أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة معيرش - قصة قصيرة : أنا وخالدة














المزيد.....

قصة قصيرة : أنا وخالدة


فضيلة معيرش

الحوار المتمدن-العدد: 5959 - 2018 / 8 / 10 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


غَفتْ أصواتُ الرّجاء بصدري الدائم الحيرة مما آلت إليه أوضاع زوجتي خالدة ، أتأملها على فراش المرض للحظات وهي التي كانت تملأ صمتي مرحا ، تتسرب مسحة من الضعف لخلايا مفاصلي ، تكتسحُ ما بقى لي من جلدٍ . تعلق أهلها بخيط واهن من الأمل وحالي يماثلهم ، تذكرتُ يوم تركتُ أهلي وقريتي المنتصبة بأعالي مدينة سطيف وجعلتُ من خالدة وطنا لي ، لمحتها لأول مرّة منذ ست سنوات استيقظت فيّ حينها خلايا العشق بقلبي وأنا الفتى الأشقر الذي تطارده الفتيات أينما حلّ ، جذبتني سمرتها الممزوجة بحليب الطيبة وعلمت أن مدينة الحضنة ستحتضنني للأبد ، تجيد فن التعامل هي مدَّرسة . أتأملها الآن من وراء زجاج غرفة الإنعاش علها تفيق وترمقني عيناها النجلاوان بفيض الوفاء...طفلاها أمين و أيمن يسألان عنها وهما يداعبان أصابع أخيهما الصغير الذي لم يذق حليب حنانها بعد .كلاهما يحلو له أحيانا مناداتي باسمي بدل بابا ...: لم تركت ماما ناصر وحدها في المشفى ...ومن سيرضع هذا الصغير ؟ يرتديني الوجع ، يلمع دمع غيابي عن أهلي في هذه اللحظة أكثر من أي وقت مضى و أطفالي وخالدة كلّ أهلي .
تلتهم مواجعي ذكرياتي معك ، يقف الطبيب أمامي لا أدري ليواسيني أم ليشل ما بقى من حواسي يقول : ما أسعفت به من دّم أثناء الولادة لم يتقبله جسمها ، يمكنك أخذها من هذا المشفى الخاص لمشافي العاصمة علها تنجو . شدَّ غيظ قبضة يدي، أشحتُ بوجهي عنه وقلت :لا تجعلي أيامي القادمة باردة دونك . غرقتُ في تهويماتي في ذلك المساء عدت إلى بيتي منهكا ما تزال رائحة الحناء التي خضبت بها خالدة أطرافها تعبق بالأجواء ، تظلّ عادة محمودة لمن يقبلن على الولادة ... تصرفت وحدها خالدة بحدس مسبق ، أخذتُ مبلغا من المال وطرقتُ باب جمعية للأيتام ، قالتْ أمّ خالدة وهي معتكفة في الدّعاء : تدفع الصدقة البلاء خذها لهم وعد مسرعا ... يجب من نقلها للعاصمة ، لن نظلّ نتأملها ونبكي . يتشبع قلبي بالوجع كما يتشبع ليل الشّتاء بالظلام تركت محلاتي التجارية في عهدة أخ خالدة طارق ...كنت منذ ست سنوات فارغ اليدين من كلّ مظاهر الثراء كنت ثريا بجمالها الذي لم يكن بريئا من غوايتي حتى استقر هواها بنفسي. حاولتُ تقشير ملامح البؤس من وجهي و الطبيب المعاين بالعاصمة ، يشير معاتبا لتأخرنا في إحضار المريضة ، حبلى عيون السحاب دونك خالدة ، ما كان يمكن العيش دون مواقف كبرى تهزني وها أنت تصنعينها دون أن تدري . لُفَ جسدُ خالدة بكفن الشّهادة وغصتْ دموع الفقد بحلقي وكلّ من عرفها ، وأضحت ذكرياتي معها مطرزة بكوابيس الغياب عوض الطمينة التي وعدتْ توزيعها على الجيران وهي تمني نفسها : سيكون هذا آخر مولود أرزق به سيدلل كأخويه .واكتفي به .
بقلم : فضيلة معيرش



#فضيلة_معيرش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة : تابوت آخر للوجع
- قصة : اقتفاء الأثر
- قصة : إِرثٌ من الفَرحِ
- قصة : هجرة - عائد من الفردوس -
- قصة : رشفات من كأس القدر
- قصة / غصن الزيتون
- قصة : ترميم خدوش
- قصة : تصدع
- قصة : ريح الغواية ....الجزء 2
- قصة : لقاء الملائكة
- قصة : أكف الخذلان
- ريح الغواية
- قصة : وشاح الرغبة
- الشاعر ابن الشاطئ عبقرية شعرية على امتداد سبعة عقود
- بشير خلف عطاء فكري متواصل
- قصة: التذكرة
- الشاعر الإنسان ميلود علي خيزار… وجنون الكتابة بين الصوفي وال ...
- الشاعرة زبيدة بشيرأميرة الشعر العربي المنسية ...بين تونس وال ...
- شهلاء
- شهرزاد الجزائر ...-جميلة زنير- إرث قصصي متجدد


المزيد.....




- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...
- عجائب القمر.. فيلم علمي مدهش وممتع من الجزيرة الوثائقية
- كيف قلب جيل زد الإيطالي الطاولة على الاستشراق الجديد؟
- نادر صدقة.. أسير سامري يفضح ازدواجية الرواية الإسرائيلية
- صبحة الراشدي: سوربون الروح العربية
- اللحظة التي تغير كل شيء


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة معيرش - قصة قصيرة : أنا وخالدة