أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد هجرس - سفينة -السلام- الدامس















المزيد.....

سفينة -السلام- الدامس


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1456 - 2006 / 2 / 9 - 10:48
المحور: حقوق الانسان
    


يجب أن نواجه الحقيقة دون لف أو دوران ودون خداع للذات أو ضحك على الذقون.
والحقيقة العارية التى تكشفها كارثة غرق "السلام"، أو العبَّارة المنكوبة التى تحمل هذا الاسم المفترى عليه دائماً، هى أن الفجوة بين الأقوال والأفعال أوسع من البحر الأحمر الذى هوت السفينة المنكوبة إلى قاعه حاملة فى بطنها المئات من المصريين الغلابة.
ولعلكم تذكرون المانشيتات التى خرجت بها كل الصحف فى أعقاب اجتماع رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف مع مجلس المحافظين منذ أسابيع معدودة، وكانت كلها تؤكد أن "الانضباط" هو عنوان المرحلة المقبلة.
ولعلكم تذكرون المانشيتات التى سبقتها فى أعقاب تشكيل حكومة نظيف الثانية التى بدأت عملها فى أول يوم من أيام هذا العام، وكانت كلها تؤكد أن ضمان تقديم الخدمات الأساسية للمواطن المصرى هو الشاغل الأساسى للحكومة.
وقبل أن يجف الحبر الذى كتبت به هذه المانشيتات الرنانة فوجئنا بكارثة العبَّارة "السلام 98".
ومع أن الكوارث والحوادث يمكن أن تحدث فى كل بلاد العالم، بما فيها الدول الأكثر تقدماً، فان غرق "السلام" لم يكن مجرد حادث قضاء وقدر.
إنه بالأحرى نموذج مأساوى تجمعت فيه كل خيوط الاهمال والاستهتار والفساد.
وقد حاول المسئولون عن قطاع النقل البحرى التغطية على هذه الفضائح عندما ذهب الرئيس حسنى مبارك بنفسه لتفقد بعض الضحايا، فقدموا إليه معلومات كاذبة تكفلت بتفنيدها مصادر اجنبية، منها مركز تنسيق معلومات أسطول صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا الذى أكد أن إحدى قواعده العسكرية فى اسكتلندا تلقت إشارة عن غرق السفينة، وأن القاعدة البريطانية أبلغت النبأ للسلطات المصرية، وعرضت عليها استعداد قطع بحرية بريطانية وأمريكية للمساعدة فى عمليات الانقاذ، لكن السلطات البحرية المصرية رفضت العرض بكل استهتار ولكل عنجهية. وكل هذه المعلومات مناقضة للتصريحات الكاذبة التى لم يتوقف المسئولون فى هذا القطاع عن إطلاقها منذ وقع الفأس فى الرأس.
ولا يقل كذباً عن التصريحات الرسمية تصريحات الشركة صاحبة السفينة حيث زعم أصحابها أن كل شئ تمام وأن سفينتهم كاملة الأوصاف. لكن المصادر الأجنبية كانت هى التى فندت أيضاً هذه الادعاءات الكاذبة فقالت شركة "لويدز" أكبر شركة عالمية للتأمين البحرى أن هذه العبارة الغارقة غير مسموح لها بالابحار فى المياه الأوروبية لأنها غير صالحة لنقل الحيوانات، فما بالك بالآدميين، وأن شهادات الصلاحية التى تشهرها فى وجوهنا مجرد أورواق "مضروبة".
وأن سماح سلطات النقل البحرى المصرية بتسيير هذه السفينة الخردة التى لا تصلح لنقل المواشى يكشف بدوره عن فساد وتواطؤ واستيفاء أوراق ولطع ختم النسر عليها للتصديق على ما بها من أكاذيب، حتى لو كانت هذه الأكاذيب يمكن أن تقتل مئات البشر!
ثم جاءت ممارسات الجهات الحكومية الاخرى بعد الحادث لتزيد الطين بلة، حيث تركت أسر الضحايا فى العراء فى منطقة سفاجا دون أدنى مساعدة، ودون تقديم معلومات أو كوب ماء أو سندوتش فول. وعندما أبدى الناس الغلابة تململهم من هذه البلادة وذلك الاستهتار تعرضوا للضرب بالعصى والهراوات!!
وكل هذه التفاصيل المتشابكة التى ترفع ضغط الدم تشير إلى تسيب عظيم وفساد أعظم وتساند وظيفى بين المهملين والفاسدين، بحيث أصبحت هناك خشية شائعة من أن تذهب دماء الضحايا الغلابة هدراً.
وهناك اكثر من سبب لانتشار هذه المخاوف.
أول سبب هو ما يتردد عن نفوذ صاحب العبارة والذى فى الوقت نفسه صاحب الحصانة البرلمانية التى تمنع مساءلته طالما هو عضو بمجلس الشورى ( ولا أفهم لماذا لا يرفع مجلس الشورى الحصانة عنه حتى الآن!) كما تترد حواديت كثير عن أنه "مسنود"!
والسبب الثانى أن كثيراً من المصائب السابقة تم قيدها ضد مجهول، وبالتالى تم حفظها إلى الأبد. وأقرب الأمثلة على ذلك حفظ التحقيقات فى قضية التحرش بالصحفيات وغير الصحفيات على سلالم نقابة الصحفيين وعلى مرأى ومسمع من العالم كله!
وفى رأيى أن الانسياق وراء هذه المخاوف – رغم أنها حقيقية – منهج مضر وخطر لأنه يعنى أن نرفع الرايات البيضاء ونستسلم أمام الاهمال والفساد والكذب.
فكارثة بهذا الحجم تجعلنا نطالب بالمحاسبة والمحاكمة، ليس لصغار البحارة وصغار الموظفين الذين سيحاول البعض التضحية بهم ككباش فداء، وإنما لأكبر الرءوس سواء فى قطاع النقل البحرى أو فى الشركة المالكة لهذه السفينة، والتى غرقت لها سفينة ثانية من قبل.والتى رفضت السعودية أمس الثلاثاء صعود الركاب إلى سفينة ثالثة تابعة لها بعد التشكك فى صلاحيتها!
ويجب على المجتمع ألا يتواطأ مع الذهنية التبريرية التى تسوغ للمجرم أن يفلت بجريمته.
فمن العار أن تخرج مظاهرات تبدى التشدد فى المطالبة بمحاسبة الدانمركيين فى قضية الرسوم إياها، قائلة أن "الاعتذار لا يكفى"، ثم يصمت المجتمع أمام مثل هذه الكوارث فلا يحصل حتى على اعتذار ولا يحصل على محاسبة حقيقية للقتلة والفاسدين والمفسدين.
ونطالب فى هذا السياق رئيس الوزراء بأن يحول مطالبته لمجلس المحافظين بالانضباط إلى إجراءات قانونية وسياسات تفتح كل ملفات هذا القطاع الذى تعشش فيه الفوضى.
ونطالب منظمات المجتمع المدنى بألا تترك الساحة للحكومة، فمن المدهش أننا لم نجد منظمة واحدة – باستثناء تواجد صورى للهلال الأحمر – تهب لنجدة الناس الغلابة فى موقع الحادث، ولم نسمع عن دور لمنظمات حقوق الانسان التى تصدع رءوسنا بالحديث عن "الختان" ولا نجد لها أثرا فى الدفاع عن الناس المساكين الذين يهانون فى سفاجة بدون أى حماية قانونية أو إنسانية.
ولا يجب أن ننسى أن كارثة العبارة المنكوبة مجرد حلقة فى سلسلة طويلة تشمل كوارث أكثر من الهم على القلب فى البحر والبر والجو ، حيث سقطت طائرات وغرقت سفن وتصاعدت وتيرة حوادث السيارات والقطارات على الأرض التى يذهب ضحيتها رقم قياسى من المصريين والسياح الأجانب. وكل ذلك نتيجة قاتل محترف اسمه "الاهمال" يسير طليقاً فى حماية إخطبوط بشع اسمه "الفساد".
وقد طفح الكيل .. ولابد من وقفة جادة وإجراءات ملموسة .. بدلاً من ذرف دموع التماسيح على الضحايا الغلابة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟
- مصر والسودان لنا.. والدنمرك إن أمكنا!
- إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2- ...
- غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
- هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
- مع الاعتذار لعادل إمام التجربة الدانماركية
- حل مشاكل النوبيين.. اليوم وليس غداً
- لماذا كل هذا الفزع من فوز »حماس«؟
- المسألة ليست مصير جمعية أهلية.. بل مصير وجه مصر الثقافى
- تشيني غادر حدود أمريكا.. إذن توقعوا مصيبة وشيكة!
- أزمة بيت الحكم الكويتي.. جرس إنذار للجميع
- النخب العربية في مواجهة تحديات تجديد الدماء!
- ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع ...
- كليمنصو!
- هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!
- .. لكن هل يجوز أن تكون الرئيسة مطّلقة .. وعلمانية؟!
- النخب العربية فى مواجهة تحديات تجديد الدماء
- رئيس تحرير تحت الطلب
- أربع ساعات مع رئيس الحكومة !
- شجرة الأرز اللبنانية .. وغابة أشجار الصبار العربية


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد هجرس - سفينة -السلام- الدامس