أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة معيرش - قصة : ترميم خدوش














المزيد.....

قصة : ترميم خدوش


فضيلة معيرش

الحوار المتمدن-العدد: 5578 - 2017 / 7 / 11 - 02:09
المحور: الادب والفن
    


صمته القابع بين خدوش الفجيعة ما زال طرياً ، بقلبه الصغير أدرك أن وجعه امتطى صهوة فرس جامح لم يروض بعد ، لكن حين تعثر ذات مساء صيف حار بخير لم يستوعبه في
أول الأمر ، ما كان عليه حينها إلا تأثيث أولويات أوجاعه تباعا ، تذكر أنّه امتنع عن الذهاب معهم لعرس ابن خالته الوحيد ، فمباراته الرياضية أهم هذا ما قاله لوالده .....
حين أًبْلِغَ بالحادثة التي ذهب ضحيتها والديه وأخويه محمد وأحمد ..لم تنجو منه إلا أخته هبة الرحمان ذات السنوات الثلاث ، شارف وقتها على الضياع و الجنون .
في الأيام الأولى للحادثة لفته خيوط الصمت الشائكة ،والذي حيره أكثر أنه بلغ عيد ميلاده السادس عشر دونهم . فعرف أنه بلغ سن الوحدة وأنهم اتفقوا على المغادرة دونه كما تعودوا .
و دون رجعة هذه المرة ، تعودوا مفاجأته في أعياد ميلاده السابقة .فهو أكبر إخوته وأكثرهم دلالا ، لا أحد تمكن من تفكيك شفرة دمعه المتحجر إلا أخته هبة
وهو يتأملها بين أحضان خالته ..طفح دمعه فأطلق سراحه دون مقدمات .تنهدت خالته لطيفة وقالت : ما أصعب القلب الصغير حين يثخن باكرا بالمرارة و المكابرة .
وقفته بين حافتي الفجيعة و الفقد لم تمنعه من مواصلة دراسته وتفوقه ، تماهت به اللّحظات وقد إختار الإقامة بمفرده في فيلا والده ، لا مفر له من التجوال في فضاء الذكريات الفسيح ، هذا ما قاله لعمه ناصر
الذي كان لزاما عليه العودة للمهجر ...ربّت على كتفه بمودة قائلا : الأوجاع تبدأ سامقة يا ابن أخي ، تجعلنا نتصفح الوجوه على عجل ، و الصمت في حضرتها واجب ، ردّ أنيس بكلام مقتضب كعادته وكأن الكلمات تنزلق
من بين شفتيه كانزلاق رجلي متزحلق لا يريد أن يترك أثرا على جليد الزّمن ....: هذا ما كانت تردده جدتي رحمها الله ، طلب من عمه قبل مغادرته مساعدته في جلب عمال للعمل كأجراء في محلات والده بما فيهم من عتاد ، في التنظيف
وإصلاح السيارات .بارك له عمه ذلك ، مستحضرا فيه صورة والده المحبّ للعمل ، نظر عمّه في عينيه وهو يودعه قائلا بشرود مباغت : السيطرة على الوجع شبهة مشْرعة يجب أن ترتكز عنها أنيس أثق بك .
مرّت أعوام وهو يتحسس وحشة الحياة بمفرده أكثر من وحشة الميت في قبره ..ذات لحظة وهو يغافل الألم و يتبادل النكت مع رفاقه رنّ هاتفه ليخبروه أنه الأول على
دفعته ، تنهد والفرح يوشي عيونه مرددا : كنت أعرف أن النجاح وحده يتربص بي صرخ يومها دون شعور منه وسط الحي الذي يقيم فيه كمن يخاطب نفسه : لا أحد يفرح
معي ...الكلّ ذهبوا . سمعه الكلّ وبكت معه كلّ العيون التي لا مسها شغاف وحدته بحرقة ، تحسس تراب أمّه ووشوش لها : حققت لك أمنيتك ...وسأسجل في كلية الهندسة .
تنهد فوق قبر والده وقلده في ابتسامته ، تحسس قبر أخويه متمتما : آه يا قرتي العين اشتقــتكما ، .مسح بقايا أوجاعه بكم قميصه وانصرف يكمل بقية أفراحهم ..
بقلم : فضيلة معيرش / الجزائر



#فضيلة_معيرش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة : تصدع
- قصة : ريح الغواية ....الجزء 2
- قصة : لقاء الملائكة
- قصة : أكف الخذلان
- ريح الغواية
- قصة : وشاح الرغبة
- الشاعر ابن الشاطئ عبقرية شعرية على امتداد سبعة عقود
- بشير خلف عطاء فكري متواصل
- قصة: التذكرة
- الشاعر الإنسان ميلود علي خيزار… وجنون الكتابة بين الصوفي وال ...
- الشاعرة زبيدة بشيرأميرة الشعر العربي المنسية ...بين تونس وال ...
- شهلاء
- شهرزاد الجزائر ...-جميلة زنير- إرث قصصي متجدد
- قصة :الخيبة
- قصة الوحيدة


المزيد.....




- جريدة “أكتوبر” الصادرة باللغة الكردية والتابعة للحزب الشيوعي ...
- سجال القيم والتقاليد في الدورة الثامنة لمهرجان الكويت الدولي ...
- اليونسكو تُصدر موافقة مبدئية على إدراج المطبخ الإيطالي في ال ...
- بين غوريلا راقصة وطائر منحوس..صور طريفة من جوائز التصوير الك ...
- فوز الكاتب البريطاني المجري ديفيد سالوي بجائزة بوكر عن روايت ...
- مدير السياحة والآثار بغزة: الاحتلال دمر جميع المعالم التاريخ ...
- الفئران تأكل الحديد إصدار جديد لجميل السلحوت
- مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن أفلام دورته
- ماذا نعرف عن -الديموقراطية التمثيلية- التي أسقطها ممداني؟
- -الخارجية- ترحب باعتماد اليونسكو 4 قرارات لصالح فلسطين: انتص ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة معيرش - قصة : ترميم خدوش