أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الأول 1














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل الأول 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5940 - 2018 / 7 / 21 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


وجدت نفسها، ثانيةً، في القارة السمراء؛ في مركز المثلث الفرانكفوني، القديم، الذي امتد يوماً، وسط الفيافي الحمراء والسواحل البيضاء والجبال الزرقاء ( ألوان جديرة براية منتصرة! )، من تونس إلى ساحل العاج. اسمُ هذا المركز، Maroc، يذكّرها كل مرة بنسخته المسجلة على ثمار البرتقال واليوسفي، المرصوفة في صناديق السوبرماركت بموطنها الأوربي الشمالي.
وهيَ ذي في أقصى الشمال الأفريقي، تمتع بصرها بصوَر بيارات الحمضيات، المتوالية برزخاً تلوَ برزخ على شاشة نافذة القطار، المتجه من مطار محمد الخامس إلى محطته الأخيرة في مراكش. لقد تركت الثلجَ محتضراً، ثمة في موطنها، وسيتحلل في أوان إيابها ـ كجثة ملفوفة بكفن أبيض.
( فكّرت في صديقها الراحل، " فرهاد "، حينَ أزعجها ذات مرةٍ بالحديث عن موته، قائلاً أنّ التابوت الأنيق سيلفظه كي يبقى بالكفن الكئيب بحَسَب تقاليد المسلمين. كان صديقها لا دينياً في واقع الحال، وعليه كان أن يموتَ كي يُضحي مسلماً! ).

***
الأفكار تترى في رأس السيّدة السويدية، الأشقر والمغطى بقبعة مستديرة من القماش، فيما الهوام يغير على المسافرين في عربة الدرجة الأولى وكأنما بغيَة تعذيبهم بفكرة انقضاء فصل الاعتدال. إنّ الربيعَ هوَ فصلُ السياحة المفضل، ومع ذلك، يُحبط أكثر الأوروبيين تفاؤلاً. على أنّ " تينا " ليست سائحة بحالٍ من الأحوال، بل بالوسع القول أنها في مهمة. وهذا ما ستقوله لاحقاً للرجل الحنطيّ البشرة، الجالس في مقابلها تشوبه رائحة كحول قوية. فلما تباسطا في الحديث، بفرنسيتها الرديئة حيناً وإنكليزيته الأردأ أحياناً، فإنها سألته عن سبب شربه في هكذا ساعة مبكرة من النهار.
" لقد شربتُ عدة أقداح من النبيذ، هنالك في الطائرة الفرنسية القادمة من باريس. إنه بالمجان على أيّ حال! "، ردّ ببساطة تليق بهندامه المتواضع. قدّم لها نفسه باسم " عبد الإله "؛ من أمازيغ ريف بني ملال، أقام في فرنسا قرابة العقدين من الأعوام. استفهمت منه، ما إذا كان مقيماً ثمة بصفة لاجئ سياسي. حدّق في عينيها، متسائلاً بدَوره ولكن في شيء من الدهشة: " وكيفَ عرفتِ ذلك؟ "
" لأنني تعرفتُ على الكثير من الأجانب في السويد، وكانوا بغالبيتهم لاجئين سياسيين "، قالتها مبتسمة في نوعٍ من الحرَج. إذ لم تُفسر سببَ دهشته، إلا كما لو أنّ الأمرَ يتعلق بالعِرَافة. ويمكن أن المناسبة، وكذلك الصمتَ المعقّب لحظات التعارف الأولى، قد جعلتها عندئذٍ تتذكّر " شيرين "؛ شقيقة صديقها، المتوفاة انتحاراً قبله بنحو ثلاثة أعوام.

***
بحَسَب ما علمته من " فرهاد "، كان بإمكان شقيقته التنبؤ بالأحداث سواءً عن طريق قراءة الكف أو ملاحظة النجوم. وإذ عُرف الأوروبيون الشماليون بقلة الاكتراث حيال هكذا مواضيع، ففي المقابل، أولت " تينا " اهتماماً بحكاية تعرّف " شيرين " على شريك حياتها الفرنسيّ حينما استطاعت قراءة طالعه في خلال إحدى الحفلات.
ولكن " فرهاد " بقيَ صامتاً دوماً حيالَ واقعة قتل الصهر الفرنسيّ، وكل ما نجم عنها بما في ذلك انتحار الجانية قفزاً من شرفة مبنى الشرطة، أين كانت تحتجز تمهيداً لمحاكمتها. إنّ " تينا " لم تعرف تلك التفاصيل إلا فيما بعد، على أثر رحيل صديقها. بيْدَ أن أشعاره، التي خصّها للراحلة ( قرأت بعضها بالانكليزية من ترجمته )، كانت مفعمة بالأسى والغضب وتأنيب الذات، وأيضاً، بترجيعات تنبض حنيناً إلى ماضي طفولتهما وصباهما في مدينة دمشق.
غيرَ أنّ صديقها، الشاعر الجميل والأصيل، رحلَ هوَ الآخر مخلّفاً لها ماضي علاقتهما، الذي لن يتكرر ثانيةً أبداً. إنها كانت تستعيدُ أبيات قصائده، بنفس شغف ولذة قبلاته ذات النكهة الشرقية ( قهوة بالهال أو شاي بالقرفة! )، كانت تستعيدها على سريرهما اليتيم، المهجور ـ كما سبقَ له أن فعل ذلك عبرَ كلمات سيرته الذاتية، المنذورة لرحلة حياةٍ قادت مصيره إلى قلاعٍ مغلقة، مغروسة في بوادي العالم؛ كمراكش وموسكو وستوكهولم.

> مستهل الجزء الأول/ الفصل الأول، من رواية " الصراطُ متساقطاً "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 3
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 2
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 1
- كعبةُ العَماء: خاتمة
- إلِكْترا: بقية الفصل العاشر
- إلِكْترا: الفصل العاشر 1
- إلِكْترا: بقية الفصل التاسع
- إلِكْترا: الفصل التاسع 3
- إلِكْترا: الفصل التاسع 2
- إلِكْترا: الفصل التاسع 1
- إلِكْترا: الفصل الثامن 5
- إلِكْترا: الفصل الثامن 4
- إلِكْترا: الفصل الثامن 3
- إلِكْترا: الفصل الثامن 2
- إلِكْترا: الفصل الثامن 1
- سيرَة أُخرى 70
- إلِكْترا: الفصل السابع 5
- إلِكْترا: الفصل السابع 4
- إلِكْترا: الفصل السابع 3
- إلِكْترا: الفصل السابع 2


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الأول 1