محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 6018 - 2018 / 10 / 9 - 14:58
المحور:
الادب والفن
ساكنة حي بأكمله تعاني من الاختناق بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من مزبلة المدينة، اشتكت جمعيات المجتمع المدني أكثر من مرة، لكن لا تلقى إلا تسويفات غير جادة، اضطرت أغلب الساكنة لهجر بيوتها واستئجار منازل بعيدة عن مطرح النفايات، خاصة وبعد أن اكتشف العديد منهم إصابته بأمراض كالقلب أو السرطان...
لا نعرف إن كانت هذه الأمراض ناتجة عن هذه الروائح التي لا تطاق، أو أن لها أسبابا أخرى، لكن المشكل هنا هو رد فعل المسؤولين، لا يسكن في هذا الحي أي منهم، إنه خاص بالفقراء والحرافيش الذين لا يستحقون إلا الأعمال الشاقة أو السجون أو الموت...
القضية تستدعي حلا استعجاليا، وكأن طبيبا يؤجل إسعاف مصاب لا يتوقف عن النزيف، لا معنى لتأجيل الأمر، ولو سنحت لك فرصة المرور بجانب الطريق الرئيسية المحادية للحي، والبعيدة نوعا ما عن مطرح النفايات، لما استطعت اطلاق سراح أنفاسك....
تخيل، أن تكون مصابا بمرض السرطان على مستوى الرأس في هذه البلاد، وأن يكون عقبة قاسية ضد إكمال دراستك، هذا حال شابة من طنجة، لم تستطع إكمال دراستها الجامعية بطنجة بسبب المرض، وتلاحمت ضدها المصائب، حين قامت شركة أمانديس بسحب عداد الكهرباء والماء من بيتها، ما أدى إلى إفساد الدواء الباهض الثمن الذي تستعمله في التداوي!
تخيل أن تعيش في بلد تكون فيها مهددا بالسجن متى حاولت أن تساهم في رقيها وتقدمها، ومتى حاولت نسف بعض مظاهر التخلف فيها، وإلا... فأين المهداوي والزفزافي ورفاقهم...
تخيل أن تكون زوجتك حبلى، أو أن يكون أحد أبنائك على مشارف الموت، ثم تتعرض للابتزاز من طرف طاقم مستشفى حكومي... إما دفع الملايين، أو الإهماال!
كيف ستشعر، وأنت داخل بيتك، ترى بأم عينيك نهب أموالك، وامتصاص دمك وعرقك، ثم ينظر إليك الجاني بعينين جاحظتين ويسألك: أين الثروة؟
ألن تحس بانفصام غريب يمزقك من الداخل إلى الخارج، ومن الخارج إلى الداخل، حين تسمعهم عبر أبواقهم الإعلامية، يستبشرون خيرا بتعليم أبناء هذه البلاد، وعن عزمهم الجاد لإصلاح منظومة التربية، ثم تغادر بيتك لتشم بعض الهواء النقي إن بقي، لتتفاجأ بإغلاق مدرسة عمومية أنت في أمس الحاجة إليها...
أن تجد دكاترة ومهندسين يترشحون للعمل في شركات الكابلاج، ويضطرون لإخفاء شواهدهم عل حظ إيجاد مصدر لقوت العيش يكون إلى جانبهم... ثم تأتي في آخر المطاف وتسألني:
- لماذا يهاجر المغاربة وطنهم الحبيب؟
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟