أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2-2)















المزيد.....

إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2-2)


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1452 - 2006 / 2 / 5 - 10:09
المحور: المجتمع المدني
    


تناولنا فى نفس هذا المكان، يوم الجمعة الماضى، تفاصيل قضية جمعية "اصالة" التى احتضنت هموم الحرف اليدوية التقليدية.
وبدلا من أن تساند الهيئات المعنية هذه الجمعية الرائدة، والرائعة، التى تحافظ على هذا "التراث الحى" وتحاولحمايته من الانقراض، "تسابقت" فى "قطع المياه والنور" عنها على النحو الذى رصدناه بالتفصيل، بحيث يبدو الأمر وكأنه حكم غير معلن بالاعدام على جمعية ثقافية تعد بالفعل الراعى والأمل بالنسبة للمشتغلين بالحرف والفنون التراثية فى مصر، بعد أن نجحت فى بناء حائط صد قوى أمام رياح التجريف والاندثار لهذه الفنون الحرفية، وبعد أن خرجت بهذه الفنون إلى العديد من المحافل الدولية ولفتت إليها أنظار المجتمع بمعارضها وندواتها وورشها ومؤتمراتها، متنقلة بين المجلس الاعلى للثقافة والقاعات الرسمية والأهلية والنوادى والنقابات والمؤسسات الصحفية وشتى المحافظات والجمعيات.
وقبل أن تصبح الدعوة إلى مشاركة المجتمع المدنى فى التنمية شعارا رسميا، وقبل أن تنادى الدولة بأن تقوم الجمعيات الأهلية بدور رئيسى فى النهوض بالمجتمع والدعوة لإحياء التراث - كخط دفاع عن الهوية الثقافية لمصر – كانت أصالة تقدم فعلا بهذا الدور على أرض الواقع منذ عام 1995، وتحقق من خلاله مشروعات هامة فى الجوانب الثلاثة للتنمية : الثقافية والاجتماعية والاقتصادية .. فمن فوق قاعدة ارتكازها التى لم تغادرها عبر تلك السنوات بمنطقة الأزهر والدرب الأحمر – وسط أكثر الأحياء ازدحاماً بالطبقات الشعبية، وامتلاء بالفقر والأصالة معا، انطلقت دورات التدريب المتعاقبة فى الحرف التقليدية، لتخريج أجيال جديدة من الحرفيين المهرة: فى السجاد والخيامية والخزف والنقش والطرق على النحاس والمشغولات الخشبية والتطعيم بالصدف والأزياء الشعبية والحلى الفضية وغيرها، يملأون الفراغ الكبير فى هذا المجال، بعد أن أوشك العديد من هذه الحرف الأصيلة على الإندثار .. مئات من المتدربين الشباب من الجنسين شقوا طريقهم بعد ذلك فى مجالات الانتاج والتسويق، وفتحوا بيوتا وشاركوا فى معارض داخل البلاد وخارجها، واستطاعت أناملهم الذهبية أن تنافس ما ينتشر فى الأسواق من منتجات.
* معرض القاهرة الدولى للكتاب طالما استضاف الجمعية فى دوراته المتعاقبة فى جناح كبير بغير إيجار لعرض أعمال الفنانين التشكيليين والحرفيين المهرة التى انبهر بها جمهور المعرض وأحس من خلالها بالانتماء إلى جذوره.
* مؤسسة أغاخان للخدمات الثقافية جعلت من الجمعية أول مشروع ثقافى لها تلتحم من خلاله مع أبناء حى الدرب الأحمر، فتحيله من مركز لترويج المخدرات إلى مركز للإشعاع الجمالى من خلال ورش التدريب والإنتاج ومعارض الفن.
* ساقية عبد المنعم الصاوى الثقافية بالزمالك طالما تجملت بمثل هذه المعارض وورش العمل، وشهدت التفاف الجمهور حول المبدعين من أصالة عندما توسطهم الدكتور أسامة الباز مستشار سيد الجمهورية وهو يسلم شهادات التخرج لعشرات المتدربين فى أقسامها بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى التنمية.
* وكالة الغورى شهدت أجمل أمسياتها ولياليها من خلال مهرجانات عروض الأزياء الشعبية والمسرح والفنون الشعبية التى كانت تقيمها الجمعية بها، وتتلألأ أنوارها على امتداد ليالى شهر رمضان طوال خمسة أعوام متصلة، قبل أن تضطر إلى إخلائها عام 2000.
* ورش الحرف التقليدية بمنى الوكالة – التىظ خاوية مظلمة عشرات السنين – أضاءت أصالة أنوارها وأطلقت فيها الحيوية فتألقت بابداعات الحرفيين الذين حصلوا لأول مرة على ثمرة جهدهم من خلال معارضها ومسابقات التميز التى أقامتها لتشجيعهم.
...
فمن المستفيد من أن يعم الظلام ورش أصالة ومعارضها ومراسمها؟ .. ومن المستفيد من إطفاء قناديل الأمل لمستقبل التراث الحرفى فى مصر، ومن جعل بلدنا ساحة مستباحة لغزو الحرف والبضائع الأجنبية، حتى تذبل فى وجه الوطن ملامح الأصالة؟
أن ما تتعرض له "أصالة" اليوم ليس إلا حلقة جديدة من مسلسل التفريط وعدم الاكتراث بالوجه الأصيل لثقافتنا .. والشواهد عديدة: فأين مدينة الحرف التقليدية التى أصالة التى سهر على تحقيقها الفنان عز الدين نجيب حتى وضعت السيدة سوزان مبارك حجر الأساس لإنشائها منذ خمس سنوات بمنطقة الفسطاط؟ ... وهل اكتفت وزارة الثقافة ببناء ديكور يشبه منشآت مدينة الانتاج الاعلامى بمنطقة الفسطاط على الطراز العربى السياحى وبأن تضع فوقه يافطة باسم مركز الحرف التقليدية، حتى يكون بديلا عن هذه المدينة وعن مراكز الحرف بوكالة الغورى التى طردت الحرفيين منها منذ خمس سنوات فأصبحوا بعدها كماً مهملاً وعبئاً ثقيلاً على كاهل الدولة؟
هل باعت وزارة الثقافة القضية واكتفت بترديد الشعارات حول الحفاظ على التراث؟ وهل اكتفت الدولة بالحصول على المنح من الدول الأجنبية بملايين الدولارات لتقيم ببعضها واجهات وهمية، فيما يحدث كل يوم انهيار جديد فى هذا التراث؟
إن الشعور بالتجاهل والخذلان لأصحاب هذه القضية والمخلصين لها من جانب من بيدهم أمر النهوض بها، قد يدفع أشد المخلصين إيماناً إلى اليأس والاحباط، وإلى أن يتخلوا فى النهاية عن دورهم .. فهل هذا هو المطلوب من قادة أصالة؟
....
إن وزير الثقافة مطالب اليوم بإعلان حسن نواياه تجاه هذه القضية التى تبدو محذوفة من أجندة وزارته، حتى لا يبدو مشاركا فى مسئولية الحكم بالاعدام على "أصالة"، ومطالب بأن يترجم ذلك عملياً بمنحها مقرا مناسباً، مثل سبيل قايتباى بالأزهر الذى تم ترميمه مؤخراً، وقد وعد د. زاهى حواس امين عام الآثار بتسليمه "لأصالة" ليكون مقرا دائماً لها بعد موافقة الوزير، والوزير مطالب كذلك بدعمها بالمال اللازم لتقوم على قدميها وتواصل مهمتها الحضارية جنبا إلى جنب مع الوزارة، باعتبار أنها كيان عضوى مكمل لدور الوزارة فى تحقيق رسالتها فى مجال الفن والتراث، وكذلك كى تستكمل ما بدأته فى إصدار الأجزاء الباقية من موسوعة الحرف التقليدية.
ونناشد الدكتور أحمد نوار رئيس هيئة قصور الثقافة أيضاً باعادة مقر الجمعية بوكالة الغورى إليها الذى أخذ منها بحجة أن المبنى لم يعد تابعا له، بينما يفترض أن يكون المسئولية المعنوية أكبر من المسئولية الإدارية فى هذا الشأن، ومع ذلك فإن بإمكانه اليوم أن يقدم اليها ما هو أكثر من المقر من خلال موقعه بقصور الثقافة، ذلك أن دور الجمعية لا يقتصر على القاهرة التاريخية، بل يمتد إلى جميع المحافظات والمراكز والقرى النائية، عبر قصور وبيوت الثقافة.
القضية اذن ليست مصير جمعية أهلية .. تكون أولا تكون، بل مصير وجه مصر الثقافى متجسدا فى إبداعها التراثى من الحرف والفنون الممثلة للهوية .. تكون أو لا تكون ؟!
....
الآن وليس غداً .. هو الفرصة الأخيرة، وهو المحك إما لكى نثبت مصداقيتنا فى تبنى هذه القضية والدفاع عنها، أو لكى نثبت تواطؤنا ضدها!!
فلا تدعوا الفنان الكبير عز الدين نجيب الذى حمل راية هذه القضية الثقافية والتنموية المهمة .. والذى ظل يسبح ضد التيار لاكثر من عشر سنوات..
لا تدعوه يغرق .. أو ييأس، لأنه لن يكون الخاسر الأكبر، بل لعل مصلحته الذاتية أن يتفرغ لفنه وابداعه بدلا من وجع الدماغ.
الخاسر يا سادة هو تراثنا الحى.. وهويتنا الثقافية المهددة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
- هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
- مع الاعتذار لعادل إمام التجربة الدانماركية
- حل مشاكل النوبيين.. اليوم وليس غداً
- لماذا كل هذا الفزع من فوز »حماس«؟
- المسألة ليست مصير جمعية أهلية.. بل مصير وجه مصر الثقافى
- تشيني غادر حدود أمريكا.. إذن توقعوا مصيبة وشيكة!
- أزمة بيت الحكم الكويتي.. جرس إنذار للجميع
- النخب العربية في مواجهة تحديات تجديد الدماء!
- ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع ...
- كليمنصو!
- هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!
- .. لكن هل يجوز أن تكون الرئيسة مطّلقة .. وعلمانية؟!
- النخب العربية فى مواجهة تحديات تجديد الدماء
- رئيس تحرير تحت الطلب
- أربع ساعات مع رئيس الحكومة !
- شجرة الأرز اللبنانية .. وغابة أشجار الصبار العربية
- حتى لا نكون نحن والزمن وعنصرية الغرب ضد السودانيين
- تعالوا نتفاءل.. علي سبيل التغيير
- من يشعل فتيل القنبلة النوبية؟


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2-2)