أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الثامن 3














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل الثامن 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 03:21
المحور: الادب والفن
    


" والدي كان يعشق النساء، أما أنا فمهووسٌ بالسيارات السريعة! "
قالها بخفّة لصديقه، الجالس بقربه، فيما كانت " الفيراري " الرياضية تخترقُ الشارع الملكيّ باتجاه باب دُكالة. هذا الصديق، وهوَ مهندسٌ معماريّ يعمل في شركة فرنسية، صارَ بفضل " غوستاف " يغشى رويداً مجتمعَ مراكش الراقي. ولو كان علينا عقدُ مقارنة أخرى، تخصهما هذه المرة، لقلنا أنّ الأول ( واسمه بالمناسبة: إريك )، حريصٌ شحيحٌ بقدَر كرم الآخر وسخائه. حتى حساب النوادي الليلية، بما في ذلك فتياتها، أعتاد أن يدفعها صاحبنا المهووس في حال كانا معاً. على الرغم من قِدَم " غوستاف " لناحية الإقامة بالمغرب، إلا أنه بقيَ محافظاً على روح الإنسان الغربي بشكل عام. على سبيل المثال، كان يخجل من منح إكرامية ( بخشيش ) يداً بيد، وفي مقابل ذلك، يضعها على المنضدة. صديقه " إريك "، أخذ على عاتقه دوماً سحبَ القطعة النقدية ( عشرة دراهم ) ودسّها في يد النادل. إلى أن اتفقَ مرةً، انتبه فيها " غوستاف " أنّ صديقه كان يُبدل المبلغ المألوف بطريقة خاطفة تُشبه ألاعيب ساحر السيرك: القطعة النقدية، أفلتت عندئذٍ من يد النادل وراحت تتقلّب على الأرض حتى استقرت عند حذاء المانح الكريم. لما أنحنى والتقطها، إذا هيَ من ذات الدرهم الواحد!
الشمسُ كانت تميل للغروب، لما خلّفت السيارة وراءها المدينةَ القديمة، لتجتاز الجسر القائم فوق وادي ايسيل. المياه، كانت ما تفتأ ترقّط قسماً كبيراً من الطريق الرئيس، نتيجة فيضان الوادي خلال النهار والذي سبّبَ ضرراً في منازل بعض مناطق المدينة، المحصورة بين باب الخميس وبلبكّار. أضحت " الفيراري " مثل مركبٍ شراعيّ، تتحرك ببطء داخل بحيرة صغيرة من المياه الموحلة. على أنّ الأمرَ أضحى أكثر اعتدالاً، لما ابتعدوا عن ضفة الوادي في طريقهم إلى أطراف منطقة آلطين؛ أين تقع الإقامة الفندقية، المفترض أن يجري تدشينها الليلة في حفلٍ مشهود. أصدقاؤه المتنفذون في المقاطعة، فتحوا طريقاً جديداً يوصل لمقر المجمع الفندقيّ، كي يتجنّبَ السيّاحُ المرورَ خِلَل حزام البؤس، الفظ والمفتقد للشاعرية، المحيط بالوادي. أحدهم، لم يكن سوى " العُرْبي "، ضابط الشرطة وشريك الأيام الخوالي، الذي ترقى في مبتدأ هذا العام إلى رتبة كولونيل. لقد تمّت دعوته إلى الحفل، وسيأتي على الأرجح بسترة مدنية كي لا يلفت إليه أنظار الفضوليين.
وإنه الكولونيل نفسه، من توسّط لتعيين ضابط أمن المجمع؛ الشاب القاتم البشرة، الذي تقدّمَ الآن كي يفتح الحاجز الحديديّ لسيارة " الفيراري "، بعدما أدى تحية عسكرية لصاحبها على سبيل الدعابة. مرأى العديد من السيارات في الكراج الكبير، المنذور لضيوفه، أبهجَ المسيو الفرنسيّ ولا ريب: " الوقت ما يفتأ مبكراً نوعاً، وهذا يعني أننا سنستقبل الليلة الكثيرَ من المدعوين "، قال لصديقه وهوَ يقلب شفته السفلى في حركة استحسان. عقب ترجلهما من السيارة، اجتازا تباعاً عُقد البرك ذوات النوافير، القائمة على الممر الطويل، المفروش بالحصى الأحمر الناعم والمحصور بين خطين أخضرين من الحشائش المقصوصة جيداً. الأشجار، وأكثرها نخيل الزينة والموز والليمون والزيتون، كانت رؤوسها متثاقلة بالنعاس، منحنية بحنوّ نحوَ جاراتها من خمائل الأزهار وشجيرات الورد.
في تمام الساعة السابعة مساءً، دخل على ضيوفه في غمرةٍ من التصفيق والتهليل والتحيات، متأنقاً كالعريس بسترة بيضاء ناصعة من صنع مواطنه، " بيير كاردان ". ملك الموضة هذا، كان " غوستاف " قد التقى معه خلال الصيف في محل إقامته بأحد الفنادق الفخمة خارج مراكش. ولكنّ شخصيات لا تقل منزلة وشهرة، كانت الليلة ضيوفاً عليه بمناسبة افتتاح مجمع الإقامة الفندقية.. منهم ممثل فرنسيّ، كان يعدّ معبودَ النساء في العقد المنصرم.. إلى بعض أساطين النفط في الخليج، منهم " الشيخ مناع "، الذي جاء برفقة ملك الأثاث التقليديّ، " السيّد راغب ". وهذا صديقه، المهندس المعماريّ، يقدّم له مساعده المغربيّ قائلاً باحتفاء: " عمارةُ مجمعك، تُدين لخبرة ودِرْبة السيّد الفيلالي. ومع أنه لم يسهم في العمل، كونه مُعاراً لشركتنا في باريس، إلا أنني استفدت كثيراً من أفكاره خلال فترة تشييد المجمع ". كان رجلاً ضخم الجثة، فارع الطول، شديد السمرة مع ملامح لطيفة ومريحة. بعد بضعة أعوام، سيجتمع " غوستاف " ثانيةً بالرجل بمناسبة عقد قران ابنته على المهندس الفرنسيّ. في ذلك الحفل، تعرّفَ على أصغر أبناء " السيّد الفيلالي " من زوجته الأولى، وكان على شبهٍ كبير بوالده: وإنه الشخص المقدّر له أن يصبحَ زوجَ " الشريفة "؛ مَن سيدخلها إلى أسرته ومن ثمّ إلى مجتمع المدينة الراقي، بمواطنيه وأجانبه سواءً بسواء. بيْدَ أنّ ذلك الزواج ( بحَسَب رواية الصهر الفرنسيّ )، لم يمر دونما اعتراضٍ شديد من لدُن الأب. ربما كانت لديه أسبابه المحقة، الوجيهة، لرفض الفتاة ـ كما سنرى من خلال قراءتنا للفقرة التالية!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلِكْترا: الفصل الثامن 2
- إلِكْترا: الفصل الثامن 1
- سيرَة أُخرى 70
- إلِكْترا: الفصل السابع 5
- إلِكْترا: الفصل السابع 4
- إلِكْترا: الفصل السابع 3
- إلِكْترا: الفصل السابع 2
- إلِكْترا: الفصل السابع 1
- إلِكْترا: الفصل السادس 5
- إلِكْترا: الفصل السادس 4
- إلِكْترا: الفصل السادس 3
- الدهليز والكنز
- إلِكْترا: الفصل السادس 2
- إلِكْترا: الفصل السادس 1
- سيرَة أُخرى 69
- إلِكْترا: الفصل الخامس 5
- إلِكْترا: الفصل الخامس 4
- إلِكْترا: الفصل الخامس 3
- إلِكْترا: الفصل الخامس 2
- إلِكْترا: الفصل الخامس 1


المزيد.....




- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...
- أبو الحروب قصة جديدة للأديبة منال مصطفى
- صدر حديثا ؛ أبو الحروف والمدينة الهادئة للأديبة منال مصطف ...
- غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الثامن 3