أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الثالث 3














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل الثالث 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5952 - 2018 / 8 / 3 - 02:25
المحور: الادب والفن
    


على عتبة المدخل، الرخامية، كان باستقبالهما الشخصُ المفترض أنه سلفُ صاحب الكشك، المُلحق بمبنى الفيللا. الرجل الثلاثينيّ، الأسمر والفارع القوام، حجبَ هيكل امرأته، الضئيل نوعاً، المتسمّر خلفه مباشرةً. تحركت هيَ لتسلّم على القادمَيْن بمفردة " بونجور "، التي لم تكن إلى الأمس القريب لتعرف تقريباً غيرها من قاموس الفرنسية، الجاري بسهولة مسيل الماء على ألسنة أغلب أفراد الأسرة. فيما بعد، ستعلمُ السيّدة السويدية أنّ كنّة الدار حفظت الكثير من مفردات ذلك القاموس بفضل علاقاتها مع الزبائن الأوروبيين ممن يقتنون، أو يسوّقون، لوحاتها الفنية. على أنّ " غزلان "، فوق ذكائها وموهبتها، لفتت الضيفة بجمالها الفتّان. رشاقة جسمها، يُمكن أن تُحال إلى عدم إنجابها بعدُ. ولقد أعربت " تينا " أيضاً عن الدهشة، آنَ معرفتها بأنّ البنت الفتيّة قضت حوالي عشرة أعوام تحت سقف الزوج. من ناحية أخرى، كان على الضيفين أن ينتبها منذ البدء إلى طبيعة العلاقة المتشنّجة بين الزوجين والمتجلية، خصوصاً، بنظرات غريبة تنسابُ بينهما ـ كأنها طلقات رصاص صادرة عن معسكرين عدوين، متخندقين في مقابل بعضهما البعض.
وجهُ ذكر الدار الوحيد، فارقَ التجهّمَ للحظات حين انفجرت امرأته ضاحكةً لدى سماعها اسم الضيفة، " تينا "، وذلك خلال مراسم التعارف في الصالة الأرضية. في حركة مسرحية رصينة، همّ " عبد الإله " بتوضيح اللبس للضيفة الأجنبية، لما أُخِذَ على غرّة بقولها مبتسمةً: " أعرفُ قبلاً أنّ اسمي يعني، الفَرْج، بلهجة بلادكم. أرجو أن تسامحوني! ". لقد نطقتها بفرنسية رائعة، أشبه ببيت شعر، وعلى الخصوص مقطع الاعتذار. لعل الرجل تمنى عندئذٍ لو أنها تتقن هذه اللغة، الغنية بالإيحاءات والاستعارات، وإذاً لأمكنهما التناغم بمفردات حميمة تُقصّر طريقهما إلى الفراش!
ولكن، أينَ بقية الأسرة؛ الأم وابنتاها؟ وأينَ الطفلة " خَجيْ "؟ هذه الأخيرة ( وذلك ما أضافته الضيفة لمعلوماتها لاحقاً )، كانت قد أُعطيت اسمَ صغرى تينك الابنتين، " خدّوج "، وفقَ تبادلٍ لغويّ، كرديّ ـ أمازيغيّ، بطرافة ما علمناه عن اسم " تينا ".
إذ كانت هيَ أسيرة لأغلال الذكرى المرهقة والمؤلمة، ففي المقابل، بدا لها كلا الزوجين مثل امرئ خارجٍ تواً من ظلمة بئر الماضي القريب. " حَمو "، كانت هيئته توحي فعلاً بذلك المجاز سواءً بحدّة ملامحه أو بما عليه من ملابس رثة خليقة بالمتسولين. وستصل الضيفة، في نهاية مغامرتها، إلى حقيقةٍ انطلقت منها لتفسير مسلك بعض مَن عرفتهم في المدينة الحمراء: البخل، كالتسوّل سواءً بسواء، هوَ فلسفة ( والأصح عقلية ) أكثر منها طريقة حياة فرضتها ظروفٌ خارجية قاهرة. فضلاً عن أنها متعة، تمنح صاحبها الاستقرارَ النفسيّ مثلما يفعله الخمرُ للمدمن.
" غزلان "، كانت ذات طبعٍ مختلف ولا غرو. بل إنّ ذلك، تحديداً، يُفسّر صبرها على العيش مع شخصٍ هوَ نقيضها في كلّ شيء تقريباً. بكلمة أخرى، أنّ الأمرَ هنا يتعلق بنظرية السالب والموجب العلمية، أو التضاد، فلسفياً. على أنّ حياة الإنسان لا تحكمها بالضرورة هكذا اعتبارات، بله الأنثى وفي مجتمعٍ مسلم. " صبر أيوب "؛ إنه مثلٌ عربيّ صالحٌ للاقتداء به عند عوام الناس إن كانوا ذكوراً أو إناثاً. ولقد جربت " غزلان " كلّ الحيل مع هذا الزوج الجلف، الشحيح، حتى استنفدتها الواحدة بأثر الأخرى. إحدى تلك الحيل، الإيحاء بكونها محط إعجاب الشبان، شأن وردةٍ مع سرب من النحل. على أنّ ذكور النحل أكثر خمولاً من نيل رحيق الوردة، وفي التالي، لم تجلب فتاتنا لنفسها سوى الأقاويل والمزيد من تشدد حماتها ورجلها. ابن أخت هذا الأخير، واسمه " غني "، كان الهدف الأول للأقاويل ولحين اعتقاله قبل نحو خمس سنين على خلفيّة اضطرابات عمالية تحوّلت إلى ما يُشبه انتفاضة عامة. الهدف الآخر، لم يكن سوى صديق " تينا "، الراحل.
غيرَ أنّ الأمرَ انتهى، وبشكلٍ مدهش، إلى استفادة " غزلان " من طبع رجلها العسر لاستخراج ما في مكنونها هيَ من مواهب فنية وأدبية. لقد برزت على صعيد الرسم في الفترة الأخيرة، فيما بقيت كتاباتها الأشبه بالخواطر حبيسةَ الأدراج. ولم يكن بالغريب أن تلقى التشجيعَ من رجلها نفسه، طالما موهبتها الفنية ذات مردودٍ ماليّ جيد. ولكن من الصعب التكهن بنتيجة ذلك على حياتهما الأسرية؛ المعلّقة بخيطٍ واهٍ لأسباب سبقَ عرضها، ولعل أهمها موضوع العقم. كذلك من المعروف أنّ عمل المرأة ينعكس على وضعها الاجتماعيّ، أقلّه منحها ثقة بالنفس وبعض الاستقلالية. الحماة، المتحمّلة زمناً نزوات الكنّة،عارضت بشدّة عملها. كان ثمة سببٌ ضاف، لا يقل وجاهةً، لاعتراض مَن يُخاطبها الابنُ باحترام، " الوالدة ": قضية أخيه الكبير غير الشقيق؛ الزوج الأول للمرأة الغامضة السيرة والمصير، " الشريفة "، التي كان عملها مع المقيمين الأوروبيين الخطوة الأولى لتدهوره ومن ثمّ انتهائه إلى القبوع وراء جدران السجن بتهمة قتل أحدهم.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 2
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 1
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 5
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 4
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 3
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 2
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الأول
- خجي وسيامند: الفصل الأول 3
- خجي وسيامند: الفصل الأول 2
- خجي وسيامند: الفصل الأول 1
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 3
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 2
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 1
- كعبةُ العَماء: خاتمة
- إلِكْترا: بقية الفصل العاشر
- إلِكْترا: الفصل العاشر 1
- إلِكْترا: بقية الفصل التاسع
- إلِكْترا: الفصل التاسع 3
- إلِكْترا: الفصل التاسع 2


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الثالث 3