أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الأول 5














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل الأول 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5854 - 2018 / 4 / 23 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


حينَ شرعت في الكتابة، بغيَة تسجيل أحداث حياتها المراكشية، بشكل خاص، عليها كان أن تطرح على نفسها أسئلة مُلتبَسة نوعاً: " أيّ جديدٍ يمكن أن أقدّمه، أكثرَ مما دونته شيرين في مذكراتها؟ أهوَ تصويبُ معلومات معينة، مثلاً؟ أم تصحيح صورتي في آخر المطاف؟ ". عادت إلى تلك الأفكار، أثناء تناهي قلمها إلى لحظة استدعائها لزوج مرافقتها كي تكلّفه بالمهمة المعلومة. في المذكرات الموازية، ذكرت مؤلفتها الراحلة أكثر من مرة، أنّ لقاءاتها مع " سيمو " بدأت قبل تعرفها على الشاعر في رواق الفنون. في هذه الحالة، ليسَ بوسع المرء سوى التسليم باحتمالين: الأول، أنّ " شيرين " اختلطت عليها وقائعُ قصتها، آنَ كانت تكتب في ظروف الحبس غير المحتملة. الاحتمال الثاني، إمكانية تضليل " سيمو " معلّمةَ امرأته لغايةٍ ما، أو ربما لمجرد كونه كذّاباً كبيراً!
ولكن، ماذا عن " الشريفة "؟ لقد كانت مخلصة دوماً لسيّدتها السورية، أو بالأصح، لحين أن أجازت لنفسها الاستلقاء عاريةً تحت ريشة سكرتير المكتب، نموذجاً لتلك اللوحة ـ الفضيحة. في إحدى إشاراتها المكشوفة، شبهت " شيرين " المرافقة بكلبة شبقة، لما اقتحمت هذه حمّام فيللا الأسرة المُحسنة، " عمدت إلى تشمم جسدي، كأنها تستأنسُ فيه عبقَ جسد شقيقي ". عدا ذلك، كانت مذكراتها تحتوي ملاحظاتٍ عدّة، تدلّ على نظرتها الثاقبة للأمور؛ على أنها، مثلاً، لم تكن غافلة منذ البداية عن حقيقة مهمة " الشريفة " ورجلها، هنالك في الفيللا. بيْدَ أنها سُحبت بالرغم من نباهتها إلى الفخ، سواءً بفضل قلة تجربتها أو حلمها بالثروة.. و يمكن إضافة احتمالٍ ثالث، دَعَته هيَ بنفسها " فحولة سيمو ".
في الصورة الفوتوغرافية، بدا الرجلُ منتصباً وراء امرأته، بسحنته السمراء القاتمة وقامته الفارعة المتينة؛ باهتَ الملامح، شبيهاً بعضو مذكّر لعبدٍ أكثرَ منه " عطيلاً " مغربياً آخر ـ كما حاولت صاحبة المذكرات الموازية تصويره بكاميرا كلماتها. مهما يكن وضعه في واقع الحال، فحلاً بحَسَب المذكرات أو عنّيناً على زعم امرأته، فإنه كان أداة طيّعة في يد " سوسن خانم " أمكنها من خلاله رميَ منافستها في شباك عنكبوت المسيو الفرنسيّ. كان يُحنق الخانم حينذاك، ويؤثر على كبريائها، أن ترى في فتاة ضعيفة منافسةً لها على قلب الأستاذ الشاعر. مضت إذاً في لعبتها الشريرة، متخطيةَ مشاعرها الأولى تجاه مواطنتها، التي كانت تجمَعُ بين الإشفاق والتعاطف.. متخطيةً أيضاً ما كانت تعلمه يقيناً، من أنها عاجزة عن الحبّ بوصفه علاقة جسدية، فوق كل شيء، قائمة على المشاركة الفعالة في المتعة. والآن، أيّ حجّةٍ أخلاقية لمسلكها، بعدما وصفت خطتها ضد الفتاة بكونها " لعبة شريرة "؟ من النافل القول، أنها ليست زلة قلم.. ولا كذلك تأكيدها في مستهل السيرة، بكونها غذت إشاعاتٍ عن علاقتها العاطفية مع الشاعر ( أسمت معه غوستاف وفرهاد على التوالي ) وذلك كي تخفي شخصية من تعشقه حقاً. فلو أنها عاجزة عن إقامة علاقة سوية مع رجلٍ من الرجال، باعترافها آنفاً، فإنها تُحيك مزيداً من الشبهة حول صلتها بإمرأة ـ كمرافقتها السابقة ـ أزيحَ الستارُ عن طبيعة جانبها الجنسيّ!
متأخرةً، علمت الخانم أيضاً أنّ تلك اللعبة أضحت فخاً لها بنفسها. عندئذٍ تعيّن عليها أن تعاني من شعورها، كامرأة مُهانة، خُدعت من لدُن مَن ظنت أنهما طوعُ يدها. أدركت كم كانت مخطئة، حينَ أعطت تقييماً قاصراً لكلا الزوجين عند بدء تعاملها معهما. توهمت أن " سيمو " ليسَ بوسعه التفكير بالعمل لحسابه الخاص، كونه شخصاً على شيء من السذاجة. ولكنها كانت سذاجة مصنوعة، ممتحّة من مكرٍ قرويّ رضعه مع حليب الأم. مكر امرأته، في المقابل، كان ظاهراً للعيان ككفلها العظيم، ولم تحاول هيَ أن تتستر عليه. كلّ ما في الأمر، أنّ سيّدتها اعتقدت بأنه خصلة مفيدة لخطتها ما دام يخصّ امرأة مخلصة لها.
" ولِمَ التأسّي، على أيّ حال؟ كلاهما دفعَ الثمنَ غالياً، وأنتِ من ضحكَ كثيراً في نهاية المطاف! "، هكذا خاطبها داخلها فيما كانت تمررُ نظرةً مليّة على صورة أصدقاء رواق الفنون. على أنها ما كانت ترجو عزاءً لذاتها، طالما أنّ شخصين آخرين، بريئين ( الشقيقين الدمشقيين )، دفعا ثمنَ أنانيتها وأثرتها. كأنما سيرتها هذه، محاولة تبريرٍ لمسلكها إزاءهما، بالأخص على خلفية الاتهامات الواردة بحقها في المذكرات الموازية. بلى، إنّ " سوسن خانم " كانت أساساً تبغي إثباتَ حقيقة بديهية، مع أنها ربما غير مفهومة من الآخرين؛ وهيَ كون المذكرات مرآة لمشاعر كاتبها لا صورة طبق الأصل عن الواقع. لو كان أمرُ الحقيقة واضحاً، مثلما تراه هيَ بنفسها، لأمكنها وضعُ كل ما يتعلق بذكرى أولئك الأصدقاء وراء ظهرها والمضيّ إلى الأمام في تسجيل بقية السيرة ـ كما يفعل المرء بعد وضعه باقة ورود على قبر شخصٍ عزيز، حيث ينهضُ من ثمّ للعودة إلى حياته العادية بين الأحياء.









#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلِكْترا: الفصل الأول 4
- إلِكْترا: الفصل الأول 3
- إلِكْترا: الفصل الأول 2
- إلكِتْرا: الفصل الأول 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 5


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الأول 5