أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 3














المزيد.....

ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5831 - 2018 / 3 / 30 - 15:47
المحور: الادب والفن
    


على حدّ السابعة صباحاً، كان في غرفته في الفندق على أهبة الدخول إلى الحمّام، بغيَة أخذ دوش وإزالة اللحية النامية. فجأة، صدَرَ قرعٌ لطيف على باب الغرفة. أدهشَهُ حاجبُ الفندق، حينَ مدّ يده ببطاقة أنيقة: " ثمة من ينتظركم في البهو، مسيو ". آثارُ النعاس، الراقدة تحت جفنيه، دفعته لإعادة قراءة الاسم مرة أخرى: " عجباً! إنها تلك الأميرة المغربية؛ فهل أتت وحدها أم أنه مقلبٌ من مقالب صديقها؟ "، فكّر وهوَ يلجُ الحمّام ببطء. إلا أنه أسرعَ في زينته، طارداً من ذهنه أيّ فكرة. تحدّرَ في آخر درجات السلّم الحجريّ العريض، المفضي للبهو، وما لبثَ أن نقّل عينيه بحثاً عن صاحبة المقام العالي. من الركن القصيّ، لوّح أحدهم بيده عالياً دونما أن تبين ملامحه. كون المكان شبهَ خالٍ من روّاد الفندق في هذه الساعة المبكرة، فإنه اتجه من فوره إلى تلك الناحية. انتصبت بقامتها الفارعة لتحييه في ودّ، مشيرةً إليه بالجلوس قربها على الأريكة. قالت بنبرة حيية معتذرة، أنها أزعجته بالقدوم باكراً وذلك رغبةً منها في التحدث إليه على انفراد. أومأ برأسه دلالة على الاهتمام، محتاراً بماذا يُجيب. فيما كانت تشيرُ للنادل، المتسمّر كظلّ العمود المستند هوَ إليه، أردفت قائلة: " سنشربُ شيئاً، ريثما يحضر لويس فنفطر معاً هنا أو في أيّ مكان آخر ".
بعدما وضعَ النادلُ قدحي قهوة بالكريم أمامهما على المنضدة وانسحبَ، سحبت " الأميرة " علبة دخان من حقيبتها: " أعتقد أنك معتادٌ على تدخين سيجار هافانا، أليسَ كذلك؟ "، قالتها مع ابتسامة دافئة. ألقت ثقل رأسها على مسند الأريكة، وراحت من ثمّ تسحبُ في متعة دخانَ سيجارتها الرفيعة. أشعلَ سيجاراً بدَوره، ومضى يتأملها بنظراتٍ مواربة: " ماذا يدورُ في خلدك، أيتها الآنسة ذات الحظوة ورجاحة العقل؟ "، خاطبها عبرَ داخله. وإذا ابتسامة ماكرة تظللُ طرَف فمها، وكما لو أنها في سبيلها لفكّ شيفرة فكرته. أخذت تتحدث عن ضيقها من أسر القصور، ثمة في موطنها، وأنها لا تزمع العودة إليه: " هنا فقط، قبضتُ على لحظاتٍ نادرة من السعادة "، ندّت خاتمة جملتها مع تنهيدة معبّقة برائحة التبغ. لم تأتِ على ذكر صديقهما خلال تلك المقدمة، مما ضافرَ من علامات استفهام داخله. على أنه لم يصمد أمام نظراتها المماثلة، المتسائلة. قال لها خِلَل ضباب سيجاره، متعاطفاً: " أتفهمُ حالة التغرّب هذه، لأنني مررت بما يُشبهها قبل هجرتي إلى بلادكم. ولا مِراء إنها لمفارقة، تبادلنا أمكنة الإحباط والسعادة "
" سأخبرك الآنَ حالاً، بسبب مجيئي إليكَ للتحدث على انفراد.. "
أرسلت أخيراً كلامها الحبيس، كمن يُطلق عصفوراً من قفص. كان أوار الحماسة يخمد رويداً في نبرتها، حينَ استرسلت قائلةً: " لويس طلبني للزواج، وإنني في غاية الحيرة والتعاسة. لا أستطيع رفضَ عرضه، خشيةَ أن أفقده نهائياً. في وسعك إقناعه بجنون الفكرة، كونه يدرك مدى قربك من الوضع في بلادنا. عليك أن تضعه في الصورة الواقعية، وليس في أساطير ألف ليلة وليلة، المعششة في خياله. هوَ من السذاجة، أن يقارن نظامنا الملكيّ بما يعرفه عن تقاليد النظام الدستوريّ في الملكيات الأوروبية. لقد قلتُ له مرة، ولم يفهم قولي على حقيقة معناه؛ أنّ بؤرة ثقافتنا هيَ السيّد والعبد ". كان في المقابل يعرف صديقه جيداً، خراقته وعناده اللتين تجعلانه أشبه بصبيّ كبير الجمجمة. مع ذلك، حاول التخفيف من همومها بالقول: " بلى، إنها فكرة غير مجدية. إنه معتاد على حياة العزوبة، فكيفَ راودته فكرة الزواج وقد قاربَ سنّ الأربعين؟ ". تحت نظراتها، المسدول عليها ظلال أهداب عينيها الطويلة، أحسّ أنه تكلم بطريقة اعتباطية. إنه قد ذكّرها بحائل لا يقل اعتباراً عن الموضوع الطبقيّ؛ أي العلاقة غير المتكافئة بين شابة في العشرين ورجل على أبواب الكهولة. فاستدرك قائلاً: " باستطاعتكما البقاء كصديقين، بطبيعة الحال. أنتِ تكلمت عن التقاليد الديمقراطية في الأسر الأوروبية المالكة. ولكن حتى في تلك الأسر، من الصعوبة بمكان قبول زواج أحد أفرادها من عامة الشعب ". فيما كان يلعن نفسه سراً على المداورة والحذلقة، كانت ملامح الفتاة المليحة قد رقّت ـ كتباشير هذا الصباح الألق، المبشّر كلاهما برحلة حميمة رفقة أشعة الشمس، الذهبية.
" وماذا عنك، أنتَ؟ صديقك يأخذ عليك أيضاً التحصّن في قلعة العزوبة "
بدأت في استجوابه بطريقة ماكرة، ومهذبة في آنٍ واحد. أجابها دونما تروّ، مأخوذاً بالسؤال غير المتوقع: " لقد وقعت في الحب مرة واحدة. كدت أن أتزوج من المحبوبة، ولكنني لحسن الحظ تراجعتُ في اللحظة الأخيرة ". على الأثر، شعرَ بالحنق ولامَ نفسه مرةً ثانية. تلهّى بمداعبة السيجار المطفأ، هرباً من لحظها المُسدِد سهاماً نافذة. قالت له متلطفة: " كأنك تتكلم عن امرأة مغربية؟ "
" بلى، كانت امرأة بربرية ومطلقة فوق ذلك.. "
" أنا بنفسي من أم بربرية. ألم يخبرك صديقك، المهتمّ بألوان فسيفساء المجتمعات؟ "
" أوه، بالحقيقة لم أكن أعلم "، ردّ محرجاً لما عاينه من الفتور في جملتها. عادت للقول بنبرة أكثر مرارة وسخرية: " القصر يُشجع المنتمين للدم المقدس الاقتران من نساء البربر، بهدف تحسين النسل فضلاً عن إعطاء صورة عن اللحمة الوطنية. إلا أنّ ذلك ليسَ أكثر من تمثيل، مثلما الأمر مع طقوس شهر رمضان. والعامة يعرفون أيضاً لعبة الوحدة الوطنية، فلا يتورعون عن تداول المزيد من النكت والدعابات عن شحّ البربر وعبادتهم للمال وخفة عقلهم! ". هذه المرة، أمسك لسانه عن التعليق بما يعلمه عن حقائق ضافية حول الموضوع؛ كما في مسألة حرمان أم وليّ العهد من لقب السمو الملكيّ، كونها من قبيلة أمازيغية. وإنما في اللحظة التالية، أُنقِذَ موقفُهُ بظهور صديقهما " لويس " عند مدخل بهو الفندق.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 2
- الطريق إلى الغوطة
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السادس 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السادس 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السادس 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السادس 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السادس 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الخامس 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الخامس 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الخامس 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الخامس 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الخامس 1
- المطعم
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الرابع 5


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 3