أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الدهليز والكنز














المزيد.....

الدهليز والكنز


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5884 - 2018 / 5 / 26 - 05:39
المحور: الادب والفن
    


رأيتني أمام دار الأوبرا، مساءً على ساعة الشفق. كنتُ قد سمعتُ بخبر إنشائها، قبل سنوات وأنا في غربتي. وجدتها بناءً عظيماً من دورَيْن، مدخلها مزين بالأعمدة على الطراز التدمريّ. المدخل، جُلل جانبٌ منه بصورة مغنية متوسطة العُمر، بدينة وقصيرة بعض الشيء ـ كما المعتاد في معظم مطربات اللون الأوبرالي.
سار أحدهم بمحاذاتي في الردهة المضاءة بمصابيح على شكل الشموع، وما لبث أن ألقى عليّ التحية: " إنها ستؤدي أغنية ‘ عوّدتِ عيني ‘؛ هل تذكر كم سهرنا من ليالٍ عليها، ثمة في حجرة جدّتك؟ "، قال لي الرجل بلهجة غامضة ومألوفة في آنٍ واحد. لم أتعرّف عليه في الوهلة الأولى، بسبب سنّه المتجاوزة الخمسين والباروكة المنفوشة، المنسدلة خصلاتها حتى ياقة عباءته الحريرية. كدتُ أكلمه كي أتأكّد من شخصيته، حينَ أفترق عني مع هروع بعضهم نحوه، ليمضوا به من ثمّ إلى الصالة الكبرى. كل من كانوا هنالك من الجمهور، بدوا في مثل هيئة ذلك الصديق المتنكّر. على الأثر، ظهرت المغنية البدينة على المسرح وانطلقت الموسيقى. كنتُ غارقاً في أنغام مقدمة الأغنية الأثيرة، لما سمعتُ أحدهم خلفي يقول همساً: " إنها تضعُ على فستانها بروشَ الماس، الخاص بأم كلثوم، ويقال أنه يساوي ثروة ".
بعد فترةٍ من الوقت، مبتسرة أو مديدة، وجدتني أتجه نحوَ الحمامات لحاجةٍ ألمّت بي. سرتُ مرهقاً في ظلمة دهليز طويل، وقد ارتجّت الجدران بدويّ الموسيقى مع أصواتٍ مبهمة. على حين فجأة، أنفتح مدخل الدهليز على حديقة مكتنفة بظلال أشجارها وتماثيلها. هنالك في صدر المكان، كانت هيئة بعض الأشخاص تلوحُ كالأشباح من خلال مدخل بناءٍ آخر. اقتربت من البناء، متمنياً أن يكون هوَ المحتوي على الحمامات، لما تناهى صوتُ ذلك الصديق القديم ذاته: " هنا، تحت هذا البلاط الرخاميّ، يكمن الكنز بحسَب خريطتي! ". لبثتُ في مكاني، تحتَ أحد التماثيل، أحسّ بخطرٍ داهم، محتمل. ولكن الحاجة اللعينة، جعلتني أختفي خلف التمثال وأشرع بالتبول. " الكنز، الكنز..! "، ردد أكثر من صوتٍ في تلك الناحية. وإذا شيءٌ بصلابة حجر، يضرب ظهري في اللحظة التالية. على ضوء القمر، رأيتُ حليةً على الأرض قدّام رجلي وكانت تلمعُ ببصيصٍ مبهر. انحنيت لألتقطها ثمّ رحتُ أدقق النظرَ فيها؛ لأعرف فيها البروش الماسيّ، الخاص بتلك المغنية الأوبرالية: " لأضعنّها في جيب الجينز بمكان حافظة نقودي "، فكّرتُ فيما كنت أخرج الحافظة لأدسها في جيب سترتي الداخليّ. شئتُ أن يكون مظهري طبيعياً، حينَ أخرج من الدار.
" من هناك..؟ لا بد أنه رآنا..! ألحقوا به..! لا يفوتنّكم الإمساك به..! "، اندلعَ صراخُ أولئك الأشخاص لحظة هممتُ بمغادرة المكان. شعور الرعب من الخطر، جعلني أركض لا ألوي على شيء عائداً باتجاه الدهليز. وإذا بطلقات نارية تنطلق من ورائي، مع أصداء صرخات الألم. خرجتُ من الدهليز، مطمئناً لعدم إصابتي، بينما أحدهم ينادي عليّ: " توقف، ولا تخشَ شيئاً! سنتقاسم الكنزَ، أنا وأنتَ حَسْب، لو أنك ساعدتني بنقل محتوياته ". كان ذلك صوت الصديق القديم. بيْدَ أنني تابعت الجري، إلى أن رأيتني في الشارع العام. هنالك بغتة، انطلق صوتٌ بلهجة أخرى، مشنوعة، جعلتني أرتجفُ مجدداً: " الكل يقف بالدور، لو أردتم أن ننهي التدقيق في الهويات بسرعة ". كان طابورٌ من الخلق يقف أمامي، فيما الأسلاك الشائكة تسوّر جانبيّ الشارع. لما وصل الدورُ إليّ، وضعت يدي في جيب الجينز الخلفيّ لأسحب حافظة النقود كي أخرج منها بطاقتي الشخصية. ولكن يدي سحبت بروشَ الماس!
بقيَ العسكريّ يحدق في الحلية الثمينة، للحظاتٍ أطول من عُمر.. يحدق فيها بعينين متألقتين، معاً، بالدهشة والريبة والوعيد والطمع.





#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلِكْترا: الفصل السادس 2
- إلِكْترا: الفصل السادس 1
- سيرَة أُخرى 69
- إلِكْترا: الفصل الخامس 5
- إلِكْترا: الفصل الخامس 4
- إلِكْترا: الفصل الخامس 3
- إلِكْترا: الفصل الخامس 2
- إلِكْترا: الفصل الخامس 1
- إلِكْترا: الفصل الرابع 5
- إلِكْترا: الفصل الرابع 4
- سيرَة أُخرى 68
- إلِكْترا: الفصل الرابع 3
- إلِكْترا: الفصل الرابع 2
- إلِكْترا: الفصل الرابع 1
- إلِكْترا: الفصل الثالث 5
- إلِكْترا: الفصل الثالث 4
- إلِكْترا: الفصل الثالث 3
- سماءٌ منشقّة
- إلِكْترا: الفصل الثالث 2
- إلِكْترا: الفصل الثالث 1


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الدهليز والكنز