أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الرابع 2














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل الرابع 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5956 - 2018 / 8 / 7 - 21:58
المحور: الادب والفن
    


الحربُ، كانت إذاً سبيلاً لمعرفته المغاربة عن قرب. مثلهم سواءً بسواء، أُرسل مع فرقة عسكرية خاصة إلى المنطقة المتاخمة للربع الخالي كي يُسبَغَ طلاءٌ عربيّ ـ إسلاميّ على وجه اليانكي، المتعهّد دحرَ صدّام حسين وإخراجه من الإمارة النفطية الغنية. شحناً للروح المعنوية ألا تنهارَ تحت وطأة خطر الهلاك الكيماويّ، كان ضباطهم يذكّرونهم كلّ مرة بما سيحصلون عليه من مكافأة مالية، مجزية ومضاعفة. بيدَ أنّ أوراق المهمّات، التي سلّمت حالَ عودتهم من الخليج للمكتب الماليّ في قيادة فرقتهم، أُطبقَ عليها الدرجُ أبداً ـ كما حال أجساد ضحايا الحرب، المدفونين في رمال الصحارى.
" سيامند "، رأى نفسه مجدداً صُحبةَ أبناء الأطلس، القصيّ. ولم يكن ذلك ممكناً، لولا فضول سؤاله عن اللغة الغريبة، المتخاطبين بها. على الأثر، قال بنبرة مرحة لم تخفَ مرارتها عليهم: " وأنا من أمازيغ المشرق، المقسم وطنهم على دولٍ أربع! ". إعلانه هويته الأثنية، المحكومة بالإقصاء مثل هويتهم، جعل الموقف منه يتغيّر ولا غرو. بقيَ بصحبتهم حتى وصول المركب إلى طنجة، الموحية منازلها في سفح الجبل الأخضر كما لو أنها خلايا نحلٍ مصبوغة بالأبيض. من هناك استقلوا معاً القطار إلى كازابلانكا ( الدار البيضاء )، ليصلوها عند غروب الشمس وهيَ مشحونة بالرطوبة الصمغية. في محطة الكازا، سلّموه برقة وود إلى مقصورة الدرجة الأولى من الرحلة المتجهة إلى مراكش. لقد كان أولئك الشبان الثلاثة في الطريق من مقر إقامتهم في اسبانيا إلى بلدهم، وكان المركب مبحراً بهم عبْرَ مياه الخليج، التي سبقَ أن عبَرَها أسلافهم إلى الجهة المعاكسة؛ عبروها وهم على موعدٍ مع المكافأة الإلهية، المجزية والمضاعفة!
أعوام أربعة، كانت قد انقضت على الحرب عندما استهل بطلُ حكايتنا مغامرته، المغربية. في أثناء تلك الفترة، حصلت تطورات خطيرة ومستطيرة كانت الأجيال السابقة تعتقد باستحالتها ما لم يَؤل العالمُ إلى ركام ملوث بأشعة السلاح النوويّ. فالمعسكر الشيوعيّ في أوروبا تقوّضَ برمته، دونَ ألبانيا الأصغر تأثيراً والأكثر فقراً. بدا أنها تُركت لشأنها عمداً، مثل أطلال عمارة سكنية من زمن الحرب العالمية الثانية، أبقيت كي تكون شاهدة على وحشية الخصم. ثم ما لبث الطغاة أن تساقطوا في مختلف القارات، أو تصدعت عروشهم، ما عزز الأملُ بانتقال الإنسان من أسر العبودية إلى فضاء الحرية. " أمازيغ المشرق "، لاحَ أنهم بدَورهم باتوا على ذلك الصراط في أحد الأجزاء الأربعة، على الأقل. ولكن، لا؛ كل ذلك كان وهماً ـ كحلم الفردوس الموعود، المقدّر له أن يطيّر أحلام شقيقَيْ " سيامند " كلّ مطار قبل أن تحترق أجنحتهما تحت سموات غريبة.

***
السيّدة السويدية، كانت تطل على ذكرياتها من شرفة شقة الإيجار، الكائنة في مدخل مراكش الحديثة، المزيَّفة، غير بعيد عن فيللا الأسرة المُحسنة. إنها ذكرياتٌ بلا حول، مثل إرادة صاحبتها حينَ هانت أمام عرض إيجار الشقة، المُغري. هيَ إحدى شقتين مفروشتين، تملكهما الابنة الكبرى للأسرة. " سُمَية " هذه، نتأت في الحكاية فجأة وعلى حين غرة، كما ينبثق فطرٌ بنيّ اللون على طرف غابة. ذلك كان في صباح اليوم التالي لوجود " تينا " بضيافة ساكني الفيللا، عقبَ تناول طعام الفطور: دخلت ابنتهم إلى الدار بسرعة وصخب سهمٍ ناريّ، لتهجمَ على الضيفة بقبلاتٍ تفوح منها رائحةُ معدةٍ معتادة على الخواء والإملاق. سحنتها وأطرافها، كانت على الجفاف نفسه، مما أعطاها شكلَ امرأة عجوز مدنفة بالمرض، وفي آنٍ واحد، نشطة في كنز المال.
كان الدربُ تحتَ موقف " تينا " يصحو رويداً مع الشمس الدافئة والنسيم الهفهاف، المتلاعب بأوراق أشجار الليمون، الخامدة اللون، المبعثرة على الرصيف. فتيات الليل، اللواتي ما زلن نائمات على الأرجح في مكانٍ ما، كانت روائحهن ما تفتأ تُعبّق الدربَ بالعطور الثمينة وعرق الأجساد المرهَقة، الرَخِصة. لعل مَن تدعوه السيّدة، " عبد "، كان ليلة أمس مع إحداهن في شقةٍ مفروشة، يتشقلبان على سرير حجرة نوم وردية الجدران ـ كما يُمكن التكهن من تأخره، وأيضاً وخصوصاً، من علامة أخرى بوضوح إشارة سَير حمراء.
ليلة أمس، كانا في ساحة جامع الفنا ( قلب مراكش الأصيلة )، بصحبتهما بعضُ أفراد الأسرة المُحسنة علاوة على عم الطفلة. وكان " عبد الإله " يتقدّم موكبَهم، المهتدي في الظلمة والزحام بمشاعل الفرق الموسيقية، الموضوعة وسط حلقة العازفين ومريديهم.. كان يتقدم الموكبَ بهمّة والي حسْبَة القرون الخوالي؛ بسيره الخفيف، وتوقفه بين فينة وأخرى أمام هذه الفرقة المحلية أو تلك الجبلية، أمام قارئة كف أو نقاشة حنّاء، أمام ممتهني رقص الغناوة أو الرقص الشرقيّ ( هؤلاء الأخيرين شبان مخنثون على وجوههم نقاب! )، أمام حلايقي الحكايات أو منشد الملاحم، أمام حواة الأفاعي أو مروّضي القردة، أمام أكشاك المطاعم الشعبية أو محلات بيع الأشياء التذكارية.. كان يطوف ويطوف، فيما الموكب بأثره، إلى أن أكمل دورة الساحة وصار مجدداً أمام إحدى حلقات الفرق الموسيقية. هنالك، أبعدَ في شيء من الحدّة شاباً مراهقاً، من الذين يلتصقون عادةً بمؤخرات السائحات الأجنبيات؛ أبعده عن " تينا "، كي يأخذ مكانه حامياً لردفيها الفارهين، المكنوزين في بنطال رعاة بقر، ضيّقٍ وناريّ اللمعان ـ كخُلقهم الأمريكيّ سواءً بسواء.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 1
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 5
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 4
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 3
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 2
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 1
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 5
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 4
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 3
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 2
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الأول
- خجي وسيامند: الفصل الأول 3
- خجي وسيامند: الفصل الأول 2
- خجي وسيامند: الفصل الأول 1
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 3
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 2
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 1
- كعبةُ العَماء: خاتمة
- إلِكْترا: بقية الفصل العاشر


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الرابع 2