصاديا
- بينها دولتان عربيتان.. أكبر 10 دول تحقيقا للإيرادات عبر واتس ...
- بمشاركة دولية واسعة.. انطلاق فعاليات قمة -AIM للاستثمار- 202 ...
- كمصدر للعملة الأجنبية.. زيادة حجم صادرات مصر الغذائية بنسبة ...
- ارتفاع أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي
- مايكروسوفت تبني نموذج ذكاء اصطناعي لمنافسة غوغل و-أوبن إيه آ ...
- قفزة مفاجئة.. سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم الثلاثاء 7 مايو 2 ...
- تحقيق فلسطيني بسرقة 70 مليون دولار من البنوك في غزة
- -أرامكو- السعودية تقر توزيع أرباح تاريخية


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - قانون -عشش الفراخ-!