أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - تأملات في حضرة الارق- قصة قصيرة














المزيد.....

تأملات في حضرة الارق- قصة قصيرة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6011 - 2018 / 10 / 2 - 14:30
المحور: الادب والفن
    



دعونا نقول إن الحياة سافلة، بل هي امرأة عاهرة، تجدها في كل يوم، بل في كل ساعة بأحضان رجل، لا حباً بذلك الرجل، بل لأن مهنتها أو سجيتها هي التي تملي عليها ذلك. هكذا هي الحياة التي نعيشها جميعاً، نحن البشر الذين تعاطينا مخدر الحياة، حتى تغلب علينا النوم الإجباري تحت وطأة ذلك المخدّر اللعين، المسمى بـ"الحياة". حيث جئنا مجبرين لركوب موجتها، فركبنا من دون شعور بعواقب الأمور، وسرنا بخطى وئيدة نتعثر في مطبات لها أول وليس لها آخر، نسير في دهاليز مظلمة ليس لها بصيص أمل مرجو.
هكذا كان يفكر توفيق، وهو مستلقي على فراشه، بعد أن هجر النوم مضجعه.
وراح يتقلب على فراش النوم، يميناً وشماله، وهو مستغرق في تأملاته:
- ونستطيع تصوير هذه الحياة بأنها كشخص محكوم بسجن مؤبد، فهو يسكن داخل أربعة جدران ليس فيها غير كوة صغيرة يطل من خلالها بصيص نور لا يكاد يضيء مساحة واسعة من فضاء تلك المساحة المعدة له كسجن انفرادي، عقوبة أبدية بسبب جناية أو حماقة ارتكبها غيره وهو يدفع ثمن تلك الجناية.
ويضحك بصوت عال، حتى خشي أن تستيقظ الجيران أثر صوته المدوي.
لكنه يظهر أن الارق قد دب بكل كيانه وصار قطعة منه. فيغوص في تأملاته:
- ينط الأب على الأم، كنطيط الثور الهائج، ليقضي منها وطره، ثم لا يدري نتيجة ذلك إلا بعد أن ينتفخ بطن الأم بحمل ثقيل تنوء به، فلا تكاد تستلذ ليلاً بالكرى نتيجة ذلك الحمل الثقيل، ونهاراً لا تستطيع الحركة بكامل قواها البدنية، فتمشي الهوينة وتتمايل كالسعفة في مهب الريح، يصاحب ذلك خمول وتثاؤب مستمر، نتيجة عدم اكتفائها من لذة النوم، فيشكل كل ذلك حالة من التذمر الموقت، لكنها عادة ما تكون سعيدة وهي تحت وطأة ذلك الحمل الثقيل.
وينهض من فراشه واقفاً. يفتح الشباك المطل على الشارع العام.. كل شيء يطبق عليه السكون، حتى الشوارع والارصفة والاشجار كانت هي الاخرى في حالة سبات ونوم عميق، الا هو، هو وحده يقاوم جيوش النوم بأسلحة خفيفة.. ويستمر:
- تمر الأيام والساعات على تلك الأم، ليتمخض عن ذلك تسعة أشهر ثقيلة، كأنها جبال من نصب، حتى تنفض ذلك الحمل الثقيل عن كاملها وتتنفس الصعداء، ثم تبدأ بمرحلة جديدة من المعاناة وما يصاحب تلك المعاناة من ألم وقسوة، حتى يكبر ذلك النتاج الوافد على ضنك الحياة وواقعها المرّ، وهو لا يدري لما جاء، وكيف، ولماذا وما هدفه المرسوم على جدار فوضى الوهم، وجبين المستقبل المخادع، وصفحات القدر المظلم، ثم لا يدرك أين يكون مصيره في نهاية المطاف، والسراب المجهول القاتم، فيغرق في مياه تساؤلات فلسفية لا تركن إلى أجوبة تشفي غليل السؤال.
يا الهي:
- كل ذلك بسبب تلك النزوة، أو تلك الحماقة كما أسميناها، وبالتالي هو الآخر يرتكب النزوة نفسها، ويلدغ من ذلك الجحر أكثر من مرة، بل قد تصل لعشر مرات أو تزيد. حماقة تتكرر، وجناية تزيد، وسجون تفتح أبوابها المشرئبة للوافدين، وهكذا دواليك. الحيرة والوجود يلقيان بظلالهما على واقع مستقبلها الواهن، وتمضي السنون ونحن لا نشعر بدبيب أقدامها على اسفلت الطريق.
ويواصل هذيانه:
- لقد ظلمتنا الحياة بضرب سياطها المستمر على ظهر واقعنا البائس، المضمخ بالشقاء، وفي كل يوم تند جراحنا قيحاً، لتستمر اللعبة، لعبة الحياة، من دون توقف ونحن نلف وندور، غير شاعرين باللهاث، حتى يندلع لساننا ويخرج من فيهنا، وبالتالي نخسر المعركة، لأننا قد دخلناها من غير سلاح، بل بالأحرى كانت أسلحتنا موجهة إلى صدورنا منذ الوهلة الأولى.
بعدها يغوص في بحر عميق من النوم، ليس له قرار.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طه حسين وشيوخ المنابر
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(9)
- أم القيمر وجعبة الاسئلة
- اغتصاب جثة!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(8)
- تحقيق بجريمة لم تحدث!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(7)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(6)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(5)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(4)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(3)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(2)
- دعوة لكتابة تاريخ العراق الراهن
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(1)
- أصابع الاسئلة – نص
- ظاهرة استفحلت اسمها- الشعر الشعبي-
- محاولة في تعريف المثقف
- ابن رشد و خلطه الاوراق(3)
- ابن رشد و خلطه الاوراق(2)
- ابن رشد و خلطه الاوراق(1)


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - تأملات في حضرة الارق- قصة قصيرة