أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - معاناة دفع رباعي- قصة قصيرة














المزيد.....

معاناة دفع رباعي- قصة قصيرة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6015 - 2018 / 10 / 6 - 15:46
المحور: الادب والفن
    


ضاقت به سبل العيش، وتقطعت جميع طرق الوصول الى عيش حياة ملئها السعادة والتمتع فيها كحياة فسيفسائية.
هكذا كتب عليه القدر أن يعيش هذه المعاناة ولا يمكنه الافلات منها، وبحسب المثل الدارج "المكتوب على الجبين لازم تراه العين" فهو مؤمن بفلسفة هذا المثل اشد الايمان، وعليه كلما حاول أن يعمل في حقل كل المهن فلم يفلح. عمل نجاراً وعمل حداداً، وعمل بالتجارة وعمل في البناء، وعمل في أحدى دوائر الدولة باجر يومي، وعمل كطباخ ماهر في احد المطاعم، وجرب الكثير من غير هذه الاعمال، الا أن ظروفه المعاشية تتعقد يوماً بعد آخر بسبب زيادة مصروفات البيت من شراء الاحتياجات المنزلية وسواها، فضلا عن مرض زوجته واولاده الاربعة بمرض عضال، وثمن الدواء الذي بات باهضاً جداً، علاوة على معاينة الطيب التي هي الاخرى ازدادت بسبب جشع الاطباء وضمير بعضهم الذي مات ودفن في مقابر نائية.
كل هذا الارث الثقيل شكل انعطافة سلبية خطيرة على كاهله، فصار في بحبوحة من العيش تحفزه دوماً على التفكير بالانتحار. لكنه رجل مؤمن، وفي ثقافته الدينية أن الانتحار شيء محرّم قد حرمته جميع الاديان السماوية.. فيستخفر ربه ويتجه الى زيارة اضرحة اولياء الله الصالحين، وهناك يتضرع الى الله بالصلاة والدعاء على أن يبعد وساوس الشيطان عن مخيلته، وأن يفتح له ابواب رزق تدر عليه وعلى اسرته، وأن يشفي الله اسرته من الامراض ويعافيهم.
ويعود الى منزله وهو يشعر بالاطمئنان النفسي، بعد أن استطاع أن يعمل ما عليه من واجب ديني، والباق على الله.
لكن الله اعطاء شيء جداً ثمين، وهو لا يشعر بذلك الشيء، او ربما يعلم به لكنه غير ملتفت اليه، وذلك الشيء هو "الصبر"، والصبر هو من اكبر النعم التي يمنحها الله الى بعض عباده. اليس الله قد اعطاه لعبد من عباده حتى ضرب المثل في صبر ذلك العبد، وهو نبي الله ايوب؟، اليس الله امتحنه امتحاناً عسيراً واراد بذلك الامتحان أن يختبر محبته لله وطاعته له، هل يضجر ويدب به اليأس والقنوط؟، أم يصبر ويحمد الله على ما نزل به من بلاء؟، فصبر صبراً عظيماً، لم يصبره أحد سواه، حتى باتت الشعراء والعشاق تتغنى وتتسلى بصبره وتأخذ منه العبرة والاعتبار؟.
وراح يقنع نفسه، أنه يجب أن يتسلق جبال المحن بحبال الصبر حتى يعبر الى الضفة الاخرى، والاخرى هي السعادة التي يحلم بها، له ولأسرته البسيطة، فهو لا يطلب شيئاً من الله سوى شفاء زوجته واولاده، حتى يوفر ثمن الدواء وثمن معاينة الطبيب، ويدخر ذلك الثمن لعوادي الزمن ومحن الدهر، وتقلبات البين.
"لا راحة في الدنيا" هو موقن بهذا، فهي فلسفة واقعية، لأن الحياة هي عبارة عن معاناة وآلام ومحن وخطوب. لكن الذي ليس هو مؤمن به، أن غيره من الناس من الذين يمتون له بصلة قرابة، وحتى من الذين كانوا اصدقاء طفولته وزملائه في الدراسة المتوسطة، يعيشون حياة افضل منه؟.
فيقول بحسرة والم:
- لماذا يا ربي كتبت علي هذا الشقاء.
ويختنق بالعبرة، فيكفكف دموعه التي نزلت ساخنة على خديه من دون أن يشعر بها.
وفي هذه الايام كانت الاخبار تعج بالاضطرابات، وعلى مستوى البلاد برمتها، أن التظاهرات التي خرجت للمطالبة بمحاسبة الفاسدين واقامة اصلاح سياسي وخدمي قد ازدادت في شكل لم يكن له مثيلا من ذي قبل.
وفي احدى النشرات الاخبارية اذيع خبراً متلفزاً، مفاده أن المتظاهرين اقتحموا مبنى مقر المحافظة وما كان من حماية البناية الا أن اطلقوا عليهم الرصاص الحي، فسقط عدد منهم، كان من بيهم صاحب المعاناة التي لا تنتهي.. حتى انتهت اخيراً برصاصة عشوائية.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في حضرة الارق- قصة قصيرة
- طه حسين وشيوخ المنابر
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(9)
- أم القيمر وجعبة الاسئلة
- اغتصاب جثة!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(8)
- تحقيق بجريمة لم تحدث!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(7)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(6)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(5)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(4)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(3)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(2)
- دعوة لكتابة تاريخ العراق الراهن
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(1)
- أصابع الاسئلة – نص
- ظاهرة استفحلت اسمها- الشعر الشعبي-
- محاولة في تعريف المثقف
- ابن رشد و خلطه الاوراق(3)
- ابن رشد و خلطه الاوراق(2)


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - معاناة دفع رباعي- قصة قصيرة