أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الثاني 2














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل الثاني 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5946 - 2018 / 7 / 28 - 02:14
المحور: الادب والفن
    


" تينا "، كانت من أولائي النسوة العاطفيات، سريعات التأثر، ممن يسهل خداعهن في أوان لمس وتر معيّن في قلوبهن. على أنها لم تكن ساذجة بحال، ولا بسيطة بشكل من الأشكال. مع ذلك، يمكن القول أنّ صدمة فقدان مَن كانت تعدّه شريك حياتها، قد هزت كيانها بشدّة لدرجة بدا أقرب للهشاشة. وليست المشكلة في كونها أرملة على الطريقة الأوروبية، بل هيَ في التصرف وكما لو كانت أماً عليها مسئولية البحث عن ابنة سبقَ وفقدتها في بلد غريب.. ابنة، لم تلتق بها مرة قط؛ ولكنها على الرغم من ذلك، راسخة الوجود في قلبها روحاً مثلما أنها ثاوية في حقيبتها صورةً.
في المقابل، ليسَ بالوسع المجازفة بالقول، أن تلك هيَ عاطفة عبثية تجاه طفلة أضحت الآنَ في الرابعة من أعوام عُمرها اليانع. إذ سبقَ للسيّدة السويدية، كما ذكرنا في مكانٍ آخر، أن اجتازت صراط التجربة ذاتها مذ أن كانت في سنّ ابنة صديقها الراحل. والداها البيولوجيان، لم يظهرا في حياتها مرة أخرى أبداً.. لم يباليا بوزر الإثم، أو فكّرا في هول أن تعيش ابنتهما في كنف أسرةٍ غريبة وما لو كانت تحظى بالرعاية الحقة. ولكن، مَن من مواطنيها لا ترتفع يده إلى سماعة الهاتف، كي يطلب البوليس، إذا ما رأى شخصاً أجنبياً يمدّ يده ليقطف ثمرة ناضجة من شجرة التفاح، العائدة لحديقة منزله؟
مع كل ما علمته من " فرهاد " عن أصالة الأسرة الراعية لابنته، والتي سبقَ لها أن فعلت الكثير لأجله وشقيقته، مع ذلك، جاءت إلى مراكش لمزيدٍ من الثقة والاطمئنان. مع أنها في قرارة نفسها، تدرك أن ثمة مشكلات كثيرة قد تواجهها لو صممت على اصطحاب الطفلة معها إلى السويد. ولن تلبث أن تشعر بالدهشة، وأيضاً بالرعب، حينَ ستعلم من " عبد الإله " أنّ التبنّي محرّمٌ في الإسلام.

***
" إنني هنا، في مراكش، من أجل العثور على هذه الطفلة "
قالت لرفيق الرحلة وهيَ تعرض عليه صورة " خَجيْ " الصغيرة، وكانت ما تنفكّ حديثة الولادة ملفوفة بالقماطات. ألقى نظرةً عجولة على الصورة دونما أن يمسّها، ثم تمتم بنبرة محايدة: " إنها كالقطة المولودة للتو.. ". أبقت الصورة لحظات أمامها فوق الطاولة، تودّ لو أنّ الرجلَ يلاحظ العينين الغضتين وهما ترنوان بلهفة إلى المرء وكأنهما تدعوانه إلى مراعاة براءة الطفولة. بيْدَ أنّ مَن تدعوه، " عبد "، لم يرَ حاجةً هنا لأيّ أداءٍ مسرحيّ: " وماذا بعد؟ إنها مجرد ابنة رضيع، يُمكن أن تحصل على حليب صناعي لو افتقدت ثديَ الأم "، لعله فكّر بهذه الطريقة على ما لاحَ من فتور عاطفته.
ولأنّ هذه الطفلة عزلاء إلا من براءتها، فإنّ " تينا " امتلأت مجدداً بالتصميم على نجدتها متسلّحةً بذكريات طفولتها التعسة. ما أسرعَ أن استردت هدوءها، طارحةً إلى جانب ما رأته من لا مبالاة فجّة. وهذا جلّيسها، الصارم الهيئة، ينتبه بدَوره إلى ما اعترى ملامحها من ضيق. انتفخ مجدداً في كرسيه، كما لو كان أمام عدسة كاميرا، ثم ما عتمَ أن تبرعَ بإيماءة أخرى للصورة الراقدة فوق الطاولة: " بلى، إنها وديعة وبريئة كالقطة! ولكنني فهمت منك، أنّ أمها مغربية؛ فهل هدفك هو الحصول على عنوانها؟ "
" أمها اختفت، حينما كانت الطفلة بنفس عمرها تقريباً في الصورة "
" آه، فهمتُ الآنَ. يا لها من قصة! "
" إنها قصة حقيقية، مع الأسف.. "
" نعم، لا أشك في ذلك "، قالها ثم مضى بفكره بعيداً. نافدة الصبر، عادت إلى إيقاظه بالقول: " بمناسبة إشارتك لمسألة العنوان، أعلمك أنني أمتلك عنوان أسرة قريبة للطفلة تقوم برعايتها ". أراد أن يعقّب على ما سمعه، وإذا بعزفٍ محليّ ينطلقُ من خلفه مباشرةً. كانوا ثلاثة أشخاص يرتدون ملابس أهل الجبال، أوسطهم يحمل ربابة؛ وهوَ من استهل الغناء على الفور باللغة الأمازيغية. بعد نحو دقيقة، أنصرف هؤلاء وبيد مغنيهم ورقة نقدية أجنبية كان ما ينفك ينظر إليها باستغراب. أما مواطنهم، فإنه لم يمتنع وحَسْب عن منحهم شيئاً، وإنما زاودَ بتشييعهم قائلاً لمضيفته مصرّفاً بأسنانه: " هذا ما بقيَ من ثقافتنا القومية، نشحذ عليها من الأجانب بوساطة الأغنية والسيرة الذاتية! ". لم يبدر منها سوى تقطيب حاجبيها المرسومين، كيلا تعطيه فرصة المضي بالثرثرة المعتادة. على أنه صرفَ النظر بنفسه عن الموضوع، منشغلاً بملاحظة فتاة فتيّة صُحبة ما ظهرَ لاحقاً أنه ثريّ عربيّ.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الأول
- خجي وسيامند: الفصل الأول 3
- خجي وسيامند: الفصل الأول 2
- خجي وسيامند: الفصل الأول 1
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 3
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 2
- الصراطُ متساقطاً: فاتحة 1
- كعبةُ العَماء: خاتمة
- إلِكْترا: بقية الفصل العاشر
- إلِكْترا: الفصل العاشر 1
- إلِكْترا: بقية الفصل التاسع
- إلِكْترا: الفصل التاسع 3
- إلِكْترا: الفصل التاسع 2
- إلِكْترا: الفصل التاسع 1
- إلِكْترا: الفصل الثامن 5
- إلِكْترا: الفصل الثامن 4
- إلِكْترا: الفصل الثامن 3
- إلِكْترا: الفصل الثامن 2
- إلِكْترا: الفصل الثامن 1


المزيد.....




- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل الثاني 2