أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!















المزيد.....

هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1436 - 2006 / 1 / 20 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"دوام الحال من المحال".
الحكمة عربية .. والممارسة لاتينية.
وقد كان الحال في أمريكا اللاتينية مضرب الأمثال في السوء سياسيا واقتصاديا واجتماعياً، حتى تصور الكثيرون أن هذا الواقع التعيس لا يمكن تغييره أو الفكاك منه أو التمرد عليه.
لكن شعوب أمريكا اللاتينية كان لها كلام آخر.
فإلى جانب الصمود الأسطورى للاستثناء الكوبى، توالت الانتفاضات الناجحة ضد هذا الواقع الظالم.
فشهدت البرازيل تطوراً دراماتيكياً أسفر عن نجاح اليسار في الإطاحة بالحكم اليمينى الأبدى. ورغم الجهود المستميتة التى بذلتها واشنطن لمنح حلفائها اليمنيين قبلة الحياة نجح عامل ونقابى يسارى مناضل، عمل في طفولته ماسح أحذية، في الوصول إلى مقعد الرئاسة. وكانت أحد تداعيات رئاسة "سيلفا دى لولا" أن بلدة برازيلية كانت مغمورة ولا مكان لها على الخريطة، تدعى بورتو ألليجرى، أصبحت قبلة لآلاف مؤلفة من المنظمات الأهلية في سائر قارات الدنيا، تجتمع سنويا في نفس موعد انعقاد القمة "الاقتصادية" في منتجع دافوس السويسرى، لتعقد القمة "الاجتماعية" المعبرة عن "العولمة البديلة" المدافعة عن العالم الثالث وحركات التحرر الوطنى وملايين الفقراء الذين تسحقهم "العولمة المتوحشة".
وفي فنزويلا .. وصل هوجو شافيز إلى قمة السلطة وكان أول قرار يتخذه بعد أن أصبح رئيساً هو تغيير اسم البلاد ليصبح "فنزويلا البوليفارية"، نسبة إلى سيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية وبطلها الأسطوري.
ولم يكن الأمر مجرد تغيير في الأسم، وإنما كان تغييراً حقيقياً في السياسة والاقتصاد وكل شئون المجتمع الذى كان يعانى من الفقر المدقع رغم أن فنزويلا دولة غنية بالبترول وتصدره إلى أمريكا!
وعندما أدركت واشنطن أن فنزويلا البوليفارية قد ولت وجهها شطر اليسار فعلاً، وليس قولاً فقط، لم تتورع عن تدبير انقلاب عسكرى للإطاحة بالرئيس المنتخب شافيز، الذى أعاده الشعب إلى قصر الرئاسة بعد أقل من 48 ساعة على الانقلاب العسكرى.
وفي بوليفيا – التى صاغت اسمها هي الأخرى تيمناً باسم الزعيم سيمون بوليفار – وصل الهندى الأحمر، اليسارى، إيفو موراليس إلى كرسى الرئاسة منذ أيام. وهو حدث لا يقل أهمية في أثره عن خوارق الطبيعة، لأنه "ينهى 500 سنة من الاستعمار و180 سنة من التمييز و20 سنة من السياسة الاقتصادية النيوليبرالية" على حد تعبير ألفارو جارسيا لينيرا الذى انتخب نائباً للرئيس موراليس، ذلك لأن اضطهاد الهنود الحمر، سكان هذه البلاد الأصليين، لم يتوقف منذ الاحتلال الأسبانى عام 1535. ومنذ حصلت بوليفيا على استقلالها من أسبانيا عام 1825 تعاقب عليها 83 رئيس جمهورية، بمعدل رئيس كل سنتين وشهر، وضربت الرقم القياسى في عدد الانقلابات العسكرية التى ابتليت بها وناهزت 200 انقلاب ومحاولة انقلابية.
هذه البلاد التى كانت مرتعا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والتى استشهد في غاباتها الزعيم الثورى الأسطورى أرنستو شى جيفارا على أيدى عملاء هذه المخابرات الأمريكية، استدارت هى الأخرى إلى اليسار ووضعت على رأس السلطة موراليس، الهندى الأحمر، الشاب الأعزب ، الذى لم يتجاوز السادسة والأربعين من عمره، وابن العامل في صناعة الصفيح الذى مات أربعة من أبنائه الستة في طفولتهم من الفقر الكافر.
هذا الشاب اليسارى الذى لم يكمل دراسته الثانوية، نجح فيما أخفق فيه مناضلى الكلام والصالونات، من حملة الدكتوراه، واستطاع أن يثأر للزعيم الأسطورى جيفارا.
وأخيرا .. وليس آخراً .. جاء الدور على شيلى، حيث نجحت ميشيل باشليه، منذ يومين، في أن تصبح أول سيدة تتبوأ منصب الرئاسة في القارة الأمريكية بأسرها.
ميشيل باشليه، البالغة من العمر 54 عاما، ابنة جنرال ظل مخلصا للرئيس السابق سلفادور الليندى حتى آخر لحظة، وتوفي نتيجة التعذيب في سجون الدكتاتور أوجستو بينوشيه الذى قاد انقلابا عسكريا أيدته واشنطن للإطاحة بالرئيس المنتخب ديموقراطيا.. سلفادور الليندى!
وقد رشحت "ميشيل" نفسها ممثلة للاتجاه اليسارى، وهى طبيبة صحة عامة, ووزيرة صحة في حكومة الرئيس الاشتراكي لاجوس عام 2000 ووزيرة للدفاع عام 2002.
ورغم أن أئتلاف يسار الوسط يحكم شيلى منذ انتهاء عصر الدكتاتور بينوشيه عام 1990 فان معركة "ميشيل" لم تكن سهلة في مواجهة رجل الاعمال سيباستيان بينيرا، أحد أغنى أغنياء شيلى الذى تقدر ثروته بنحو 1.2 مليار دولار والذى شن عليها حملة هجوم شرسة تناولت معتقداتها العلمانية ووضعها العائلى كمطلقة.
ومهمة الرئيسة اليسارية ليست سهلة لانها مطالبة بتصفية الاساس الدستورى الذى وضعه بينوشيه. فرغم رحيل هذا الطاغية مازالت البلاد محكومة بقانون انتخاب جائر يحقق لليمين تمثيلا يفوق وزنه الانتخابي بينما يحرم قوى يسارية، مثل الحزب الشيوعى، من التمثيل في مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
فضلا عن تحديات اقتصادية واجتماعية مثل الفوارق الطبقية المخيفة وسوء أوضاع الهنود الحمر الذين يمثلون أقلية تبلغ 5% من السكان.
ومع ان هذه التجارب المتلاحقة ليست متطابقة فإن ما يجمعها بصورة عامة- رغم ما يوجد بينها من اختلافات وحتى خلافات – هو أنها تمثل تمردا يساريا على الوضع القائم داخليا والهيمنة المفروضة من الخارج.
وما يجمعها أيضا انها تمت كلها عن طريق الديموقراطية والاحتكام الى صناديق الاقتراع في بلاد عانت قرونا متصلة من الدكتاتورية، والحكم العسكرى والتدخل الخارجى.
وما يجمعها كذلك ان هذا التطور الديموقراطى جاء متلازما مع كونه "علمانيا" في تلك البلدان الكاثوليكية التى لعبت فيها الكنيسة دورا بالغ الاهمية تاريخياً، وطالما حاولت الدوائر اليمينية استغلال الدين لمصلحتها وخاصة في الأرياف الغارقة في الفقر والامية. لكن هذا الخلط بين الدين والسياسة لم يفلح فى إيقاف عجلة التغيير واختار الناس إعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله .
وما يجمعها ايضا انها حدثت في الفناء الخلفي لواشنطن، وفي مواجهة جهود مستميتة بذلتها الإدارة الأمريكية لاجهاض هذا التحول اليسارى. لكن إرادة الجماهير كانت الاقوى. ويمكن ان نلمس البعد "الوطنى" في هذه التحولات جنبا الى جنب مع البعد "الديموقراطى".
وما يجمعها كذلك ان أغلبية الناخبين في كل هذه البلدان رأت ان حل القضية "الاجتماعية" لا يتحقق بمعزل عن المسألة الديموقراطية والمسألة الوطنية.
ورغم وطأة الاستبداد الداخلى، والهيمنة الامريكية الخارجية .. فعلها ابناء أمريكا اللاتينية وفرضوا التغيير.. وأثبتوا ان دوام الحال من المحال.
ولعل العرب الذين لا يكفون عن اجترار هذه الحكمة والتشدق بها، ان يتعلموا من "الهنود الحمر" كيفية تحويل الاقوال الى أفعال!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. لكن هل يجوز أن تكون الرئيسة مطّلقة .. وعلمانية؟!
- النخب العربية فى مواجهة تحديات تجديد الدماء
- رئيس تحرير تحت الطلب
- أربع ساعات مع رئيس الحكومة !
- شجرة الأرز اللبنانية .. وغابة أشجار الصبار العربية
- حتى لا نكون نحن والزمن وعنصرية الغرب ضد السودانيين
- تعالوا نتفاءل.. علي سبيل التغيير
- من يشعل فتيل القنبلة النوبية؟
- لماذا خطاب »الوقاحة«؟
- أشياء ترفع ضغط الدم!
- كمال الابراشى .. والسادات .. والسفير الإسرائيلي!
- برلمان الهراوات والعمائم!
- أخيراً.. جامعة في أرض الفيروز
- هل الأزهر فوق القانون ؟!
- احتفال -تحت الأرض- لجماعة -الأخوان-!
- فقر العرب!
- نريد المعرفة.. والحرية
- أطاح بالملك فاروق .. وهزمه إخوانى -فرز ثالث-
- -الاخوان- و-الأمريكان-
- المواطنة.. لا تعني مساواة المسيحيين بالمسلمين


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!