أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل السابع 3














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل السابع 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5892 - 2018 / 6 / 3 - 00:59
المحور: الادب والفن
    


منذ صباح اليوم الأول لوجوده في ضاحية الغزوة، فارقه ذلك الشعور المزعج باختلال خططه التجارية نتيجة عفريت النزوة المفاجئة، الذي ركبَ رأس الأميرة. كانت آثارُ المرأة الأخرى، حينما أفاقَ من النوم، ما تني منطبعةً على فراشه ووسادته؛ رائحةُ جسدها المُسكر وخيوطٌ من شعرها الأسوَد الطويل. لقد استيقظ في منتصف النهار، على عادة المغاربة خلال شهر رمضان. حتى إذا انتهى من أخذ حمّام سريع، تذكّر مغموماً أنه ليسَ بمقدوره ارتشاف فنجان قهوة بالحليب مع سيجارة؛ وهيَ أيضاً عادة، يفتتح بها يومه، المفعم بالعمل المثمر: " ولكن ليسَ هذا اليوم من أيام الصوم الأعظم، على أيّ حال! "، فكّرَ ببعض الضيق فيما كان ينهي حلاقة ذقنه. عندما سألَ عن المضيف، قيل له أنه معتزلٌ مذ بعض الوقت في المرسم.
النهار، كان رائعاً معتدلاً، شأنُ أيام الصيف جميعاً في هذه المدينة البحرية العجيبة. الرطوبة، عليها كان أيضاً أن تتراوح على نفس الاعتدال؛ بالنظر لطبيعة الضاحية، المرتفعة عن سطح البحر. حين سارَ " غوستاف " إلى المرسم، كان يودّ التسلي بمناكفة صديقه علّ ذلك يلهيهما عن كآبة نهارٍ بلا سيجارة مع قهوة بالحليب. فكم أدهشه، واستثاره، أن يجد " الشريفة " منتصبة هنالك خلف حامل اللوحات بوضعية الموديل. كانت مرتديةً رداء الأمس، القطنيّ ذا الألوان الحارّة، وقد أنزل طرفه الأعلى قليلاً كي يبين بهاء كتفها المستديرة والناعمة. في خلفية المشهد، بدت الحديقة بألوانها البديعة خِلَل النافذة العريضة، المفتوحة على مصراعيها. أريجُ ورود الحديقة، انتشرَ في المرسم ليطغى نوعاً على روائح الأصباغ والزيوت. المحترف، كان ذاخراً باللوحات المختلفة الأحجام فضلاً عن بعض التماثيل، الخشبية والحجرية والجصية، المتناثرة هنا وهناك. التحف كذلك، وأغلبها من شغلٍ يدويّ محليّ، بدا أنّ الفنان كان مهتماً بجمعها في مرسمه كما في مكتبه، الكائن في طابق الفيللا الأرضيّ.
على أنّ الصديق الراغب بالإزعاج، لم يهتم بملاحظة تلك الأشياء؛ كونها مألوفة لحواسه، بلا شك. ذهنه، كان مركّزاً إذاً على الفتاة اليانعة العُمر، الممتلئة فتنةً كبنات مواطنه " رينوار " وهنّ يستحممن في ماء النهر قدّام ريشته العبقرية. في غمرة نشوته لقاء المشهد المثير، راحَ عقلُ " غوستاف " يفكّر برصانة في مصير هذا الجمال المُبهر: " أليسَ من المحزن حقاً، أن تنشأ البنت في بيئةٍ منحرفة مع كل ما حبته بها الطبيعة من جمال وذكاء وإرادة حرة؟ لعلّ صديقي جاك مثقل الضمير من هذه الناحية، كونَ البنت ربيبته على الأقل. وربما أنا بنفسي على درجة من الإثم، كوني أسهمتُ في إفساد الأمّ ولو بصورة غير مباشرة. سيّان الأمر عندي، طالما أنه يتعلق ببيئة تشجّع الأنثى على تنمية مشاعر الشبق، لتنحرف بها إلى وحل الشهوة المحرّمة! ". الجملة الأخيرة، جعلته في المقابل قلقاً بعض الشيء. أخذ عند ذلك بمراقبة وجه الرسّام، محاولاً استنفاض ما يمكن أن يلوح فيه من أثرٍ لثورة، أو جرحٍ، في مشاعره: " أيمكن أن تكون نفيسة قد أبلغته بحكاية القبلة، على الرغم من تشديدي عليها بألا تفعل ذلك؟ أو أنّ الحمقاء الثرثارة سرّبته إليه، كعادتها، عن طريق امرأته؟ "، كان ذهنه يلحّ عليه بلجاجة. غيرَ أنه سرعانَ ما آبَ إلى لا مبالاته العريقة، مخمّناً أنها قد تكون هذه الفتاة نفسها، مَن نقلَ تفاصيل الحكاية المشينة لرجلٍ تعتبره في مقام والدها.
" إنّ جاك كاد يجنّ من الغيرة، لأنني اصطفيتُ نفيسة خليلةً لي! أنانيته، بلغت حداً تناسى فيه كيفَ كنتُ أتقلّب على نار الشعور نفسه، آنَ كانت هيَ عشيقته لأعوامٍ عدّة. فلما واجهته بحقيقة ذاته العارية، لم يَزِد على إبداء شفقة مصطنعة على حالتي النفسية. أعلمُ أنه سيبتهج أشدّ البهجة، ما لو تمّ حجزي في مصحة عقلية. بيْدَ أنني أفوّت عليه الفرصة، بأن أستعيدَ زمام أمري بعيد كل نوبة عصبية تدهمني "، هكذا اعترفت له ذات مرة امرأة صديقه. بل ومضت المسكينة إلى أبعد من ذلك، حينَ صارحته بكونها على علمٍ بما يُشاع عن نسب " الشريفة ". ما أثار استغرابه، أنّ أم الفتاة عادت بالأمس إلى الموضوع من زاوية أخرى. إذ قالت له وهيَ تنفث دخان الكيف من لفافتها، ساهمة أو ربما مسطولة: " إنها ابنة قاسية القلب، شأن بنات النصارى، اللواتي يُقال أنهن يحجزن والديهن في مأوى العجزة كيلا يتعذبن في رعايتهم! وأتكلم بالطبع عن طبيعة علاقتها بهيلين، المعتبرة أماً ثانية لها. أتدري أنها تعدّها بمثابة امرأة أب، ولا تكنّ لها سوى البغضاء والمقت على عكس ما تظهره؟ إنني أخشى من هذا الابنة؛ فإنّ لها روحاً شريرة، بوسعها أن تؤذي حتى أقربَ الناس إليها من ناحية الدم بله مَن تنظر إليها كامرأة سرقت منها أبيها وأنها أحق منها بالاستحواذ على أمواله وأملاكه ".
ذاكرته، كانت تختزن هذه الكلمات المشحونة بعواطف متضاربة، فيما هوَ ما ينفكّ يتأمل البنت الفاتنة، المرتسم على محياها براءة وصدق وعفوية الطفولة. إذاك، رأى في تلك الكلمات مبالغة كبيرة، يُمكن أن تصدُر عن أمّ غيورة من ابنتها لأسباب قد تكون تافهة. كان على الأيام أن تجري في مجراها الساجي، قبل أن يعود مجدداً للتفكير بما قالته عشيقته في فراشٍ ينضحُ بالإثم ـ كأيّ علاقة غير شرعية، لا يُمكن أن تغفل عنها عينُ الله الصارمة، التي لا تأخذها سنّة من نوم.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلِكْترا: الفصل السابع 2
- إلِكْترا: الفصل السابع 1
- إلِكْترا: الفصل السادس 5
- إلِكْترا: الفصل السادس 4
- إلِكْترا: الفصل السادس 3
- الدهليز والكنز
- إلِكْترا: الفصل السادس 2
- إلِكْترا: الفصل السادس 1
- سيرَة أُخرى 69
- إلِكْترا: الفصل الخامس 5
- إلِكْترا: الفصل الخامس 4
- إلِكْترا: الفصل الخامس 3
- إلِكْترا: الفصل الخامس 2
- إلِكْترا: الفصل الخامس 1
- إلِكْترا: الفصل الرابع 5
- إلِكْترا: الفصل الرابع 4
- سيرَة أُخرى 68
- إلِكْترا: الفصل الرابع 3
- إلِكْترا: الفصل الرابع 2
- إلِكْترا: الفصل الرابع 1


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل السابع 3