أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جواد بشارة - ماذا يخبيء لنا الغد في العراق؟















المزيد.....


ماذا يخبيء لنا الغد في العراق؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 1510 - 2006 / 4 / 4 - 10:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


دخل الاحتلال الأمريكي البريطاني عامه الرابع منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق العراق إثر شن الولايات المتحدة وبريطانيا حربهما الشرسة ضد العراق في 20 آذار 2003 وغزوهما لهذا البلد المنهك من حروب سابقة وحصار دام اثنتي عشر عاماً، كنت ممن أيد الحرب على مضض باعتبارها شر لابد منه للتخلص من ديكتاتورية صدام حسين ونظامه الوحشي لكنني لم أتمن ولم ولن وسوف لن أقبل احتلال بلدي إذ أن الكارثة التي حلت على العراق لم تنته بشكل الحرب وآلياتها وطريقة إدارتها وما ظهر منها وما خفي ، بل تجلت تلك الكارثة بما ترتب عليها في مرحلة ما بعد الحرب من مآسي ومعاناة. لقد انتهت الحرب العسكرية النظامية وبدأت الحرب السياسية وحرب العصابات المشوبة بأقصى درجات العنف والقسوة والتدمير للإنسان العراقي وتحطيم بناه التحتية.
لقد تحول الواقع العراقي إلى كابوس حقيقي يعيشه المواطن العراقي في كل لحظة منذ أكثر من ثلاث سنوات وهو يتساءل من المسؤول عن هذه الكارثة؟ الجميع يتقاسم المسؤولية بدءاً بالنظام السابق وأعوانه وبقايا أزلامه ومخابراته وحرسه الجمهوري وفدائيي صدام وعدي وقصي الذين أذاقوا الشعب العذاب عندما كانوا في السلطة ويذيقونه العذاب وهم خارج السلطة عبر عمليات الإرهاب والتخريب باسم المقاومة فهم السبب الرئيس لكل ماحدث ويحدث في العراق وتعطيل كافة أشكال الحياة الطبيعية فيه منذ أكثر من ثلاث عقود وهم السبب وراء جلب قوى الغدر والاحتلال الأجنبي التي عاثت في الأرض فساداً وتسرح وتمرح وتقتل وتدمر بلا حسيب ولا رقيب، فلولا النظام السابق وجرائمة لما تجرأ هؤلاء الأوباش على غزو العراق واحتلاله. وكان أعوان النظام السابق هم من فتح ابواب البلاد للتكفيريين والإسلامويين من المتطوعين العرب وأنصار القاعدة بقيادة المجرم أبو مصعب الزرقاوي الذين يشنون حرب إبادة حقيقية وقتل على الهوية ضد ابناء العراق الأبرياء العزل في كل يوم وفي كل مكان.يسقط العراقيون قتلى علي أيدي جماعات إرهابية مسلحة ومجرمة عربية وأجنبية مشبوهة تتلاعب بها المخابرات العالمية، وافدة من الخارج عبر دول الجوار العربية وغير العربية حيث عقدوا العزم على تحويل العراق إلى ساحة للصراع وتسوية الحسابات مع الخصم الأمريكي الذي يشن عليهم حرباً بحجة مكافحة الإرهاب العالمي ولكن على الأرض العراقية وهي حرب غير شرعية وغير مشروعة وضد إرادة المجتمع الدولي وبالضد من القوانين والأعراف الدولية المعترف بها في الأمم المتحدة. وأدخلوا العراق في دوامة من العنف والدماء وآلاف الضحايا والشهداء الذين يسقطون يومياً بالعشرات وبل والمئات أحيانا. وفوق ذلك أصبح العراقيون لقمة سائغة وفريسة سهلة للعصابات المحترفة واللصوص وقاطعي الطرق والمافيات المحلية والإقليمية وتجار ومهربي السلاح والمرتزقة الذين تسللوا إلى كل ركن في هذا البلد الجريح لتعيث في الأرض فساداً وتنشر الرعب وتقوم بكل أعمال السرقة والخطف والقتل والتصفيات الجسدية والغش والاحتيال ونهب الأموال العامة والخاصة دون رادع أو حسيب تخاف منه أو ترتدع . وأخيراً وليس آخرا تتحمل المسؤولية كافة القوى السياسية العراقية بلا استثناء ممن استلم زمام الأمور بعد سقوط الدكتاتورية مباشرة منذ تشكيلة مجلس الحكم المشئومة ومروراً بحكومتي أياد علاوي المعينتين وإنتهاءاً بحكومة الجعفري الانتقالية والحكومة القادمة التي لم تر النور بعد والتي من المفترض تشكيلها بعد الانتخابات التي جرت في 15 كانون أول 2005 وفق الدستور العراقي الدائم الذي تم التصويت عليه ولم يطبق بعد.
لقد تعاونت القوى السياسية العراقية التي كانت في المعارضة سابقاً مع المحتل الأمريكي لتسيير دفة البلاد وإدارة شؤون الدولة وفقد الرؤية الأمريكية والأجندة الأمريكية وفقد مبدأ المحاصصة الطائفية على حساب مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين مهما كانت انتماءاتهم العرقية والمذهبية والدينية والطائفية إلا أن القوى السياسية العراقية نسيت المواطن وانشغلت بمصالحها الخاصة والضيقة والحزبية مما أفقدها المشروعية في نظر الناخب العراقي بالرغم من تصويته لها في الانتخابات فلقد اثبتت عجزاً مريعاً في حل مشاكل المواطنين وتوفير الخدمات والأمن والاستقرار لهم بل بالعكس تفاقمت المعاناة وصعوبات الحياة والمخاطر اليومية التي يواجها المواطن في كل لحظة حتى بات يتأسف على الماضي القريب ويحن لمرحلة ما قبل السقوط فلقد لمس المواطن العراقي لمس اليد تهافت القوى السياسية وسقوطها في مستنقع الطائفية ومشاريع التقسيم الطائفي والفساد المستشري في جسم الدولة والمحسوبية والمنسوبية والتي جرت خلفها كل فئات الشعب وأوصلتهم إلى حافة الاحتراب والحقد الطائفي وانعدام الثقة بالآخر وداست على مبدأ الكفاءة والإخلاص والنزاهة والتفاني من أجل الوطن، وتحولت الوزارات إلى بؤر تعود لهذا الطرف أو ذاك ولم تتحقق الحريات الموعودة واحترام حقوق الإنسان والديموقراطية الحقيقية بل مجرد بعض المظاهر الخارجية التي رافقت عملية التغيير القسري للنظام السابق .
إن علاقات القوة بين الإرهابيين وأتباع النظام السابق المدججين بالسلاح والمال والدعم العربي المجاور من جهة، والقوى السياسية الموجودة في السلطة وتحت قبضة الاحتلال تميل لصالح المجموعات الأولى التي تستعد للانقضاض على السلطة إذا ما توصلت إلى تفاهم واتفاق مع المحتل الأمريكي البريطاني إذ تجري مفاوضات سرية بينهما على حساب الشعب العراقي وقواه الوطنية ، لقد فهمت القوى السياسية العراقية المعارضة سابقاً والحاكمة حالياً أنها لايمكن أن تأمن جانب الأمريكيين فقامت بتشكيل ميليشيات مسلحة موالية لها فلا يوجد تشكيل سياسي في العراق ليس له ميليشيات سواء كان داخل السلطة أو خارجها بل أن بعض تلك الميليشيات تحول إلى مايشبه الدولة داخل الدولة وصارت تستقوي على أبناء الشعب العراقي العزل وتذيقهم العذاب والمهانة لكنها لاتتجرأ إلا نادراً على مواجهة المحتل بل وبالعكس تتسابق لإظهار آيات الانصياع والتبعية له والاستقواء به على الآخرين. وهم مستعدون لتنفيذ خطط ومشاريع المحتل الغاشم باسم السيادة والمصلحة الوطنية العليا حتى أن أحد السياسيين الحاليين، ممن يتبوأ منصباً رفيعا ويشغل مسؤولية عليا في الدولة في كافة الحكومات التي تعاقبت على السلطة في العراق منذ انهيار النظام السابق، سئل لماذا يتمسك بمنصبه إذا كان يعترف انه وغيره من المسؤولين لاحول لهم ولا قوة وأنهم مجرد ماريونيت بيد سلطات الاحتلال فأجاب بكل صفاقة :" لو استقلت أو تركت منصبي فسيكون هناك فوراً آلاف الأشخاص غيري مستعدين لشغل هذا المنصب والقيام بأكثر مما أقوم به في خدمة القوات المحتلة" وهذا المسؤول يقول بصوت عالي ما يفكر به غيره من المسؤولين خفية وبصوت منخفض ويعترفون به في جلساتهم الخاصة بعيداً عن وسائل الإعلام وخطابات الدعاية والتزييف الإعلامي. من هنا فإن أكذوبة السيادة الوطنية باتت تزكم الأنوف ومحط سخرية وتندر على أفواه المواطنين. فأمريكا هي السيد المطلق والمهيمن على مصير العراق ومستقبله وبيدها كافة أوراق اللعبة السياسية حتى أن أحد رجالاتها المخلصين سابقاً وهو الدكتور أحمد الجلبي صرح مؤخراً في وسائل الإعلام العراقية أن الحكومة العراقية لاتشرف على عملية الإنتاج النفطي العراقي ولا تعرف كيفية صرف مدا خيله ولا أين تذهب وماهي كميات الإنتاج الحقيقية غير تلك المعلنة رسمياً . بل أن القوات الأمريكية تتصرف بكل حرية واستهتار وتتلاعب بمصير الشعب العراقي بلا رادع ولا قانون يمكن أن يحاسبها أو سلطة وطنية تقف في وجهها . وآخر مآثر تلك القوات المحتلة هو الهجوم الذي شنته، برفقة قوات مجهولة قيل أنها عراقية لكنها لاتتبع وزارتي الدفاع ولا الداخلية ولايعرف من أعطاها الأوامر، ضد مسجد المصطفى في حي أور في منطقة الشعلة وقتلت وجرحت العشرات واعتقلت آخرين كما هاجمت القوات الأمريكية مقر حزب الدعوة تنظيم العراق بقيادة كريم العنزي وزير شؤون الأمن الداخلي وهناك قوات خاصة تمتلك صلاحيات مطلقة وغير محدودة تقوم بعمليات الاعتقال والخطف والتعذيب والتحقيق والقتل والتصفيات الجسدية تحت أنظار القوات الأمريكية وهي كما يعتقد قوات تابعة لشركات أمنية أجنبية لاتطبق عليها القوانين العراقية ومرخصة بحمل كافة أنواع الأسلحة. كما تشير تقارير سرية خاصة حصلنا على بعضها إلى وجود قوات عراقية أو مكونة من عراقيين عرب وأكراد جرى ويجري تدريبها في الخارج تحت إشراف وتمويل أمريكي خالص ومباشر وتدفع رواتبها من وزارة الدفاع الأمريكية مباشرة تستخدمها هذه الأخيرة كورقة ضغط وقوة حسم في الأوقات المناسبة في مواجهة القوى السياسية الحاكمة وميليشياتها المسلحة وقواتها الرسمية في سياق مخطط سري جهنمي تعد له الولايات المتحدة لكي لايفشل مشروعها في العراق كآخر حل سوف تلجأ إليه إذا لم يخرج العراق من المأزق الذي انزلق إليه السياسيون المتنافسون على السلطة والمتكالبون على المناصب بعيداً عن الشعب الذي هو سدهم المنيع الذي انتخبهم وتحدى الموت من أجلهم . فتحت ذريعة تدهور الأوضاع الأمنية وطغيان الفلتان الأمني وعجز الحكومة العراقية المنتخبة عن فرض الأمن والاستقرار سوف تقوم القوات الأمريكية المحتلة بدفع أحد العسكريين المحترفين من العراقيين التابعين لها يكون بمثابة صدام آخر ولكن بدون شارب يعتقل الجميع ويعلن الأحكام العرفية ويقوم بانقلاب عسكري لأنقاذ البلد من الفوضى ويفرض النظام بقوة السلاح والحديد والنار تحت أنظار ومباركة وتشجيع القوات الأمريكية والبريطانية التي سوف تدعي بأنها لا تتدخل في الشأن الداخلي العراقي وأن العراق بلد ذو سيادة يؤيد من يريده أبناؤه وهذا ما سيدفع القوى والميليشيات المسلحة إلى خوض حرب دفاع عن النفس واندلاع حرب أهلية دامية تأكل الأخضر واليابس. هذا هو السيناريو الكارثي الذي ينتظر العراق إذا لم يخرج بأسرع وقت من النفق المظلم الذي دخل فيه . لقد اعترف السياسي والمناضل العراقي الأستاذ جواد المالكي عضو الائتلاف الموحد والرجل الثاني في حزب الدعوة الذي يقوده الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء الحالي بأن هناك فئات عراقية وأمريكية تمارس القتل والخطف والاغتيالات بعيداً عن القانون بغية إثارة الفتنة الطائفية وعلينا ألا نسكت على هذه الأعمال بعد اليوم. كما اعترف سياسيون آخرون أن التدخل الأمريكي في الشأن العراقي الداخلي قد تجاوز كافة الحدود المقبولة والمتفق عليها منذ بداية الغزو إذ وصل الأمر إلى حد أن يرسل جورج بوش بنفسه رسالة إلى عبد العزيز الحكيم يطالبه فيها بتنحية الدكتور الجعفري عن ترشيحه لمنصب رئاسة الحكومة القادمة وهذا أمر خطير وله دلالات وتداعيات خطيرة لأنه سيدخل العراق في نفق التقسيم الذي لن نخرج منه إلا بعد سفك أ الدماء والخراب والدمار المادي والروحي والمعنوي وانهيار البنى التحتية التي مازالت قائمة حالياً وضياع الثروة الوطنية التي ستبقى بيد القوات المحتلة حتماً ثم تفتيت العراق وتحويله إلى دويلات متناحرة ومتطاحنة تخدم المخطط الاستراتيجي الدولي المرسوم للعراق منذ سنوات طويلة.
العراق الأعزل واقع اليوم بين مطرقة الأمريكيين وسندان الإيرانيين وتآمر وشماتة عرب الجوار وصمتهم عما يجري داخل هذا البلد. فمنذ انتخاب أحمدي نجاد رئيسا لجمهورية إيران الإسلامية تسارعت وتكثفت وتيرة التدخلات الإيرانية المباشرة والصريحة في العراق إلى درجة التهديد علناً بحرق الأرض التي يمشي عليها الأمريكيون والبريطانيون في العراق إذا ماهاجمت أمريكا وبريطانيا إيران لتدمير المنشآت النووية الإيرانية بعد تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران ديبلوماسيا وسياسياً وكلامياً وإعلامياً والذي قد يصل إلى المواجهة المسلحة بشأن الملف النووي الذي لن تسمح به أمريكا ولن تتنازل عنه إيران بسهولة. فأول تداعيات هذا الانعكاس السلبي على المشهد العراقي تجسدت بالخلاف العلني والتوتر المفاجيء بين الإدارة الأمريكية وشخص الدكتور إبراهيم الجعفري المنتهية ولايته والمرشح لمنصب رئاسة الحكومة العراقية القادمة عن الائتلاف العراقي الموحد وأن هذا التدخل الوقح من شأنه أن يزيد زعزعة الأوضاع المتوترة أصلاً والقائمة في العراق منذ انتهاء الانتخابات التشريعية الأخيرة التي فاز فيها الائتلاف العراقي الموحد بأغلبية المقاعد ودعوة القوى السياسية الأخرى لعزل الجعفري وتشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية وبالتالي فإن مثل هذا التدخل الأمريكي الصلف من شأنه تقويض العملية السياسية برمتها فهناك جملة من الحسابات السياسية المعقدة والمتناقضة بهذا الصدد تتفاعل على أرضية الصراعات السائدة في العراق اليوم والتي غيرت وستغير كافة المعطيات السابقة. فمنذ سقوط الطاغية صدام حسين كان التكفير يون بزعامة المجرم الأردني أبو مصعب الزرقاوي، وفلول الصداميين يبثون الرعب ويريقون دماء الأبرياء باسم الإسلام والسنة تساعدهم في ذلك عصبة من المجرمين من بقيا النظام المنهار وأجهزته القمعية المتمرسة في قتل العراقيين وعدد من المجرمين المحترفين الذين أطلق صدام حسن سراحهم من السجون قبل سقوطه والهدف واضح هو تنفيذ سياسة الأرض المحروقة وزرع الفتنة والانشقاق والصراع الطائفي والعرقي والمذهبي وتأجيج المواجهات المسلحة بين مكونات الشعب العراقي كافة لاسيما بين الشيعة والسنة . وقد دمغت التطورات الإقليمية الأخيرة المشهد العراقي بطابعها وببعض المتغيرات المحلية المتباينة إحداها وصول تيار متطرف ومتشددة إلى أعلى هرم السلطة في إيران المتمثل بانتخاب الزعيم الشعبوي أحمدي نجاد وكذلك حدوث تباين وتصدع داخل القيادة السورية بشأن الملف العراقي بين دعاة المصالحة مع الغرب والتفاهم بأي ثمن مع أمريكا وبين دعاة متشددين وخصوم معارضين لأي تنازل يقدم للغرب لافي لبنان ولا في العراق ويعملون على تأجيج المواجهة مع الأمريكيين على الساحة العراقية . كان الإيرانيون في بداية أحداث العراق ووصول القوات الأمريكية إلى المنطقة يأسفون لسفك الدماء بين الشيعة والسنة في العراق لأنها تضعفهم وتوجه أصابع الاتهام إليهم وكانوا يدعون لتحقيق مصالحة حقيقية للطائفتين الكبيرتين في العراق بغية تشكيل جبهة عريضة وموحدة لمواجهة المحتل الأجنبي وإبعاده عن الأراضي الإيرانية والعراقية على السواء أي منع وقوع أية هجمات محتملة على إيران من داخل الأراضي العراقية وحماية إيران من أي عدوان أمريكي محتمل عليها من الأراضي المجاورة لها في أفغانستان والعراق . كما أن الرئيس السوري بشار الأسد أدرك ، ربما بعد فوات الأوان، أن عليه أن يقلل دعمه وتأييده وتسليحه لأقطاب النظام الصدامي المنهار وللعناصر التكفيرية المسلحة العراقية والعربية المتسللة من الأراضي السورية والأردنية والسعودية ممن يسمون أنفسهم بالجهاديين وعناصر المقاومة المسلحة السنية في العراق والالتحاق بركب العرب في الجامعة العربية الذين يسعون لتشجيع السنة العرب في العراق للانخراط والمشاركة في العملية السياسية الجارية تحت إشراف أمريكي والقبول بتغيير تركيبة المعادلة السياسية العراقية التي كانت سائدة لأكثر من ثمانين عاماً والقبول بالتغيرات الميدانية الجارية منذ سقوط النظام الصدامي السابق والاعتراف بالأغلبية الشيعية التي فازت في الانتخابات وتقاسم السلطة معهم في الحكومة القادمة. وهذا مايفسر وجود جماعات سنية مسلحة أعربت عن رغبتها في التفاوض مع الأمريكيين لإعلان هدنة ومعارضة تصعيد الزرقاويين والتكفيريين للأوضاع والإيغال في قتل المدنيين العزل مما يسيء إلى سمعة الجماعات المسلحة التي تدعي المقاومة الوطنية كما حدث في الرمادي مؤخراً حيث تصدت قوى مسلحة لأتباع الزرقاوي ومنعتهم من تصعيد الموقف الأمني نحو الأسوء وإغراق المحافظة بالنار والعنف والفوضى. من جهة أخرى غير الزعيم الشاب مقتدى الصدر من تكتيكه وهو الذي كان يمثل الاتجاه الشيعي الأكثر تشدداً وتطرفاً ضد الاحتلال الأجنبي والذي كان متحالفاً لوهلة مع بعض العناصر السنية المسلحة المتمردة في غرب العراق لكنه أبتعد عنهم وطالبهم بإعلان موقف وواضح وجريء وصريح من الزرقاويين والصداميين وشارك في العملية السياسية واقترب من بعض القوى السياسية الشيعية المشاركة في العملية السياسية منذ البدء مثل حزب الدعوة بقيادة الجعفري.كان مقتدى الصدر يطالب بالإعداد المادي والمعنوي والتعبئة المسلحة استعداداً لمواجهة شاملة مع الأمريكيين في إطار توتر عام متنامي يسود المنطقة برمتها ويهدد باندلاع اشتباكات مسلحة ومواجهات عسكرية بين جورج بوش والإيرانيين الذين يريدون الحصول على التكنولوجيا النووية بأي ثمن حتى لو كان حرق العراق ولقد اتضحت المنافسة بين المتشددين والمعتدلين الإيرانيين من خلال انعكاساتها على المسرح العراقي وقواه السياسية المرتبط بعضها بإيران بشكل مباشر أو غير مباشر فكل ما يحدث في إيران ينعكس سلباً أو إيجاباً على ما يجري في العراق وعلى نواة وطبيعة الحكومة العراقية القادمة وتكوينات الأحزاب الشيعية العراقية وميليشياتها المسلحة داخل العراق والمدعومة إيرانياً كجيش المهدي وقوات بدر والتي تمثل المفتاح الذي يفتح كافة أبواب اللغز في الجارة إيران. فمقتدى الصدر مقرب من أحمدي نجاد ومن الحرس الثوري الإيراني بينما يقيم مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي علاقات طيبة مع رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري وحزب الدعوة الذي كان متواجداً في إيران قبل سقوط صدام حسين، علاوة على أن التشكيل السياسي الشيعي الأكثر تأثيرا والأقوى شعبياً وهو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق يحظى بدعم القيادة الإيرانية أيضاً سيما الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني ولا ننسى الإشارة إلى أن عبد العزيز الحكيم هو الذي طالب بإجراء مفاوضات بين أمريكا وإيران بشأن العراق مهما كانت الدوافع والأسباب والتفسيرات وراء مثل هذه المطالبة بالضد من رغبة المتشددين الإيرانيين الذين يرفضون أي تفاوض مع الشيطان الأكبر. وإزاء الانتقادات الخجولة التي أعرب عنها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية واللوم الذي وجهه للتيار الصدري في عدم تحركه ولامبالاته لما يتعرض له الشيعة في العراق من تهديد وقتل وذبح وتهجير من قبل أتباع الزرقاوي ومن يأويهم في المناطق الغربية من المقربين من مقتدى الصدر، ولكي يزيح عنه هذه التهمة تأزمت العلاقات فجأة بين تيار مقتدى الصدر والقوى المسلحة والمتمردة على النظام الحالي سيما بعد تفجير قبتي الإمامين الشيعيين المقدسين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء ومهاجمة جوامع سنية من قبل فرق الموت وعناصر مسلحة مناوئة في مناطق مختلفة من العراق قيل أنها تابعة لجيش المهدي مما تبعها تعرض مئات العوائل السنية والشعية للترحيل والتهديد بالقتل والحرق إذا لم يتركوا مناطق سكناهم القائمة في مناطق ذات أغلبية سنية أو شيعية أو حتى ترغيب هؤلاء بالأموال للادعاء بأنهم تعرضوا للتهديد بالسلاح وليس لكونهم رحلوا خوفاً من الموت ليس إلا. المستفيد من كل هذه الفوضى وانعدام الأمن هو الاحتلال الذي صار يدعي بأن الوجود العسكري الأمريكي بات ضرورياً ولا غنى عنه لتفادي وقوع حرب أهلية وطائفية طاحنة ودموية ولحماية المعتدلين من الشيعة والسنة معاً. ثم بدأت حملة قتل وتصفيات جسدية لعناصر مسلحة سنية متهمة بتفجيرات سامراء على يد مسلحين تابعين لجيش المهدي بتهمة دعم وحماية جماعة الزرقاوي التكفيرية التي أعلنت حرباً على الشيعة في العراق. فمقتدى الصدر لايطيق التهم التي كانت توجه لوالده محمد صادق الصدر بأنه كان دوماً خاضعاً ومستسلماً للسلطة السنية في زمن صدام حسين ويشاع عنه اليوم بأنه حليف للسنة المتمردين والمسلحين الذين يحاربون العملية السياسية على حساب مصالح الشيعة العراقيين المظلومين مما دفع بمقتدى الصدر إلى هذا التغير في المواقف و الاقتراب أكثر من حزب الدعوة وزعيمه إبراهيم الجعفري رغم مناكفته للوجود الأجنبي الذي يتعامل معه الجعفري كأمر واقع بل تكثفت زياراته للمرجع الأعلى علي السيستاني رغم أن مرجعيته الدينية تتبع آية الله كاظم الحائري المتشدد والمقيم في إيران. لقد حدثت في الآونة الأخيرة مجابهات مسلحة بين عناصر من جيش المهدي وحزب الدعوة من جهة والقوات الأمريكية من جهة أخرى ووصلت أصداء تلك المواجهات إلى أسماع وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد والرئيس الأمريكي جورج بوش مما أغضب هذا الأخير ودفعه إلى إرسال رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى زعيم الائتلاف العراقي الموحد عبد العزيز الحكيم يطالبه فيها بتنحية إبراهيم الجعفري من موقع مرشح الائتلاف لرئاسة الحكومة العراقية القادمة وترك منصب رئيس الوزراء فوراً وإلاٌ فإن الحكومة الأمريكية ستقطع اتصالاتها وتنسيقها وعلاقاتها المتميزة مع حكومة بغداد والعمل على فرض حكومة بديلة يرأسها شخص آخر قد يكون عادل عبد المهدي أو إياد علاوي ولو تعذر ذلك سيتحول الرئيس الأمريكي نحو الخطة ب البديلة والسرية التي تتلخص بفرض زعيم عسكري عراقي معروف أو مجهول الهوية في الوقت الحاضر ينفذ انقلاباً عسكرياً بواسطة قوات عسكرية عراقية مدربة خصيصاً لهذه الغاية مكونة من متطوعين عراقيين عرب وأكراد موالين لواشنطن فقط وبعض المرتزقة العرب والأجانب من المتمرسين في تنظيم الانقلابات العسكرية تابعين للقيادة العسكرية الأمريكية ويسود اعتقاد بأن هذا المشروع الأمريكي إذا قيض له أن يرى النور فسوف يحظى بقبول وتأييد هاشمي رفسنجاني المقرب من عبد العزيز الحكيم وهو الذي شجع على التفاوض مع السفير الأمريكي في بغداد زلماي خليل زاده وسوف تضغط أمريكا بكل ثقلها للتأثير على توازن القوى القائم داخل المسرح السياسي الإيراني وإبراز نجم رفسنجاني المعتدل على حساب أحمدي نجاد المتشدد وفرض تقارب وتنسيق وتعاون بين القوى السياسية الشيعية والسنية المعتدلة في العراق لتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الأكراد بغية الإعلان عن حملة مكافحة الإرهاب في العراق والتي بدأت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 ولم تنته بعد.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: تشاؤم أم تفاؤل؟
- العراق وأمريكا: إنعطافة تاريخية؟
- حكومة وحدة وطنية أم حكومة إستحقاقات انتخابية رسالة إلى رئيس ...
- من سيحكم العراق؟
- إلى أين يسير العراق... نحو الهاوية أم باتجاه نهاية النفق؟
- التهميش الاجتماعي أبعاد الظاهرة ودلالالتها
- العراق: تحديات الأيام المقبلة الدستور،المحاكمة،الانتخابات، و ...
- قراءة في كتاب: المذبحة تحت المجهر «الهولوكوست
- جورج دبليو بوش رئيس مسكون بلعنة العراق
- أمريكا ومعضلة دول محور الشر
- الاستقطابات المميتة في العراق
- المعلن والمخفي في السياسة العراقية
- كتاب العراق وأمريكا وحافة الهاوية
- آفاق الحرب العالمية لمكافحة الإرهاب
- المفارقة العراقية
- دروس في الإخراج السينمائي
- العراق بين الآمال والقلق
- نشاط اللوبي الصدامي ـ الفرنسي في باريس ودمشق
- الإسلام والغرب وفن صناعة العدو
- مقابلة مع د. جواد بشارة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جواد بشارة - ماذا يخبيء لنا الغد في العراق؟