أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الثالث 1














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل الثالث 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 03:25
المحور: الادب والفن
    


العروس، المُلبّسة بفولاذٍ ناصع البياض، هيَ ذي تخترقُ الشارع الملكيّ، اعتباراً من خاصرته الأيسر عند أسوار المدينة، المتطامن من خلفها أطيافُ أشجار حديقة " مولاي عبد السلام ". كان الوقتُ مساءً متأخراً، يعكسُ على زجاج " الرانج روفر " أضواءَ عشرات السيارات، اللاهثة سعياً للانزلاق من الزحام فيما ضوضاء أبواقها تصمّ الأسماع. مع ذلك، فإنّ السيّدة السورية، الجالسة بجانب مرافقتها قائدة السيارة، لاحَ وجهها معبّراً عن الهدوء ورخاء البال. بين فينةٍ وأخرى، كانت " سوسن خانم " تلتفتُ إلى الخلف لتشمل بنظراتها المستأنسة الفتاة السمراءَ القابعة هنالك، متبسمة لها بودّ. هذه الصُحبة الطارئة، بدأت فعلياً منذ تمّ استدعاء الفتاة بأمر من سيّدة القصر. إنّ حديثَ الأميرة في ذلك النهار، الأقرب إلى الهذيان، أدى آخر المطاف إلى نتيجة إيجابية جداً ـ كما يُمكن أنّ يغيّرَ العالَمَ سقوطُ تفاحةٍ بالقرب من عالِم، شارد اللبّ.
" لدينا في القصر خادمة فتية، كانت أساساً من أولئك التلميذات الموقوفات على خلفية الأحداث تلك، المعقّبة بداية القصف الأمريكيّ للعراق "، قالت الأميرة لضيفتها وهيَ تلقي نظراتٍ ساهمة على الأفق المائل للغروب. تململت الخانم، فيما تتابع بدَورها المنظرَ الورديّ للغروب، المرتسم على النافذة المسدل على جانبٍ منها ستارة من البروكار الزاهي. رشفت الأخرى بقية كأسها بجرعة واحدة، قبل أن تستأنف حديثها بنبرة مرّة: " إنها بنت مسكينة، كانت في نحو الخامسة عشر من عمرها حينَ تمّ اعتقالها من مدرستها الثانوية. لقد دمغَ الصَرَعُ صحتها بطبعته الدائمة، طالما لا علاج له. أشفقت عليها بالطبع، لما أعلموني بأمر نوباتها المخيفة. المرض، جعلها أشبه بالبلهاء منها لبنتٍ بريئة ساذجة. فقمتُ بعزلها فوراً عن البقية، موفرة لها أيضاً من يرعاها. إنني اعتبرتها حينذاك بمثابة ابنة من صُلبي، وذلك بصرف النظر عن سوءاتها! ". نطقت الجملة الأخيرة جمجمةً، فيما كانت تتفرّسُ بعينيّ ضيفتها.
" إنها مُدركة، على غالب الظنّ، أنّ سرَّ إنجابها ابنة من رجلٍ فرنسيّ متداولٌ بين سيّدات الطبقة الراقية في مراكش "، كذلك فكّرت الخانم فيما تواجه نظرة محدّثتها بطريقة تنبي عن اهتمام عاديّ. على أنّ روعها لم تداخله الطمأنينة بعدما ثابرت المضيفة على الكلام، لتنتهي إلى القول بشكل مباغت: " لم أكن لأكلمك عنها، لولا أنني أشعر بأنّ الله أرسلك منقذة لها من هذا الضياع بعيداً عن الأهل. هل فهمتِ ما أعنيه؟ "
" أعتقد أنكِ تودين القول، بأنني أعرفُ من تكون هذه البنت العليلة؟ "، أجابتها الضيفة بشيء من القلق والتوجّس. لقد وافتها الفكرة، كونها سمعت ذات مرة من " الشريفة " حكاية مماثلة عن ابنة حميها، المفقودة الأثر بسبب تلك الأحداث. ثابرت الأميرة على تأمل ملامح ضيفتها، ثم قالت وكأنها لم تسمع السؤال: " لطالما سببتُ الألم للآخرين، عن قصد أو خلافه. لقد حان الآنَ وقتُ التقاعد! إنّ الشر مهنة أيضاً؛ أما كنتِ تعلمين بذلك؟ ". أطلقت ضحكة عصبية، وما لبثت أن نهضت متجهةَ نحو باب الشاليه، تاركةً الأخرى في حيرة بيّنة. سمعتها " سوسن خانم " وهيَ تخاطبُ أحدهم، طالبةً منه إحضار الفتاة.
شريط الذكرى، مرّ أمام عينيّ الخانم بلمحةٍ فيما مرافقتها تستعد للتحرك مع تغيّر الشارة الضوئية. ازداد ما فيها من توتر، حينَ استدارت السيارة حول دوار مدخل غيليز، لتتوغل في شارع " محمد الخامس ". خلال الثواني القليلة، المتبقية للوصول إلى الفيللا، راحت تحدّث نفسها: " يبدو واضحاً، أنّ ربيبة الشر قد سبقَ وأعدّت كل شيء. لعل هذه الفتاة المسكينة كانت تذكّرها فعلاً بابنةٍ وحيدة، لم تستطع الاعتراف بوجودها حتى وهيَ تضمحلُ جسداً وروحاً. أما تلك العواطف، التي سكبتها على مسمعي خلال ساعة من الزمن، فلا تعدو عن كونها صك براءة توصله من خلالي إلى أهل الفتاة.. أم أنها النهاية قد أذنت، وهيَ في حاجة للصك عند لقاء إلهها أو ثالوثها! ".
المزيد من العواطف المهدورة بلا طائل، كانت تنتظر السيّدة السورية وسط ساكني الفيللا ممن حدبوا فيما مضى على مواطنَيْها؛ الشقيقين الدمشقيين. إنها المرة الثانية، تزورهم فيها دونما أن تربطها بهم صلة صداقة أو حتى معرفة عن قرب. هذا بالرغم من حقيقة، أنه ماضٍ جمعهم معاً تحت سماء مدينة الآثام بنفس الطريقة تقريباً، التي كان فيها دستويفسكي يجمع شخصيات رواياته تحت سقفٍ واحد. لئن حلّق اسمُ معبودها الأدبيّ فوق رأسها عندئذٍ، فلأنها برفقة هذه الفتاة المعانية من نفس مرضه. وإنها قدمت مع مرافقة تقود سيارتها، كأنما لتذكيرهم بالمرافقة السابقة.. بأم الصغيرة " خَجيْ "، المفقودة الأثر. في المرة الأولى، وكانت قبل حوالي ثلاثة أعوام، حضرت الخانم مع " مسيو غوستاف " لشهود عرس ابنة هذه الأسرة الكريمة. لقد تعمدت مخابرته في ذلك المساء، محتجّةً بعمل تجاريّ يخصهما. إنّ دخولهما معاً إلى الفيللا، كان هدفه إيغار صدر " شيرين ". هكذا رغبة، تعارضت شكلياً حَسْب مع ما كانت تخطط له الخانم بخصوص غريمتها المفترضة. الحال، أنها كانت تدرك من خبرتها مع نساءٍ عبرنَ حياتها، ما لتأثير الغيرة في نفسٍ حسّاسة حدّ المرض. وإننا جميعاً، معشر البشر، مرضى إلى هذا الحد أوذاك!
العرس، انتهى بفضيحة مدوية. " الشريفة "، كأنما كانت تعدّ سيّدتها للحدث المفاجئ، آنَ ذكرت لها مرةً بصورة عابرة أن " رفيق " لا يناسب ابنة حميها: " إلى الأمس القريب، أرتبط بعلاقة مع ابنة خالتها المقيمة في باريس. وإنها سميّة، شقيقة العروس الكبيرة، مَن عرفته على ابنة الخالة. الصفقة، تتكرر الآنَ وفق تخطيط الأخت نفسها! ".
بيْدَ أن السيّدة السورية، وهيَ تجتازُ اللحظة مدخلَ الفيللا الغارق في العتمة، كانت خالية الذهن تماماً من إمكانية المفاجأة بحدثٍ على ذات الدرجة من الفضيحة.





#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيتشكوك المصريّ؛ مقاربة لأحد أفلامه
- إلِكْترا: الفصل الثاني 5
- إلِكْترا: الفصل الثاني 4
- إلِكْترا: الفصل الثاني 3
- إلِكْترا: الفصل الثاني 2
- إلِكْترا: الفصل الثاني 1
- إلِكْترا: الفصل الأول 5
- إلِكْترا: الفصل الأول 4
- إلِكْترا: الفصل الأول 3
- إلِكْترا: الفصل الأول 2
- إلكِتْرا: الفصل الأول 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 2


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الثالث 1