أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - كامل شياع ... النبيل الكثير














المزيد.....

كامل شياع ... النبيل الكثير


مهدي القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 5947 - 2018 / 7 / 29 - 12:04
المحور: الادب والفن
    


كامل شياع ..... النبيل الكثير
————. —————


منذ ُ ان وطأتْ قدماه الارضَ كانت الملائكة تتبعُهُ بهدوءٍ كظلهِ ,يقتحمُ المجهولَ ويسبرُ أغوار َ الماضي ليجتهد في فتحِ نافذةٍ يطلُ منها شعاعُ الأمل , يلمُ أطرافَ الليالي الحالكة ، ويمسحُ الظلمةَ عن وجناتِ القمرِ المنزوي وراء تلالِ الغيومِ يدعوها لتفيضَ حمولاتِها وتلقي بيوضَها الناضجةَ الوعي في ارضِ السواد فهناك الكثيرُ من العصافيرِ الضالعةِ في العطشِ ليس للماءِ فحسبُ بل للحريةِ والكرامةِ والعيش الرغيدِ . يمنحُ البراءةَ للبرقِ فيدمدمُ الرعد ُ ازيزاً لتتلاقحَ المتضاداتُ فينتجُ مع عنفوانِ البرقِ خيراً عميماً ..
كانت الابتسامةُ لا تفارقُ عينيه فيحسدُهُ عليه الأملُ والأطفالُ والربيعُ لتنهزمَ الظلمةُ في اول اشراقةٍ لوجهِهِ المشعِ حياءً ، يندى زجاجُ نظارتِهِ الطبية قبل ان تغرورقُ عيناهُ حنيناً، وهو لا يعرفُ الدمَ إلا في السرديات لانه مشبعٌ بشذى الياسمين ومكتملٌ مع لونِهِ الأبيض . كيف لا ؟ ، وقلوبٌ خضرٌ في اولِ ربيعِها تسكنُ تحتَ أضلاعِهِ المتوثبةِ لقدومِ المطر ْ.

أيها الشهيدُ كامل شياع كانت طريقةُ الموتِ معكَ قاسيةً في تصفيةِ حساباتِها لانها كانت بيدِ ارعنٍ وجاهلٍ سادي، أيها الموتُ لقد خطفتَ ربيعَنا قبلَ انْ يُكملَ مشروعَ الحياةِ وقبلَ انْ تتهيأَ الفصولُ لحزمِ امتعتِها، هل حقاً كان الموتُ يعرفُ طريقَكَ ؟ نعم وكيف لا ... فالذي كان يجاهرُ بوضوحِهِ وبتاريخٍ ناصعٍ ابى إلا ان يصادقَ الشمسَ التي أطعمَها من برتقالتِهِ الناضجةِ، وهو الذي يستعينُ بالضوءِ انْ اشتدَّ الظلامُ به ويرتكزُ على الفكرِ انْ اضمحلَ خيطُ الدربِ ويرمي شعاعَ عينيه صوبَ المدنِ. يُصيبُ الموتَ العمى وتختلطُ الألوانُ أمامَهُ حينما يعرفُ من هو بدرجتِكَ العاليةِ في الانسانيةِ والمواطنةِ الحقةِ وكنزِ الثقافةِ والتضحيةِ والنبلِ
أنا اعرفُ ان رجالاً خلباً ، عقيمين، يقودون الموتَ من معصمِهِ ويضعون في يدِهِ كاتمَ الحياةِ ومفرقَ الجماعاتِ ويأمرونه ان يقذفَ بحممهِ الرعناء فتخرجُ الطلقةُ ذاتُ العينِ الواحدةِ فتصيبُ كبدَ الحبِّ ومركزَ الثقافةِ ونبضَ السعادةِ وبؤرةَ الطيبةِ ونقطةَ التأصيلِ، انه القلبُ، قلبُك يا كامل شياع .

مرةً التقيتُكَ في مبنى وزارة الثقافة فوجدتُكَ تنتظرني في مكتبِكَ وانتَ لم تتعرف عليَّ من قَبْلَ ، أخجلني تواضعُكَ وزهوتُ بشموخِ أخلاقِكَ لأنك النبيلُ الكثيرُ .
كيف استقبلتَ قاتليكَ وهم يحملون عدتَهم الخسيسةَ، كاتمَ الحياةِ والمتباهي بأخلاقِ سليلي (الكراجات) والمطعوني الضمير والمأبونين في عروقِهم المفضوحةِ، وانتَ تحملُ في جعبتِكَ خمسَ لغاتٍ وكتابَ فلسفةٍ وروحاً مفعمةً بالحياةِ ونفساً أمارةً بالحبِّ، وعلى كتفيكَ تحملُ سحاباً مثقلاً بالعنادِ إلا أن يروي العطشى وتأبى ان تحملُهُ الرياحُ عنكَ .
تنظرُ الى الامامِ بعيونٍ سومريةٍ فتستنطقُ الماضيَ لتجملَهُ في حضرتِكَ الآنَ
تسقي ثمارَ الحقِ والسلامِ والمحبةِ فتصيّرُها لبنةً جديدةً لمشروعٍ قادمٍ، اما هم فيلقنون بنادقَهم كلَّ ما يملكون من خرابٍ وحقدٍ ليُزيدوا المغدورينَ رقماً وما عرفوا انك رقمٌ صعبٌ في عراق اليوم، وانه عصيُّ على امثالِهم في فهمِ مدركاتِهِ، اختاروا شارعَ محمد القاسم ليكونَ شاهداً على ذبحِ الحقيقةِ، وبوقاحةِ النازيين وسفالةِ البعث وبوضاعةِ العاهراتِ ( حاشاهن ) ذبحوكَ امامَ المارةِ والجندِ والعسكرِ والجندرمةِ والعسسِ النهاريينَ والمليشياتِ والمراهقينَ ومَنْ عاثوا فساداً في الارضِ والمدمنينَ على الرقصِ عرايا في مآتمِ الآخرينَ
كان يُعتَقدُ أنه سوفَ يُصلحُ ما خربَ في البيت الثقافي، سابقاً ولاحقاً، نتيجةَ السياساتِ الارتجاليةِ وانتشارِ الأفكارِ الرثةِ التي اوصلتِ الثقافةَ في العراقِ الى سردياتٍ للتسولِ واشعارٍ للمديحِ المجاني الرثِّ والتنظيرِ في بوتقةِ الجهلِ المفضي الى سيلانِ انهارِ الدمِ ومحقِ الاخرِ، فَوَجَدَ نفسَهُ ليسَ في وزارةٍ تصنعُ الثقافةَ العقلانيةَ بل في دكاكينَ لإنتاجٍ الخرافةِ وصناعةِ الطواطمِ.
استهدفوكَ لانكَ الممتلئُ، المكتنزُ، الريانُ، الطريُّ، المستمعُ.
استهدفوكَ لأنهم يعرفونَ عدتَكَ وهي قلمٌ وورقةٌ وكتابْ، انه امرٌ دبّرَ بليلٍ مكتنزٍ بالذئابْ،

انها معركةٌ غيرُ متكافئةٍ ... عدتُهم كاتمُ الصوت ... وانتَ تصدحُ بحنجرةٍ لوطنٍ للغدِ السعيدْ... هم مدججونَ بالحقدِ والكراهيةِ وازهاقِ الأرواحِ... وانتَ متحصنٌ بابتسامتِكَ الشفيفةِ وقلبُكَ المفعمُ بحبِّ العراقِ وناسِهِ الطيبين... هم ثلةٌ تجتمعُ كالخفافيشِ في اوكارِ الظلامِ... وانتَ تتلو صلاتَكَ تحتَ ضوءِ الشمسِ وفي ساحةِ الأندلسِ لتشعَ أفكارُكَ على العالمِ اجمعْ... هم يخافونَ الجميعَ ولهذا حجبوا وجوهَهم بجواربَ نسائيةٍ باليةٍ او بقايا (لباسِ) عاهرةٍ ( حاشاها )؟ لم تتبْ للان... وانتَ تتباهى بوجهٍ بلا ندوبٍ ولا تجعداتٍ فكرية ولا تموجاتٍ بل بابتسامةٍ دائمةِ الخضرةِ تزيدُ ملامحَ وجهِكَ نضارةً وأُلفةً بين البشر .

فقدتْكَ الثقافةُ العراقيةُ كواحدٍ من مفكريها العقلانيين، فقدَكَ الوطنُ كأمينٍ على سمعتِهِ واعلاءِ شأنِهِ... فقدَكَ الجميعُ كمحبٍّ بين الناسِ الطيبين... وفقدَكَ أعدؤكَ لأنهم لم يجدوا مثلَكَ بعد
ليتباهوا بقتله ويُغيظوننا..



#مهدي_القريشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوناتا الريح
- زجاج مدهون بالدهشة
- انت َ اللحظة … لستَ انت َ
- عام 2017 اللئيم
- الفلق في محنته
- امثال
- الجهات كلها / شعر
- الجنوب /شعر
- رحلتي الى السليمانية
- المثقفون التجار
- شلل نصفي
- انتكاس الحداثة
- انوثة الامكنة
- رسالة مقفلة
- هكذا شبه لي
- مرايا غير قابلة للتشويه
- الاشباع غير المقدس للنزعات الحيوانية
- تماثيل000جدلية علب الكونكريت والمقدس المطلق
- تماثيل...جدليةعلب الكونكريت والمقدس المطلق
- القارعة


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - كامل شياع ... النبيل الكثير