بعد رسوم الإساءة صور التعذيب!

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1466 - 2006 / 2 / 19 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الصور التي بثها التليفزيون الاسترالي لعمليات تعذيب ضد معتقلين عراقيين في سجن أبو غريب علي أيدي جنود أمريكيين.. صور بشعة تقشعر لها الابدان.
صحيح أن هذه ليست المرة الأولي التي تنشر فيها مثل هذه الصور، لكن الواضح أن الصور التي نشرت من قبل لم تسجل المأساة بكاملها. بدليل ظهور هذه الصور الجديدة.
ولا نظن أن صور التليفزيون الاسترالي هي آخر الوثائق التي تدين قوات الاحتلال الأمريكية وتفضح بربريتها التي تجاوزت كل التصورات.
فالواضح من تسلسل الأحداث أن وقائع التعذيب والاذلال واهدار كرامة المعتقلين العراقيين ليست مجرد تصرفات فردية لاشخاص منحرفين سلوكيا أو مرضي نفسيين من بين قوات الاحتلال الأمريكية، وإنما هي »سياسة رسمية« صدرت من أعلي مستويات صنع القرار في البنتاجون بالعاصمة واشنطن.
والواضح أيضا أن هؤلاء السادة، والسيدات، الذين يتبوأون أرفع المناصب في الادارة الأمريكية، والذين يتصدرون نشرات الأخبار العالمية ويعظون البشرية في قارات الدنيا ويتحدثون عن التمدن ويدينون الارهاب باعتباره لصيقا »بالبرابرة« هم أنفسهم أبعد الناس عن التحضر فهؤلاء الجالسون في مكاتبهم في واشنطن لا يستطيعون أن يتنصلوا من مسئوليتهم عن تلك الفظائع المنحطة والوضيعة التي جرت، وتجري في سجن أبو غريب.
هؤلاء السادة والسيدات الذين يجلسون في مكاتبهم في واشنطن ويتشدقون بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ويطالبون الدول العربية وغير العربية بتنفيذ »وصفتهم السحرية« عما يسمونه بالاصلاح هم أنفسهم الذين يتحملون مسئولية هذه الجريمة البشعة التي تعد أحط أشكال ارهاب الدولة، كما تعد جريمة في حق الانسانية.
وياليت أولئك المشاركين في حملة الاحتجاج علي الرسوم الدنمركية المسيئة لنبي الاسلام (صلي الله عليه وسلم)، ومعهم كل الحق في الاحتجاج علي هذه الرسوم الحقيرة، ياليتهم يضمون ملف سجن أبو غريب ومعتقل جوانتانامو وجميع أشكال الابادة التي يمارسها جيش الاحتلال الأمريكي في العراق إلي ملف الاساءة الدنمركية إلي الرسول. فليس منطقيا أن نغضب من رسوم كاريكاتورية وضيعة تنطوي علي تطاول علي شخص نبي الاسلام ولا نغضب من هذا الإجرام الأمريكي ضد المسلمين في العراق.
ليس منطقيا أن نبدي التشدد مع الدنمركيين ونطالبهم بما هو أكثر من الاعتذار الشفوي، وأن نتساهل في الوقت نفسه مع الأمريكيين ونبتلع الاهانات الدموية التي يوجهونها لنا وكأن شيئا لم يكن!
ليس منطقيا أن يتمسك بعضنا بالمقاطعة الاقتصادية، لكل ما هو دنمركي، بينما نعتبر هذه المقاطعة رجساً من عمل الشيطان إذاتمت المطالبة بتطبيقها علي من يساندون الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين ويقومون بالاحتلال العسكري للعراق!
ليس منطقيا أن نتهم الآخرين بازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وأن نمارس نحن نفس الازدواجية فنكيل للدنمرك بمكيال ونكيل للأمريكيين والاسرائيليين بمكيال آخر رغم أن جرم الطرف الأخير ليس أقل من اساءة الطرف الأول بأي حال من الأحوال.
وهذا يعني أننا إذا كنا جادين حقا في اتخاذ موقف فعال ضد الاساءة إلي رسول الاسلام عليه الصلاة والسلام فإننا يجب أن نكون مستعدين لاتخاذ موقف فعال ضد الاساءة إلي أتباع الرسول من المسلمين الذين يسامون العذاب في سجون الاحتلال الأمريكي.
أم أننا لسنا مستعدين إلا أن »نتشطر« علي كوبنهاجن، بينما نبتلع الزلط لـ»واشنطن« و»ماما أمريكا«؟!

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات